نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/البراء بن مالك



البراء رضي الله عنه

هو ابن مالك بن النضر أخو أنس بن مالك خادِم النبيَّ صلى الله عليه وسلم من أبيه الشجاعُ الباسل، والغضنفر الصائل شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عدا بدرًا، وكان رضي الله عنه إذا اشتبكت الحرب تأخذه نُفْضَةُ شديدة فيبرك عليه رجال حتى يسكن ثم يقوم فيبول دمًا، ويَهجِم على العدوِّ مثل الأسد فيحصد كل من دهمه.

ولاَّه خالد بن الوليد يوم اليمامة على الخيل ثم عزله وجعله على الرِّجالة وولى على الخيل أسامة بن زيد فلم يغن غَناءه، فلما اشتد البأس وانهزم الأعراب بالصحابة ناداه خالد أن اركب في الخيل يا براء، فقال له: أين الخيل الآن وقد عزلتني، وتشتت الناس؟ فقال خالد: اركب ليس هذا بوقت عتاب فركب وطلع على رَبْوة ونادى: يا خيل الله، ويا لَلْمهاجرين والأنصار إليَّ أنا البراء بن مالك فثابت إليه الخيل من كل ناحية قائلين لبيك لبيك، فحمل بهم على بني حَنيفة حملة ضعضعهم بها وفعل أفعالًا عظيمة في ذلك اليوم، ودخل حديقة الموت على مسيلمة، ويقال: هو الذي قتله، وجرح في ذلك اليوم جراحات عظيمة فجلسوا يداوونه شهرًا.

وحضر فتوح فارس وكان له بها اليد البيضاء، واستشهد بحصن تستر.

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رب أشعث أغبر لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرَّه منهم البراء بن مالك» فلما كان يوم تستر انكشف المسلمون، فقالوا: يا براء اقْسِم على ربك، فقال: اقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك، وقَتل في هذا اليوم مائة مبارزة ثم حمل فحمل الناس معها فقتل مَرْزُبان الزَّأْرة من عظماء الفرس، وأخذ سلَبه فانهزم الفرس، واستشهد هو رضي الله عنه وذلك في خلافة عمر.