مجلة المقتبس/العدد 53/جمهورية البرتقال.

مجلة المقتبس/العدد 53/جمهورية البرتقال.

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 7 - 1910



من الانقلابات السياسية الخيرة مناداة الأحرار في مملكة البرتقال بالجمهورية والقضاء على الملكية فأصبحت هذه الجمهورية ثاني جمهورية في أوربا ومنذ سنين لم يبايع بجمهورية مهمة في ممالك الأرض إلا في برازيل فكأن هذه المملكة وكانت في القديم تحت حكم البرتقاليين بدأت بنزع الملكية فحبت أمها الأصلية أن لا تقصر عنها في المطالبة بالحرية.

فعم تغلب الأحرار أو الحزب الجمهوري على المحافظين بعد اضطرابات دامت سنين أدت إلى مقتل الملك كارلوس منذ نحو سنتين وعين ابنه عمانويل خلفاً له وها قد هاجر بلاده في الفتنة إلى جبل طارق مخافة أن تتناوله الأيدي بأذى كما تناولت من قبل أباه.

ولما كانت للبرتقال صلة قديمة بممالك الشرق الإسلامي وحكومات العرب وكان هذا الانقلاب من الانقلابات التي لها علاقة كبرى بالتاريخ والاجتماع رأينا أن نأتي بنبذة قليلة من أحوالها السياسية والطبيعية عسى أن تكون منها بعض فائدة فنقول:

البرتقال مملكة في الجنوب الغربي من أوربا يحدها من الجنوب والغرب البحر المحيط الأتلانتيكي أو بحر الظلمات ومن الشرق ومن الشمال مملكة إسبانيا ومنها ومن هذه المملكة تتألف شبه جزيرة أيبريا وتبلغ مساحتها السطحية ما عدا جزائر آمور ومادير 88954 كيلومتراً مربعاً وسكانها نحو ستة ملايين وعاصمتها لشبونة.

ولا تفصلها عن إسبانيا تخوم طبيعية كأكثر الممالك وفيها أنهار جارية وجبال عالية وأعلى قممها الجبل المسمى رياسكا يبلغ ارتفاعه 1578 متراً وحرارة البلاد معتدلة تتجاوز في الصيف في مدينة قلمرية قويمبرا 31 درجة وأمطارها غزيرة في الشتاء قليلة في الصيف وأنهارها حسنة جارية في الجملة وأعظمها ما ينبع من أرض إسبانيا ومنها ما يجري في أرض البرتقال.

وأصول سكان هذه البلاد مزيج من عناصر وشعوب كثيرة فمنهم سلتيون وإيبيريون ولاتينيون وسويفيون وفزيغوتيون وكثير من المغاربة والإسرائيليين وبعض الزنوج ففي لشبونة والكراف تقرأ إلى الآنفي سحنات البرتقاليين السواد مما يستدل على كثرة من كانوا يحملون من الزنوج إلى لشبونة خلال القرن السادس عشر (10 إلى 12 ألف زنجي كل سنة) وكثير من أهل البرازيل. والدين الرسمي في البلاد الكثلكة أما سائر الأديان فالظاهر أنها حرة يتسامح مع أ وتعد مملكة البرتقال من الممالك الدستورية وهي وراثية يتناوب الملك فيها ذكورها وإناثها وقد نشر دستورها الأول في سنة 1826 ثم عدل سنة 1852 والقوة التشريعية هي لمجلس الكورتس أو مجلس النواب والشيوخ والملك يصدق على ما يقرره ويتألف مجلس الأمة من مجلس الأعيان ومجلس نواب وعدد الأعيان 52 عضواً وراثياً و13 قسيساً و90 عضواً يعينون مدة حياتهم وفي مجلس النواب 138 منهم سبعة عن المستعمرات ينتخبون من الشعب مباشرة من الأشخاص الذين حصلوا على بعض الرتب والألقاب العلمية أو ممن لهم دخل سنوي يربو على ألفي فرنك. وللملك أن يدعو هذا المجلس أو يحله وهو يعين رئيس الأعيان ويصدق على تعيين رئيس النواب. والأمة تنتخب نوابها مباشرة ولا يسوغ للملك أن يتغيب عن المملكة أكثر من ثلاثة أشهر بدون أن يأذن له المجلس والوزارة مؤلفة من وزير الداخلية ووزير المعارف والفنون الجميلة ووزير المالية والعدلية والمذاهب ولحربية والبحرية والمستعمرات والخارجية والأشغال العمومية والتجارة والصناعة. وتقسم البلد إلى إحدى وعشرين مقاطعة ولكل واحدة عامل يعينه الملك ولكل ولاية مجلس عام انتخابي ولجنة إجرائية.

