مرآة الحسناء (1872)/قافية العين



قافية العين


وقال
إنّ معنى الاشواق بعد الوداعِ
كلَّ عن شرحهِ لسانُ اليراعِ
ايها السائقُ الرواحلَ مهلاً
إنّ قلبي اثرَ الرواحلِ ساعِ
يالكَ اللهُ خفّفِ السيرَ رفقاً
قد قطعتَ الفؤادَ قبل البقاعِ
هل غداةَ النوى لجفنيَ الاّ
ارقُ الليلِ فهو للنجم راعِ
ما امرّ الفراقَ يا ايها النائي
م راحلى التلاقِ بعد انقطاعِ
وقال
شكوت الهوى لما اضرّ بيٍ النوى
اليها عسى شكوى المتيّمِ تسمعُ
فقالت ارى منكَ التصبرَّ واسعاً
فقلتُ نعم لكنُما السُمُّ أوسعُ
وقال
يا ظبيَ انسٍ في فؤاي يرتعُ
ارحمْ حشاشةَ مغرمٍ تتفجَّعُ
ان كنتَ تهجرني لا قضى بالهوى
عمداً فيسعدُ من بحبكَ يهجعُ
انّ المنبة لي بهجرك منيتي
والموتُ من عيش المصيبة أنفعُ
ما ضرّ يا ريمَ الفلا لو زرتني
غَسَقَ الدُّجى حيثُ العوادل هجَّعُ
كيف الوصالُ ولا وصولَ اليك يا
قمراً بافاق المحاسن يسطعُ
كم يا قضيبَ البان عني تنثني
والقلبُ مني عنكَ لا يتزعزعُ
ولكم عذولي فيكَ راحَ يلومني
جهلاً وكم لملامهِ لا اسمعُ
طبعي الى حبِّ المحاسن راجعٌ
والطبعُ في الانسان لا بتطبعُ
وقال
اودعتُها يومَ الوداع
سرّاً خفياً لا يُذاع
وودّعتني والحشى
مني ومنها بانفجاع
دور
يا قاتل اللهُ النوى
فكم بهِ قلبي اكتوى
لولا تباريحُ الهوى
لما بدا دمعي وشاع
دور
كم وقفةٍ لي بالحمى
ومقلتي تهمي دما
ارعى الدراري بالسما
ومهجتي ترعى الشعاع
دور
افدي بروحي حسن من
بوجهها عقلي افتتنْ
مليحةٌ تجلي المُحَن
بما حوت تحت القناع
وقال
وشيحٍ مذ رأى نظمي ونثري
أجاب وطبعُهُ شرُّ الطباعِ
ارى معناك مطروقاً كثيراً
فقلتُ نعم بمطرقة اختراعي
وقال
تاريخاً لبطركخانة الروم في حلب وقد نُقشت على الايوان
هذي ديارُ البطريركِ تجدَّدت
وغدت لكلّ تقىً وفضلٍ موضعاً
بعدَ احتراقٍ وقتهُ ولى فانْ
ازختَ قل وقتٌ مضى لن يرجعاً سنة 1850
في عهد راعينا الموقرّ ذي التقى
كبرللسٍ تمت بخيرٍ قد سعى
فنقولُ حيثُ حوت بتاريخٍ ثناً
اللهُ اسَّها فلن تتزعزعا
سنة ١٨٥٩
وقال
تميلُ الى الجمالِ النفس طبعا
وكلٌّ في سبيل الحبِّ يسعى
ألاَ كم بالهوى ذابت قلوبٌ
وكم تركت نفوسٌ فيهَ صرعى
فؤادٌ في لهيب العشق يُصلَى
وعينٌ في رياض الحسن ترعى
عجبتُ لعاذلٍ الفَ اجتهاداً
بردعيَ حيثُ لا يجديهِ نفعا
أمرُّ الحبّ أحلى من كلامٍ
يكونُ لمن ابى السلوان ردعا
كلفتُ باهيفٍ رطبٍ الثنايا
كأنَّ الخدّ منهُ صنعُ صنعا
