مجلة المقتبس/العدد 30/العامية في الفصحى

مجلة المقتبس/العدد 30/العامية في الفصحى

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 7 - 1908



كثر بحث الباحثين هذه الأيام في المقارنة بين اللغة الفصحى واللغة العامية وقد ظفرنا بكتاب اسمه القول المقتضب فيما وافق لغة أهل مصر من لغة العرب تأليف الشيخ محمد ابن أبي السرور الصديقي من أهل القرن الحادي عشر قال مؤلفه في مقدمته: وبعد فإني لما طالعت كتاب رفع الإصر عن كلام أهل مصر للعلامة الكامل شيخ أهل الأدب الراقي منه إلى أعلى الرتب الشيخ يوسف المغربي رأيته أتى فيه بالعجب العجاب غير أنه أسهب فيه غاية الإسهاب باستطراده (إلى) بعض الألفاظ اللغوية التي ليست من شرط الكتاب مع ذكره أشعاراً وحكايات من قسم الاستطراد لا معنى لها في هذا التصنيف ولا مدخل لذكرها في هذا التأليف فخطر لي أن ألخص من محاسنه وألتقط درة من مكامنه ولم أذكر فيه من اللغة إلا ما له أصل في اللغة العربية الناطق بها أهل الديار المصرية مرتباً ذلك على ترتيب القاموس كأصله وسميته القول المقتضب فيما وافق لغة أهل مصر من لغة العرب. والكتاب مرتب على حروف المعجم وهو في بضعة كراريس وهاك نموذجاً منه نقلناه وبعضه لا يخلو مما ينتقد.

يقولون أومى قال في المجرد لا يقال أومى وإنما يقال أومأ أي أشار إليه (قلنا ويقول العامة في الشام فلان كلم فلاناً بالومى أي بالإشارة) ويقولون لقاصد القلعة باباً وفي اللغة العربية بابا الرجل إذا أسرع فيمكن أن يكون البابا منه لأنه يسرع لقضاء الحاجة. ويقولون للولد الصغير إذا أراد المشي تاتا قال في القاموس تاتا الطفل مشى والتبختر في الحرب. ويقولون عند سقي القهوة جبا وهي قرية باليمن يصير فيها البن الصبري وهو عجيب في الحسن فكأن الساقي إذا قال جبا أي هذه قهوة من جبا. ويقولون في سوق الحمار حاحا قال في القاموس حاحا إذا دعي الحمار للشرب وأهل مصر تقول ذلك له إذا أرادوا مشيه وتصحيفه جأجأ (؟) قال في القاموس معناه حمار وثاب، ويقولون لا تتكأ كاد أي لا تتأخر عن السير. ويقولون هاها بالإبل أي زجرها عند ورودها الماء وهأهأ رجل ضحاك، ويقولون يا ما عمل له أصل في اللغة وهو من باب التعجب. ويقولون الأب والأخ مثلاً فيشددون الباء وليس هو خطأ بل له أصل في لغات العرب. ويقولون بيه قال المجدي هو حكاية صوت الصبي والشاب الممتلئ لحماً وصفة الأحمق. ويقولون حوبة ثقال المجدي ومعناه الضعيف عن الشيء والحوبة البعنت والأخت ورقة فؤاد الأم والهم والحاجة والمرأ والسرية كل ذلك يقال له حوبة. ويقولون دُرّاربة وهو كناية عن أحد ألواح الدكان وله أصل في اللغة كذا نقله صاحب الكتاب المجرد في اللغة. ويقولون رجب الموجب أي المعظم وهو صحيح. ويقولو سبب قال بعض أئمة اللغة أي باع واشترى في الشيء. ويقولون شقلبه أي غيره من حال إلى آخر. ويقولون طاب وهو اسم لما يلعبون به واسم الكرة أيضاً ويقولون عرقب في حق الدابة إذا قطع عرقوبها وله أصل في اللغة. ويقولون عِلب قال في القاموس العلبة بالكسر آنية من الشجر غليظة يتخذ منها وعاء للشيء. فائدة: العلبة بالضم النخلة الطويلة وقدح ضخم من جلود الإبل أو من خشب يحلب بها.

