مجلة المقتبس/العدد 52/هل اللغة العربي حية

مجلة المقتبس/العدد 52/هل اللغة العربي حية

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 6 - 1910



وضع المسيو قطان أحد أعضاء المجمع العلمي القرطاجني في تونس محاضرة رد فيها على من قال أن اللغة العربي ليست من اللغات الحية وأنها كانت كذلك وقد أصبحت اليوم من اللغات الميتة فأحدث كلام من أصدر هذا الحكم تأثيراً في نفوس المسلمين لأن له علاقة بأعز الأوضاع عندهم وأقدسها في نظرهم ونعني بها اللغة وقد ردت بعض الصحف الإسلامية على بعض من رموا اللغة العربية بالعقم رداً لم تورد فيه برهاناً بل جعلته خيالياً وتجاوزت فيه حد المناقشة العلمية ورمت القائل وهو أوربي بالطبع بأنه لا يعرف ما في العربي من الميزات والخصائص وقالت أنى يتأتى لغريب عنها أن يفهمها حق فهمها بيد أن صاحب هذه المحاضرة دافع عن العربية دفاعاً علمياً ورد مزاعم من يرمونها بالموت بالبرهان السديد وأثبت لها الحياة مع من يثبتها لها من أبنائها الذين يكتبون بها ويتكلمون فقال:

إن دعوى المسيو نويل بأن اللغة العربية لغة مقدسة جامدة لا تتحرك وإن أدنى تغيير يدخل عليها يعد خرقاً لحدودها وعبثاً بقانونها هو من الدعاوي التي يخالفها الواقع ولا ينهض عليها دليل. وأني أرى علماء المشرقيات الذين يتعلمون اللغة العربية والكتاب المسيحيين في سورية ومصر ممن عنوا بها وبرزوا في آدابها منذ سنين بل والمستنيرين من المسلمين أنفسهم يوافقوني على قولي على أن اللغة العربية لغة سامية انتشرت أولاً في شبه جزيرة العرب ووصلت إلى درجة التهذيب قبل الإسلام ببضعة قرون وكملت على يد النبي وأصحابه وأنه مضت عليها قرون طويلة وهي زاهرة بين شعوب انتشرت بينهم الحضارة الإسلامية فنشأ لهم في العربية كتاب كثيرون من النصارى واليهود والمسلمين وإنها اليوم شائعة بين الشرقيين من أهل الإسلام وغيرهم ويتفهم بها بضعة مئات الألوف من البشر بينهم كثير ممن لم يدينوا بالإسلام ينزلون شمالي أفريقية وأواسطها وجزءاً من قارة آسيا.

نعم لا أآخذ إذا قلت إذا كانت العربية عند معظم المسلمين لغة مقدسة لأنها لغة الدين والعبادة وهي لم تبرح لأرباب العقول السامية الذين ازدان بهم الإسلام والمسيحيين والإسرائيليين الذين عنوا بها حق العناية منذ عهد الخلفاء إلى هذا اليوم أداة بديعة للإفصاح عن الفكر والعواطف العالمية في مظاهرها المتخلفة وهي من أجمل لغات البشر.

أرى أنه متى أريد البحث في لغة بحثاً علمياً أن لا توصف بما يصفها به أرباب التقاليد من النحاة ولا المتعصبة من المتفقهة بأنها لغة مقدسة غير قابلة للزيادة والنقص بل الواجب النظر إلى تاريخ هذه اللغة والبحث فيما إذا كانت بقيت جامدة على صورتها الأولى حقيقة أو أنها نشأت ونمت كما ينمو كل تركيب نام حي.

