مستخدم:Zofthej/إيساغوجي

إيساغوجي

عدل

مدخل فرفريوس الصوري تلميذ أفلوطين

عدل

لمّا كان من الضروري لمعرفة مذهب أرسطوطاليس في المقولات ، أنْ نعرفَ ما الجنس ، والفصل ، والنوع ، والخاصة ، والعرض ؛ وكان العلم بها ضروريًا كذلك في تركيب الحدود ، وبوجه عام في معرفة ما يخص القسمة والبرهان ، وهي أمور عظيمة النفع ، فسوف أعرض عليك ـ يا خريساريوس ـ بيانا دقيقًا ، وأجتهد في قول وجيز على سبيل المدخل ، أن ألخص ما ذكره سلفنا ، متجنبًا المباحث الشديدة الصعوبة ، فلا أبحث إلا المسائل البسيطة إلى حدّ ما . وأولا ، لن أبحث عما إذا كان للأجناس والأنواع وجود في الأعيان أم أنَّ وجودها ليس إلا مجرد تصورات في الأذهان ؟ وإنْ كانت موجودة في الأعيان أهي جسمية أو لاجسمية ؟ وأخيرًا أهي مفارقة أم لاوجود لها إلا في المحسوسات ومنها تتركبُ ؟ وهذه مسألة صَعْبَة تحتاج إلى شرح آخر أكثر بسطًا . لهذا لن أعرض عليك هاهنا إلا أفضل ما ذكره القدماء في المنطق ، وبخاصة المشائين منهم ، عن هذا الأمر وغيره من الأمور التي عددناها .

القول في الجنس

عدل

يُشْبِهُ ألا تكون دلالة الجنس والنوع بسيطة يقال جنس لجماعةِ قوم لهم نسبةٌ بوجه من الوجوه إلى واحدٍ أو لبعضهم إلى بعض ، على المعنى الذي يقال به جنس الهرقليين مِنْ قِبَل نِسْبَتهِم مِنْ واحدٍ ، أعني من هرقل ، إذْ كان جماعة القوم الذين لبعضهم قرابةٌ إلى بعضٍ مِنْ قِبَله قد يدعي جنسا بانفصالهم من سائر الأجناس الأخر . وقد يُقال أيضًا على جهة أخرى جنسٌ لمبدإ كون كل واحدٍ واحدٍ ، إمَّا من الوالد أو مِنَ الموضع الذي يكون فيه الإنسان ، فإنّه على هذه الجهة نقول : إنَّ أورسطس من طَنْطَالُس ، وأولس من إيرقلس . ونقول أيضًا إنَّ جنسَ أفلاطن أثيني ، وجنسَ فنطارس ثيباي ؛ وذلك أنَّ البلدَ مبدأٌ مّا لكون كلِّ واحدٍ كالأب . ويُشْبِهُ أَنْ يكونَ هذا المعنى أَبْيَنَ ، وذلك أنَّ الهرقليين هم المتناسلون في جنسهم من هرقل ، إذ كان جماعة القوم الذين لبعضهم قرابة إلى بعض من قِبَله قد يدعى جنسا بانفصالهم من سائر الأجناس الأخر.

وقد يقال أيضا على جهة أخرى جنس لمبدإ كون كل واحد واحد ، إما من الوالد أو من الموضع الذي يكون فيه الإنسان ، فإنه على هذه الجهة نقول : إنّ أورسطس من طنطالس ، وأولس من إيرقلس . ونقول أيضا إنّ جنس أفلاطن أثيني ، وجنس فنطارس ثيباي ؛ وذلك أنّ البلد مبدأ ما لكون كل واحدٍ كالأب . ويشبه أن يكون هذا المعنى أبين وذلك أنّ الهرقليين هم المتناسلون في جنسهم من هرقل ، والققروقيديون هم الذين من ققروقس وقراباتهم . وسُمي أولا جنسًا مبدأُ كون كل واحدٍ ، وبعد ذلك جماعة القوم الذين من مبدإ واحد بمنزلة هرقل . فأما إذا فصلناها وفرقناها من سائر الجماعات الأخر سمينا جماعتهم جنس الهرقليين.