وهذه البلاد زراعية وأرضها موزعة كثيراً في الشمال وليست كذلك في الجنوب على أن عدم النظام في تقسيم الأراضي وهجرة السكان أضرت بالبلاد ضرراً بالغاً. وأهم غلات البلاد الكرم تكاد تكون زراعته عاماً ومنه يخرج الخمر الجيد والحبوب تكثر في الشمال كما تكثر الغابات والأشجار المثمرة في الجنوب. وتكثر فيل تربية الماشية ودود الحرير والنحل. ولها موارد عظيمة من الصيد.

ومعادن البلاد كثيرة في الجملة ومنها الثمين إلا أن الفحم الحجري لا أثر له فيها ويكثر الملح في شطوطها البحرية وفيها عدة ينابيع معدنية يستفاد منها أكثر مما تستثمر مناجمها. والسواحل هي المراكز الصناعية في البلاد ومنها أعمال الحديد والآلات الحديدية وصنع السكاكين والمدى والنسج والغزل والدباغة والنجارة ومعامل القفافيز (الكفوف) والأحذية والدانتلة والمربيات والتبغ وغيره والخدمة العسكرية فيها إجبارية تكون 25 سنة منها ثلاث سنين في الجيش عاملة وخمس في الرديف الأول ويخدم فيها الجندي شهراً واحداً كل سنة ليتعلم. وقدرت واردات الحكومة في السنة الماضية بنحو 15. 855. 000 جنيه ونفقاتها بنحو 16. 157. 000 ويبلغ دينها 121. 600. 000 جنيه ووارداتها زهاء خمسة عشر مليون جنيه وصادراتها نحو نصف ذلك والتعليم الابتدائي إجباري فيها لكنه كما في المملكة العثمانية اسم بلا جسم حتى بلغ عدد الأميين فيها منذ عشرين سنة 87 في المئة وهو مما لا نظير له في مملكة أوربية صغرى وفيها مدارس عالية كثيرة منوعة وعدد جيشها العامل 30 ألفاً وتستطيع أن تجند 250 ألفاً أيام الحرب ولها بحرية فيها 6000 ضابط وعسكري.

وللبرتقال مستعمرات عظيمة لكنها جزء من مستعمراتها القديمة وكانت البرازيل من جملتها أيام كان للبرتقال القدح المعلى في استعمار أفريقية وجنوبي آسيا. ويبلغ مجموع مساحة مستعمرات البرتقاليين الآن 3. 850. 000 كيلومتر مربع فيها نحو عشرين مليون ساكن. فلها جزائر آسور ومادير في المحيط الآتلانتيكي وجزائر الرأس الأخضر وسنغامبيا البرتقالية وغينة والقديس توما وجزيرة الأمير في أفريقية الغربية ولانكانا وكابندا ثم أنكولا وبنكولا وموساميد. ولها في أفريقية الشرقية مملكة موزنبيق ونصف تيمور وكامبنج مما يدل على أن جزائر السوند كان يملكها الملاحون الأوائل من البرتقاليين وكانت هذه المملكة في القديم جزءاً من لوزيتانيا استعمر الفينيقيون شطوطها ثم استولى عليها الرومان خمسة قرون ونصفاً وتقلبت بها الحال حتى أوائل القرن الثامن للميلاد فاستولى عليها المسلمون وضموها إلى مملكة الخلافة ولم يلبث ملوك النصارى في أستوريا أن توسعوا في فتوحهم إلى جنوبي الجبال وطردوا المغاربة إلى غاليسيا واحتلوا لشبونة سنة 953. ومن ذاك العهد نشأ اسم برتقال لمقاطعة بورتو واشترك البرتقاليين في محاربة المسلمين وإجلائهم عن الأندلس وهزموا المسلمين كما يقول لاروس في معجمه في معركة سانتارم (1184) وساعدوا أهل قشتالة في حرب لاس نافا دي تولوز (1212) وسالادو (1340).

