محلى ابن حزم - المجلد الخامس/الصفحة الثالثة والخمسون


أحكام العـــدة

2008 - مسألة: وتعتد المتوفى عنها، والمطلقة ثلاثا، أو آخر ثلاث والمعتقة تختار فراق زوجها: حيث أحببن.، ولا سكنى لهن، لا على المطلق، ولا على ورثة الميت، ولا على الذي اختارت فراقه، ولا نفقة. ولهن أن يحججن في عدتهن، وأن يرحلن حيث شئن.

وأما كل مطلقة للذي طلقها عليها الرجعة ما دامت في العدة فلا يحل لها الخروج من بيتها الذي كانت فيه إذ طلقها، ولها عليه النفقة والكسوة فإن كان خوف شديد، أو لزمها حد فلها أن تخرج حينئذ، وإلا فلا أصلا لا ليلا، ولا نهارا ألبتة إلا لضرورة لا حيلة فيها.

برهان ذلك: قول الله عز وجل: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف}. فهذه صفة الطلاق الرجعي لا صفة الطلاق البات.

وأما الطلاق البات: فكما روينا من طريق مسلم أنا محمد بن المثنى أنا عبد الرحمن بن مهدي أنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي في المطلقة ثلاثا ليس لها سكنى، ولا نفقة. أنا حمام بن أحمد أنا عباس بن أصبغ أنا محمد بن عبد الملك بن أيمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل أنا أبي أنا هشيم أنا سيار، وحصين، هو ابن عبد الرحمن والمغيرة، هو ابن مقسم وإسماعيل بن أبي خالد، وداود بن أبي هند كلهم عن الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله عليها فقالت: طلقها زوجها ألبتة، قالت: فخاصمته إلى رسول الله في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى، ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم.

ومن طريق مسلم أنا قتيبة بن سعد أنا عبد العزيز بن أبي حازم ويعقوب، هو ابن عبد الرحمن القاري كلاهما عن أبي حازم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس أنه طلقها زوجها قالت: فذكرت ذلك لرسول الله فقال: لا نفقة لك، ولا سكنى.

ومن طريق مسلم أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا وكيع أنا سفيان الثوري عن أبي بكر بن أبي الجهم العدوي قال: " سمعت فاطمة بنت قيس تقول إن زوجها طلقها ثلاثا فلم يجعل لها النبي سكنى، ولا نفقة.

ومن طريق مسلم حدثني ابن حاتم بن ميمون،، ومحمد بن رافع وهارون بن عبد الله، واللفظ له قال ابن حاتم، أخبرنا يحيى بن سعيد القطان وقال ابن رافع: أنا عبد الرزاق، وقال هارون: أنا حجاج بن محمد ثم اتفق يحيى، وعبد الرزاق، وحجاج، كلهم، عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير المكي أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: طلقت خالتي فأرادت أن تجذ نخلها فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي فقال لها النبي بل اذهبي فجدي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا.

ومن طريق أبي داود السجستاني أنا أحمد بن حنبل، أخبرنا يحيى، هو ابن سعيد القطان، عن ابن جريج حدثني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجذ نخلها فنهاها رجل فأتت النبي فذكرت ذلك له فقال: اخرجي فجدي نخلك، فعسى أن تصدقي منه، أو تفعلي خيرا.

قال أبو محمد: أما خبر فاطمة فمنقول نقل الكافة قاطع للعذر.

وأما خبر جابر ففي غاية الصحة، وقد سمعه منه أبو الزبير، ولم يخص لها أن لا تبيت هنالك من أن تبيت: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وما كان ربك نسيا.، ولا يسع أحدا الخروج عن هذين الأثرين لبيانهما وصحتهما. ولم يصح في وجوب السكنى للمتوفى عنها أثر أصلا. والمنزل لا يخلو من أن يكون ملكا للميت أو ملكا لغيره: فإن كان ملكا لغيره وهو مكترى أو مباح فقد بطل العقد بموته، فلا يحل لأحد سكناه إلا بإذن صاحبه وطيب نفسه، قال رسول الله : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام. وإن كان ملكا للميت، فقد صار للغرماء أو للورثة أو للوصية، فلا يحل لها مال الغرماء، والورثة، والموصى لهم لما ذكرنا، وإنما لها منه مقدار ميراثها إن كانت وارثة فقط، وهذا برهان قاطع لائح وما عدا هذا فظلم لا خفاء به، وهذا مكان كثر فيه اختلاف الناس: فطائفة قالت بقولنا: كما روينا من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء أن ابن عباس قال: تعتد المبتوتة حيث شاءت. قال ابن جريج: وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: تعتد المبتوتة حيث شاءت.

