مجلة المقتبس/العدد 30/الكتاب

مجلة المقتبس/العدد 30/الكتاب

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 7 - 1908



إذا بلغت الحضارة أوجها في أمة يتفنن أهل العلم في التأليف المفيد فيضعون المصنفات في الموضوعات التي لا تخطر على بال أحد في مجتمع غير راق ومن كان يظن أن أبا عمرو بن عمر الجاحظ البصري يؤلف كتاباً في مدح الكتب والحث على جمعها عدا ما وقع له من ذكرها مرات في كتبه قبل زهاء ألف سنة ولكن ما كتبه الجاحظ في تلك الأزمان يكتبه مؤلف هذه الأيام ببيان أشفى ومادة أوسع لارتقاء هذه العصور باختراع الطباعة التي عمت بها المطبوعات وسهل بها التأليف والنشر ولاسيما على من كان مثل مؤلف الكتاب الذي صدر هذا الشهر في خمس مجلدات للمسيو البرسيم قيم مكتبة نظارة البريد والبرق في باريز.

قسم كتابه إلى أقسام فتكلم على حب الكتب والمطالعة والكتب في الأزمان السالفة والقرون الوسطى منذ اختراع الطباعة إلى عصرنا هذا وتمييز بعض المؤلفين على بعض وما يجب أنيطالع من الكتب وكيف يجب أن يطالع أو يتصفح وتؤخذ مفكرات بالخط على بعض الكتب وهل ينبغي الاستكثار من الكتب أو افقلال منها وكيف نختار الكتب وهل يجب الإكثار من المطالعة أو الإكثار من إعادة المطالعة. وتكلم على الكتب المزينة والكتب البسيطة والقديمة والحديثة والاستشفاء بالكتب وتاريخ الكتب وذكر الروايات والصحف وتكلم على المجانين بالكتب والهائمين بالكتب وممزقي الكتب وأعداء الكتب وعدّ النساء من أعداء الكتب وأطال في إعارة الكتب وفي ورقها وقطعها وطبعها وتصويرها وتجليدها وابتياعها وترتيبها في قماطرها والعناية بفهرستها وتنسيقها وكيفية استعمالها وحفظها وطبعها واختصارها.

هذه أهم ما تدور عليه أبحاث هذه المجلدات الخمسة الممتعة ويرى مؤلفها أن لا يقتصر في الكتاب على إلباسه لباس الظرف وحفظه في الزجاج والنظر إليه بإعجاب وانعطاف بل أنه خلق ليقرأ أو يتدبر ما فيه ويتلذ1 به قال: فأنما أتخذه بمثابة أداة للدرس والتسلية والتعزية وقرة العين بل هو واسطة للكمال العقلي والأدبي فأنا من ثم لا أفصل بين محبة الكتب ومحبة الآداب بحال وإن شئت فقل بين محبة الجمال والخير والعدل والحق فبين هذه الأمور تشابه.

وقد اعتذر المؤلف عن أن معظم كتابه ليس من قلمه بل هو عبارة عن استشهاد بأقوال أئمة العلم والأدب في كل عصر ومصر وذلك لأن الاستشهاد بكلام الرجل بعينه يصوره كما هو وله وقع في النفس أكثر من إحالة المطالع على الرجوع إلى ما كتبه المؤلف كما قال سانت بوف العالم. وقال شاتوبريان الفرنسوي الكاتب: لا يجب الاعتقاد بأن معرفة إيراد الشواهد هو مما يسع كل أحد من أرباب العقول الضعيفة أن يفعله ممن فرغ وطابهم من كل علم فيستقون من موارد غيرهم ما راقهم وما الاستشهاد حيث يجب غلا دليل العلم. فالذاكرة التي تدخر الشواهد لحين الحاجة هي في الحقيقة قرينة الذكاء بل هي أم الذكاء وجودة الذهن. وقد غذى كبار كتاب عصر لويس الرابع عشر عقولهم بالشواهد وكان شيشرون الخطيب الروماني الذي لم تكن له إلا لهجة واحدة يلهج بها ويتوفر عليها يكثر من الاستشهاد وأنا أيضاً (شاتوبريان) لا أقصر في هذا السبيل.

