رسالة ابن فضلان (ت. سامي الدهان) /في بخارى


٣

[في بخارى] ثم رحلنا إلى « بيكند»١. ثم دخلنا « بخارا»٢، وصرنا إلى الجيهاني٣ وهو كاتب أمير خراسان ، وهو يدعى بخراسان الشيخ العميد ، فتقدم بأخذ دار لنا ، وأقام لنا رجلاً يقضي حوائجنا ويزيح عللنا٤ في كل ما نريد ، فأقمنا أياماً.

رحلة ابن فضلان - في بخارا ثم استأذن لنا على نصر بن أحمد ) فدخلنا إليه وهو غلام أمرد ، فسلمنا عليه بالامرة، وأمرنا بالجلوس . فكان أول ما بدأنا به أن قال : « كَيْفَ خَلَّفْتُم مولاي أمير المؤمنين ؟ أطال الله بقاءه وسلامته في نفسه وفتيانه وأوليائه - ) فقلنا : « بخير » ، قال : « زاده الله خيراً » . (۲) ثم قُرئ الكتاب عليه بتسلم ، أَرتَخُشْتَين ، من الفَضْلِ بن موسى النصراني وكيل ابن الفرات ، وتسليمها إلى أحمد بن موسى الخوارزمي ، (۳) وانفاذنا ، والكتاب إلى صاحبه بخُوارزم بترك (٣) العرض لنا ، والكتاب بياب التَّرْكِ يبذرقتنا ) وترك العرض لنا . فقال: « وأين أحمد بن موسى ؟ « فقلنا : : « خلفناه بمدينة السلام ليخرج خلفنا لخمسة أيام » . فقال : « سمعا وطاعة لما أمر به مولاي أمير المؤمنين - أطال الله بقاءه . . (۱) نمر بن أحمد بن نصر السلاماني ، أحد الملوك المشهورين في السامانية وهو صاحب خراسان - كان في الثامنة من عمره حين قتل أبوه ، حكم من سنة ٣٠١ - ٣٣١ ه . (۲) في الأصل : « بتسليم » ولعلها كما رسمنا - (۳) في الأصل : « يترك » - والعرض : كل شي سوى الدراهم والدنانير من المناع . (٤) بذرقة : اتخاذ الدليل أو الحراس ، كما في تكملة معاجم العرب لدوزي ، ٦٠/١ ، وهنا يعنى أن غرس البعثة بجنود يحمونها وهي Escorte o » بالافرنجية ، وفي شرح القاموس أن بذرقة تكون بالذال المعجمة والمهملة معاً ، وأنها مركبة من بد ، وراه والمعنى الطريق الرديء ، فارسية معربة . رحلة ابن فضلان - في بخارا فال :

وأتصل الخبرُ بالفضل بن موسى النصراني وكيل أبن الفرات فأعمل الحيلة في أمرٍ أَحمد بن موسى ، وكَتَبَ إِلَى عُمَّالِ المُعَاوِن (1) بِطَريقِ خُراسان من جُند سرخس إلى بيكند : « أَنْ أَذْكُوا العُيُونَ على أحمد بن موسى الخوارزمي في الخانات والمراصد ) وهو رَجُلٌ مِن صِفَتِهِ وَنَعْتِه ، فمن ظفر به فليعتقله ) إلى أَن يَرِدَ عليه كتابنا بالمَسْئَلَةِ : فَأُخِذَ بمَرْو وأعتُقِل . وَأَقمنا نحن بُخَارا ثمانية وعشرين يوماً . وقد كان الفضل بن موسى أيضا واما عبد الله بن باشتو وغيره من أصحابنا يقولون : « إن (٤) أقمنا هجم النشاء وفاتنا الدخول ، وأحمد بن موسى إذا وافانا ) لحق بنا . (۱) عامل المعاون ، أو صاحب المعاون أو عامل المعونة ، وهو قائد الشرطة أو الأمن ، كما في تكمله معاجم العرب لدوزي ٢ / ١٩٢ (۲) المرصد : مر کر جنود الجمارك والحراس الحدود على الدروب والأمن ، كما في معجم دوزي ٥٣٣/١ والراصد هو الجندي المسكاف بحراسة الحدود وأمن الطرق وسؤال المسافرين - وأذكى على الرجل العيون : أرسل عليه الطلائع . (۳) في الأصل : « فليم تلقه .. ولعلها « فليعتقله » بتقديم القاف على اللام ، كما يرد بعد كلمات ، حيث يقول : « واعتقل » ہے (1) في الأصل : « وافلنا » وهي خطأ من الناسخ ، وصوابها « وافانا » ۷۹