ومن طريق عبد الرزاق قال: أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن فاطمة بنت قيس قالت: قال الله عز وجل: {لا تخرجوهن من بيوتهن} قالت: هذا كان لمن كانت له رجعة، فأي أمر يحدث بعد الثلاث قال لنا عبيد الله بن عبد الله: فطلق عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو غلام شاب بنت سعيد بن زيد بن عمرو في إمارة مروان، وأمها بنت قيس، فانتقلتها خالتها فاطمة بنت قيس.

ومن طريق ابن أبي شيبة أنا الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر قال: إن الربيع اختلعت من زوجها، فأتى معوذ، هو ابن عفراء عثمان بن عفان فسأله أتنتقل قال: نعم تنتقل.

قال أبو محمد: إنما أوردنا هذا ; لأن المختلعة عندهم طلاقها بائن وعليها العدة

وأما نحن فهي عندنا مطلقة طلاقا رجعيا لا تخرج فيه من موضعها الذي طلقها فيه حتى تتم عدتها فهؤلاء من الصحابة، رضي الله عنهم،.

وأما التابعون فروينا من طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا يونس، هو ابن عبيد عن الحسن البصري أنه كان يقول: المطلقة ثلاثا، والمتوفى عنها لا سكنى لهما، ولا نفقة، وتعتدان حيث شاءتا.

ومن طريق عبد الرزاق عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاووس، وعطاء، قالا جميعا: المبتوتة، والمتوفى عنها يحجان، ويعتمران، وينتقلان، ويبينان.

ومن طريق عبد الرزاق عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاووس وسفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن، أنه قال: تحج المبتوتة في عدتها.

ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عكرمة، أنه قال: في المطلقة ثلاثا لها أن تنتقل، قال الله عز وجل: {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} فأي أمر بعد الثلاث، إنما جاء ذلك في الواحدة والأثنتين. أنا حمام أنا عباس بن أصبغ أنا محمد بن عبد الملك بن أيمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل أنا أبي، قال الشعبي: المطلقة ثلاثا لا سكنى لها، ولا نفقة، قال أحمد: وبه أقول.

قال أبو محمد: وبه يقول إسحاق بن راهويه وأبو سليمان، وجميع أصحابنا.

وأما المتوفى عنها فروينا من طريق حماد بن سلمة أنا قيس، هو ابن عباد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة أم المؤمنين أنها حجت بأختها أم كلثوم امرأة طلحة بن عبيد الله في عدتها في الفتنة.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تفتي المتوفى عنها زوجها بالخروج في عدتها، وخرجت بأختها أم كلثوم حين قتل عنها طلحة بن عبيد الله بن عبد الله إلى مكة في عمرة.

ومن طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء، عن ابن عباس، أنه قال: إنما قال الله عز وجل تعتد: {أربعة أشهر وعشرا} ولم يقل: تعتد في بيتها، فلتعتد حيث شاءت.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي أنا علي بن عبد الله، هو ابن المديني أنا سفيان بن عيينة، عن ابن جريج عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ولم يقل يعتددن في بيوتهن، تعتد حيث شاءت، وقال سفيان: قاله لنا ابن جريج كما أخبرنا هذا يبين أن عطاء سمعه من ابن عباس.

ومن طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: تعتد المتوفى عنها حيث شاءت.

ومن طريق عبد الرزاق أنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي: أن علي بن أبي طالب كان يرحل المتوفى عنهن في عدتهن.

ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء قال: لا يضر المتوفى عنها أين اعتدت، وقد ذكرناه قبل هذا الباب عن الحسن.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا علي بن عبد الله هو المديني أنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء، وأبي الشعثاء جابر بن زيد، قالا جميعا: المتوفى عنها تخرج في عدتها حيث شاءت.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا عبد الوهاب الثقفي عن حبيب المعلم قال: سألت عطاء عن المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها أيحجان في عدتهما قال: نعم، وكان الحسن يقول مثل ذلك.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا أبو ثابت المدني، أخبرنا ابن وهب أنا عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج قال: سألنا سالم بن عبد الله بن عمر عن المرأة يخرج بها زوجها إلى بلد فيتوفى الزوج فقال: تعتد حيث توفي عنها زوجها، أو ترجع إلى بيت زوجها حتى تنقضي عدتها. قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن القاسم بن محمد بهذا. قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن حسين بن أبي حكيم أن امرأة مزاحم لما توفي عنها زوجها بخناصرة سألت عمر بن عبد العزيز أأمكث حتى تنقضي عدتي فقال لها: بل الحقي بقرارك ودار أبيك فاعتدي فيها. .

