مجلة المقتبس/العدد 57/سير العلم والاجتماع
مجلة المقتبس/العدد 57/سير العلم والاجتماع
الصناعة في مصر
ألقى علي بك ثروت خط بة في الصناعة في المؤيمر الوطكني المصري جاء فيها ما ملخصه:
لم يخطئ من قال أن الصناعة أثر الذكاء الإنساني في استخدام وتصغير أشكالها والتأليف بين قواها المختلفة ولذلك كانت أقوى الأمم من بنى هيلك قوتها على أساس مكين من الصناعة.
وقد كانت أمتنا المصرية راقية في صنائعها منذ القدم. ولا تزال الآثار التاريخية شاهداً حياً على مبلغ رقيها الصناعي. وكفى بالدلالة عليه أن البلاد المصرية هي التي ثبتت فيها قوى الفراعنة ومدنيتهم وحفظت معها مدنية العرب.
وكان حظها من الصناعة في التاريخ الحديث وا فراً فإنه لما ولي محمد علي باشا والكبير الأريكة الخديوية افرغ جهده في الصناعة الأهلية وجلب لها من الخارج ما ينقصها من فنون الصناعة الأجنبية.
نظر إلى البلاد المصرية نظر حكيم فرأى أنها بطبيعة تكوينا زراعية صناعية فشمر عن ساعد الجد واخذ ينشئ المصانع المختلفة في كثير من بلاد الوجهين البحري والقبلي. أعانه على ذلك علماء فرنسا وبعض أساطين الصناعة فيها. ساعد أيضاً كثير من الإيطاليين والنمسويين. وقد جاوز عدد لمصانع المختلفة التي أنشأها مائة وخمسة وسبعين مصنعاً يصنع فيها الخزف والزجاج والجلد والجوخ والأنسجة المتنوعة والخيط بأنواعه والطرابيش والألبسة والأسلحة والبارود والمعادن والمدافع والسفن الحربية وجميع ما له بالمعيشة. فكان المصري يلبس ملابس أهلية تصنع في بلاده وكانت المدن الكبيرة والصغيرة والثغور وسائر البلاد العابرة حافلة بهذه المصانع والمعامل المتنوعة.
أرسل الإرساليات العديدة إلى كثير من العواصم الأوربية لإتقان الصناعة حتى إذا عادوا إلى بلادهم بعد ذلك آبوا واقفين على أسرار الفنون محيطين بدقائق الصناعات فحلوا محل أولئك المعلمين في المصانع المصرية.
أنشأ محمد علي مصانع أخرى لصنع الشمع وأحواضاً لصنع لوازم المراكب الحربية وداراً لضرب النقود في القلعة فكانت مصر في ذلك العهد أرقى كثيراًَ من اليابان.
أخذت الصناعة تنمو وتزدهر حتى بلغت من الانتشار والرقي مبلغاً عظيماً وبقيت كذلك حتى عهد الخديوي سعيد وقد أسس معملاً كبيراً كان يديره إفرنسي كبير هو أنجلو بك.
ثم أخذت الصناعة الأوربية تفد على مصر وعلى الأخص بعد إنشاء السكك الحديدية المصرية فألح قناصل الدول على سعيد باشا أن يبطل جميع المعامل فأبطلها ما عدا معامل الحربية فإنه أبقاها كما أنه أنشأ مدرسة الفنون والصنائع وقصر التعليم فيها على تعليم الرسم وفن العمارة وغيرها من الفنون الجميلة.
وقد وفدت على مصر في عهد الخديوي سعيد بعثة إفرنسية من المهندسين الجيولوجيين للبحث عن المعادن في بلادنا فأذن لهم الخديوي أن يعملوا وفي أثناء عملهم عثروا في السودان على صنف الفحم الحجري وحملوا منه كمية إلى مصر لتجربتها فجربت ووجدت نافعة وأقر على نفعها أنجلو بك ولكن قنصل إنكلترا في ذلك العهد لح على الخديوي أن لا يعنى بهذا المر بدعوى أنه يكلف الحكومة المصرية نفقات طائلة فضلاً عن أن الفحم من صنف غير جيد فأطاع الخديوي وفقدت مصر بذلك مرفقاً تجارياً مهماً.