ويقولون قب جلدي منه إذا اقشعر وله أصل في كتب اللغة. ويقولون قطب له المزين وهو في صحيح كتب اللغة ويقال قطب الشيء قطعه ثم جمعه وقطب فلان أي غضب. ويقولون للمنعزل عن الناس قطرب وهو صحيح لأنه من جنس الأمراض السوداوية صاحبه يحب الانفراد من الناس وله معان كلها قبيحة وهو بالضم اللص والفأرة والذئب والأمعط والجاهل والجبان والسفيه والمصروع وصغار الكلاب ودويبة لا تستريح نهاراً سعياً. ويقولون فلان أكرب علينا قال في القاموس أي أمرنا بالسرعة. ويقولون كركبة قال المجدي معناه الحركة ويقولون تت قال المجدي معناه اقعد وهو صحيح ورد في بعض كتب اللغة. ويقولون ضربته حَته معناه حتى اكتفيت فله معنى في كتب اللغة والحت الجواد من الخيل والسريع من الإبل وما يلتزق من التمر والميت من الجراد كل ذلك معناه حته. ويقولون الشيت وهو من الأقمشة قال المجدي والشيت نوع من الأقمشة الهندية. ويقولون فلان يشخت مرادهم وينهر من شدة غيظه وهو صحيح. ويقولون غت عليّ بمعنى أدخل عليّ سوءاً وهو صحيح وارد في كتب اللغة. ويقولون للملاح النواتي قال في الزاهر النواتي الملاحون بالبحر الواحد نوتي. ويقولون هتّ علي وهو صحيح في كتب اللفة معناه أسرع في الكلام أو سرد كلامه.

ويقولن فلان هفت من الجوع أي سقط ومنه تهافت الفراش على الفتيلة أي تساقط عليها فكأنه لكثرة جوعه يسقط كذا نقله بعض أئمة اللغة. ويقولون هيّت علينا أي خوفتنا وهو صحيح ورد في بعض كتب اللغة هيت به صاح به ودعاه وهيت قرية بالعراق تنسب إليها الخمرة الطيبة ومنه قول أبي نواس: هات اسقني قهوة صفراء صافية ... منسوبة لقرى هيت وعانات

