محلى ابن حزم - المجلد الثالث/الصفحة العشرون

ابن حزم - المحلى المؤلف ابن حزم
كتاب التذكية (مسألة 1058 - 1067)


كتاب التذكية

1058 - مسألة : وتذكية المرأة الحائض وغير الحائض ، والزنجي ، والأقلف ، والأخرس ، والفاسق ، والجنب ، والآبق ، وما ذبح أو نحر لغير القبلة عمدا ، أو غير عمد : جائز أكلها إذا ذكوا وسموا على حسب طاقتهم ، بالإشارة من الأخرس ، ويسمى الأعجمي بلغته لقول الله تعالى : { إلا ما ذكيتم } فخاطب كل مسلم ومسلمة ، وقال تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فلم يكلفوا من التسمية إلا ما قدروا عليه . وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وفي كل ما ذكرنا خلاف - وقد ذكرنا منع طاوس من أكل ذبيحة الزنجي . روينا من طريق ابن أبي شيبة نا أبو أسامة عن سعيد - هو ابن أبي عروبة - عن قتادة عن حيان عن جابر - هو ابن زيد - عن ابن عباس قال : الأقلف لا تؤكل له ذبيحة ، ولا تقبل له صلاة ، ولا تجوز له شهادة - وأجاز ذبيحته الحسن ، وحماد بن أبي سليمان . ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبيد الله بن موسى عن صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر أنه كره أكلها - يعني ذبيحة الآبق - وأجازها سعيد بن المسيب . ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكره أن يأكل ذبيحة لغير القبلة . وصح عن ابن سيرين ، وجابر بن زيد مثل هذا ، وصحت إباحة ذلك عن النخعي ، والشعبي ، والقاسم بن محمد ، والحسن البصري إباحة أكلها . قال أبو محمد : لا يعرف لابن عباس في ذبيحة الأقلف مخالف من الصحابة ، ولا لابن عمر في ذبيحة الآبق - وما ذبح لغير القبلة مخالف من الصحابة رضي الله عنهم - وقد خالفوهما . ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سئل عن ذبيحة المرأة ، والصبي ؟ لا يقول فيهما شيئا . وعن عكرمة ، وقتادة يذبح الجنب إذا توضأ . وعن الحسن يغسل وجهه وذراعيه ويذبح - وأجازها إبراهيم ، وعطاء ، والحكم بغير شرط . قال أبو محمد : لو كان استقبال القبلة من شروط التذكية لما أغفل الله تعالى بيانه وكذلك سائر ما ذكر قبل - وبالله تعالى التوفيق .