وقد أنشئت في أوائل عهد إسماعيل مدرسة العمليات لكبرى في بولاق وكانت هذه المدرسة قائمة على نموذج مدارس الصنائع بفرنسا عين لها جيجيون بك الفرنسي ناظراً. قد بلغت من الرقي مبلغاً مدهشاً فكان المتخرجون فيها يؤدون عمل المهندس الميكانيكي والمهندس الرياضي معاً. وفي ذلك الوقت أنشئت المطبعة الأميرية في بولاق وأنشئ بجوارها معمل لعمل الورق على اختلاف أصنافه وأشكاله وكان ما يخرجه هذه المعمل كافياً لحاجة مصر. وقد بقيت على تلك الحال حتى هبط الاحتلال بلادها. وكذلك أنشئ الخديوي إسماعيل معامل السكر في الوجه القبلي والمدارس الصناعية في كل بلد من بلاد القطر فكان عهده من هذه الوجهة عهد حياة في الصناعة والصناع.
قضت سلطة الاحتلال سنة 1884 أن يلغي معدن المدافع النحاسية وتباع عددها الكبيرة فبيعت هذه العدد من شركة إنكليزية بثمن بخس كما قضى ببيع عدد ضرب النقود إلى شركة إنكليزية أخرى وكان من هذه العدد ما لم يستعمل بعد وما لم تفتح صناديقه إلا أيدي رجال هذه الشركة وصدر الأمر ببيع جميع عدد آلات مصنع الورق وذلك في سنة 1885 وفي هذه السنة أيضاً باعوا آلات وعدد الورشة الكبرى التي كانت الخاصة الخديوية قد أنشأتها حين اشترت سراء الجيزة.
وفي سنة 1887 بيعت العدد والآلات التي كانت تدار بها مغازل اقطن وبيعت ورش القطن في الأقاليم واحدة بعد أخرى.
وفي عام 1898 بيعت جميع آلات دار الصناعة الترسانة الكبرى بالإسكندرية وبركت مراكب البوسنة الخديوية وأحواضها لشركة إنكليزية بمائة وخمسين ألف جنيه وهو لا يعادل نصف ثمن حوض واحد والأحواض كثيرة والمراكب أكثر أما مراكب بولاق وترسانتها فإن جزءاً عظيماً منها قد بيع.
أنشأ المرحوم علي باشا مبارك ناظر المعارف الأسبق مدرستين صناعيتين إحداهما في المنصورة الثانية في أسيوط ليكون منهما أبر ملجأ للتلاميذ الذين فصلوا من المدارس التجهيزية التي كانت في المديريات فألغاها الاحتلال أما مدرسة المنصورة فلم تبق طويلاً لأن الورشتين اللتين يملكهما بعض الإنكليز في تلك المدينة قضتا على حياتها. حتى إذا كانت سنة 1893 عادت إلى حالتها السابقة وأصبحت الآن ورشة بسيطة لا يتعلم فيها الطلاب إلا مبادئ القراءة والكتابة والهندسة والحساب والرسم العملي بعد أن كانت تعلم فيها العلوم الهندسية والميكانيكية العالية.
وليس ثمة دليل على عظيم الخطأ في رقي الصناعة في مصر أقطع ولا أنصع من الأقوال السديدة التي ذكرها المسيو (ليوبولد جوليين) المهندس الزراعي وأحد واضعي تقرير لجنة القطن الأخير فقد قال:
إن كل أمة يكثر فيها وجود المواد الأولية الضرورية للحياة يكثر فيها كذلك وجود المعامل لصنع تلك المواد فيها ومن أهمها القطن فإن كل الأمم التي تزرعه تنشئ بجواره معامل لغزله ونسجه والانتفاع به عدا مصر فإنها لا تزال فقيرة في معاملها خلواً على الأخص من هذا الصنف.
سعى الساعون في تأسيس معملين في نسج المنسوجات القطنية في سنة 1899 أحدهما في القاهرة والآخر في الإسكندرية. أما معمل القاهرة فقد أغلق. ولا يزال الآخر باقياً وفيه ثلاثون ألف مشط وأربعمائة نول.
ولقد لقي مؤسسوه صعاباً جمة في تأسيسه أهمها وضع الحكومة المصرية على منسوجاته ضريبة قدرها ثمانية في المائة.
ثم رأت أن تنزل هذه الضريبة إلى ثلاثة في المائة لمدة خمس سنوات. فعسى أن تجعل الحكومة هذا الإعفاء دائماً حتى يتيسر لمروجي هذه الصناعة أن ينشروها في كل مكان.
