مرآة الحسناء (1872)/قافية الغين



قافية الغين


وقال
دعني وشأنكَ لا تكن بي لاغي
فانا لربّ العذل لستُ بصاغِ
كيف السلوُّ عن الهوى وجوارحي
بجميع الحانِ الغرامِ تناغي
يا من بغى سلوانَ قلبيَ انتَ في
طلب المحالِ وكم يخيبُ الباغي
لو كنتَ تعلمُ من احبُّ من الدمى
لعذرتني عوضَ الملام الطاعي
غيداءُ قد صاغ الجمالُ الجيدها
طوقَ السنى فاكرمْ بلطف مصاغِ
وغزالةٌ صبغِ الحياءُ خدودَها
اذ اقبلت نحوي بخير صباغِ
وافرحناهُ من التقينا بعدَ ان
ضرمَ الفراقُ لهيبهُ بدماغي
واطلت لثمَ المعصمينِ محاولاً
إيداعهُ في الثغر والاصداغِ
حتى جنت ارساغُها من عبرني
دُرَراً وبحلو الدرُّ في الارساغِ
ارسلتُ دمعيَ كي يبلّغها الهوى
عني وليسَ عليهِ غير بلاغِ
وقال
للهِ عينٌ بعلم السحر قد نبعتْ
فما بعث ان تمنَّت قتلتي وبَغَتْ
وقامةٌ مثلَ غصن البانِ قد خطرت
في مهجة الصبِّ منها شمسهُ بَزَغت
من لي بها غادةً جارت وما رَحَمتْ
أشكو ولم أَرَها يومًا إليَّ صغت
ربيبةٌ كلُّ حسنٍ تحتَ برقعها
وكلُّ باهرةٍ للناظرين طغت
لو لم تكُنْ قتلت قلبي بمقلتها
ما برقعت وَجَناتٍ من دمي صُبغت
مهما جَنَتْ فأنا راضٍ بما رَضيَتْ
وكلُّ نفسٍ عَصَتْ أمرَ الحبيبِ بغت
لولا تذلُّلُ نفسي في الغرامِ لما
كانت إلى شمس ذاك الخدر قد بلغت
آليتُ حلفةَ صدق لا سلوتُ وقد
آلت ولكنني برِّيتُ وهيَ لغت
أصلت فؤَاديَ نارًا قطُّ ما لطفت
ولاطفتها دموعٌ كالبحار طغت
ذي أبحرُ الدمعِ سحرُ الطرفِ حولها
إلى دمٍ أزبدت من زفرتي ورغت
أفدي عيونًا رمتني والجفونُ لها
كنانةٌ من نبال الغنج ما فرغت
لمَّا أضعنَ فؤَادي رحتُ أنشدُهُ
بين الطلى والحلى حيث النجوم صغت
يا للهوى من لقلبٍ قلبتهُ على
نار الجوى حدقٌ في جنَّةٍ ربغت
ذي جنَّةُ الحسن منها للحشى سَقَرٌ
وألسنُ النار عنها للقلوبِ نغت
كم نعمةٍ أنتجتها نقمةٌ دمغت
ونقمةٍ أولدتها نعمةٌ سبغت