نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/أبو براء العامري


بعض فرسان قبائل قيس عيلان

من مضر في الجاهلية

منهم أربعة أبو براء عامر بن مالك الملقب بملاعب الأسنة، وابن أخيه عامر بن الطفيل بن مالك، ودريد بن الصمة، وعنترة العبسي.

أبو براء

فأما أبو براء فكان سيد بني عامر في الجاهلية وفارسهم ربعهم أربعين مرباعًا، والمرباع أخذ الرئيس رُبْع الغنيمة إذا غزوا، ولقب بملاعب الأسنة يوم السوبان، وكان بين بني عامر وبني تميم صمد له فارسان من بني تميم كلما طعنه أحدهما انقلب إلى جنب الفرس، فقال رجل: ما هذا إلا ملاعب الأسنة وفرَّ عنه أخوه طفَيلٌ في ذلك اليوم فقال فيه الشاعر:

فررتَ وأسلمت ابن أمك عامرًا
يلاعبُ أطرافَ الوشيج المقوَّم

وقال في أبي براء:

ولاعبَ أطرافَ الأسنة عامر
فراح له حظ الكتيبة أجمع

وقد أدرك أبو بَرَاء البعثة وهو شيخ كبير، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسلم ولم يبعد وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية فلم يقبلها، وقال: لو كنت قابل هدية مشرك لقبلت هدية هذا، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إني أرى دينك هذا حسنًا فابعث معي رجالًا من أصحابك يدعون أهل نجد إليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أخاف عليهم من أهله»، فقال: أنا جارٌ لهم ثم سافر إلى بلاده وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم وراءه سبعين من القَّراء إلى أهل نجد ومعهم كتاب إلى عامر بن الطفيل ابن أخي أبي براء، فلما نزلوا موضعًا يقال له: بئر معونة، أرسلوا حَرام بن مِلحان الأنصاري بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيْل، فلما جاءه أعطاه الكتاب فلم ينظر فيه وطعن حرامًا فقتله، وكان قد غلب على رئاسة عمه لما هَرِم واستصرخ على الصحابة قبائلَ بني عامر فامتنعوا وقالوا: قد أجارهم عمك ولا نخفر ذمته فذهب إلى بني سليم فاستنفرهم، فأجابته بنو رِعل وبنو ذَكوان، وأتى بهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم لا يشعرون حتى غشيتهم الخيل، فقاموا وقاتلوا فاستشهدوا كلهم إلا عمرو بن أمية الضمري، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هذا عمل أبي بَراء وقنت شهرًا يدعو على رِعل وذَكوان، فغضب أبو براء وقال: استضعفني عامر لما هرمت وخفر ذمتي وشرب الخمر صِرْفًا حتى مات كافرًا.

ومن شعره لما أسن وضعفه بنو أخيه وخرَّفوه ولم يكن له ولد يحميه قوله:

دفعتكُمُ عَنِّي وما دَفْع راحةٍ
بشيء إذا لم تستطع بالأنامل
يُضَعفِّني حلمي وكثرة جهلكم
عَليّ وأني لا أصول بجاهل