ونشأ للبرتقاليين بفضل عقول أمرائها بحرية عظيمة وقام منها سياح عظام منهم الذين اكتشفوا جزائر مادير والرأس الأخضر والكونغو ورأس الرجاء الصالح كما وصلوا إلى جزائر مالابار والصين والهند واليابان. وتجارة العطور والأباريز والأفاوية أغنت البرتغال قديماً في الزمن الذي أخذت فيه تعتني أيضاً بالآداب والصناعات. وقد كان لديوان التفتيش الديني فيها كما كان في إسبانيا شأن يذكر وأسس فيها سنة 1526. وكان من وفاة ملكها الدون سباستيان في وقعة القصر الكبير أن خلت المملكة في يد فيليب الثاني ملك إسبانيا إلا أنها حاولت أن تتخلص منه أما هو فجعل بلادهم خديوية قشتالية ومنعهم من الإتجار مع شذاد الآفاق من أهل بلاد القاع (هولاندة) فأخذ هؤلاء يجلبون الأباريز والأفاوية تواً من بلاد الشرق وانكسر الأسطول البرتقالي سنة 1601 في بانتام من أعمال جاوة واستولى الهولانديون على جزائر السوندوبنوا باتاويا وحلوا في سيام وسيلان واليابان وعلى شواطئ غينية وغويان.

وفي سنة 1640 انتفض إقليم كاتالونيا على صاحب إسبانيا فنزعت البرتقال يدها من الحكم الإسباني وبايعت دوك باراكانس ملكاً فلما لمت المملكة البرتقالية شعثها حاربت إسبانيا خمساً وعشرين سنة واستعادت بعض مستعمراتها إلا أنها تركت بومباي للإنكليز سنة 1661 وفي الربع الأول من القرن التاسع عشر انفصلت برازيل عنها. وإذا مالت برتقال إلى إنكلترا أكثر من فرنسا لم تساعدها هذه أكثر في أزماتها السياسية وقد قامت في القرن الماضي بإصلاحات اقتصادية مهمة منها وضع أصول الكاداسترا على الأراضي وإلغاء الرقيق من المستعمرات وابتياع أملاك الرهبان وتمديد الخطوط الحديدية وإصلاح أصول المالية.

والدليل على أن المسلمين حكموا تلك البلاد مدة سريان ألفاظ كثيرة إلى لغتهم من العربية وهي أقل مما في لغة أهل قشتالة وقد ألف دوزي المستشرق الهولاندي كتاباً في الألفاظ الذي أخذتها البرتقالية والإسبانية من العربية ويبلغ عدد المتكلمين بالبرتقالية في برتقال وبرازيل وجزائر الرأس الأخضر وغيرها من المستعمرات البرتقالية في المحيطين والهند الصينية نحو عشرين مليوناً.

وكانت هذه البلاد جزءاً من الأندلس ويطلق عليها اسم البرتقال وهذا هو اسمها في كتب العرب لابورتغال أو بغير واو وعاصمتها لسبون التي يذكرها العرب باسم لشبونة وأشبونة والأشبونة ولا تزال في مدينة شنترة حصون العرب على قمم الجبال وبجانب بعضها مسجد باقية آثاره إلى الآن وعلى مقربة منه قبر دفن فيه القوم عظاماً وجدوها ولم يعلموا أنها للمسلمين أو للنصارى فوضعوا على رجام القبر صورة للصليب وصورة للهلال والقسم الذي كانت تسكنه العرب في لشبونة يعرف عندهم باسم الحمة لا بتشديد الميم ويسميه البرتقاليون الآن من باب التحريف الفاما ومنظر هذه المدينة يشبه المدائن الشرقية.