لا جرم أن كل امرئٍ يدرك أن اللغات لا تحيا على يد أساتذة الكليات ولا بتقارير النحاة ولا بأحكام المحاكم وأوامر الحكومات فاللغة الإفرنسية لم تنم منذ عهد كوبلر إلى زمن بريان بهذه الطريقة بل إن العربية على ما فيها من الكتب والنحو والعروض التي شرحها معلمو الجوامع لا تعد لغة أدب فكما أن الإفرنسية تحيا بكتابها المبدعين المجددين أكثر من حياتها برجالها اللغويين والباحثين في أصولها هكذا اللغة العربية عاشت طول عمرها خارج الكيات الإسلامية بفضل أعمال المجددين والمترجمين والعلماء والفلاسفة والشعراء الذين كانوا في عصور مختلفة مع تمسكهم بقواعد النحو العربي الذي كانت الكليات مهيمنة عليها فهم يقفون ما أمكن موقف التوفيق بين ما يكتبون وبين اللغة التي يعجبون بها وحق لهم العجب من كمالها وغناها وجمالها. ومع هذا لم يقفوا ساعة عن تقويتها بما يحملونه إليها من الأفكار الطارئة ولغات الشعوب الأخرى.

وإذا أبى المسيو نويل الخروج عن هذا القياس وادعى بأن اللغة المصرية اليوم هي لغة حديثة نشأت من قطع ملفقة من التقارير وليست من التقديس في شيءٍ أي ليست اللغة العربية في معناها الحقيقي بل هي لغة صناعية وإن اللغة المقدسة هي التي استعملها القرآن فقط وفيها الغريب_إذا قال بهذا فهو يحذف بقياسه من الآداب العربية كتب المؤرخين والعلماء والفلاسفة وغزل الشعراء لأنها مملوءة بالمولد أو أنه يعتبرها من الكلام الوحشي الغير المأنوس ويقتصر بأن لا يعد من الآداب العربية إلا القرآن وتفاسيره وربما كانت هذه التفاسير بحسب زعم المسيو نويل من غريب الكلام أيضاً.

أما أنا فلا أفرط في التدقيق أكثر من عالم من علماء المسلمين بعد أن رأيت في دور المكتب أناساً من صلحائهم ينظرون في كتب القرآن والفقه وبجانبها تآليف كتبت باللغة العربية الحديثة بل مترجمات لفلاسفة يونان. ولذلك أسمي باللغة والآداب العربية تلك اللغة وتلك الآداب التي اتفق جمهور المسلمين وأمثال سلفستر دي ساسي ودارمبورغ وغولدسير وغيرهم من العلماء على تسميته بهذا الاسم.

قال المسيو نويل أن اللغة الحية هي التي تخضع لنواميس الحياة أي أنها تدخل فيها الجديد وتنبذ ما لا تراه نافعاً لها وهو تجديد يعد من شروط الحياة كالتغذية لكل تركيب نام نباتياً كان أم حيوانياً.

وإني لأكتفي بدحض هذه الحجة بأنه أورد تاريخ العربية ولكم أن تحكموا بأنفسكم بأن هذه اللغة لم تبرح خاضعة قبل الإسلام وبعده لنواميس الحياة. أما تاريخ اللغة العربي فيقسم إلى أدوار أربعة: دور التكون ودور المدنية الإسلامية الزاهر ودور الانحطاط والدور الحالي.

فدور التكون يبدأ بالزمن الذي انفصلت فيه هذه اللغة عن سائر اللغات السامية وأصبحت لغة خاصة بعد أن كانت عبارة عن لهجات كثيرة قلما تجد بينها اختلافاً كثيراً وهي وافرة بقدر ما كان من القبائل في شبه جزيرة العرب. وتعدد اللهجات كان من أسباب غنى العربية بمفرداتها وانتهت الحال بعد ذلك بأن اندمجت هذه اللهجات بعضها في بعض ونسيت كلها ما عدا ثلاث لهجات كبرى ذكرها التاريخ وهي لغة اليمن والحجاز والحبشة.

جاء محمد (عليه السلام) وبدأ بتوحيد جزيرة العرب في سياستها ووفق أخلافه إلى تتميم هذا المقصد فتوحدت بذلك اللغة وكانت الغلبة للغة الحجاز موطن النبي فأصبحت لغة القرآن بعد واغتنت بما دخل إليها من المفردات المستعملة عند شعوب كثيرة ممن كانوا يقصدون مكة حاجين كالهند والفرس والنبط والحبشة والمصريين والإسرائيليين وغيرهم. فكانت مكة أشبه ببرج بابل ولا عجب أن سرى إلى اللغة الأدبية على ذلك العهد مزيج من لغات الأمم الأخرى.