على أن في البلاد المصرية نحو ستة آلاف وثلاثمائة نول للنسج وكلها للوطنيين وهي تستورد خيوط الغزل من الممالك الأوربية وقد استوردت في سنة 1908 من هذه الخيوط ما قيمته 229000ج.
على أن ما تستهلكه البلاد المصرية في عام من المنسوجات الأوربية بلغت فقيمته في عام 1908 4000000ج ولو كانت مصر تنسج منسوجاتها في معامل لحسابها لبقيت هذه الملايين في خزانتها ولم تنقل إلى خزائن المعامل الأوربية.
وقد فكر بعض ذوي النفوس العالية في الحال وفي مقدمتهم المرحوم مصطفى كامل باشا الذي اقترح على الأمة في سنة 1902 إنشاء معهد صناعي كبير يكون بمثابة تذكار لمرور مائة عام على تولية محمد باشا الكبير مؤسس البيت الخديوي فلبت جمعية العروة الوثقى بمدينة الإسكندرية نداؤه وأخذت في الاكتتاب لتأسيس مدرسة محمد علي الصناعية فوجدت من نفوس الأمة ارتياحاً وأقبل على الاكتتاب كثيرون وفي مقدمتهم الخديوي وأعضاء الأسرة الخديوية وكرماء الأوربيين القاطنين في مصر.
وما جاءت سنة 1908 حتى كان بناؤها عالياً ووضعها محكماً وهي اليوم تقدم للثغر أحسن الأعمال وتكفي الكثير من أبناءه ثم نحى أهل الخير هذا النحو فتأسست مدرسة أسيوط بهمة محمود باشا سليمان أحد كبار الأعيان وتأسست مدرسة في بني سويف وثالثة في الفيوم.
وقد عني الأمير حسين كامل باشا بالاكتتاب لمدرسة كبرى صناعية لمديرية البحيرة فلبى دعوته كثير من الأعيان الأغنياء وبلغ الاكتتاب نحو 30000 جنيه وظهرت هذه المدرسة في أجمل مظهر وهي تعمل الآن أعمالاً مفيدة.
وكذلك عنيت بطريركية الأقباط وأسست مدرسة صناعية كبرى في بولاق اكتتب لها كثير من أبناء هذه الطائفة بمبالغ طائلة وكذلك مدرسة طوخ الصناعية فإنها شيدت في هذه الأيام الأخيرة على أحسن طراز وغير ذلك من الورش الصغيرة.
وأخيراً فكر يوسف كمال بك في أن يخدم أمته من طريق العلم والصناعة فأسس مدرسة لتعليم الفنون الجميلة ووقف عليها عقاراً يقدر بخمسين ألف جنيه وأخذ في تشييد دار كبيرة لها واختار لها مديراً إفرنسياً هو المسيو ليلاني النحات النابغة الشهير ووكيلاً هو فؤاد أفندي حسيب واختار أساتذتها من الأوربيين والمصريين المشهود لهم بعلو الكعب والتفوق في هذه الفنون الجليلة.
فأعاد الأمير بإنشاء هذه المدرسة إلى مصر روح النحت والنقش والظل وفن العمارة وغير ذلك من الفنون الجميلة الكبيرة التي تعود على مصر لا محالة بجليل الفوائد.
لحوم البشر.
إن عادة أكل اللحوم البشرية غير محصور في مكان ففي الكتب اليونانية القديمة أشارت إليها والإيرلنديون الأقدمون كانوا يأكلون موتاهم وفي مكسيكو وبيرو قبل فتوح إسبانيا كانت تشهر الحروب ليستحصلوا ذبائح من البشر لأعيادهم وولائمهم.
لكن بولنزيا لم تزل محافظة على هذه العادة إلى عصرنا الحاضر ومبتدعو تلك العادة في تلك الجزائر هم سكان جزائر الفيجي وهي عندهم من الفروض الدينية وهم مولعون بطعم لحوم البشر إلى درجة أن أحدهم كان يعيش مع امرأة له عيشة راضية فلا يكون منه إلا أن يقتلها ويقتات بلحمها كما رواه وليام في كتابه عن سكان الفيجي وهم لا يفضلون لحم الطفل على لحم الرجل والمرأة المسنة بل يأكلون ما تيسر بعد شيه.