ومن أمهات مدن البرتقال مدينة كوييمبرا المعروفة في كتب العرب باسم قلمرية وهي الآن دار العلم ومحط المعارف في بلاد البرتقال. ومنها مدينة بورتو واسمها في كتب العرب برتقال وبها يسمى هذا القطر برتقال كما نقول نحن الآن طرابلس وحاضرتها طرابلس وتونس وحاضرتها تونس وكما نقول بني سويف وبندرها بني سويف والفيوم وبندرها الفيوم والمنيا وبندرها المنيا وهكذا في أسيوط وقنا.

وفي مدينة البرتقال هذه آثار كثيرة ولكن العرب لم يخلفوا فيها شيئاً يذكر لأنهم كانوا يجيئونها فاتحين ثم يجوزونها إلى غيرها من البلاد ولم ترسخ فيها قدمهم وقد تألف التجار على إنشاء دار البورصة على الطراز العربي ونقشوا أكبر بهو فيها بحسب الأسلوب العربي وزينوه بالزخارف وكتبوا في ضمن رسومها البديعة أشعاراً عربية وفي جميع الطرازات هذه العبارة (عز لالانا السلطانة مريم 2) يريدون عز لمولاتنا السلطانة مريم الثانية اهـ.

أما القول بأن العرب كانوا يجيئون البلاد فاتحين ثم يجوزونها إلى غيرها فمسألة فيها نظر بعد أن قال ياقوت أن شنترة ملكها الإفرنج (أي من المسلمين) سنة 543 ونسب إليها قوم من أهل العلم. ولا يخرج من دولة علماء إلا إذا رسخت أقدام حكومتها في البلاد. وقال في شنترين أنها مدينة متصلة الأعمال بأعمال باجة في غربي الأندلس ثم غربي قرطبة وعلى نهر تاجه قريب من انصبابه في البحر المحيط وهي حصينة بينها وبين قرطبة وعلى نهر تاجة قريب من انصبابه في البحر المحيط وهي حصينة بينها وبين قرطبة خمسة عشر يوماً وبينها وبين باجة أربعة أيام وهي الآن للإفرنج ملكت سنة 543.

وقال في قلمرية: بضم أوله وثانيه وسكون الميم وكسر الراء وتخفيف الياء مدينة بالأندلس وهي اليوم بيد الإفرنج. وفي لشبونة ويقال لها أشبونة بالألف وهي مدينة يتصل عملها بأعمال شنترين وهي مدينة قديمة قريبة من البحر غربي قرطبة وفي جبالها البزاة الخلص ولعسلها فضل على كل عسل الذي بالأندلس يسمى اللاذرني يشبه السكر بحيث أنه يلف في خرقة فلا يلوثها وهي مبنية على نهر تاجه والبحر قريب منها وبها معدن التبر الخالص ويوجد بساحلها العنبر الفائق وقد ملكها الإفرنج في سنة 573 وهي فيما أحسب في أيديهم إلى الآن.

وأصرح من هذا ما قاله المراكشي قال وفي الحد المتوسط ما بين الجنوب والغرب من المدن مدينة طليطلة وكوطنكة وإقليج وطلبيرة ومكادة ومشريط ووبذ وإبلة وشقوبية هذه كلها يملكها الإدفنش وتسمى هذه الجهة قشتالة وتجاور هذه المملكة فيما يميل إلى الشمال قليلاً مدن كثيرة أيضاً وهي سمورة وشلمنكة والسبطاط وقلمرية هذه كلها يملكها رجل يعرف بالببوج وتسمى هذه الجهة ليون وفي الحد الغربي الذي هو ساحل البحر الأعظم أقيانس مدن أيضاً منها مدينة لشبونة وشنترين وباجة وشنترة وشنياقو ومدينة يابرة ومدن كثيرة ذهبت عني أسماؤها يملكها رجل يعرف بابن الريق.