1059 - مسألة : وكل ما ذبحه ، أو نحره يهودي ، أو نصراني ، أو مجوسي - نساؤهم ، أو رجالهم - : فهو حلال لنا ، وشحومها حلال لنا إذا ذكروا اسم الله تعالى عليه . ولو نحر اليهودي بعيرا أو أرنبا حل أكله ، ولا نبالي ما حرم عليهم في التوراة وما لم يحرم . وقال مالك : لا يحل أكل شحوم ما ذبحه اليهودي ، ولا ما ذبحوه مما لا يستحلونه - وهذا قول في غاية الفساد ، لأنه خلاف القرآن ، والسنن ، والمعقول . أما القرآن فإن الله تعالى يقول : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } ] . وقد اتفقنا على أن المراد بذلك ما ذكوه ، لا ما أكلوه ، لأنهم يأكلون الخنزير ، والميتة ، والدم ، ولا يحل لنا شيء من ذلك بإجماع منهم ومنا ، فإذ ذلك كذلك فلم يشترط الله تعالى ما أكلوه مما لم يأكلوه { وما كان ربك نسيا } . وأما القرآن ، والإجماع : فقد جاء القرآن ، وصح الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله ، وأن من التزم ما جاءت به التوراة أو الإنجيل ، ولم يتبع القرآن فإنه كافر مشرك ، غير مقبول منه ، فإذ ذلك كذلك فقد أبطل الله تعالى كل شريعة كانت في التوراة ، والإنجيل ، وسائر الملل ، وافترض على الجن ، والإنس : شرائع الإسلام ، فلا حرام إلا ما حرم فيه ، ولا حلال إلا ما حلل فيه ، ولا فرض إلا ما فرض فيه - ومن قال في شيء من الدين خلاف هذا فهو كافر بلا خلاف من أحد من الأئمة . وأما السنة : فقد ذكرنا في كتاب الجهاد من كتابنا هذا من حديث جراب الشحم المأخوذ في خيبر فلم يمنع النبي من أكله ، بل أبقاه لمن وقع له من المسلمين . وروينا من طريق أبي داود الطيالسي نا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال العدوي سمعت { عبد الله بن مغفل يقول دلي جراب من شحم يوم خيبر فأخذته والتزمته فقال لي رسول الله هو لك } . والخبر المشهور من طريق شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك { أن يهودية أهدت لرسول الله شاة مسمومة فأكل منها } ولم يحرم عليه السلام منها لا شحم بطنها ولا غيره . وأما المعقول : فمن المحال الباطل أن تقع الذكاة على بعض شحم الشاة دون بعض ، وما نعلم لقولهم ههنا حجة أصلا ، لا من قرآن ، ولا من سنة صحيحة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قياس . والعجب أنهم يسمعون الله تعالى يقول : { وطعامكم حل لهم } ومن طعامنا الشحم ، والجمل ، وسائر ما يحرمونه أو حرمه الله تعالى عليهم على لسان موسى ، ثم نسخه وأبطله وأحله على لسان عيسى ومحمد عليهما السلام بقوله تعالى عن عيسى { ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } . وبقوله تعالى عن محمد  : { النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } . وبقوله تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } ثم يصرون على تحريم ما يحرمونه مما هم مقرون بأنه حلال لهم ويسألون عن الشحم والجمل أحلال هما اليوم لليهود أم هما حرام عليهم إلى اليوم ؟ فإن قالوا : بل هو حرام عليهم إلى اليوم كفروا ، بلا مرية ؛ إذ قالوا : إن ذلك لم ينسخه الله تعالى . وإن قالوا : بل هما حلال صدقوا ولزمهم ترك قولهم الفاسد في ذلك . ونسألهم عن يهودي مستخف بدينه يأكل الشحم فذبح شاة . أيحل لنا أكل شحمها لاستحلال ذابحها له أم يحرم علينا تحقيقا في اتباع دين اليهود دين الكفر ودين الضلال ؟ ولا بد من أحدهما ، وكلاهما خطة خسف . ويلزمهم أن لا يستحلوا أكل ما ذبحه يهودي يوم سبت ولا أكل حيتان صادها يهودي يوم سبت ، وهذا مما تناقضوا فيه . وقد روينا عن عمر بن الخطاب ، وعلي ، وابن مسعود ، وعائشة أم المؤمنين ، وأبي الدرداء ، وعبد الله بن يزيد ، وابن عباس ، والعرباض بن سارية : وأبي أمامة ، وعبادة بن الصامت ، وابن عمر : إباحة ما ذبحه أهل الكتاب دون اشتراط لما يستحلونه مما لا يستحلونه . وكذلك عن جمهور التابعين كإبراهيم النخعي ، وجبير بن نفير ، وأبي مسلم الخولاني ، وضمرة بن حبيب ، والقاسم بن مخيمرة ، ومكحول ، وسعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، والحسن ، وابن سيرين ، والحارث العكلي ، وعطاء ، والشعبي ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وطاوس ، وعمرو بن الأسود ، وحماد بن أبي سليمان ، وغيرهم ، لم نجد عن أحد منهم هذا القول إلا عن قتادة - ثم عن مالك ، وعبيد الله بن الحسن . وهذا مما خالفوا فيه طائفة من الصحابة لا مخالف لهم منهم وخالفوا فيه جمهور العلماء . وقولنا هو قول سفيان الثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحابهم . وأما المجوس : فقد ذكرنا في كتاب الجهاد أنهم أهل كتاب فحكمهم كحكم أهل الكتاب في كل ذلك : فإن ذكروا : ما روينا من طريق وكيع عن سفيان عن قيس بن مسلم الجدلي عن الحسن بن محمد { كتب رسول الله إلى مجوس من أهل هجر يدعوهم إلى الإسلام فمن أسلم قبل منه ومن لم يسلم ضربت عليه الجزية ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح منهم امرأة } فهذا مرسل ولا حجة في مرسل . نا حمام نا عبد الله بن محمد الباجي نا أحمد بن مسلم نا أبو ثور إبراهيم بن خالد نا عبد الوهاب عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل مريض أمر مجوسيا أن يذبح ويسمي ، ففعل ذلك ؟ فقال سعيد بن المسيب : لا بأس بذلك - وهو قول قتادة ، وأبي ثور قال أبو محمد : لم يفسح الله تعالى في أخذ الجزية من غير كتابي ، وأخذها النبي من المجوس وما كان ليخالف أمر ربه تعالى . فإن ذكروا قول الله تعالى : { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين } . قلنا : إنما قال الله تعالى هذا بنص الآية نهيا عن هذا القول لا تصحيحا له ؛ وقد قال تعالى : { ورسلا لم نقصصهم عليك } .

