تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب/الباب الثالث/القاعدة الخامسة


القاعدة الخامسة وهي الإقرار بجميع الذنوب للقسيس وصفة ذلك

اعلموا رحمكم الله أن النصارى يعتقدون أنه لا يمكن دخول الجنة إلا بعد الإقرار بجميع الذنوب للقسيس وأن كل من يخفي عليه ذنبا فلا ينفعه إقراره فهم في كل سنة يمشون إلى الكنائس ويقرون بجميع ذنوبهم إلى القسيس الذي يقوم بكل كنيسة. وفي كل وقت لا يقر أحد بذنب إلا إذا مرض وخاف الموت فإنه يبعث إلى القسيس فيصل إليه ويقر له بجميع ذنوبه فيغفرها له وهم لعنهم الله يعتقدون أن كل ذنب غفره القسيس فإنه مغفور عند الله تعالى فمن أجل ذلك صار البابا الذي يكون بمدينة رومة فهو خليفة عيسى في الأرض بزعمهم يعطي لمن يشاء البراآت بغفران الذنوب والتزحزح عن النار ودخول الجنة ويأخذ على ذلك الأموال الجليلة. وكذلك يفعل من ينوب عنه في جميع أرض النصارى من القسيسين يعطون البراآت بفغران الذنوب والتزحزح من النار وإيجاب الجنة، ويأخذ على ذلك الأموال الجليلة وكذلك يفعل من ينوب عنه في جميع أرض النصارى من القسيسين يعطون البراآت بالمغفرة وإيجاب الجنة والنجاة من النار وتأخذ النصارى هذه البراآت بعد أن يعطوا عليها لمن يكتبها لهم المال الجزيل فيخبؤها عندهم حتى إذا مات أحدهم جعلت تلك البراءة في كفنه واعتقادهم يقينا أنهم يدخلون الجنة بتلك البراءة. وهذا من حيل القسيسين على أخذ أموال النصارى.

فيقال لهم لأي شيء تصنعون هذا ولم يأمركم به عيسى ولا هو منصوص في شيء من أناجيلكم ولا تجدون في كتبكم أن مريم أم عيسى والحواريين وتلاميذ عيسى ما أقروا بذنب قط لعيسى الذي زعمتم أنه الله وابن الله وهو أقرب على قولكم لمغفرة الذنوب من جيمع القسيسين؟ ثم إن القسيس لا شك عندكم في أنه بشر مثلكم وربما تكون له ذنوب أكثر من ذنوبكم لا سيما في تكفير ما لم يرائيه وإضلالكم فمن هو الذي يغفر له ذنوبه؟ ولكنكم أنتم قوم عمي وقسيسكم أشد عمى منكم والأعمى إذا قاد أعمى وقعا في الهلاك وكذلك تقعون مع قسيسكم في نار جهنم خالدين فيها لأن المغفرة لذنوبكم مع كفركم وإشراككم قد قطع الله وصلكم منها بقوله الصادق في كتابه إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك من يشاء. فإذا كانت مغفرته لكم محالا بخبره الصادق فمغفرة القسيس أشد لكم من المحال وأقرب لسخرية الشيطان وجنوده منكم واستهزائه بكم. ومن يغفر الذنوب إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب لعبد الله الترجمان
مقدمة الكتاب | الفصل الأول: (قصة إسلامه) | الفصل الثاني: فيما اتفق في أيام مولانا أبي العباس وولده مولانا أبي فارس عبد العزيز | الفصل الثالث في الرد على النصارى دمرهم الله | الباب الأول في ذكر الأربعة نفر الذين كتبوا الأناجيل الأربعة وبيان كذبهم لعنهم الله | الباب الثاني في افتراق النصارى على تعدد مذاهبهم وفرقهم | الباب الثالث في بيان فساد قواعد النصارى وهي التي لا يرغب عنها منهم إلا القليل وعليها إجماع جمهم الغفير ونبين الرد عليهم بنص أناجيلهم في كل قاعدة من قواعدهم | القاعدة الأولى في التغطيس وصفته | القاعدة الثانية وهي الإيمان بالتثليث | القاعدة الثالثة وهي اعتقادهم لعنهم الله أن أقنوم الابن التحم بعيسى في بطن مريم وسبب ذلك | القاعدة الرابعة وهي الإيمان بالقربان وصفته | القاعدة الخامسة وهي الإقرار بجميع الذنوب للقسيس وصفة ذلك | الباب الرابع في عقيدة شريعتهم لعنهم الله | الباب الخامس في بيان أن عيسى وإنما هو بشر آدمي مخلوق نبي مرسل عليه الصلاة والسلام | الباب السادس في اختلاف الأربعة الذين كتبوا الأناجيل الأربعة وبيان كذبهم لعنهم الله | الباب السابع فيما نسبوه لعيسى من الكذب وهم الكاذبون لعنهم الله وعيسى قد برأه الله من جميع أقوالهم واعتقادهم | الباب الثامن فيما يعيبه النصارى دمرهم الله على المسلمين أعزهم الله | الباب التاسع في ثبوت نبوة نبينا محمد بنص التوراة والإنجيل والزبور وتبشير الأنبياء ببعثته ورسالته وبقاء ملته إلى آخر الدهر صلوات الله عليهم أجمعين