رجوع الشيخ إلى صباه/الجزء الثاني/الباب الخامس والعشرون

​رجوع الشيخ إلى صباه​ المؤلف ابن كمال باشا
الباب الخامس والعشرون فى القيـــاده والرســل


قيـل كـان فيمـا بين نوح وإدريس عليهمـا الســلام بطنــان من ولد آدم أحـدهمـا يسكـن السهـل والآخــر يسكن الجبل وكـان رجـال الجبل صباحاً والنساء دمـاماً ونســاء السهـلارل صباحاً ورجـاله دمـاماً فتشكل إبليس لعنـه الله فى صـورة غـــلام وكـان ذلك أول من وضع القيادة فأجر نفسـه لرجـل من أهـل السهـل فكـان يخـدمـه فإتخذ مزمــاراً فجـاء منـه بصـوت لم يسمـع النـاس مثلـه فبلغ ذلك كل من حولـه فإجتمعـو إليـه حتى يسمعـوا ذلك منـه فلذ لهـم وإختلط الرجـال بالنسـاء للذة مـاسمعـو فتنـاكحـوا وذلك أول الفاحشـه فيهم ، وقـال الهنـدى إذا أراد الرجـل أن يرسـل رســولاً فلتكـن إمرأه جـامعـه لهـذه الخصـال أن تكـون كتومـه للســر خـداعـه حلـوة الكــلام وتكـون إمـا بائعـه طيب أو غســاله أو صـوفيـه أو قابله أو حـاضنـه فإذا بعثهـا فليطمعهـا فى شئ يعطيهـا إياه فإنه أنجح لحــاجتـه فإذا نجحت فليزدهـا عـلى ماوعـدهـا وليكن إرســاله إياهـا بعـد فراغ أهـل الدار من غذائهـم وفراغ من فيهـا من شغلهـن وعملهـن وليكن معهـا شئ من طيب وريحـان وليكن كـلامهـا وحديثهـا لمـن جـاءت إليـه بألطف كــلام ، وقـال بعضهـم يحتـاج أن يكـون الرجـل فطنـاً حسـن العباره يحكـم بالإشــاره ومـن يلطف الرســل بمـالـه لم يبلـغ مراده فى أحـوالـه وقـد إستمـال قـوم الرسـل بالنيك : وإذا رأيت من الرسـول تمـايلاً * * * * * وتنكــرت حــالاته وجـوابـه عززت فيـه بنيكـة ووعـــــدته * * * * * أخرى فخفت مجيئــه وذهـابـه قيل أن عنان وجهت إلى أبى نواس رقعه تدعوه مع وصيفه لها وكان مكتوب بها مكتـوب : زرنـا لتأكل معنـا * ولاتغيب عنـا وقد عزمنـا عـلى الشـر * بصبحه وإجتمعنـا فلمـا وصلت الجــاريـه إليـه إستحسنهـا وراودهـا أبو نواس عن نفسهـا وناكهـا وقـال فى جـواب الرقعـه : نكنـا رسول عنان * والرأى فيمـا فعلنـا * وكـان خـلا وبقـلاً * قبل السؤال أكلنـا جذبتهـا فتمشت * كالغصـن لمـا تثنى * فقلت ليـس عـلى ذى الفعال كنـا إنقطعنـا قــالت وكم تتجنى * طولت نكنــــــا ودعنـــا