غزالٌ آنسٌ باهي السنى من
تبسُّمهِ استفادَ البرقُ لمعا
اذا ما ماسَ غصنُ القدّ منهُ
اجادَ عليهِ طيرُ القلب سجعا
شکت اسيافَ عينيهِ خدودٌ
لهُ فاتى العذارُ لهنَّ درعا
حقيقة الغرام
أحرابُ نارٍ يخترقنَ ضلوعي
أم لمحُ ذكركِ يستشيرُ ولوعي
يا من اذابت بالدلالِ حشاشتي
واستنزفت بلظى الصدودِ دموعي
ها قد سطوتِ عليَّ سطوة كاسرٍ
فترفقي بتدلُّلي وخشوعي
وملكت كلَّ عزايمي وجوارحي
ملكاً يحققهُ لديكَ خضوعي
لكِ اعينٌ فتحت حصون دمي لدى
وجهٍ توقّفَ مثلَ شمس يشوعِ
فانا احبُّكِ يا مليكة مهجتي
حبّاً سيصحبني ليوم هجوعي
هيهاتُ أن أسلو هواكِ وانثني
عن منظرٍ يسبي العقولَ بديعِ
لا ارعوي عمري لقولِ مشنّعٍ
بكِ فالحسودُ يميلُ للتشنيعِ
عودي مريض الحبِّ يا عين الشفا
وتبصرَّي في حالةِ الموجوعِ
فبغير قربكِ لا تطيبُ خواطري
وبدونِ انسكِ لا تُسَرُّ ربوعي
اهلاً بمن زارت عقيب بعادها
تدنو وتلوي مثلَ ريمِ رتوعِ
مالي ارى الوجهَ البشوشَ مقطباً
عند اللقاء كساعةِ التوديعِ
ماذا اغاظكِ هل اغرَّك حاسدٌ
ام قد ظننتِ الصبَّ غيرَ مطيعِ
تبّاً لعشقٍ عاث فيهِ حسودُهُ
ومتيَّمٍ للطوع غيرِ سريعِ
واللهِ ان اكُ عاصياً كلَّ القوى
فلديكِ طوعيَ لا يزال طبيعي
يا من اصابتني بسحر جُفُونها
رفقاً بصبٍّ في الغرام صريعِ
وتعطّفي كرماً على القلب الذي
بهواكِ يرقصُ رقصةَ الملسوعِ
فجوارحي بكِ قد غدت مفتونةً
وجوانحي ما زلنَ في لفجيعِ
وغدا شعاعُ الشرقِ من نار الهوى
كالبرق ينفذُ في سحاب دموعي
طلعتْ بيَ الدُّنيا وضاقت حيلتي
وإطاحني في التيهِ فرطُ ولوعي
والحبُّ يقتادُ النفوسَ الى الضنا
ويُعيدُ في الاقلال كُلَّ فنيعِ
اني عليمٌ أَنَّ قلبَكِ بي لهُ
شُغُلٌ فكيف أباحَ شعلَ ضلوعي
وكذاك اعلمُ أنَّ موتيَ في الهوى
يبقيكِ باكبةً بكاء فجيعِ
تاثير الهوى
ما لاح وجهُكَ من خلال البرقِع
الاَّ وراحَ الوجدُ يتلفُ اضلعي
وبروقُ ثغركَ حيثُ لاحتْ ارعدت
كبدي وعادَ يسيلُ غيث المدمعِ
يا من يجورُ على المحبّ بصدّه
عطفاً على ضعفي وذلِّ تخشعي
يكفيك اني لو لقيتُ منيَّتي
بالهجر لا اصغى لقول مشنّعِ
ان كان ريحُ جفاك دام هبوبهُ
فغيومُ شوقي قطُّ لم تتقشعِ
انظرْ لجيدكَ فهو مثل طوين
صافٍ بينْ لكَ فيهِ صدقُ تولُّعي
انتَ الحبيبُ فكلُّ شيء منك لي
يحلو فتهْ ما شئتَ واحكم أَخضعِ
ما طاب لي عيشٌ اذا احرمتني
طيبَ الوصالِ ولا ألذُّ بمضجعي
ذابت بنار هواك روحي والحشى