ويقولون على لون من الطعام عجة قال بعض أئمة اللغة العجة بالضم طعام من البيض. ويقولون لآلة الدراس نورج وهو صحيح لغوي ويقال ذلك أيضاً لآلة الحرث والنورجة والنيرجة الاختلاف إقبالاً وإدباراً والنيرج التمام. ويقولون إذا أُلقي إنسان على وجهه بطحه وهو صحيح لغوي ويردا منه أيضاً الضرب والغيبوبة عند ذلك. ويقولون طرحة قال في القاموس الطرحة الطيلسان وأما لفظ طراحة فليس له أصل في اللغة. ويقولون بربخ للشيء الذي توضع عليه الجرة وهو صحيح لغوي أيضاً هو اسم لمجرى الماء والبالوعة يقال لها بربخ قال ذلك في القاموس. ويقولون في المريض صار مثل الفخ والفخ المصيدة وهو مثل القوس وهو لين فشبه به المريض أي صار مثل القوس اللينة. ويقولون للأطفال بمنى الزجر كخ نقل حجة الإسلام الغزالي في كتاب الإحياء أن الإمام الحسين عليه السلام أخذ تمرة من تمر الصدقة فقال النبي : كخ فرمى بها من فيه. ويقول زرد عليه إذا خنقه وهو صحيح وارد في كتب اللغة. ويقولون زرد اللقمة إذا ابتلعها وزرد كنصر خنقه والزرد الدرع. ويقولون فلان سرد إذا حصل له النعاس قال في الزاهر السرد يطلق على النعاس في بعض الأحيان. ويقولون همر علينا إذا وثب وصاح وهو صحيح لغوي. ويقولون فلان واكر عند فلان إذا كان ملازماً له وهو صحيح لغوي مأخوذ من وكر الطائر اتخذ له وكراً وكذلك هذا الرجل اتخذ صاحبه مثل وكر الطائر في الملازمة. ويقولون راز الشيء ويروزه يعرف قدره وله أصل في اللغة راز الشيء روزاً جربه ليعرف قدره والراز رئيس البنائين. ويقولون أكلنا عند فلان بسيسة قال في القاموس البسيسة اتخاذ السويق أو الدقيق أو الأقط بالسمن والزيت ويقولون فلان دحس قال المجدي الدحس هو الذي يخفي الأشياء مكراً وقال في القاموس الدحس الدساس شيء في التراب. ويقولون فلان عنده عترسة أي شدة قال في القاموس العترسة الأخذ بالشدة والجفاء والعنف والغلظة. ويقولون ناموسية لشيء يعمل من القماش يدخلون فيه زمن الشتاء وهو صحيح لغوي والناموس عريسة الأسد والناموس جبريل عليه السلام ويقولون فلان هلس وهو صحيح لغوي ومعناه إذا تكلم كلاماً غير منتظم ويطلق على سلب العقل وعلى الهزال. ويقولون فلان خربشني بأظافره أي آذاني بها وهو صحيح قال في مختصر الصحاح الخربشة والخرفشة والخرمشة كلها بمعنى واحد. ويقولون طواشي على الخصي وهو صحيح لغوي وارد في بعض كتب اللغة والذي في القاموس الطوش خفة العقل. ويقولون عفش وهو صحيح لغوي يقال عفشه يعفشه جمعه ومن الناس من لا خير فيهم. ويقولون نتش وهو صحيح لغوي قال في الزاهر النتش كالصرب استخراج الشوكة ونحوها ونتشت اليوم كذا وكذا أي اكتسبت. ويقولون فلان بصبص لي أي نظر إليّ نظراً بعد نظر وهو صحيح لغوي قال في الزاهر البصاصة العين لأنها تبص وبصبص الكلب حرك ذنبه والجرو فتح عينيه. ويقولون فلان ممصوص قال في القاموس الممصوص الرجل المهزول والممصوصة المرأة المهزولة. ويقولون ساباط قال في مختصر الصحاحا الساباط سقيفة بين حائطين تحتها طريق والجمع سوابيط وساباط (في لغة أهل الشام الآن سيباط وبلغة مصر سباط). ويقولون فوط قال في القاموس الفوط الشيء يجلب من بلاد السند وهي مآزر مخططة فصار يطلق على غيرها مجازاً ويقولون فلان فطفاطي قال بعض أئمة اللغة هو الأعوج القليل الثبات أو الذي يتكلم بكلام لا يفهم. ويقولون فلان عنده دلاعة قال في القاموس الدلاعة الغاية في الحمق والغفلة والتصاغر وخروج اللسان. ويقولون أخضر مرعرع قال في الزاهر المرعرع الكامل الحسن في الاعتدال والرعرعة أي عنده عدم في قوته قال في القاموس النعنعة ضعف العزيمة بعد قوة والرتة في اللسان والنعناع نبت معروف. ويقولون وكثيراً ما يقع في الأروام غوغا قال بعض أئمة اللغة الغوغا الشر والحرب والغوغا الجراد وشيء يشبه البعوض لضعفه وبه سمي الغوغاء من الناس. ويقولون فلان مغمغ في كلامه إذا لم يبينه قال في القاموس مغمغ اللحم مضغه ولم يبالغ وكلامه لم يبينه. ويقولون فلان شلام قال المجدي الشلاف هو الذي يأخذ الشيء من غير حساب. ويقولون شاف الشيء أي نظره قال في القاموس شافي الشيء أي نظره وشفته شوفاً جلوته ودينار مشوف مجلو. ويقولون فلان نتيف وأعطاني نتفة وكلاهما صحيح لغوي إلا أنهم يحرفونها فيكسرون النون والصحيح الضم قال بعض أئمة اللغة نتف ما تنتفه بإصبعك من شعر أو نبت والنتفة الشيء اليسير. ويقولون شقة قماش قال في القاموس الشقة من الثياب المستطيلة. ويقولون عفقه قال في المجرد عفقه بمعنى أمسكه ويقولون عفلق قال في مختصر الصحاح العفلق الرجل الطويل المسترخي والعفلق الضخم المسترخي والمرأة الخرقاء السيئة العمل والمنطق والرجل الأحمق. ويقولون فلان ربى على قلي دبلة قال في مختصر الصحاح الدبل الطاعون ويطلق على الداهية وعلى الجمل الصغير. ويقولون فلان زال قال في المجرد الزول الهيبة العظيمة والزول العجب والجواد والكلأ والخفيف الطريف الفطن ويقولون حزام قال في المجرد الحزام ما يشد به الوسط. ويقولون طارمة قال في مختصر الصحاح الطارمة بيت من خشب والغالب أن يكون ذلك في المراكب وحارة بمصر يقال لها اصطبل الطارمة أي الإصطبل الذي فيه بيت من الخشب. هذا غيض من فيض أوردناه على سبيل المثال فعسى أن يبادر القائمون بخدمة اللغة العربية إلى نشر هذا الكتاب بالطبع.