ولذا سار مؤلفنا في مصنفه الاجليل على هذه الطريقة شأن معظم الكتاب الذين لا يكتبون إلا بتصحيح وإيراد الشواهد والشوارد فيقرأ القارئ فيه من أسماء الكتب المؤلفة بالإفرنجية في هذا المبحث ما يدل على أن الغربيين اليوم سابقون في كل محمدة ويسجل بما بذله بنفسه من الدرس والبحث حتى جاء كتابه آخذاً من كل شجرة ثمرة ومن كل حديقة زهرة.

قال في تاريخ الكتب أنه لم يعرف في الحقيقة إلا منذ ثلاثة آلاف سنة وإن قال أحد علماء الألمان بوجود الكتب قبل الطوفان ووضع لذلك مصنفاً فتاريخ الكتب يرد إلى عهد ملك مصر أوسيماندياس الذي يرى علماء الآثار المصرية اليوم أنه هو رعمسيس الثاني أو سزسترويس وكان له خزانة كتب جعلها في قصره في ثيبة كما قال المؤرخ ديودور الصقلي وقد حكم هذا بوجودها من أثر كان مزبوراً على الحجر في أعلى باب هذه المكتبة وهو قوله: هنا أدوية النفس. فوصف بذلك الكتب أجمل وصف وأوجزه عرف ولا يتأتى أن يقال أحسن منه. ومضت على هذا الوصف الأزمان حتى جاء الفيلسوف مونتسكيو في القرن الثامن عشر فقال: ما قط حزنت إلا وتبدد حزني بساعة من المطالعة أروّح بها عن نفسي ثم جاء بعده القصصي الإنكليزي بولور ليتون في القرن التاسع عشر ووصف مطالعة بعض المصنفات لشفاء بعض الأمراض فرأى المداواة بالكتب كأنها بعض العقاقير والعناصر. وكل من قال كلمة في هذا الباب لم يخرج في وصفه للأسفار عن حد الحكمة التي علقها ملك مصر على مكتبته أو شرحها أو المبالغة فيها. وأسس الظالم بيزايسترات (561 ـ 527 ق. م) مكتبة عامة في آثينة وهي أول مكتبة من نوعها جمع فيها أشعار هوميروس ولم تكن تعيها من قبل إلا ذاكرة القصاصين والمتشاعرين ويؤخذ من بيت للشاعر أريستوفان (قبل المسيح بخمسة قرون) أن الكتب كانت منتشرة جداً في زمنه بمدينة آثينة. وقال كسينوفون في تذكرة سقراط شيئاً عن الكتب والمجاميع وتجارتها.

واستعمل السبيادس على نحو ذلك الزمن (450 ـ 404 ق. م) طريقة لا تخلو من قلة ذوق ليحبب أبناء وطنه في الكتب فدخل مدرسة خاصة بدراسة النحو وسأل المعلم أن يأتيه ببعض كتب لهوميروس فأجابه أن ليس عنده ولا واحد منها فصفعه وخرج. وكان الإسكندر الكبير (356 ـ 325 ق. م) مولعاً من وراء الغاية بدرس أشعار هوميروس وبعد أن هزم دار ملك الفرس وقع كان بين أسلاب المغلوبين فسأل خاصته ماذا ينبغي أن يجعل فيه من مال أو متاع فاختلفت آراؤهم أما هو فقال لهم: أنه يضع فيه إلياذة هوميروس لتحفظ فيه حفظاً جديراً بها. وكان الإسكندر أثنءا رحلته إلى آسيا أمر بأن تجلب له تواريخ فيليست وفاجعات أوربيدس وسوفقلس وأشيل وغيرهم ويحب ستاذه أرسطو كما يحب أباه لأن هذا سبب حياته وذاك سبب سعادته. وأنشأ بطليموس سوتر أحد خلفاء الإسكندر الذي استأثر بملك مصر عندما قسمت المملكة اليونانية مكتبة الإسكندرية وهي أشهر وأغنى مكتبة في الأزمان السالفة وكان ذلك بإشارة ديمتريوس دي فالير (345 ـ 283 ق. م) النحوي المؤرخ البياني حاكم آثينة الذي غدا أول قيم على هذه المكتبة وجرى خلفاؤه من البطالسة على العناية بهذه المكتبة ولاسيما بطليموس الثاني فيلادلفيس (285 ـ 247 ق. م) وبطليموس الثالث أفرجيتس. وكانوا ينشطون زراعة ورق البردي ليتوفر الورق لديهم ويستخدمون كثيراً من النساخ وربما لم يكونوا يستنكفون من السرقة لزيادة ما عندهم من الكتب كما فعل أحدهم فاستعار من مكتبة آثينة كتباً لشعرائهم وفلاسفتهم فاستنسخها ولم يرجع الأصل بل أرجع نسخاً ثانية منها وبطليموس الثاني فيلادلفس ـ لعله لقب بذلك استهزاء به لأنه قتل أخوته أو لأنه تزوج أخته ـ هو الذي أمر بترجمة كتب العبرانيين المقدسة إلى الرومية بمعرفة سبعين من علماء بني إسرائيل وكانت ترجمتهم السبعينية من أهم حوادث التاريخ لأنها سهلت السبيل إلى انتشار اليهودية ومعدت للنصرانية.