تلفت فباللهِ ارحمنَّ تفجعي
اشكو لجفنك من عذابي بالهوى
يا ظبيُ وهو بغفلةٍ لم يسمعِ
فبحقِ طرفك والفتور ولين عطفك
م والنفور وخدّك المتضوّعِ
رفقاً بجسمي ذي السقام واعيني
ذات السهادِ وقلبي المتوجعِ
ضَعْ يا ظلومُ بداً على صدري تجدْ
قلباً كطيرٍ في يد ابن الاربعِ
لم يبقَ لي جلدٌ ولا جَلَدٌ ولا
صبرٌ ولا بصرٌ فعدت كبلقعِ
وهواكَ اشغل كُلَّ اعضائي ولم
يتركْ بقلبي للسوى من موضعِ
قتلتْ فؤادي مقلتاك واعيني
ادَّت عن المقتولِ درَّ الادمعِ
لا تخفِ حسنكَ يا حبيبُ فانهُ
يغني العيونَ عن البدورِ الطلُعِ
هذا زمانُ الحسن فاغنمْ عزَّهُ
ان الجمالَ اذا مضى لم يرجِعِ
زاد الجوى والصبرُ في نقصٍ فيا
عينيَّ من طبب المنام تودَّعي
اني على شوط الهوى ماشٍ فلو
صادفتُ فيهِ كلَّ هولٍ لا اعي
فكري بخوضُ بحار شعرٍ بالهوى
وحشايَ مثلُ عروضهِ المتقطّعِ
بَعُدَ الحبيبُ وعدتُ في ضيقٍ فيا
قلبُ اصطبرْ تفرجْ والاَّ فاهجعِ
ظهور الجمال
بدرُ المحاسن من برج الخبا طلعا
وبلبلُ الحبِّ في دوح الصبى سجعا
والقلبُ هامَ وجفني كالسحاب همى
مذ شمتُ برقَ المحيا في الحمى لمعا
ارجو التصبُّرَ علَّ الحبَّ يسمح لي
بالقربِ والصبرُ كالسلوانِ قد هجعا
هيهات أسلو ونارُ الشوقِ في كبدي
تُصلى وماءُ الهوى من مقلتي نبعا
كم بتُّ والليلُ كالاشواق مزدحمٌ
ارعى النجومَ وفي قلبي الغرام رعى
انوحُ جنحَ الدُّجى نوحَ الثكولِ ولم
انظر لصوتي غيرَ الليل مستمعا
قام الفؤادُ على عرش الهوى فبهِ
مَعَ ارتفاعِ مقامي صرتُ متضِعا
تكهربَ القلبُ من برقا الطلى فغدا
يجاذبُ العشقَ لكن قطُّ ما دفعا
ناشدتُكِ الله يا ذات النفار صلي
متيَّما بالجوى والوجدِ قد صُرعا
الى جمالكِ كم قلبي يتوقُ وما
اصبتُ لقياكِ الاَّ والفراقُ سعى
حالت رعاعُ الورى ما بيننا ورأَت
عينايَ دراً على الاوعال قد وُضعا
كان الملالُ بهذا الهجر يمكنني
فصار لما علمتُ القصدَ ممتنعا
هبي سلوتُكِ ان خنتِ الودادَ فهل
اعودُ اهوى السوى لا والذي صنعا
سلي فؤَادكِ عن قلبي فذاك بذا
يدرى اذا كان في بحر الهوى وقعا
تمثالُ حسنكِ ما ناجى مخيلتي
الاَّ وكنتُ عن السلوانِ مرتجعا
اشكو لقلبكِ ما قاسيتُ من المٍ
بالحبِّ لكنَّهُ لم يرعني سَمَعَا
فربّما الدلُّ عن شكوايَ اشغَلهُ
يا ليتهُ مثلَ قلبي بالجوى صُدعا
اني قنعتُ بمرآكِ الجميل وذا
فضلُ المحبّ فهل تجفين من قنعا
ما مسَّ دائرةَ الاشواق حُّظ لقاً
الاَّ وخُّط النوى واحسرتي قطعا