من أفظع العقوبات عندهم أنهم يبترون أطراف المجرم وهو ينظر إليها تشوى وتؤكل.
ومن أفظع ما يروى أن رجلاً من أهل هذه الجزيرة كان يفاخر بأنه أكل مدة حياته 900 إنسان ومع ذلك يقري الضيف وليس عنده من الشراسة أكثر من باقي سكان الجزيرة ممن لم يأكلوا لحم بشر مدة حياتهم.
ويروى أن شيكا زعيم إحدى جزائر الفيجي أسر في ساحة الحرب ما يربو على مائتي مقاتل من عسكر العدو وفي صباح ذلك اليوم أولم وليمة دعا أهل الجزيرة إلى حضورها مشاركته بالتمتع بلحم الأسرى.
وفي غينا الجديدة عندما يشيخ الرجل ويصبح غير قادر على العمل يأخذه أهله ويربطونه إلى غصن شجرة ويجتمعون حوله ويرقصون ويغنون بقولهم الثمرة قد نضجت الثمرة قد نضجت ثم يهزون الغصن فيقع الشيخ على الأرض فيأكلونه.
وفي جزائر الهبرويز الجديدة يفضلون أكل لحوم السود على لحوم البيض وهذه العادة منتشرة أيضاً بين سكان كلدونيا الجديدة.
يقول المستر تيلور عن زيلندا الجديدة أن الطريقة المتبعة هي أنهم يرسلون سللاً مملوءة بلحوم البشر من طرف الزعيم إلى أعوانه فمن قبلها منهم يأتي إلى الموعد المضروب بجموعه للمساعدة وهم يعدون من لا يذهب إلى الحرب ويأكل من لحوم البشر غير مهذب وبعد انتهاء المعركة تجتمع جثث القتلى وتنزع لحومها عن العظا وترسل إلى بيوت الأنصار والحلفاء.
والمزبة الوحيدة في تلك العادة أن الذين يتولون تقطيع الفريسة وتعريق لحمها يصبحون على شيء من المعرفة في تركيب أعضاء الإنسان لذلك تراهم مرنين في رد خلع المفاصل. هذا وقد أخذت تخف وطأة هذه العادة منذ أخذت المدنية الحديثة تدخل إلى تلك الجزائر اهـ.
ملخصاً عن مجلة الأثري الأميركي.
الصور السمائية
تكلم أحمد بك زكي في محاضرته التي نشرتها مجلة المقتبس في الجزء السادس من المجلد الخامس تحت عنوان (الكتابة والكتب ودورها) على كتاب (الصور السيمائية) لعبد الرحمن ابن عمر بن محمد بن سهل الصوفي فقال عنه: وإذا بحثتم في أرض مصر من الشلالات إلى الأشاتيم ومن بادية العرب إلى صحراء لوبيا لا تجدون سوى الترجمة الفرنسوية وسوى الترجمة الفارسية في الدار الخديوية أما الأصل العربي فقد لبس طاقية الاختفاء وتطاير في الفضاء وهجر ديارنا ووصال غيرنا فيما وراء البحار ورحل عن أرض أهله هين بها إلى بلاد ظهرت قيمته بين أهلها بحيث أن العرب الذين صدر الكتاب بلغتهم إذا احتاجوا الآن لمراجعته واجب عليهم أن يتلقنو لإحدى هاتين اللغتين الفرنسية أو الفارسية أو أن يذهبوا إلى بطرسبرج وإن استبعدوها فإلى باريس وهنالك تجدون منه خمس نسخ استغفر الله بل ستاً لأن السادسة هي التي سأتكلم عليها الخ.
وسينما تلوت هذه العبارة هذه العبارة تذكرت أني رأيت هذا الكتاب منذ حو خمس سنين في المكتبة الأحمدية التي نوهت مجلة المقتبس في ذك الجزء بذكرها وذكرت بعضاً من نفائس كتبها فدعاني ذلك أن أستفتح المكتبة وأعيد النظر إلى هذا الكتاب وأكتب شيئاً عنه تبشيراً لعشاق العلم في هذه البلاد بلغة الناطقين بالضاد لعلهم يسعون في طبعه وتقتبسون من غر فوائده.
أوله بعد البسملة.
