مجلة المقتبس/العدد 92/بعض معامل الدولة

مجلة المقتبس/العدد 92/بعض معامل الدولة

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 9 - 1914



شاهدنا في دار صنع المدافع (الطوبخانة) في الأستانة صنع المدافع الجديدة من عيار 7 السريع المرمى على الأصول الألمانية الحديثة وهذا النوع هو أقوى من النوع ألفرنسي وشاهدنا صنع مدافع الصحراء وهي من عيار 4 أيضاً أقوى من المدافع الجبلية وأسرع منها تطلق في الدقيقة 3. قنبلة ترمي إلى مسافة 8. . . متر وشاهدنا صنع (مدفع أوبس) وهو من عيار 12 وأثقل من المدافع الجبلية ومدافع الصحراء وهذا من الاختراعات حديثة الطراز وهذا المدفع يدار لكل جهة من الجهات وهو خاص بالتخريب، وشاهدنا مدفع البومبة أوالقذائف وهو من اختراع رجالنا اخترعوه جديداً لإطلاق القنابل المفرقعة وهو يرمي إلى مسافات بعيدة تنفجر قنبلته وتفجر كل ما تجده بطريقها وكان لهذا الاختراع أعظم التأثير في حربنا الحاضرة، وشاهدنا مسدساً من اختراع رجالنا أيضاً وهذا المسدس يطلق رصاصة ثخينة تضيء ضوءً كهربائياً لأجل رؤية العدوعن مسافة بعيدة وكان لهذا الاختراع أيضاً نفع كبير في حربنا الحاضرة وهو من المخترعات المدهشة وشاهدنا مصانع القنابل (الكلل) وصبها من جميع العيارات حتى من عيار 35 التي ثقل قنبلتها 712 آقة ورأينا مصانع المارتين الحديث الطراز بقطر 56 مع التعديل التام ومسافة مرماه كمسافة الموزر الألماني وشاهدنا الغنائم التي غنمتها دولتنا العلية من (الإنكليز والفرنسيس) وهي مدافع المتراليوز تحول إلى طراز تكون به صالحة لاستعمال الرصاص العثماني ومنها البنادق (ليئن فيلد) وهو من غنائم الإنكليز وبنادق (لوبل) وهو من غنائم لفرنسيس فقد كانت هذه الغنائم تتحول إلى أسلحة عثمانية وتعاد إلى دار الحرب ليقاتل جيشنا الأعداء بنفس أسلحتهم ثم شاهدنا دوائر خاصة لصنع الأخشاب وما يلزم الأسلحة من هذا النوع وكل هذه المصانع تدار بالكهرباء.

يحتوي معمل الأسلحة والقذائف والقنابل في زيتون بروني على عدة مصانع ودوائر أول دائرة دخلها وفدنا هي دائرة عمل الرصاص (الخرطوش) الخاص بالمارتين والموزر فشاهد محلات صنع الظروف النحاسية وصب الرصاص وصقلها وملئها باروداً وتركيبها ثم صقلها ثانياً ثم طبعها بالمكنات الحديدية وإرسالها إلى الموازين الخاصة توضع في محل تمر على ميزانين فإذا كان عيارها تاماً أوناقصاً تسقط كل منها في المحل المعد له وهكذا يوضع صحيح الوزن في علب خاصة وترتب ترتيباً للإرسال إلى دار الحرب. يصن المعمل يومياً زهاء نصف مليون رصاصة إذا اشتغل نهاراً وإذا اشتغل ليلاً تتضاعف الكمية وشاهدنا أيضاً معمل صب المدافع الرشاشة (شرابنل) وهذه أشهر المدافع الحديثة المدمرة التي لها التأثير العظيم في الحرب وشاهدنا تذويب ألفولاذ لصب القنابل المتنوعة العيار وقد صب أمامنا في قوالبها الخاصة من عيار 15 و21و24 ثم أخرجت من قوالبها وأرسلت إلى الصقال كما أنا شاهدنا محل الصقال وإملاء هذه القنابل والقفل عليها بصورة تدهش الرائين وشهدنا صنع البارود والكبسول وما يلزم ذلك لتركيب الأشياء المدمرة يشتغل في هذا المعمل زهاء خمسة آلاف عامل بينهم 5. . بنت تشتغل في عمل الرصاص ويصرف على العمال يومياً ما يقارب 15. . ليرة كما أن معمل الطوبخانة العامرة يحتوي على هذا المقدار تقريباً ويصرف مثل هذه النفقة.

