مجلة المقتبس/العدد 41/وقفة عند يلدز

مجلة المقتبس/العدد 41/وقفة عند يلدز

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 6 - 1909



لمن القصر لا يجيب سؤالي ... آهلات ربوعه أم خوال

مشمخر البناء حيث ترآى ... بالياً مجده بلى الأطلال

لم تصبه زلازل الأرض لكن ... قد رمته السماء بالزلزال

وكسته الأيام بالصمت لما ... نطقت فيه حادثات الليالي

فترآءت أبكاره شاحبات ... باكيات بأعين الآصال

  • * *

أيها القصر ايه بعض جواب ... لا تكن ساكتاً على تسآلي

ليت شعري والصمت فيك عميق ... ذاكرٌ أنت عهدهم أم سال

ما تداعى منك البناء ولكن ... قد تداعى بناء تلك المعالي

كنت كل البلاد في الطول والعر ... ض وكل العباد في الأعمال

كنت مأوى العلى مثار الدنايا ... مهبط العز مصدر الإذلال

كنت جباً وأيّ جب عميق ... بالغاً للنفوس والأموال

مورد الخائنين كنت وكانت ... منك تدلى مطامع العمال

قصر عبد الحميد أنت ولكن ... أين يا قصر أين عرش الجلال

أين خاقانك الذي كان يدعى ... قاسم الرزق باعث الآجال

ما أرى اليوم ذلك المجد إلا ... كخيال يمر بعد خيال

هل وقوفي على مبانيك إلا ... كوقوفي على الطلول البوالي

قد تخونتنا ثلاثين عاماً ... جئت فيها لنا بكل محال

تلك أعوام رفعةٍ للأداني ... تلك أعوام خطة للأعالي

تلك فيما جرت به نقطة سو ... داء تبقى بجبهة الأجيال

ملأت خطة الزمان شناراً ... فأبتها كل العصور الخوالي

يثب العدل طافراً كلما م ... رَّ عليها مشمر الأذيال

وكأني أرى اضطراب نفوس ... كنت تغتالها وأي اغتيال

أسمع الآن فيك ما كان يعلو ... من أنين لها ومن أعوال

حائمات على الذي فيك أبقي ... ن دفيناً من الرفات البوا تلك يا قصر أنفس أنفت منك ... فطارت إلى سماء المعالي

وترقت إلى ذؤابة أعلى ... كوكب في سمائه جوال

وهي اليوم أحرقتك بشهب ... قذفتها عليك ذات اشتعال

لم يضع مجدها وإن هي أمست ... ضائعات الأشلاء والأوصال

  • * *

كيف ننسى تلك الخطوب اللواتي ... لقحت منك حربها عن حيال

يوم كنا وكان للجهل حكم ... خاذل كل عالم مفضال

آمر من عتوه كل أمر ... يغرس البغض في قلوب الرجال

أفأصبحت نادماً ليها الق ... صر تبالي بالقوم أم لا تبالي

لم تفدك الندامة اليوم شيئاً ... قضي الأمر فاصطبر باحتمال

وعزاء فلست أول قصر ... نكس الدهر من ذراه العوالي

قد تداعى من قبل إيوان كسرى ... بعد أن طال شاهقات الجبال

وكاين من قصر ملك ترامى ... ساقطاً بالملوك والإقبال

فابق يا قصر عابس الوجه كيما ... يصبح الملك باسم الآمال

وتعثر فلا لعالك حتى ... ينهض العدل ناشطاً من عقال

إنما نحن أمة تدرأ الضي ... م وتأبى أن تستكين لوال

أمة سادت الأنام وطابت ... عنصراً من أواخر وأوالي

فإذا ما علا الغشوم نهضنا ... فقذفناه سافلاً من عال

نملأ الأرض إن لمشينا لحرب ... بزئير الغضنفر الرئبال

وإذا ما غلّ المليك رددنا ... هـ ذليلاً يقاد بالأغلال

نحن من شعلة الجحيم خلقنا ... لأولي الجور لامن الصلصال

ياملوك الأنام هلا اعتبرتم ... بملوك تجور في الأفعال

ليس عبد الحميد فرداً ولكن ... كم لعبد الحميد من أمثال

فاتركوا الناس مطلقين وإلا ... عشتم موثقين بالأوجال

هل جنيتم من التجبر الأ ... كل أثم عليكم ووبال الأستانة

معروف الرصافي