ولم تحرق مكتبة الإسكندرية التي قال بعضهم أنه كان فيها نحو سبعمائة ألف مجلد على يد الإمام عمر ولا بأمره كما جاء في بعض التقاليد فإن هذه الدعوى من الأغلاط التاريخية العظيمة إذ لم يكن أثر لهذه المكتبة عندما فتحت العرب مدينة الإسكندرية سنة 640 وعلى عهد البطالسة أصبح أمر المكتبة إلى ضعف فقسمت شطرين جعل كل منهما في مكان مستقل فحرق القسم الأول قضاءً وقدراً عندما استولى يوليوس قيصر على الإسكندرية سنة 47 قبل المسيح وذهب القسم الثاني وكان جعل في معبد سيرابيس على يد الأسقف تيوفيل بعد ذاك التاريخ بأربعمائة سنة عقيب الأمر الصادر عن تيودوس بالقضاء على جميع المعابد الوثنية وجعل عاليها سافلها.

ومن المكاتب الشهيرة في القديم مكتبة فرغامس برغامة في آسيا الصغرى أسسها أومينوس الثاني إبن آتال الأول قبل المسيح بمائتي سنة ويقول بلوتارك أنه كان فيها مائتا ألف مجلد بسيطة أهداها أنطونيوس أحد حكام اليونان إلى كلوبطرة ملكة مصر من نسل البطالسة. وقد نقل كثير من الكتب من مكاتب آثينة والشرق إلى إيطاليا وكانت المكاتب عند الرومان تبنى بالقرب من معابدهم وأول مكتبة أنشئت في رومية على يد أزينوس بولنيوس. ولطالما تنافس ملوكهم في الإكثار منها وفيهن من جعلوا خزائن الكتب العامة في قصورهم. تاسوى في الغلو بحب الكتب عالمهم وجاهلهم وعادلهم وظالمهم.

وتكلم عن الكتب على عهد البرابرة والهونس والغوط والغوط الغربيين والفنداليين وعلى غلاتهم من الإفرنج في القرون المتأخرة وأجاد ما شاء وشاء بيانه في اختيار المصنفات وانتقاء الأجود منها فأتى على ذلك بشيء مما قاله أهل العلم والحكمة منذ الزمن القديم إلى عهدنا هذا فقال أن توسيديد حضر مجلساً لهيرودتس المؤرخ اليوناني يتلو فيه بعض أهل آثينة شيئاً من تاريخه فاهتز وطرب ولم يتمالك أن بكى وكان عمره خمس عشرة سنة وكان ديموستين يغالي في الولوغ بتاريخ توسيديد نسخه بخطه الجميل ثماني مرات ليرسخ إنشاؤه في ذهنه ويطبع عليه. وكان الإسكندر الكبير مهووساً بإلياذة هوميروس يصبحها معه حيث ذهب ويضعها تحت المخدة مع سلاحه عندما ينام وكان شيشرون يرى ديموستين أخطب خطيب في كل ضرب من ضروب الخطابة ويعنى بما كتبه أرسطو وأفلاطون وتيوفراست كل العناية.