لا تظهري ليَ شوقاً منكِ حسبي ان
ادري باني فنىً بالحبّ قد فُجعا
وإن كتمتِ الهوى عني فذا عبثٌ
اذ في لحاظكِ عنوانُ الهوى طبعا
من يرجُ تخفيف اثقال الغرام فلا
يكنْ على باطن المحبوب مُطّلعا
فها اخترعتُ جديداً بالغرام فمن
يُجيزُ مَنْ لجديدٍ جاءَ مخترعا
يا منيةَ القلبِ يا ذاتَ الدلال ويا
من حبُّها في فؤَادي طالما رتعا
ما كان بدَّد منكِ التيهُ مصطبري
لو لم يكن لجميعٍ اللطفِ قد جمعا
لا تفخري بمحيّاك الجميل سدىً
بل افخري بفتىً مثلي لهُ خضعا
والحسنُ سيفٌ ولكن لا يُقَلَّدُهُ
سوى الجبان وكم تُدمی بهِ الشُّجَعَا
غلبة الغرام
الحسنُ يمنحُ والتدلُّلُ يمنعُ
والقلبُ يعشقُ والتعقُّل يردعُ
والحبُّ يجتذبُ القلوبَ الى العنا
بقوى الجمالِ ومالهُ مَن يدفعُ
وفمُ الجمالِ يقولُ لي لا خيرَ في
قلبٍ على شرف الهوى لا يُطبعُ
ذقتُ الصبابة في الصبى فوجدتها
اشهى من المجد الذي لا ينزعُ
والمرءُ لا يدري حقيقةَ لذّةٍ
في عمرهِ ان كان لا يتولَّعُ
ولقد ولعتُ بغادةِ قد غادرت
قلبي بالآمِ الهوى يتفجَّعُ
حسناءُ بنتعشُ الفؤادُ بها فمن
وَجناتها وردُ الصبى يتضوَّعُ
دانت لها دُوَلُ الجمال باسرها
وعنت لطلعتها البدورُ الطُلَّعُ
فاذا انثنت ورنت قُتِلتُ وفي الهوى
بيضٌ مجرَّدةٌ وسمرٌ شرّعُ
يا ربَّة الحسن الذي ملك النهّى
كم لي لديكِ تذلُّلٌ وتخشُّعُ
حتى مَ تفتكُ بالفؤَادِ يدُ الجوى
والى مَ دمعي كالسحابة يهمعُ
وقلبي لغيرك لا يميلُ ومهجتي
بسواكٍ يا خيرَ الدُّمى لا تُصدعُ
إنّ الجمال عليك صنعةُ خالقٍ
وعلى سواكِ تجمُّلٌ وتصنُّعُ
لكِ قامةٌ قام الدلال بها وقد
هامت بميلتها الغصونُ اليُنَّعُ
ولواحظٌ هُنَّ السيوفُ فمارنت
الاّ وكان لها بقلبي موقعُ
رفقاً ايا ذاتَ الدلالٍ بغرمٍ
قد كاد يقتُلُهُ الغرامُ المفجعُ
اشكو لقدّك ما لقيتُ من الجفا
يا خيبة الشكوى لمن لا يسمعُ
لهواكِ اخضَعَني الزمانُ فآمري
تجدي فتىً هو من بنانكِ اطوعُ
ولقد عصيتُ العاذلين لانني
طعتُ الهوى فانا عصيٌّ طيّعُ
هيهاتُ ان بسطو العذولُ على الهوى
بملامهِ فلقد حمتهُ الاضلعُ
والعشقُ بجرٌ لا قرارَ لهُ وقد
غرقت بهِ روحي فماذا أصنعُ
كثرت عيونُ الراقبين وانّما
عندي قبالةَ كلّ عينٍ اصبعُ
قد سرتُ في سُبُل المحبّة طالباً
نيل المنى هيهات عنهُ ارجعُ
أَرخيمة الاعطاف هل تدرين كم
بكِ قد وهى جلدٌ وسحَّت ادمعُ
الله مـا احلى شمائلك التي
بشمول رقتها المتيَّمُ مُولعُ