قال عبد الرحمن بن عمر المعروف بأبي الحسن الصوفي بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله المصطفى وآله (أما بعد) فأني رأيت كثيراً من الناس يخوضون في طلب معرفة الكواكب الثابتة في مواضعها من الفلك وصورها ووجدتهم على فرقتين إحداهما تسلك طريقة المنجمين ومعولها على كرات مصورة من عمل من لم يعرف الكواكب بأعينها وإنما عولوا على ما وجدوا في الكتب من أطوالها وعروضها فرسموها في الكرة من غير معرفة خطئها وصوابها فإذا تأمل بعض من يعرف فيها وجد بعضها مخالف ف النظم والتأليف لما في السماء أو على ما وجد من الزيجات وادعى المؤلف أنهم قد رصدوها ورفوا مواضعها وإنما عمدوا إلى الكواكب المشهورة التي يعرفها كثير من الخاص والعام مثل عين الثور وقلب الأسد والسماك الأعزل والثلثة التي في جبهة العقرب وقلب العقرب وهذه الكواكب هي التي ذكرها بطليموس أنه رصدها بأطوالها وعروضها وأثبتها في كتابه المعروف بالمجسطي لقربها من منطقة فلك البروج فرصدوها وأثبتوا مواضعها في وقت أرصادهم ثم قال بعد كلام طويل:
وأما الفرقة الأخرى فقد سلكت طريقة العرب في معرفة الأنواء ومنازل القمر ومعولهم على ما وجدت في الكتب المؤلفة في هذا المعنى ووجدناه في الأنواء كتباً كثيرة أتمها وأكملها في فنه كتاب أبي حنيفة الدينوري فإنه يدل على معرفة تامة بالأخبار الواردة عن العرب في ذلك وأشعارها وأسجاعها فوق معرفة غير ممن ألفوا الكتب في هذا ال فن ولا أدري كيف كانت معرفته بالكواكب على مذهب العرب عياناً فإنه يحكى عن ابن الإعرابي وابن كنانة وغيرهما أشياء كثيرة من أمر الكواكب يدل على قلة معرفتهم بها وأن أبا حنيفة لو عرف الكواكب لم يسند الخطأ إليهم ثم كل من عرف من الفرقتين إحدى الطريقتين لم يعرف الأخرى وألف في كتابه أشياء من غير الفن الي أخذ فيه نادى على نفسه بها بالخطأ وخفة البضاعة فيه منهم أبو حنيفة فإنه ذكر في كتابه أن البروج الاثنا عشر لم تسم بهذه الأسماء إلا لأن نظم كواكبها مشاكلة للصورة المسماة باسمها وأن الكواكب تنتقل عن أماكنها وأسماء البروج غير زائلة وإن زال نظم الكواكب ولم يعلم أن نظمها لا يزول ولا يتغير (إلى أن قال) وقد كنت أظن بأبي حنيفة أن له رياضة بعلم الهيئة والرصد فقد كنت بالدينور في سنة خمس وثلثين وثلثمائة من سني الهجرة في صحبة الأستاذ أبي الفضل محمد بن الحسين نازلاً في حجرته وحكى لي جماعة من المشايخ أنه كان رصد الكواكب على سطح هذه الحجرة سنين كثيرة فلما ظهر تأليفه وتأملت ما أودعه كتابه علمت أن الذي كان يراعيه إنما كان طلب الظاهر المشهور من الكواكب وما كان يجده في كتب الأنواء من ذكر المنازل وما أشبهها والناس كلهم متفقون على أن لهذه الكواكب حركة في توالي الأبراج.