وبه يقول ابن وهب، أخبرنا يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد الأنصاري، أنه قال في رجل توفي بالإسكندرية ومعه امرأته وله بالفسطاط دار فقال: إن أحبت أن تعتد حيث توفي زوجها فلتعتد، وإن أحبت أن ترجع إلى دار زوجها وقراره بالفسطاط فتعتد فيها فلترجع. وبه يقول أبو سليمان، وجميع أصحابنا.

وقول آخر كما روينا من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء في المبتوتة إن كانت غير حبلى فلا نفقة لها، وينفق على الحبلى من أجل ولده.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عطاء، وقتادة، قالا جميعا في المبتوتة: لها النفقة حتى تضع حملها

ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه لا نفقة للمبتوتة إلا أن تكون حاملا.

ومن طريق ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز أمر بالنفقة على المبتوتة الحامل حتى تضع حملها، ثم يعطيها أجر الرضاع، ثم يمتعها.

ومن طريق ابن وهب أخبرني ابن سمعان: أن ابن قسيط أخبره أن ابن المسيب كان يقول: لا نفقة للمبتوتة إلا أن تكون حاملا فلها النفقة حتى تضع حملها، ويقول: هذا في كتاب الله عز وجل، وهي السنة، وعلى ذلك كان أصحاب رسول الله . وصح عن ربيعة: لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا، فإن قضي لها بالنفقة لحملها ثم ظهر أنه لا حمل بها ردت ما أخذت من النفقة وبإيجاب النفقة لها إن كانت حاملا وبإيجاب السكنى بكل حال يقول مالك، والشافعي، وأبو عبيد وعبد الرحمن بن مهدي.

وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، أنه قال في المطلقة والحامل: لها السكنى والنفقة. وقول ثالث لها السكنى، ولا نفقة لها، أتى قوم في هذا بآثار نذكرها، وهو كما روينا من طريق عبد الرزاق أخبرني ابن جريج، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير قال: إن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس يعني انتقال المطلقة ثلاثا.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا أبو معاوية أنا الأعمش عن إبراهيم بن مسروق قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إني طلقت امرأتي ثلاثا فأبت أن تعتد في بيتها قال: لا تدعها، قال: أبت إلا بالخروج، قال: فقيدها، قال: إن لها إخوة غليظة رقابهم، قال: استعن عليهم بالسلطان.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: لا تنتقل المبتوتة من بيت زوجها حتى يخلو أجلها.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن يعلى بن أبي حكيم عن نافع، عن ابن عمر قال في المبتوتة: أنه لا نفقة لها.

ومن طريق عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد، هو ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن علي بن أبي طالب قال في المبتوتة: لا نفقة لها.

ومن طريق وكيع عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: قلت لسعيد بن المسيب: المطلقة ثلاثا أين تعتد قال: في بيت زوجها.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب في المطلقة في بيت مكترى، قال: تعتد فيه، وعلى زوجها الكراء.

وأما المتوفى عنها: فكما روينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد عن سعيد بن المسيب أن عمر رد نسوة من ذي الحليفة حاجات، أو معتمرات توفي عنهن أزواجهن.

ومن طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج أنا حميد الأعرج عن مجاهد قال: كان عمر، وعثمان يرجعانهن حواج أو معتمرات من الجحفة، ومن ذي الحليفة.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن يوسف بن ماهك عن أمه مسيكة: أن امرأة متوفى عنها زارت أهلها في عدتها فضربها الطلق فأتوا عثمان فقال: احملوها إلى بيتها وهي تطلق.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع، عن ابن عمر قال: كانت له ابنة تعتد من وفاة زوجها فكانت تأتيهم بالنهار فتتحدث إليهم، فإذا كان الليل أمرها أن ترجع إلى بيتها.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن ثوبان أن عمر رخص للمتوفى عنها أن تأتي أهلها بياض يومها. وأن زيد بن ثابت لم يرخص لها إلا في بياض يومها أو ليلتها.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن علقمة قال: سأل ابن مسعود نساء من همدان نعي إليهن أزواجهن فقلن: إنا نستوحش فقال ابن مسعود: يجتمعن بالنهار ثم ترجع كل امرأة منهن إلى بيتها بالليل.

ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا أبو عوانة عن منصور عن إبراهيم أن امرأة بعثت إلى أم سلمة أم المؤمنين: إن أبي مريض، وأنا في عدة أفآتيه أمرضه قالت: نعم، ولكن بيتي أحد طرفي الليل في بيتك.

ومن طريق حماد بن سلمة أرنا هشام بن عروة أن أباه قال: المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها إلا أن ينتوي أهلها فتنتوي معهم.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أنه سئل عن المتوفى عنها: أتخرج في عدتها فقال: كان أكثر أصحاب ابن مسعود أشد شيء في ذلك يقولون: لا تخرج، وكان الشيخ يعني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يرحلها.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء، وجابر بن زيد، كلاهما قال في المتوفى عنها: لا تخرج.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم، أخبرنا يحيى بن سعيد هو الأنصاري أن القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن المسيب قالوا في المتوفى عنها: لا تخرج حتى تنقضي عدتها.

ومن طريق وكيع عن الحسن بن صالح عن المغيرة عن إبراهيم:، أنه قال في المتوفى عنها: لا بأس بأن تخرج بالنهار، ولا تبيت عن بيتها.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا جرير عن المغيرة عن إبراهيم في المتوفى عنها في بيت بأجرة قال: إن أحسن أن يعطى الكراء، وتعتد في البيت الذي كانت فيه. إنما أوردنا كلام إبراهيم لقوله في صفة الخروج، وفي الكراء، وإلا فإن قوله إن لها السكنى، والنفقة.

ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول في أمر المتوفى عنها، قال: فنحن على أن تظل يومها أجمع حتى الليل في غير بيتها إن شاءت وتنقلب.ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا أبو ثابت المديني، عن ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا، هو ابن الأشج حدثه أن ابنة هبار بن الأسود توفي عنها زوجها فأرادت الحج وهي في عدتها، فسألت سعيد بن المسيب فنهاها، ثم أمرها غيره بالحج، فخرجت فلما كانت بالبيداء صرعت فانكسرت.

قال أبو محمد: من العجب احتجاج أهل الجهل بهذا على أنها عقوبة، وتالله لو جرت هذه القصة أو غيرها على ما ظنوا لكان بذلك عسكر مسرف بن عقبة الموقعون بأهل المدينة يوم الحرة، المحاربون لمكة وقد امتحن سعيد بن المسيب رحمه الله بأشد من محنة هذه المرأة، والمحن للمسلم أجر وتكفير، وقد يمهل الله تعالى الكفار والفساق إلى يوم القيامة.

وروي عن ربيعة ولم يصح أن المتوفى عنها تنتوي مع أهلها، وإن كانت في موضع خوف فإنها لا تقيم فيه. وصح عن الزهري في الذي يبتدئ فيموت أن امرأته ترجع إلى بيت زوجها إذا لم تكن في مسكن تسكنه.

ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أن امرأة توفي عنها زوجها وهي مريضة فنقلها أهلها، ثم سألوا فكلهم يأمرهم أن ترد إلى بيت زوجها، قال ابن سيرين: فرددناها في نمط. وبه يقول مالك، والشافعي، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو عبيد. وقول رابع أن لها السكنى، والنفقة: كما أنا أحمد بن قاسم أنا أبي قاسم بن محمد بن قاسم أنا جدي قاسم بن أصبغ أنا محمد بن شاذان أنا المعلى بن منصور أنا يعقوب هو أبو يوسف القاضي وحفص بن غياث، قالا: عن إبراهيم عن الأسود عن عمر بن الخطاب: أنه كان يجعل للمطلقة ثلاثا السكنى، والنفقة زاد حفص: ما دامت في عدتها. ورويناه من طريق سعيد بن منصور أنا أبو معاوية أنا الأعمش عن إبراهيم قال: كان عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود يجعلان للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن شريح في المطلقة ثلاثا، قال: لها السكنى، والنفقة.

وبه إلى سفيان عن حماد بن أبي سليمان قال: للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة.

ومن طريق وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم النخعي قال: المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة.

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا حميد عن الحسن بن صالح بن حي عن السدي عن الشعبي في المطلقة ثلاثا قال: لها السكنى، والنفقة

وهو قول سفيان الثوري والحسن بن حي، وأبي حنيفة وأصحابه. قالب:محلى ابن حزم - المجلد الخامس/أحكام العدة