1060 - مسألة : ولا يحل أكل ما ذكاه غير اليهودي ، والنصراني ، والمجوسي ، ولا ما ذكاه مرتد إلى دين كتابي أو غير كتابي ، ولا ما ذكاه من انتقل من دين كتابي إلى دين كتابي ، ولا ما ذكاه من دخل في دين كتابي بعد مبعث النبي لأن الله تعالى لم يبح لنا إلا ما ذكيناه أو ذكاه الكتابي كما قدمنا . وكل من ذكرنا ليس كتابيا لأن كل من كان على ظهر الأرض من غير أهل الكتاب ففرض عليهم أن يرجعوا إلى الإسلام إذ بعث الله تعالى محمدا به ، أو القتل فدخوله في دين كتابي غير مقبول منه ولا هو من الذين أمر الله تعالى بأكل ذبائحهم ، والمرتد منا إليهم كذلك ، والخارج من دين كتابي إلى دين كتابي كذلك ، لأنه إنما تذمم وحرم قتله بالدين الذي كان آباؤه عليه ، فخروجه إلى غيره نقض للذمة لا يقر على ذلك - وهذا كله قول الشافعي ، وأبي سليمان - وبالله تعالى التوفيق .

1061 - مسألة : ومن ذبح وهو سكران أو في جنونه لم يحل أكله ، لأنهما غير مخاطبين في حال ذهاب عقولهما بقول الله تعالى : { إلا ما ذكيتم } فإن ذكيا بعد الصحو والإفاقة حل أكله ، لأنهما مخاطبان كسائر المسلمين - وبالله تعالى التوفيق .

1062 - مسألة : وما ذبحه أو نحره من لم يبلغ لم يحل أكله ، لأنه غير مخاطب بقول الله تعالى : { إلا ما ذكيتم } . وقد أخبر رسول الله أن الصبي مرفوع عنه القلم حتى يبلغ . روينا من طريق ابن أبي شيبة نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سئل عن ذبيحة المرأة ، والصبي ؟ لا يقول فيهما شيئا . وبالمنع منهما يقول أبو سليمان ، وأصحابنا . وأباحها : النخعي : والشعبي ، والحسن ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد . قال أبو محمد : قد وافقونا أن إنكاحه لوليته ، ونكاحه ، وبيعه ، وابتياعه ، وتوكيله : لا يجوز ، وأنه لا تلزمه صلاة ، ولا صوم ، ولا حج ، لأنه غير مخاطب بذلك ولا يجزي حجه عن غيره فمن أين أجازوا ذبيحته ؟

1063 - مسألة : وكل حيوان بين اثنين فصاعدا فذكاه أحدهما بغير إذن الآخر ، فهو ميتة لا يحل أكله ، ويضمن لشريكه مثل حصته مشاعا في حيوان مثله ، فإن لم يوجد أصلا فقيمته ، إلا أن يرى به موتا أو تعظم مؤنته فيضيع ، فله تذكيته حينئذ ، وهو حلال لما ذكرنا من تحريم الله تعالى أكل أموالنا بالباطل . وقوله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } فهو متعد في ذبحه متاع غيره ، فإن كان ذلك صلاحا جاز كما قلنا لقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } ولنهي النبي عن إضاعة المال - وهو قول أبي سليمان ، وأصحابنا .

1064 - مسألة : ومن أمر أهله ، أو وكيله ، أو خادمه بتذكية ما شاءوا من حيوانه ، أو ما احتاجوا إليه في حضرته ، أو مغيبه جاز ذلك ، وهي ذكاة صحيحة لأنه بإذنه كان ذلك ، ولم يتعد المذكي حينئذ - وله ذلك في مال نفسه - وبالله تعالى التوفيق .

1065 - مسألة : ولا يحل كسر قفا الذبيحة حتى تموت فإن فعل بعد تمام الذكاة فقد عصى ولم يحرم أكلها بذلك ، لأنه لم يرح ذبيحته ، إذ كسر عنقها ، ولم يحرم أكلها ، لأنه إذا تمت ذكاتها فقد حل أكلها بذلك إذا ماتت .

1066 - مسألة : وكل ما غاب عنا مما ذكاه مسلم فاسق ، أو جاهل ، أو كتابي فحلال أكله لما روينا من طريق البخاري نا محمد بن عبد الله هو أبو ثابت المديني - نا أسامة بن حفص عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين { أن قوما قالوا للنبي إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟ فقال عليه السلام : سموا الله أنتم وكلوا ، قالت عائشة : وكانوا حديثي عهد بكفر } . فإن قالوا : وقد رويتم هذا الخبر من طريق سفيان بن عيينة ، وفيه أنه عليه السلام قال { اجتهدوا إيمانهم وكلوا } . قلنا : نعم ، رويناه من طريق سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله فهذا مرسل ، والمرسل لا تقوم به حجة - وبالله تعالى التوفيق .