أنشئت الأحواض في دار الترسانة (دار الصناعة) العامرة في زمن ساكن الجنان السلطان عبد العزيز وزادت انتظاماً وبهجة تدريجياً إلى أن وصلت إلى الدرجة المطلوبة التي تستوعب أكبر باخرة أوبارجة للإنشاء أوالتصليح وتملأ هذه الأحواض وتفرغ 6. طناً في الدقيقة بالآلات الكهربائية وشاهدنا تصليح الحديد مهما كان ثخيناً فإنه كان يقطع ويثقب بقليل من الزمن بواسطة الآلات الكهربائية وشاهدنا آلة من صنع ضباطنا البحريين وهي من أعجب الآلات الحديثة صنعت لرمي القذائف الديناميتية لمحوالأعداء وشهدنا مصنعاً لعمل القوالب الترابية الخاصة لتذويب أصناف المعادن الحديدية والفولاذية ومعملاً لصنع المرميات ومحلاً لتوليد الكهرباء على أحدث الطرق العصرية وشهدنا معمل طوربيد وهو على هيئة سمكة من نحاس بطول مترين وسماكة 5. سنتيمتراً محشواً من القذائف المهلكة يرسل بالآلات الكهربائية تحت الماء فحين وصوله إلى دارعة مهما كانت ضخامتها ينفجر وتهو ي تلك الدارعة إلى أسفل الماء. شاهدنا هذا الاختراع العجيب يعمل في معمل الترسانة العامرة كما أننا شاهدنا أيضاً معملاً جسيم البناء مفرزاً على حدة وهو للأعمال الخشبية الحديثة الاختراع ومحلاً لعمل القوالب الخشبية لأجل تعليم العساكر ألفنون البحرية ومحلاً لعمل قوالب مختلفة يدوية وغيرها لأجل التخريب مملوءة بالديناميت غير المؤذي لأن هذه القوالب مصنوعة لتمرين الجنود على ألفنون الحربية البحرية.

أنشئ معمل الثياب في زمن الحرب على طراز جديد وهو يشتمل على طابقين فيهما عدة غرف مستطيلة الشكل خاصة بخياطة الأثواب العسكرية شاهد فيه الوفد الآلات الحديثة التي تدار بواسطة الكهرباء وفيه زهاء ألف ومائتي عاملة من سن 12 إلى سن 5. ينجزن يومياً ثلاثة آلاف بدلة عسكرية مع ما يلزمها ورأى في معمل الطربوش القديم (فسخانة) الذي أسسه ساكن الجنان السلطان عبد المجيد خان في محلة أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) وهو يحتوي على الأبنية العظيمة الجسيمة معامل لصنع المنسوجات اللازمة للجيش المظفر وشاهد فيه الصوف يوضع في ماكنات الغسيل فيغسل وينظف ثم ينشف بالآلات الخاصة ثم يندف وينعم وكل ماكنة تصنع يومياً 2. . آقة ومنها يرسل إلى ماكنات ألفتل فيفتل خيوطاً فيحاك أقمشة من الجوخ الجيد لا يميز عن الحرير لنعومته ولطافة حياكته وشاهدنا تفصيل الألبسة العسكرية بوضع مثلاً عشرة طاقات من الجوخ ويقطع بمقراض الكهرباء فيخرج عشرة تفصيلات وقد تجلى لنا حينما شاهدنا هذا المقراض سر سرعة الرخص الذي تقوم به معامل أوروبا وشاهد صنع الحرامات والبطانيات فيصنع يومياً 5. . حرام للجيش و7. بطانية للمستشفيات.

وشاهد صنع الجوارب فيصنع يومياً 2. . . زوج إلى الجيش وهناك محل خاص لصبغ الصوف والأقمشة وكل ما يلزم لتلوينه من الأنواع الأخرى وجميع الماكنات الموجودة تدار على البخار والكهرباء بسرعة تفوق الحد.