فالألفاظ الدخيلة التي اغتنت بها اللغة العربية إذ ذاك هي أسماء العقاقير الطبية وما تنتج بطون الأرض من المعادن وما يصنع في فارس والمملكة الرومانية والهند الشرقية من المصنوعات ويحمل إلى جزيرة العرب. واقتبست العربية قبل الإسلام ألفاظاً كثيرة من اللغة البهلوية كما اقتبست من العبرانية بعض ألفاظ العبادة مثل الحج الكاهن عاشوراء وكانت الصلات التجارية بين الهند وبلاد العرب سبباً في تعريب كثير من الألفاظ السنسكريتية ولاسيما ما كان منها خاصاً بالعطور والأحجار الثمينة. وبعد أن فتحت فارس أخذ العرب يلبسون الثياب الفارسية وأدخلوا إلى لغتهم الألفاظ الدالة عليها في جملتها فدخلها من الألفاظ السروال الجبة القفطان الطربوش على نحو ما استعمل المسلمون الذين يكتسون الثياب الأوربية اليوم من الألفاظ الجاكت البنطلون اللستيك وأُخذ عن الفرس معظم الألفاظ التي تدل على الأطعمة المختلفة والأسلحة والآنية وغيرها.

وابتدأ الدور الثاني للغة العربية وهو دور الفتوح والمدنية الإسلامية باقتباس الألفاظ الدينية والقانونية والإدارية والعلمية وغير ذلك ثم بتعريب كتب اليونان والفرس والهنود فدخل اللغة من الألفاظ مثل الكحالة والصيدلية ثم توسعت في استعمال بعض الألفاظ لأكثر من المعنى الذي وضعت للدلالة عليه مثل مؤمن مسلم صلاة زكاة الحضانة.

حتى إذا تمت الفتوح وأنشأ المسلمون ينظمون البلاد التي خضعت لسلطانهم أخذوا من الفرس والبيزنطيين أصول أوضاعهم السياسية والإدارية والقانونية والعسكرية والمالية فاقتضى لهم تعابير جديدة للدلالة على هذه الوظائف الجديدة فاقتبسوا أكثرها عن الفرس والبيزنطيين مثل الديوان الجامكية البريد نيشان من الفارسية الأسطول الكردوس البطاقة من الرومية واخذوا مفردات عبرية وسريانية عندما ترجمت التوراة والأناجيل مثل قربان جهنم توراة توبة تلميذ يغوث آمين بل أن قواعد النحو نفسها قد دخلها التعديل فأخذت العرب تستعمل الضمائر المستترة للتفنن في التعبير تكثر من استعمال صيغة المجهول وتنسب إلى الروح روحاني وإلى النفس نفساني وتستعمل بعض الصفات في صورة أسماء مثل المائية العامة الخاصة وعلى ذلك العهد سقطت من الاستعمال بعض الألفاظ التي أتى الإسلام على مدلولاتها مثل المربع النشيطة الأتاوة الصرورة.

ولقد ظلت العربية تغتني بمفرداتها الجديدة وتراكيبها الحديثة وتنمو مفرداتها وقواعدها حتى جاء عصر انحطاط المملكة الإسلامية وأخذت تنقسم إلى ممالك مستقلة يحكمها أناس من أصول غير عربية كالمغول والأكراد والأتراك وغيرهم. ففي تلك العصور أصيبت اللغة بما ذهب برونقها الأصلي وأصبحت من التكلف واستعمال الألفاظ الضخمة على جانب من الغلظة والجفاء حتى أن ما كتب من المصنفات على ذاك العهد تصعب قراءته لخلوه من كل فائدة. فهو عهد الألفاظ الرنانة المفخمة والسجع المرصع الذي أعجب به بعضهم وحمل عليه كثيرون وذلك لأن البيان كثيراً ما يضيع لضرورة السجع وإذا ارتضت الأسماع الأسجاع فالفكر ينبو عنها كل النبو.

