مجلة المقتبس/العدد 18/بني الأرض

مجلة المقتبس/العدد 18/بني الأرض

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 7 - 1907



بني الأرض هل من سامع فابثه ... حديث بصير بالحقيقة

جبلنا على حب الحياة وأنها ... مخيفة أحلام أطافت بحالم

سعى الناس والأقدار مخبوءة لهم ... وناموا وما ليل الخطوب بنائم

جرت سفن الأيام مشحونة بنا ... على بحر عيش بالردى متلاطم

تأملت في الأحياء طراً فلم أجد ... بهم باسماً إلا على ألف واجم

ورب سعيد واحد تم سعده ... بألف شقي في المعيشة راغم

وما المرء إلا دوحة في تنوفة ... ملوحة أغصانها بالسمائم

لها ورق قد جف إلا أقله ... وعيدانها بين النيوب العواجم

ولا بد أن تجثث يوماً جذورها ... وتقلعها إحدى الرياح الهوا جم

أرى العمر مهما ازداد يزداد ينقصه ... إذا نحن في نقص من العمر دائم

ولولا أنهدام في بناء جسومنا ... لما احتيج في تعميرها للمطاعم

لحى الله بأساء الحياة كاننا ... نكيل من حاجاتها بالا دأهم

نروح كما نغدو نجاهد دونها ... أموراً دعتنا لارتكاب الجرائم

فلو كنت في هذا الوجود مخيراً ... وفي عدمي لاختراعه غير نادم

هل الموت إلا سالك وحياتنا ... إليه سبيل مسلبين المعالم

وما زال هذا الدهر غضبان أخذاً ... على الناس من سيف المنون بقائم

تبصر تجد هذى البسيطة منزلاً ... كثير اليتامى عأمراً بالمآثم

وليس الذي آسي له فقد هالك ... ولكن ضياع المفجعات الكرائم

أرامل تستذري الدموع وحولها ... يتامى كأفراخ القطا والحمائم

وكأين ترى مخدومة في جلالها ... سعت حيث أبكاها الردى سعى خادم

فليت المنايا حين قوضن بيتها ... بدان بها من قبل هدم الدعائم

أرى الخير في الأحياء ومض سحابة ... بدا خلبا والشر ضربة لازم

إذا ما رأينا واحدا قام بانيا ... هناك رأينا خلفه ألف هادم

وما جاء فيهم من عادل يستميلهم ... إلى الحق إلا صده ألف ظالم

جهات كجهل الناس حكمة خالق ... على الخلق طراً بالتعاسة حاكم وغاية جهدي أنني قد علمته ... حكيماً تعالى عن ركوب المظالم

دأبت لنفسي في الحياة كانني ... من العيش ملقى في شدوق الضراغم

يخاصمني منها على غير طائل ... أناس فابدي الصفح غير مخاصم

واقنع بالقوت الزهيد لطيبه ... حذار وقوعي في خبيث المطاعم

واترك ما قد تشتهي النفس نيله ... لما تشتهيه قلة دراهمي

وكم لي في بغداد من ذي عداوة ... وما أنا في شيء عليه بجارم

إذا جئت بالقلب السليم يجيبني ... بقلب له من كثرة الحقد وارم