رفع الهوى قلبي وأنتِ خفضتهِ
والصبُّ يُخفضُ بالغرام ويُرفعُ
مها فعلتِ من الجفا فهو الوفا
اذ ليس في قلبي لغيركِ موضعُ
والله لا أهوى سواكِ فانتِ في
عينيَّ جوهرةٌ وغيرُكِ يرمعُ
فلكم بحبّكِ قد نشدتُ قصائداً
طربَ الزمانُ بها وطابَ المسمعُ
لكِ معطفٌ قد رقَّ حتى خلتهُ
بي عند قلبكِ ذي القساوة يشفعُ
وتدلُّلُ اورى زنادَ الشوق في
قلبي فناهَ وجُنَّ وهو اللوذعُ
فقتِ الغزالةَ يا غزالُ فطا لماً
نورُ المحاسنِ فوقَ وجهكِ يلمعُ
لكِ صورةٌ بضياكِ قد نقلت الى
بصري ففوقَ ستار قلبي تطبعُ
فبروق حسنكِ ما بدت الاّ وفي
كبدي غدا رعدُ الغرام يلعلعُ
لا تحجبي الوجه الجميل ببرقعٍ
فالبدرُ ليس عليهِ يُوضَعُ برقعُ
فاوَدُّ لو سكنت بوجهكِ ذي البها
عيني فمن مرآءَكِ ليست تشبعُ
طال الجفا والقلبُ ذاب تشوُّقاً
فمتى بلذّاتِ اللقا اتمتعُ
اضحت ببعدكِ مهجتي مأهولةً
بالشوق لكن مقلتي هيَ بلقعُ
فكرهتُ عمري حين فرَّق شملنا
دهرٌ يُفَرّقُ تارةً ويجمعُ
لا اشتري طيب الحيوة بدرهمٍ
ان كان عني طيبُ وصلكِ يمنعُ
فاذا منعتِ الوصلَ ردّي النوم لي
فانا بطيفك في منامي اقنعُ
أرجو الكرى على الخيالَ يزورني
لولا خيالُك لم يطبْ ليَ مضجعُ
فلو اطّلعت على الفؤَادِ لشمتِ من
الم الجوى ما للجبال يُصدعُ
رعياً لقلبٍ في هواكِ معذّبٍ
ونواظرٍ في روض حسنك ترتعُ
استعذبُ التعذيبَ في سنن الهوى
يا من تركتِ حشاشتي تتقطعُ
كيف السبيلُ الى لقاكِ فانّ لي
قلباً بحبّكِ هايماً يتوجَّعُ
عجباً لغصن رضاكِ عندي يابسٌ
ابداً وعند الغير اخضر مُفرعُ
ابديتِ ودّاً في التكلف لي وان
كان الودادُ تكالفاً لا ينفعُ
والحبُ يمحلُ عند بعضِ غرسُهُ
كالمال لكن عند بعض يينعُ
والمالُ مثلُ الماء فهو يغيضُ من
جهةٍ ومن جهةٍ يفيضُ وينبعُ
وقال
لولا عيونُك ما غدوتُ صريعا
هُنَّ السيوفُ وبي فتكنَ ذريعا
مُقَلٌ يسلُّ سوادُها بيضاً ولا
يضربنَ الاَّ اكبداً وضلوعا
ويلاهُ كم جارت مضاربُها على
قلبٍ عنا ذلاً لها وخضوعا
يا اختَ امّ الخشفِ كفّي اعيناً
سفكت دمي واستنزفتهُ دموعا
وترفّقي بمتيّمٍ في الحبّ لم
يبرح لا مركِ سامعاً ومطيعا
وتلفتي يا ظبيةَ الانس التي
لم ترضَ الاَّ في حشايَ رتوعا
اللهِ جيدٌ فاق رونقهُ الحُلىَ
فَصَبَتْ اليهِ وعانقتهُ ولوعا
ومعاطفٌ هيْفٌ اذا خطرت لدى
غصن الاراكِ جثا لهنَّ ركوعا
وشمائلٌ طافت على خلو الحشى
بشمولها فحسا ومالَ سريعـا
وغدائرٌ وقعت سلاسلُها على
