نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/عامر بن الطفيل


عامر بن الطفيل

وأما الشقي عامر بن الطفيل، فإنه بعد هذه الواقعة قال: كادت العرب أن تتبع قدمي ويريد القرشي أن أتبعه، ثم وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن عمه أربد، وكان فاتكًا، وكان اتفق معه على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: إني أشغله عنك بالحديث فاضربه أنت من خلفه بالسيف، فلما دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام فقال: ما تجعل لي إن اتبعتك، فقال أعنة الخيل، قال: أو ليست لي لأَملائنَّها عليك خيلًا جُرْدا ورجالًا مردًا ولأربِطَن بكل نخلة فرَسًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يأبى الله ذلك وأبناء قَيْلة» يعني: الأنصار، فدخل أُسَيد بن حُضَير رضي الله عنه وجعل يضربهما على رؤسهما بنعل الرمح ويقول: اخرجا أيها الهِجرِسان، فقال له عامر: من أنت؟ قال: أسيد بن حضير، قال: أبوك كان خيرًا منك، قال: كذبت أنا خير منه ومنك؛ لأنكما مشركان وأنا مسلم، فخرجا فقال النبي: «اللهم اكفني عامرًا بما شئت»، وقال عامر في الطريق: ويلك يا أربد، أين ما قلت لك؟ والله ما كان رجل على وجه الأرض هو أخوف عندي على نفسي منك، وأيم الله، لا أخافك بعد اليوم أبدًا، فقال أربد: لا تعجل عليَّ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلتَ بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف، حتى إذا كانا ببعض الطريق بعث الله إلى عامر الطاعون في عنقه فقتله في بيت امرأة من بني سَلُول فجعل يقول: أغدةً كغدة البعير وموتًا في بيت سلولية وذلك لأن بني سَلُول كانوا محتقرين في العرب، ونزلت صاعقة على أربد بعدما وصل أهله فقتلته ومن شعر عامر بن الطفيل قوله:

وإني وإن كنت ابن سيد عامر
وفارسَها المشهور في كل موكب1
فما سوَّدتْني عامر عن وراثة
أبي الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها وأتَّقى
أذاها وأرمي من رماها بمنكبي2


  1. وفي «مروج الذهب» للمسعودي تدل الشطر لثاني ما نصه (وفي السر منها والصريخ المهذب).
  2. وفي مروج الذهب (بمقنب) بدل «بمنكبي» والمقنب: مخلب الأسد: أو الكتيبة.