وفي ذاك العهد دخلت اللغة تلك الاستعارات المفخمة والمبالغات الغريبة حتى أن معظم الألفاظ التي عربت تلك الأيام كانت ألفاظاً إدارية أو أسماء رتب في الجيش مثل سنجقدار الجاشنكير اليوزباشي الباشا دفتردار خزندار المابين الآغا دفتر خانه. وفي ذاك العهد أيضاً أخذت بعض الألفاظ العربية توضع لمسميات جديدة مثل المتصرف الصدر الأعظم القائم مقام المسئولية التابعية ثم أتى دور تركت اللغة إلا ما كان له منها علاقة بالنحو واللغة والتصوف والفقه وفي هذه الموضوعات صدرت كتب لا تحصى بكثرتها.

والدور الرابع دور النهضة ويرد تاريخه إلى نحو قرن وقد نزل الأوربيون في الشرق يلتمسون لهم في شواطئ البحر الأبيض بلاداً يظهر فيها نشاطهم فاختلط المشارقة بالمغاربة اختلاطاً دائماً نشأ منه تبادل في الأفكار بينهم وبفضل ذلك اغتنت لغاتهم بمفردات استعارها بعضهم من بعض. وإذا كانت بضاعة الشرقيين في العلم قليلة اضطروا في دراسة العلوم الحديثة أن يأخذوا ألفاظاً عن اللغات الغربية أو أن يتوسعوا في معاني بعض ما لديهم من الألفاظ العربية ليضعوها لأفكار ومعارف جديدة. وذلك دليل على أن اللغة ظلت على حالها على النشوء.

ومن العبث أن نورد هنا بعض الألفاظ الإفرنسية التي اندمجت في سلك اللسان العربي مثل بوليس بارلمان سيركولير أو الألفاظ الإيطالية مثل بوسطة دبكربتو بروتستو دع عنك التعابير العلمية التي سرت إلى العربية من اللاتينية أو اليونانية وهي شائعة في لغات أوربا. ومن الألفاظ الكثيرة التي حولت عن معناها الأصلي للدلالة على أفكار جديدة لم تكن مألوفة للشرقيين الميزانية المؤتمر المحرر المحافظون الأحرار الاشتراكيون أهل الفوضى.

وقد نشأ للغة في سورية ومصر لعهدنا كتاب بالعربية من الطبقة الأولى خلصوا اللغة من قيودها وأعادوا إليها نضرتها الأولى وأنقذوها من المترادفات المملة حتى صارت بإنشائها إلى الوضوح والسلاسة معبرة أحسن تعبير عن الأفكار الحديثة وبفضلهم أخذت روح اللغات الأوربية تدخل في العربية وسهلوا نحوها وصرفها وبيانها.

يقولون أن لغة الكتابة تخالف لغة التكلم ومثل هذا موجود في اللغة الإفرنسية نفسها فإن أهل الطبقة الوسطى يتكلمون بلغة لا تناسب بينها وبين لغة أديب أو شاعر على أن الشعب في البلاد التي يتكلم فيها بالعربية أقرب إلى فهم ما يتعلمون من الألفاظ بالذوق من الشعوب الأوربية إلى فهم الغريب من لغاتهم الرسمية. والدليل على ذلك أنك تجد الطبقة النازلة من الأمة تستمع للحكواتي (الأدباتي) في محال القهوة وتنصت لقصص ألف ليلة وليلة وقصة عنتر وتتفهمها كلها على بلاغتها بفطرة فيها وشعور طبيعي.

ومهما يقال فإن التمثيل باللغة العربية الأدبية يفهمه العامة ولئن فاتهم فهم بعض أبياتها فعامة باريز ليسوا في مسارحهم أكثر فهماً لما يتلى عليهم من قصائد كورنيل ومولير.