قلبي فعادَ باسرهنَّ وقيعا
تسري نسيمُ اللطفِ تحت ظلالها
بضحى شبابٍ لا يكفُّ سطوعا
هذا جمالٌ ان بدا للبدر في
عُلياهُ خرَّ لدى سناهُ خشوعا
واذا رأَت شمسُ السماءِ طلوعهُ
خجلت وعادت لا تودُّ طلوعا
يا للهوى حتى مَ يتلفني الهوى
والى متى اغدو بهِ مصروعا
ولأنتِ يا ذات الجفا رفقاً فقد
قطّعتِ قلبي بالجفا تقطيعـا
لا تقتلي صباً قتلتِ رقادهُ
ظلماً فامسى باكياً مفجوعا
أَترينَ بعدي من بحبّكِ يعتني
مثلي على طبع الوفا مطبوعا
لا والذي سوَّاكِ اكمل غادةٍ
وكساكِ سربالَ الجمالِ بديعا
وقال الى الخواجا الياس صالح في اللاذقية لحادثةٍ جرت
البدرُ من ذروة الدُّجى طلعا
والنجم في لجة السنى وقعا
والارضُ بُرْدَ الضياءِ قد لبست
والافقُ ثوبَ الظلام قد خلعا
فقطَّع الليلُ سحبهُ وغدا
يلقي على وجهِ بدرهِ قطَعا
حتى بحامي قلاعٍ ظلمتهِ
فانهُ لانقلاعها فزعا
فالكلُّ حتى البهيمُ واعجبي
لم يحتمل سلبَ حقهِ فسعى
نعم فلا اصمتنَّ عن رجلٍ
بسلب إِنْعام خالقي طمعا
حاشا لمثلي يروحُ في هلعٍ
واللهِ غيرُ الدنيِّ مـا هلعا
والموتُ خيرٌ لباسلٍ برزت
لهُ الاعادي ففرَّ مندفعا
راى حسودي جمالَ غانيتي
فهامَ فيها ورام ان يضعا
فاكثرَ السعيَ بيننا وبذا
اضرَّ اوطارهُ ولي نفعا
وشى فوشى الهوى بكلّ هوىً
فراحَ يرعى السكوتَ والوجعا
كالرعدِ رجَّ الحبال فاتُصلت
ففار في الهاوياتِ منقطعا
ما الرعدُ في الجوّ يا عذولُ سوى
برقٍ مذُ افترَّ ثغرها ركعا
فكيف لا اعشقنَّ مبسمها
يوماً وارعى عواذلي سَمَعَا
يا عاذلي ما اصبتَ قطُّ فلا
تعذلْ وكنْ عاذراً ومقتنعا
اتعبتَ مسعاكَ بالفساد وما
لصانعِ الشرِّ غيرُ ما صنعا
ومن اعادَ الفسادَ عادتهُ
اضحى عدوَّ الورى ولو هجعا
ما يفعلِ المرءُ يلقهُ فاذا
رعى تسامى وان بغى وقعا
لا بدَّ من وقعةِ لكلِّ فتىَ
ونهضةٍ كيفما صحا ووعى
من سار في مسلكِ الظلام غوى
في سيرهِ فالحزوم من رجعا
على طريقِ الحيوةِ كامنةٌ
أُسْدُ الشقا والسعيدُ من قطعا
والناسُ يشكونَ دهرَهمُ وهُم
للدهرِ دهرٌ فكم بهم صُدعا
ما الدهرُ الاَّ طباعهم فاذا
شكا الفتى طبعهُ اشتفى طُبعاَ
هم يُضرمونَ الحروبِ بينهُمُ
هم يهدمونَ الحصونَ والقلعا
هم يسفكونَ الدما وهم شرعوا
لبعضهم ما الالهُ ما شرعا
عصوا قضاءَ النظامِ فانتثروا
والكلُّ للجزءِ كالجدا خضعا
والكلُّ من جزئهِ اجلُّ فلِمْ
ذا الحكمُ في الناس رُدَّ وانردعا
حتى غدا ذا عدوَّ ذاك لذا