وكان شارلمان (742 ـ 814) ملك فرنسا مولعاً بتلاوة كتاب مدينة الله للقديس أوغسطينس كما أن الفريد الكبير ملك إنكلترا (849 ـ 900) يؤثر مطالعة قصص أزوب وترجمتها شعراً إلى اللغة السكسونية وكان يرى تيودور كازا النحوي اليوناني المشهور (1398 ـ 1478) أن كتب القدماء لو ألقي كلها في النار لاختار أن يخلص منها كتب بلوتارك. وجعل شارلكان (1500 ـ 1558) كتب توسيديد رفيقته في أعماله وكان يقرأ تذكرات كومين المؤرخ بولع شديد.

وكان كاتم السر فرنسيس باكون (1561 ـ 1626) يقول ليست الكتب إلا تكراراً فابحث في كتب اليونان والرومان والعرب وجميع مؤلفي القرون الحديثة فلا ترى فيها كلها شيئاً يتعدى ما قاله الفلاسفة أرسطو وأفلاطون وإقليدس وبطليموس. وكان ملتون الشاعر الإنكليزي (1608 ـ 1674) الأعمى يقرأ في الصباح شيئاً من التوراة بالعبرية ثم يدرس شعر هوميروس ويقال أنه استظهره كله وعلم بناته الثلاث ثماني لغات يقرأن فيها عليه بدون أن يفهمنها وكان يقول أن البنت تكفيها لغة واحدة ولكنه لم ير بداً من تعليمهن ليقرأن له ما يحب.

وكان كورنيل الشاعر الفرنسوي (1616 ـ 1684) يؤثر مطالعة تاسيت وتيت ليف المؤرخين اللاتينيين ويعنى عناية خاصة بلوكين الشاعر اللاتيني وسينيك الفيلسوف وسمع لافونتين الشاعر الفرنسوي (1621 ـ 1692) وهو في الثانية والعشرين نشيداً للشاعر مالريب فأخذ العجب بأقوال هذا الشاعر ثم انصرف إلى مطالعة هوراس وفرجيل وتيرانس وكنتيلين واختار من مؤلفي الفرنسيس رابلي ومارو ودورفي وفواتور وقرأ من الإيطاليين أريوست وبوكاس وماكيافيل وتاس. وشغفت العقيلة دي سيفنية الكاتبة الفرنسوية (1626 ـ 1696) بمطالعة أدب نيكول ثم كورنيل وبردالو. وكان الأخلاقي لابرويير (1669 ـ1696) يرى أن موسى وهوميروس وأفلاطون وفرجيل وهوراس لا يفوقون غيرهم من الكتاب والشعراء إلا بجودة تعابيرهم وتصوراتهم.

وكان الشاعر راسين (1639 ـ 1699) استظهر وهو في السادسة عشرة أو السابعة عشرة أشعار سفوقلس وأربيدس وقرأ أفلاطون وبلوتارك على الأصل اليوناني وكان وهو في المدرسة يقرأ رواية تيوجين وشاريكله لهيلودور اليوناني ففاجأه معلمه فتناول الكتاب من يده وألقاه في النار ثم اجتهد راسين أن يحصل على نسخة ثانية من هذه الرواية فعامله أستاذه بمثل ذلك ثم استحصل نسخة ثالثة وأخذ يحفظها سراً ولما أتى عليها حمل النسخة إلى معلمه وقال له: لك أن تحرق هذه كما حرقت أختيها لأني لا حاجة بي إليها.