1067 - مسألة : وكل ما تردى أو أصابه سبع أو نطحه ناطح ، أو انخنق فانتثر دماغه ، أو انقرض مصرانه ، أو انقطع نخاعه ، أو انتشرت حشوته فأدرك وفيه شيء من الحياة فذبح أو نحر - : حل أكله ، وإنما حرم تعالى ما مات من كل ذلك . برهانه - : قوله تعالى : { إلا ما ذكيتم } فاستثنى من ذلك كله ما أدركت ذكاته ، ولا نبالي من أيهما مات قبل ، لأن الله تعالى لم يشترط ذلك بل أباح ما ذكينا قبل الموت ، فلو قطع السبع حلقها نحرت وحل أكلها ، ولو بقي في الحلق موضع يذبح فيه ذبحت وحل أكلها . روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذؤيب عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب أنه وجد شاة لهم تموت فذبحها فتحركت فسألت زيد بن ثابت ؟ فقال : إن الميتة لا تتحرك ؛ فسألت أبا هريرة ؟ فقال : كلها إذا طرفت عينها ، أو تحركت قائمة من قوائمها . ومن طريق ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال : إذا ضربت برجلها أو ذنبها أو طرفت بعينها فهي ذكي . ومن طريق سفيان بن عيينة عن الركين بن الربيع عن أبي طلحة الأسدي قال : عدا الذئب على شاة ففرى بطنها فسقط منه شيء إلى الأرض ، فسألت ابن عباس ؟ فقال : انظر ما سقط منها إلى الأرض فلا تأكله ، وأمره أن يذكيها فيأكلها . ومن طريق محمد بن المثنى نا عبد الله بن داود الخريبي عن أبي شهاب هو موسى بن رافع - عن النعمان بن علي قال : رأى سعيد بن جبير في دارنا نعامة تركض برجلها ، فقال : ما هذه ؟ قلنا : وقيذ وقعت في بئر ، فقال : ذكوها ، فإن الوقيذ ما مات في وقذه . ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا محمد بن عبيد نا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة في قول الله تعالى - : { والمنخنقة } قال : هي التي تموت في خناقها . { والموقوذة } التي توقذ فتموت . { والمتردية } التي تتردى فتموت . { وما أكل السبع إلا ما ذكيتم } من هذا كله ، فإذا وجدتها تطرف عينها ، أو تحرك أذنها من هذا كله : منخنقة ، أو موقوذة ، أو متردية ، أو ما أكل السبع ، أو نطيحة فهي لك حلال إذا ذكيتها . ومن طريق سعيد بن منصور نا جرير بن عبد الحميد عن الركين بن الربيع عن أبي طلحة الأسدي أنه سمع ابن عباس سئل عن شاة بقر الذئب بطنها فوضع قصبها إلى الأرض ، ثم ذبحت ؟ فقال ابن عباس : ما سقط ، من قصبها إلى الأرض فلا تأكله ، فإنه ميتة ، وكل ما بقي - ولا يعرف لمن ذكرنا مخالف من الصحابة - وهي رواية ابن وهب عن مالك - وبه يأخذ إسماعيل ، وما نعلم للقول الآخر حجة أصلا ولا متعلقا . ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا حجاج عن الشعبي عن الحارث عن علي قال : إذا وجد الموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أصاب السبع : فوجدت تحريك يد أو رجل فذكها وكل . قال هشيم : وأخبرنا حصين هو ابن عبد الرحمن - أن ابن أخي مسروق سأل ابن عمر عن صيد المناجل ؟ فقال : إنه يبين منه الشيء وهو حي فقال ابن عمر : أما ما أبان منه وهو حي فلا تأكل - وكل ما سوى ذلك . وأما من قال : ينظر من أي الأمرين مات قبل - فقول فاسد ، لأنه لا يقدر فيه على برهان من قرآن ، ولا من سنة ، ونسأله عمن ذبح ، أو نحر كما أمر الله تعالى ، ثم رمى رام حجرا ، وشدخ رأس الذبيحة ، أو النحيرة ، بعد تمام الذكاة فماتت للوقت ؟ أتؤكل أم لا ؟ فمن قولهم : نعم ، فصح أن المراعى إنما هو ما جاء به النص مما ذكي ، ثم لا نبالي مما مات أمن الذكاة أم من غيرها ؟ لأن الله تعالى لم يشترط لنا ذلك { وما كان ربك نسيا } . ومن الباطل أن يلزمنا الله تعالى حكما ، ولا يعينه علينا .

محلى ابن حزم - المجلد الثالث/كتاب التذكية
كتاب التذكية (مسألة 1045 - 1048) | كتاب التذكية (مسألة 1049 - 1057) | كتاب التذكية (مسألة 1058 - 1067)