وذكر في سيرة ابي يعقوب يوسف عبد المؤمن أنه خرج سنة 579 قاصداً غزو الأندلس قال: فقصد مدينة شنترين أعادها الله للمسلمين وهذه المدينة أعني شنترين بمغرب الأندلس وهي من أمنع المدائن يملكها وجهاتها مع بقلاد كثيرة هناك ملك من ملوك لنصارى يعرف بابن الريق وقد فصل ما وقع بينهما من الهزائم وكيف خرج أبو يعقوب وحمل في محفة وكيف هرب أبو الحسن المالقي الذي كان سبب هزيمة المسلمين إلى مكة ابن الريق فآواه صاحبه وأكرمه إلى أن بدا له من سوء رأيه أن يكتب كتاباً إلى الموحدين يستعطفهم وأدرج في ضمن ذلك فصلاً يذكر فيه ضعف المدينة فأطلع الرجل الموكل به وكان يعرف العربية سراً فقبض عليه فشاور ابن الريق قسيسه في أمره فأشاروا عليه بإحراقه فحرقه.

وذكر المراكشي أنه كان يملك الثغر الذي من الجهة الشمالية من الأندلس (بعد انقطاع الدعوة الأموية عنها) وبعض المدن لمجاورة للبحر الأعظم ابن الأفطس المتلقب بالمظفر ثم كان له ابن اسمه عمر يكنى أبا محمد تلقب بالمتوكل على الله كان يملك بطليموس وأعمالها وبابرة وشنترين والأشبونة قال: اتصلت مملكته إلى أن قتل المرابطون أصحاب يوسف بن تاشفين ابنه المتوكل في غزة سنة 485 وكانت أيام بني المظفر بمغرب الأندلس أعياداً ومواسم وكانوا ملجأ لأهل الآداب وفيهم يقول ذو الوزارتين أبو محمد عبد المجيد بن عبدون من أهل مدينة يابرة قصيدته المشهورة التي مطلعها:

الدهر يفجع بعد العين بالأثر ... فما البكاء على الأشباح والصور

وبهذا علمت أن العرب استولوا على برتقال مدة لا تقل عن مائة وخمسين سنة فنبغ فيها رجال منهم وخلفوا آثاراً لا تزال شاهدة بفضل تقدمهم في العمران وأن هذه المملكة التي انقطعت الآن بينها وبيننا أنواع الصلات كانت من جملة ممالك الشرق وإن كانت غربية وأن لسانها اقتبس من لساننا وأن التعصب الذميم الذي تم على يد القساوسة منذ القديم كان من المعجلات في نزع الملكية وقيام الجمهورية الآن.

وقد كان أول عمل للجمهوريين طرد جماعة اليسوعيين من بلادهم واستصفاء الأديار والقضاء على الرهبان والراهبات لأنهم لم ينسوا بعد مسعى رجال الدين في مقتل فرر رجل الإسبان الحر في العام المنصرم قتلوه بواسطة الحكومة على أبشع صورة عرفت في عصر النور والمدنية فلما ظفر الأحرار بالمحافظين قضوا القضاء المبرم عليهم وعلى تقاليدهم ليعرفوهم ويعرفوا الحكومات التي تعمد إلى الشدة في معاملة أمتها أن الناس لا يحكمون إلا باستمالة القلوب وأن القوة إذا خيف منها زمناً فقد يأتي آخر يستهين بها أهله فيستميتون ويستبسلون.

والضغط لا يزيد النفوس الأبية إلا مضاء. وهكذا أهين رجال الدين ولاسيما اليسوعيين وطردوا أو كادوا من البرتقال كما طردوا من فرنسا قبل وحرم عليهم دخول سويسرا وتوشك سلطتهم أن تنتزع أيضاً في إسبانيا لمتاخمتها أرض البرتقال وإذا صحت عزيمة البلادين المتجاورين على إنشاء مملكة واحدة كما هو فكر بعض الخاصة هناك تصبح جمهورية إسبانيا والبرتقال وأحر بها أن تسمى جمهورية أيبريا من الحكومات القوية ذات الشأن العظيم، وربك يفعل ما يشاء ويختار.