وأنشئ معمل الدباغة والأحذية في زمن ساكن الجنان السلطان محمود خان ثم احترق وجدد في زمن ساكن الجنان السلطان عبد العزيز خان ووسعت دوائره واستحضر له عدة آلات حديثة في زمن مولانا السلطان الغازي محمد رشاد خان نصر الله.

وشاهد الوفد في هذا المعمل المهم إدخال جلود الجاموس والبقر والغنم إلى مكان القشط بحيث ينزع منها الصوف فتغسل وتنظف وترسل إلى مكان الدباغة فيوضع لها ما يلزم من أجزاء الدباغة وتترك ساعات ثم ترسل إلى ماكنات التجفيف على البخار فتجف حالاً ومنها تدخل في مكنات ترقيق الجلد وتسويته ثم إلى أدوات الصقال ثم إلى غرف الدهن والصباغ فتصبغ من الألوان كافة وتصبغ هذه المكنات في كل يوم 5. . من جلد البقر والجاموس و5. . من جلد الغنم ثم تدفع إلى دوائر التفصيل وعمل الأحذية فتفصل هذه الجلود بالآلات القاطعة الكهربائية.

وهناك دوائر الأحذية (الجزمات والكنادر) فقسم من العملة تجمع الجلود المفصلة وقسم تجمع الجلد والنعل وقسم تصنع المسامير وكل منها يوضع في المكنات التي تتحرك بالكهرباء بغاية الدقة والضبط وبأسرع ما يمكن من الزمن يتحول إلى جزمات وأحذية حسب اللزوم. هذا إلى دائرة خاصة لعمل الأحذية ذات نعال من الخشب وهذه الأحذية تصنع خاصة لأجل الجيش في زمن الحر ب وأيام البرد للمحافظة على الصحة وفي المعمل من العملة زهاء 18. . عامل من أفراد العساكر فينجز يومياً (1. . .) قطعة من الجزمات والأحذية.

وأنشئت دار اللوازم العسكرية في (آخور قبو) في استانبول في زمن ساكن الجنان السلطان محمود خان وكانت إذ ذاك ثكنة عسكرية وجعلت بعد الانقلاب معملاً عظيماً للخياطة وفيها مصنع لتوليد الكهرباء على البخار ومصنع على الماء ومحل خاص (كالمدرسة) لتعليم بعض أفراد الجند فن الخياطة وفيها يجري تفصيل صنف اللباس والقميص الخام وصنف الكبوت والمعاطف (الجوكتة) والسراويل (البنطلونات) فينجز يومياً من خمسة آلاف إلى ستة آلاف قطعة وهناك الغرف التي تخاط فيها الخيام على أنواعها وقماش هذه المضارب الخام والكتان هو من حياكة ومعمولات معملي إزميت وطرسوس هذا إلى غرف خاصة لتصليح الأتوموبيل يوجد بها كل الماكنات الحديثة للتصليح وتصب أيضاً الأدوات الحديدية والفولاذية الخاصة بآلات الأتوموبيل في نفس هذا المعهد الذي يحوي 56. ماكنة تدار بالقوى الكهربائية ومن العملة على 12. . عامل من أفراد الجند و6. . امرأة تشتغل في المعمل كما أن هذا المعمل يشغل مئات من حريم ألفقراء في بيوتهم.

أما معمل الأخواج في إزميت فهو من مؤسسات ساكن الجنان السلطان عبد المجيد خان أهمل زمناً طويلاً ثم أعيد فتحه في عهد مولانا السلطان الغازي محمد رشاد خان، وجعل من أعظم المؤسسات الصناعية وفيه خمسة أحواض حديدية على أحدث طراز لأجل غسل الصوف ثم ماكنات التجفيف والتنظيف من الأوساخ والتراب ثم يندف الصوف ويعمل خيوطاً فيحاك أقمشة فاخرة ثم يرسل إلى ماكنات تنظيف الأقمشة من الزوائد وغسلها وتنظيفها من الزيوت وغير ذلك ثم تجفف وتجمع فترسل إلى ماكنة مخصوصة لإزالة الغبار من المنسوج ثم إلى الطي والكبس فيخرج حينئذ جوخاً لطيفاً ويوجد فيه ماكنات للصباغ من جميع الألوان وإدارة خاصة لأجل مزج الصوف الأبيض بالأسود ليكون بهيئة واحدة وماكنات حديثة لإصلاح الأدوات الحديدية والخشبية إذا احتاج المعمل لإصلاحها وفيه من العملة 5. . عامل من أفراد الجند.