وقال الكاتب الفرنسوي سان أفرموند (1613 ـ 1703) أن رواية دون كيشوت لسرفانتس هي من المصنفات التي أستطيع تلاوتها طول عمري دون أن أمل ساعة وكنت أود أن أكون مؤلف دون كيشوت من بين جميع الكتب التي طالعتها ومن رأيي أنه ليس من كتاب يساعد كثيراً على تحسين ذوقنا في كل الأمور مثله. ويظهر أنه كوفيدو من حذاق المؤلفين وأني لأعتبره زيادة لأنه أراد أن يحرق جميع كتبه عندما قرأ دون كيشوت وكان يؤثر لو لم يؤلفها قال ثم إني رأيت مما يلذني طول حياتي كتب مونتين وأشعار مالريب وفاجعات كورنيل ومصنفات فواتور.

سئل الشاعر بوسويه (1627 ـ 1704) عن المصنفات التي يتمنة لو قدر له أن يؤلف مثلها فقال كتاب الرسائل الولايات لباسكال وكان يؤثر شعر هوراس وكان بوالو (1636 ـ 1711) يجعل لشعر هوراس المقام الأول ثم لتيرانس ويفضل مشاهير القدماء على مشاهير المحدثين ما خلا باسكال فإنه عده في مصاف العظماء وكانت مكتبة لايبنر الفيلسوف الألماني (1646 ـ 1716) عبارة عن مصنفات أفلاطون وأرسطو وبلوتارك وسكتوس أمبيريكوس وإقليدس وأرخميدس وبلين وشيشرو وسنينك وقد درس منذ نعومة أظفاره اللغات القديمة وآثر التوفر على الأخذ من الشاعرين تيت ليف وفرجيل حتى أنه كان في شيخوخته يسمعك ما قاله فرجيل بالحرف الواحد.

وكان مونتسكيو (1689 ـ 1755) جعل قراءة كتابات تاسيت هجيراه وقال من نفسه: إني لأعترف أن ذوقي أن ذوقي في القدماء وأن الزمن القديم يبهجني وأنا أقول أبداً ما قاله بلين أنكم يا هؤلاء تذهبون إلى آثينة فاحترموا الأرباب. وكان يحتفل من وراء الغاية بكتاب تليماك كما يأنس بكتب آسيل وأربيد وسوفقلس وبلوتارك وأرسطو وأفلاطون وشيشرون وسويتون وفرجيل ويختار من المحدثين كربيليون ومونتين ولاروشفوكولد ويعتقد أن أعظم الشعراء أفلاطون ومالبرنش وشافتز بوري ومونتين.

وكنت ترى على منضدة فولتير (1694 ـ 178) رواية أتالي لراسين وكتاب الصوم الصغير لماسيليون وقال الفيلسوف ديدرو الفرنسوي (1713 ـ 1784) في كلامه على القصصي الإنكليزي ريشارسون أن مطالعة كتبك هي سلوتي في جميع أوقاتي فلو قضت علي الضرورة أن أبيع كتبي لأعلم بثمنها أولادي لاستثنيتك منها وأبقيتك لي أنت وأسفار موسى وهوميروس وأربيدس وسوفقلس وأتناوب قراءتك مرات. وكان العالم بوفون (1707 ـ 1788) يوصي بقراءة أعاظم أرباب القرائح والعقول وقد حصرهم في خمسة وهم نيوتن وباكون ولايبز ومونتسكيو وهو في جملتهم.

وكان كانت الفيلسوف (1724 ـ 1804) يرى أن الأرق إذا استولى على امرئ فليس لصاحبه إلا أن يحصر فكره في موضوع واحد أما هو فكان يجلب النعاس إلى عينيه بأن يتصور شيشرون وحياته وكتاباته وكان كيتي (1749 ـ 1834) يرى أن هي ما يقرأ ما خطته أنامل مولير وفولتير وقال عن هذا أنه صفوة أمته كما أنه لويس الرابع عشر صفوتها في السياسة وذلك لأن الأسرة إذا طال عليها العهد يتسلسل منها فرد يجمع جميع صفات أجداده وكمالاتهم وهكذا كان فولتير أعظم كاتب كانت بينه وبين أمته مناسبة وهو أعظم أديب على اختلاف العصور وأعجب مؤلف في الطبيعة.

وسنحث القراء بشيء من فوائد الكتاب بعد.