واللغة العربية ليست كما يقال لغة صناعية أجنبية وليست غريبة إلا عن كثير من الطلبة الهنود والمراكشيين وغيرهم ممن يقصدون من البادية جامع الزيتونة في تونس والأزهر في مصر ليتعلموها بل هي لغة حية لمن يدرسها ويتعلم بها بذوق مثل كتاب الشام ومصر الذين يتولون الصحافة وينشرون المعارف البشرية بواسطة الصحف والكتب بل هي حية أيضاً بالنسبة إلى أولئك الذين تراهم في محال القهوة العامة يهتزون لما يسمعون من أناشيد الغزل ووقائع الحروب على أن اللغة الإفرنسية أيضاً هي أحق بأن تكون لغة صناعية أجنبية إذا رأينا كيف يتوارى شبان الطلبة من قرى أقاليم البروفانس وبرتانيا وغاسكونيا (فرنسا) عن الأنظار ساعات اللعب في المدارس يتكلمون بلهجتهم الخاصة بهم.

فإن قيل أن اللغة العربية تحتاج إلى عشر سنين لتعلم نحوها قلنا أن الشرقيين يتعلمونها في أقل من هذه المدة ويتقنون معها عدة لغات أجنبية فعلينا أن نعقد أملنا بإصلاح طرق التعليم في المدارس الإسلامية على الأسلوب الحديث وذلك بأن يحصل الطلبة لغتهم في قليل من الزمن فاللغة يجب أن تكون آلة لا غاية.

وقال المسيو نويل أن حاجة العربية ماسة إلى أن تستمد من اللغة العامية لتحيا أما أنا فأقول بأن أعظم نقص في اللغة العربية أن تكون غنية وهي لا حاجة بها إلى الأخذ من العامية في حين تجد لديها 21 لفظاً مختلفاً للدلالة على الظلام و52 للشمس و100 للخمر و255 للناقة و350 للأسد. وقد أصيبت اللغة الإفرنسية بكثرة مفرداتها على عهد رونسارد فما قدح ذلك فيها بل عد من الزيادات التي تحذف. فالعربية لا تشبه اللغات الأوربية بل هي بالنسبة إلى الإفرنسية كالمرأة الباريزية الممشوقة القوام الجميلة الهندام مع المرأة السمينة الشرقية التي تحرص على هندامها القديم وهي حية جميلة قوية. نعم إن عنى العربية بمفرداتها يضر بمرونتها وسرعة فهمها ولكن الفتى الحار لا يكثر منها كثيراً في عروقه فإنا نجد كتاب هذا العهد يسقطون عدداً كبيراً من المترادفات وينشقونها الروح الغربية فهم قوام على صحتها وحياتها. واللغة التي تأخذ عن العامية تصبح إلى الابتذال الممقوت أقرب.

وبالجملة فإن العامة في الشرق ليسوا أقل من عامة الغرب فهماً للغتهم ولكنهم يزيدون فهماً يوم تصرف بينهم كل سنة الملايين لنشر التعليم العام على نحو ما يجري في الغرب. وإن قيل أن اللغة العربية لغة أدبية جميلة ولكنها ليست إلا أداة مشوشة لتعليم العلوم فالجواب بأن النتيجة التي وصل إليها أصدقائي المسلمين في المدرسة الخلدونية من تعليم العلوم باللغة العربية هي تكذيب صريح لمن يقول هذا القول. ويمكن أن يقال أن شعوب الشرق هم من عناصر أدب وتفنن فهم أميل إلى تلقف الشعر منهم إلى تعلم العلوم المادية كما يفعل اليوم أهل القاصية من بلاد أوربا فيتخلون عن الجميل من العلوم لتعلم ما هو نافع منها حتى كادوا يفقدون بذلك حضارتهم. فأنا أقول لهم في هذا المجال ما قاله نابليون: إذا كانت العلوم من أحسن ما اهتدت عقول البشر إلى تطبيقه فالآداب (الأدبيات) هي روح الإنسانية بذاتها.