تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب/الباب الثالث/القاعدة الأولى


القاعدة الأولى في التغطيس وصفته

اعلموا رحمكم الله أن لوقا قال في إنجيله إن عيسى عليه السلام قال من تغطس دخل الجنة ومن لم يتغطس دخل جهنم خالدا فيها أبدا فمن أجل هذا النص تعتقد النصارى أنه لا يمكن دخول الجنة إلا بالتغطيس. فيقال لهم ما تقولون في إبراهيم وموسى وإسحاق وجميع الأنبياء في الجنة أم لا؟ فلا بد أن يقولوا هم في الجنة. فيقال لهم كيف دخلوها ولم يتغطسوا؟ وهم مجيبون عن هذا بأن الاختتان أجزأهم عن التغطيس. فيقال لهم ما تقولون في آدم ونوح وذريته لصلبه فإنهم ما اختتنوا ولا تغطسو قط وهم في الجنة بنص أناجيلهم وإجماع علمائهم وليس لهم عن هذا جواب البتة. واعلموا أن هذه القاعدة في التغطيس مما افتعلوه مكذوبا في أناجيلهم وافتروا في ذلك على الله وعلى رسوله عيسى عليه السلام.

وصفة التغطيس أن في كل كنيسة حوضا من رخام أو كدان يملأه القسيس بالماء ويقرأ عليه ما تيسر من الإنجيل ويرمي فيه ملحا أو شيئا من دهن البلسان فإذا كان أحد يطلب أن يتغطس ممن تنصر وهو رجل كبير السن فيجمع له بعض أعيان النصارى مع القسيس ليشهدوا عليه بزعمهم بين يدي الله تعالى بالتغطيس ويقول له القسيس عند حوض الماء المتقدم الذكر يا هذا اعلم أن التنصر أن تعتقد أن الله ثالث ثلاثة وتعتقد أنك لا يمكن لك دخول الجنة إلا بالتغطيس وأن ربنا عيسى هو ابن الله وأنه التحم في بطن أمه مريم وصار إنسانا وإلها فهو إله من جوهر أبيه وإنسان من جوهر أمه وأنه صلب ومات وعاش وصار حيا بعد ثلاثة أيام من دفنه وصعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه ويوم القيامة هو الذي يحكم بين الخلق وأنك آمنت بكل ما يؤمن به أهل الكنيسة فهل آمنت بهذا كله؟ فيقول المتنصر نعم فحينئذ يأخذ القسيس صحفة من ذلك الحوض ويسكبها عليه وهو يقول وأنا أغطسك بالاسم الأبوالابن والروح القدس. ثم يمسح الماء عنه بمنديل وينصرف وقد دخل في دين النصرانية.

وأما تغطيس ولدان النصارى فهم في اليوم الثامن من ولادتهم يجيء بهم آباؤهم إلى الكنيسة ويوضع الولد بين يدي القسيس فيخاطبه القسيس بالكلام المتقدم ذكره فيقرر عقائدهم عليه ويجيب عنه أبوه وأمه بقولهما نعم ثم يحملان ولدهما وقد تنصر فهذه صفه تغطيسهم لعنهم الله.

واعلموا أن الماء الذي تضعه القسيسون في احواض الكنائس منه ما يبقى أعواما وأحقابا طويلة ولا ينتن ولا يتغير فتعجب عوام النصارى من ذلك ويعتقدون أنه من بركة القسيس وبركة كنيسته ولا يعلمون ان ذلك من كثره الملح ودهن البلسان وهم اللذان يمنعان الماء من التعفن والقسيس لا يرمي ملحا ولا دهن بلسان الا في الليل أو في وقت لا يراه فيه أحد من عامة النصارى البتة وهذا من بعض حيل القسيسين في ضلالتهم وإضلالهم.

وقد كنت في ضلال جاهلية أهل ذلك الدين صنعت ذلك وغطست كثيرا من الناس فالحمد لله الذي هداني إلى الإسلام وأخرجني من الظلمات إلى النور.

تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب لعبد الله الترجمان
مقدمة الكتاب | الفصل الأول: (قصة إسلامه) | الفصل الثاني: فيما اتفق في أيام مولانا أبي العباس وولده مولانا أبي فارس عبد العزيز | الفصل الثالث في الرد على النصارى دمرهم الله | الباب الأول في ذكر الأربعة نفر الذين كتبوا الأناجيل الأربعة وبيان كذبهم لعنهم الله | الباب الثاني في افتراق النصارى على تعدد مذاهبهم وفرقهم | الباب الثالث في بيان فساد قواعد النصارى وهي التي لا يرغب عنها منهم إلا القليل وعليها إجماع جمهم الغفير ونبين الرد عليهم بنص أناجيلهم في كل قاعدة من قواعدهم | القاعدة الأولى في التغطيس وصفته | القاعدة الثانية وهي الإيمان بالتثليث | القاعدة الثالثة وهي اعتقادهم لعنهم الله أن أقنوم الابن التحم بعيسى في بطن مريم وسبب ذلك | القاعدة الرابعة وهي الإيمان بالقربان وصفته | القاعدة الخامسة وهي الإقرار بجميع الذنوب للقسيس وصفة ذلك | الباب الرابع في عقيدة شريعتهم لعنهم الله | الباب الخامس في بيان أن عيسى وإنما هو بشر آدمي مخلوق نبي مرسل عليه الصلاة والسلام | الباب السادس في اختلاف الأربعة الذين كتبوا الأناجيل الأربعة وبيان كذبهم لعنهم الله | الباب السابع فيما نسبوه لعيسى من الكذب وهم الكاذبون لعنهم الله وعيسى قد برأه الله من جميع أقوالهم واعتقادهم | الباب الثامن فيما يعيبه النصارى دمرهم الله على المسلمين أعزهم الله | الباب التاسع في ثبوت نبوة نبينا محمد بنص التوراة والإنجيل والزبور وتبشير الأنبياء ببعثته ورسالته وبقاء ملته إلى آخر الدهر صلوات الله عليهم أجمعين