كلُّ من الخوفِ باتَ منصرعا
وها عليَّ العداةُ قد هجموا
وإذ رأَوا حملتي انثنوا جزعا
واسترجعوا يفسدونَ في حلبٍ
وصالحُ اللاذقيةِ اطّلعـا
فسلَّ ما حَسْبَ رأَيهِ فلمٌ
وحسبَ رأَيي مهنَّدٌ قطعا
وغار كالباسلِ الشجاع على
جمع الاعادي فغرَّقَ الجمعا
وراحَ كلُّ يلومُ صاحبهُ
حتى غدا اللومُ بينهم بُدَعا
هذا الاديبُ الذي الزمانُ لهُ
اعدَّ اكليلَ رفعةٍ لمعـا
سعى فنال المرادَ منتفعا
وكم فتىً قد سعى وما انتفعا
ونعمةُ اللهِ لا تجيءُ سوى
أربابها لا لمن بها طمعا
يا صاحبي انت لي اذاً عَضُدٌ
وصارمٌ راحَ يخرق الدُرُعا
كنْ ناحراً كلَّ من بغى وطغى
وناصراً كلَّ من وعى ورعى
فانتَ لا تختشى اخا نكدٍ
حتى ترى الليثَ يختشي الضَبُعا
البستني اذ حميتَ عن ذُممي
ايامَ هجري حمىً ومُرْ تَبَعا
تاجَ امتنانٍ ابى البلى فعلى
رأَسٍ ابى العوثَ بالوفا وُضعا
انت الاخ الحقُّ لا عدمتُك من
خلِّ اذا غاب ذو وفاً طلعا
لولاكَ كانَ العدوُّ منتصراً
ما بين قومٍ تديّنوا الورعا
قومٌ كحيّاتهم غدوا حُكما
وكالحمام الوديعِ هم وُدَعا
اشتكي الدهرَ ذا الخطوب ولا
اضجُّ مهما لنقمتي اخترعا
فالدهرُ كالظعنِ والجميع لهُ
حادٍ فمن ضجًّ حثَّ ما ظلعا
قاسٍ وهيهاتَ ان يلينَ ولا
يرى سوى الغبنِ من بذا شرعا
ومن اصار القساءَ عادتهُ
لم يُثنِه لا رجاً ولا شُفَعَا
ثمرة الود
صبٌ بحبكِ منصرع
وبطولِ صدكِ منصدع
يا شمس حسنٍ قد علت
رفقاً بقلبٍ متضع
ان ارجعتكِ يد القلا
عني فلست بمرتجع
داوي المتيمَ باللقا
وارثي لصبٍ منفجع
كبدي على الحب التظت
وصبت ولي دمعٌ همع
اصبو لوجهكِ في الدُّجَى
ما لاح نجمٌ مرتفع
عيناكِ سحرٌ لو سری
بفواد هاروتٍ صرع
يا قلب لا نعصَ الهوى
عطفُ الحبيب حلا فطع
وإعص العذول ولو لحى
وإذا هذى لا تستمع
وأقنع بوصل ربيبةٍ
دلّت ونعم المقتنع
فدلالها عطر الصبا
قاتَ الفواد المنتجع
وانا هو الصب الذي
لي بالهوى قلبٌ ولع
صاد لسلسالِ اللما
هل رُدَّ صادٍ او رُدع
وإذا اشعتُ قصيدةً
فبغير خلٍ لم اشع
كحبيب برنوطي الذي
للودِ يوماً لم يبع
خلٌ لهُ لاقَ الثنا
فيهِ التعقل متسع
خَلِصُ الفوادِ وفيُّهُ
بادي الدراية مطلع
يرعى الودادَ كانهُ
هو للمودِة مشترع
سامي الذكا عالى النُهى
والعلم فيهِ مجتمع
ولذا اخترعت مديحهُ
يا حسنَ مدح المخترع
افديك ياراعي الوفا
بالنفس مـَا وِترٌ شُفع
حتى مَ تكتمُ نفسك الـ
ـفُصلى فدع هذا وذع
هل تختفي شمسُ الضحى
والغيم عنهَا منقشع