ثم قال بعده كلام طويل:
ولما رأيت هؤلاء القوم مع ذكرهم في الآفاق وتقدمهم في الصناعة واقتداء الناس بهم واستعمالهم مؤلفاتهم قد \ تبع كل واحد منهم في تقدمه من غير تأمل لخطئه وصوابه بالعيان وبالنظر حتى ظن كل من نظر فغي مؤلفاتهم أن ذلك عن معرفة الكواكب ومواقعها ووجدت في كتبهم من التخلف ولاسيما في كتب الأنواء من حكاياتهم عن العرب والرواية عنهم اشياء من أمر المنازل وسائر الكواكب الظاهرة الفساد لو ذكرتها طال الكتاب بلا فائدة عزمت مرات كثيرة على إظهار ذلك وكشفه وكان يعتريني فتور في حال واشغال تصدني عن المراد في أخرى إلى أن شرفني الله بخدمة الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة رحمه الله تعالى وأنعم الله عليَّ بإدخالي في جملة خو له وحشمه ووجدته من فنون العلم متمكناً وفي المعرفة بها منبسطاً وعلى عامة العلماء مقبلاً والى جميعهم محسناً ورأيته كثير الذكر لأحوال الكواكب مائلاً إلى امتحانها والوقوف على مواقعها من الصور ومواضعها من البروج والدرج بالرصد والعيان ولم أجد بحضرته من المنجمين من يعرف شيئاً من الصور الثماني والأربعين التي ذكرها بطليموس في كتابه المعروف بالمجسطي على حقيقتها ولا شيء من الكواكب التي في الصور على مذهب المنجمين ولا على مذهب العرب إلا اليسير الظاهر المشهور الذي يعرفه الخاص والعام ولم أجد لم تقدمني من العلماء أيضاً كتاب في أحد الفنين يوثق بمعرفة مؤلفه إلا كما تقدم ذكره ولا يمكن الرصد إلا بمعرفة الصور وكواكب كل صورة بالنظر والعيان فرايت أن أتقرب إليه بتأليف كتاب جامع يشتمل على وصف الصور الثماني والأربعين وعلى كواكب كل صورة منها وعددها ومواقعها من الصور ومواضعها من فلك البروج بأطوالها وعروضها وعدد كواكب الفلك كلها المرصودة التي من الصور والتي حوالى الصور وليست منها.
وبعد كلام طويل أخذ المؤلف يتكلم على الصور الثماني والأربعين صورة فصورة مع إثبات نفس الصورة ونقشها بحروف وأرقام عند موضع كل كوكب غير أن أربع عشرة صورة منها لبس على شيء من الحروف والأرقام وخالية من الإشارات إلى مواضع الكاوكب.
وبعد أن ينتهي من الكلام على كل صورة يذيله بجدول فيه أسماء الكواكب تلك الصورة وأرقام تدل على مواضع تلك الكواكب فيها والكتاب في 127 صفحة بقطع قريب من الكامل قال ناسخه في آخره: وافق الفراغ من كتابة هذه النسخة المباركة المسامة بكواكب الصوفي في الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمس بعد الألف وتحت ذلك ثلاثة أسطر أخر لم يقرأ منها سوى (المقري الموقت يومئذ بجامع حلب الشهباء الكبير عمره الله تعالى)
حلب:
محمد راغب طباخ.
المعادن المذخورة
نشر المؤتمر الجيولوجي الدولي الحادي عشر الذي التأم في استوكهلم خلاصة التقاير التي طلبها من علماء طبقات الأرض والمهندسين في مناجم العالم على اختلاف الأصقاع والديار بشأن مناجم الحديد في العالم بأسره وتقسمها فتبين منها ما يعرف الآن من المناجم في الدنيا يحوي على عشرة مليارات طن وربما لا يقل المذخور في بطون تلك المناجم عن خمسين ألف طن وما ينبغي للعام اليوم هو ستون ألف طن وكان يكتفى سنة 1871 بثلاثة عشر مليون طن وسنة 1891 بستة وعشرين مليون طن وسنة 1901 بأحد وأربعين مليون طن وإذا قدرنا ما يلزم العالم من الحديد اليوم وما يعرف من مناجمه المذخورة فلا يكفي الحديد سوى قرنين آخرين وإذا لم تتدارك الحال بالبحث عن مناجم جديدة يختل المعدل وإليك جدولاً بما هو مذخور من الحديد في القارات الخمس ومنه ما عرف ومنه ما يقدر تقديراً وهو بحساب مليون طن:
مناجم يرجى أن تكون مذخورةمناجم معروفةمذخورة
حديدحديد ممزوج بتراب حديدحديد ممزوج بتراب أوربا41829473212032
أميركا8182951549855
أستراليا 69 74136
آسيا0457 156260
أفريقية؟ 57125
وجاء في جدول ىخر ذكرت فيه المناجم المعروفة والتي يرجى كشفها في كل مملكة على حدتها من ممالك أوربا فكانت المملكة العثمانية كثيرة جداً بمناجمها إلا أنه لا يعرف مقدارها الآن وتبين أن فرنسا أكثر ممالك أوربا بمناجمها المعروفة.