نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/القعقاع بن عمرو التميمي



بعض الشجعان من سائر قبائل العرب

القَعقاع بن عمرو التميمي

أخو عاصم كان من الشجعان المشهورين والفرسان المعدودين، كان أبو بكر رضي الله عنه يقول: لَصوت القَعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل، وله في قتال الفرس بالقادسية وغيرها بلاء عظيم، ومن شعره:

ولقد شهدت البرقَ برقَ تِهامةٍ
يَهدي المثاقب راكبًا لتعار1
في جند سيف الله سيف محمد
والسابقين لِسنَّةِ الأحرار

فكتب عمر إلى سعد: أيُّ فارسٍ أفرسَ في حرب القادسية؟ فكتب إليه سعد: إني لم أرَ مثل القعقاع بن عمرو حمل في يوم ثلاثين حملة في كل حملة يقتل بطلًا.

قال ابن عساكر: يقال: إن له صحبة، كان أحد فرسان المسلمين وشعرائهم، شهد فتح دِمَشق وأكثرَ فتوح العراق، وله في ذلك أشعار مشهورة، وحينما اجتمعت الفرس على حرب العرب القادسية، وحشد لهم عمر قبائل العرب؛ أرسل إلى خالد بن الوليد أن أرسل جمعًا من جيشك إلى العراق، وأمِّر عليهم هاشم بن عتبة، وقد تقدم في ترجمته، وأن القَعقاع كان على مقدمته، وكان المسلمون في اليوم الأول من أيام القادسية تعِبوا تعبًا شديدًا من جهة الفِيَلة التي كانت مع فارس لِنُفور خيل المسلمين منها، فلما جاء القَعقاع في اليوم الثاني من أيام القادسية قال له سعد: دبَّر لنا حيلة، فألبسَ الجمال جِلالًا، وأرسلها على خَيْل الفرس فنفرت منها، فخلف الرجال بعضهم إلى بعض، ثم حملت الفِيَلة على المسلمين فآذتهم وكان فيلٌ أبيض وآخرُ أجرب قائدين لتلك الفِيلَة كلها تُقدِم بإقدامهم وتتأخر بتأخرهما، فقال سعد رضي الله عنه للقعقاع، وحمال بن مالك الأسدي: دبِّرا حيلة في هذين الفيلين، فقال القعقاع: أنا وأخي عاصم نكفيك الفيلَ الأبيض، وحمال بن مالك وأخوه يكفيانك الفيل الأجرب، فتقدم القعقاع وأخوه إلى الأبيض فطعنه عاصم بالرمح في عينه وضربه القعقاع بالسيف على خُرطومه فقطعه، وفعل حمال بن مالك وأخوه في الأجرب مثل ذلك، فَعَوى الفيلان وألقيا ما على ظهرهما من الرجال والصناديق فطحَنَاهم وأدبرَا هاربين نحو النهر ودماؤهما تسيل، فلما رأت سائر الفيلة ذلك فعلت مثلَ فِعلها وتبعتْهُما فتنفست الشِّدة عن المسلمين بسبب فِعل القَعقاع  رضي الله عنه، وخَلصوا إلى عدوِّهم فهزموهم، وكان على كردوس في فتح اليرموك وهو القائل:

يَدْعُون قَعقاعًا لكل كريهة
فيجيب قَعقاعٌ دعاءَ الهاتِف

واستمد خالد أبا بكر لما حاصر الحِيرَة فأمدَّ بالقعقاع، وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وهو الذي غنِم في فتح المدائن أدراعَ كِسرى وكان فيها دِرع لهرقل، ودِرع لخاقان، ودِرع للنعمان بن المنذر وسيفه وسيف كسرى، فأرسلها إلى سعد.


  1. تعار: جبل ببلاد قيس.