رحلة ابن فضلان - في بخارا

قال : ورأيتُ الدراهم ببخارا ) ألواناً شتى منها دراهم يقال لها (۳) الغطريفية (۳) : وهي نحاس وشبه ) وصفر ، يوخذ منها عدد بلا وزن ، مائة منها | بدرهم فضة . وإذا شروطهم في مهور نسائهم : تَزَوَّجَ [۱۹۸] فلان ابن فلان فلانة بنت فلان على كذا وكذا ألف درهم غطريفية . وكذلك أيضا شراء عقارهم وشراء عبيدهم، لا يذكرون غيرها مِنَ الدَّراهم . ولهم دراهم أخر صفر وحده ؛ أربعون منها بدانق . ولهم أيضاً درام صفر يقال لها السمر قندية ستة منها بدائق . .

(۱) تحدث ياقوت عن الدراهم ببخارا كذلك فقال ۱ / ٥۱۹ : « وكانت معاملة أهل بخارا في أيام السامانية بالدراهم . ولا يتعاملون بالدنانير فيا بينهم . فكان الذهب كالسلع والعروض . وكان لهم دراهم يسمونها الغطريفية من حديد وصفر وآنك ، وغير ذلك من جواهر مختلفة ، وقد ركبت ، فلا تجوز هذه الدراهم إلا في بخارا ونواحيها وحدها » - انظر الحضارة الاسلامية لمتز ، بالعربية ٣١٧/٢٠، والاصطخري ٣٢٣،٣١٤. (۲) الدراهم الفطريقية أو المطارفة ، وهي دراهم كانت معتبرة جداً في بخارا ، ضربها غطريف بن عطاء عامل خراسان لعهد الرشيد. والدرهم يساوي سنة دوائق ، والدائق يساوي اثني عشر قيراطاً - انظر تكملة معاجم العرب الدوزي ٢ / ٢١٦ ، والمصادر السابقة المذكورة . (۳) الشبه : محركة ، النحاس الأصفر كالشبه بكسر الشين وسكون الباء ، والصفر مثلها . ( ٤ ) في الأصل « دراهم أخذ ، وهي مصحفة عن كلمة « دراهم آخر » واسعتمل التعبير نفسه ياقوت ٥٠٩/١ في الكلام عن بخارا ولعل الجملة تستقيم حين يقول « من الصفر وحده ، على شكل أجمل وفي طبعة وليدي : « وحده أربعين . J (ه) في الأصل : « أربعين منها » وأملها خطأ من الناسخ .


  1. بیکند : بالكسر وفتح الكاف وسكون النون - ذكرها ياقوت ۷۹۷/۱ وقال : إنها بلدة بين بخارا وجيحون على مرحلة من بخارا ، كانت كبيرة ، وبها رباطات كثيرة نحو ألف ، خريث منذ زمان
  2. بخارا : من أعظم المدن ، ذكرها ياقوت ١/٥٧١، قال انه يعبر إليها من آمل الشط، بينها وبين جيحون يومان وكانت قاعدة ملك الامانية بينها و بين سمرقند سبعة أيام. وبينها وبين مرو ١٢ مرحلة.
    وهي اليوم من أشهر المدن في أوزبكستان من الولايات السوفيتية
  3. أبو عبد الله محمد بن أحمد الجيباني ، ذكره ابن العديم في كتابه بغية الطلب المخطوط ، ۲۱/۱ قال : «هو وزیر صاحب خراسان، كان له كتاب المسالك والمالك ضاع ، وقام مكاله كتاب البلدان لابن الفقيه الهمذاني كما يقول ابن النديم سلحه من كتابه» - وذكره غيره ، فانظر في احسن التقاسيم لمقدسي ۳۳۷ ، وفي ابن الأثير ط أوربة ۸ / ۲۸۳ ، وفي ياقوت ارشاد الأريب ٢ /٥٩ ، وذكره بروكلمن ١ / ٢٢٨ والذيل ١ / ٤٠٧ وقال انه أحمد بن محمد، وزر في بخاری ۲۷۹ ه - ۲۹٥ ه ، النصر بن أحمد الساماني .
  4. أزاح العلة : تقال خاصة في الجنود الذين يحتاجون الى أمر فتقضي حاجاتهم .