ومعامل هركة من مؤسسات ساكن الجنان السلطان عبد المجيد خان وكان يزاد في نطاق توسيعها وانتظام إدارتها في كل دور من الأدوار حتى أصبحت تضاهي المصانع العظيمة وهذا المصنع مشهور بصنع السجاد ألفاخر على اختلاف أنواعه وفي غرف السجاد الموجود فيها مئة وعشرون نولاً للصوف والحرير يشتغل عليها العاملات بكل جد ونشاط وهناك مكنات خشبية لصنع الشريط الحريري المختص بأنواع الأوسمة التي تحسن بها الدولة العلية. وماكنات لصنع الأقمشة الحريرية ألفاخرة من جميع أصنافها وهذه الأقمشة على غاية من الدقة بل تضاهي أقمشة أوربا وتفوقها حسناً ورونقاً ومصانع لصنع قمصان الفانلا والجوارب والزنانير ودائرة خاصة لأجل صباغ الأصواف والحرير من كل أنواعه ومعمل الطربوش بكل أصنافه وقد حاز هذا المعمل 9 ميداليات من معارض عديدة في أوربا تقديراً لمل فاق به غيره من الإبداع في العمل والإتقان في الأشغال.

أسست دار الضرب العامرة في زمن ساكن الجنان السلطان أحمد الثالث وأضيف عليها دوائر عديدة في زمن السلطان عبد المجيد خان وأخذت بالتنسيق حتى أصبحت على ما هي عليه الآن من السرعة والانتظام فأول ما شاهد الوفد فيها غرف التحليل والتركيب بحيث تكون العيارات الذهبية والفضية طبق التعديل المطلوب ثم تذويب الذهب في الأفران وفي القوالب الخاصة المركبة من دقيق العظام وبعد الذوبان يصب في قوالب حديدية فتخرج سبائك بطول نصف ذراع وعرض 5 سنتيمترات ثم ترسل إلى ماكنة تمدها زهاء ثلاثة أمتار فإلى أخرى تصقلها وتمدها زهاء خمسة أمتار حتى تصبح بسماكة الليرة وتسلم هذه السبائك بعد ذلك إلى ماكنة تقطعها ليرات بدون نقش فتقطع كل سبيكة ما يعدل 5. . ليرة ثم توضع هذه الليرات في محل خاص فتسير على الموازين المعدة لها فالموزونة تسقط في محل والناقصة في محل آخر ثم يؤتى بالموزونة تماماً فتوضع في آلة النقش فتنقش ليرة عثمانية وتسقط في محل خاص وهكذا في كل 15 دقيقة تنقش كل ماكنة 5. . ليرة عثمانية وهكذا الحال في النصف والربع ليرة ومثلها باقي النقود ألفضية كالريال المحيدي والنصف والربع والعملة البيضاء (النيكل) كالقرش والنصف والربع. ولكل صنف من العملة ماكنة خاصة. وعامة هذه الأدوات تدار بالقوة الكهربائية بغاية من السرعة، تصنع دار الضرب وتذوب كل يوم 6. . آقة من الذهب وقد صنعت في هذه السنة ثلاثة ملايين من الليرات ويوجد في دار الضرب العامرة من المديرين والمعاونين ورؤساء العملة زهاء 12. عاملاً.

هذه بعض إحصائيات ساعد الوقت على التقاطها من الأفواه أثناء زيارة الوفد العلمي ولعل فيها ما ترتاح له النفوس ويخلد في سجل التاريخ ليرى الأولاد والأحفاد كم كان مبلغ الآباء والأجداد من المعالي والأمجاد والحرص على سعادة البلاد والعباد وهناك أمور كثيرة يعد إفشاؤها من الأسرار الحربية لا يتسع لها كتاب وإنما اجتزأنا بما يمكن الإشارة عليه واللبيب تكفيه الإشارة.