وقد يقال أيضا على جهة أخرى جنس الذي يرتب تحته النوع وخليق أن يكون إنما سمي جنسا لمشابهة هذين الموصوفين لأن هذا الجنس هو مبدأ ما للأنواع التي تحته ويُظن به أنه يحوي كل الكثرى التي تحته.

فإذ كان الجنس يقال على ثلاثة أنحاء، فقول الفلاسفة إنما هو في الثالث منها وهو الذي رسموه بأن قالوا: الجنس هو المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو، مثال ذلك الحي لأن الأشياء التي تحمل منها ما تقال على واحد: كالأشخاص بمنزلة سقراط، وهذا الشخص وهذا الشيء؛ ومنها ما يقال على كثيرين كالأجناس والأنواع والفصول والخواص والأعراض التي تعرض على جهة العموم لا التي تعرض لشيء على جهة الخصوص. فالجنس كالحي والنوع كالإنسان والفصل كالناطق والخاصة كالضحاك والعرض كالأبيض والأسود والقيام والجلوس.

فالأجناس تخالف الأشياء التي تحمل على شيء واحد فقط مما توصف به من أنها تحمل على كثيرين. وتخالف الأشياء التي تقال على كثيريت بأشياء؛ من ذلك أنه يخالف الأنواع بأن الأنواع وإن كانت تحمل على كثيرين فإنها ليست تحمل على كثيرين مختلفين بالنوع، بل كثيرين مختلفين بالعدد. فإن الإنسان إذ هو نوع قد يُحمل على سقراط وفلاطن اللذيْن ليسا يختلفان بالنوع ولكن بالعدد. فأما الحي فإذ هو جنس قد يُحمل على الإنسان والفرس والثور الذين بعضهم يخالف بعضًا وبالنوع لا بالعدد فقط.

فأما الخاصة فقد يخالفها الجنس من قِبَل أن الخاصة إنما تُحمل على نوع واحد وهو النوع الذي هو له خاصة، وعلى الأشخاص التي تحت ذلك النوع، كالضحاك فإنه يُحمل على الإنسان فقط، وعلى أشخاص الناس. فأما الجنس فليس إنما يُحمل على نوع واحد ولكن على أنواع كثيرة مختلفة.

وقد يخالف الجنس الفصول والأعراض العامية من قِبَل أن الفصول والأعراض التي تعرض على جهة العموم وإن كانت تُحمل على كثيرين مختلفين بالنوع ، إلا أنها ليست تحمل من طريق ما هو إذا سئلنا عن ذلك الشيء الذي تحمل عليه هذه ، بل إنما تُحمل من طريق أي شيء هو وذلك أنّا إذا سئلنا عن الإنسان أي حيوان هو، قلنا: ناطق. وإذا سئلنا عن الغراب أي حيوان هو، قلنا: أسود. والناطق فصل والأسود عَرَض. أما إذا سئلنا عن الإنسان ما هو، أجبنا بأنه حيوان لأن جنس الإنسان قد كان الحيوان.

فيصير قولنا في الجنس بأنه محمول على كثيريت يفصله من الأشياء التي تُحمل على شيء واحد وهي التي لا تتجزأ الأشخاص. وقولنا إنه يُحمل من طريق ما هو يفصله من الفصول ومن الأعراض العامية التي ليست تحمل من طريق ما هو ولكن من طريق أي شيء هو أو كيف حاله. فليس تحوي إذن الرسم الموصوف لما يقوم في الوهم من الجنس زيادة وال نقصانًا.

القول في النوع

عدل

ص71

https://archive.org/details/isagogeporphyry/page/n67/mode/2up