رسالة ابن فضلان (ت. سامي الدهان) /في خوارزم
[في خوارزم]
فلما سمعت كلام عبد الله بن باشتو وكلام غيرهِ يُحذَرُونَنِي١ مِنْ هجوم الشتاء ، رحلنا من « بخارا » راجعين إلى النهر فتكارينا٢ سفينة إلى « خُوَارِزْم » ، والمسافة إليها من الموضع الذي أكترينا منه السفينة أكثر من مائتي فرسخ ، فكنا نسير بعض النهار ، ولا يستوي لَنا سَيْرُه كله من البرد وشدته ، إلى أن قدمنا « خُوَارِزم » (r) فدخلنا على «أميرها محمد بن عراق خوارزم شاه٣»، فأكرمنا وقربنا وأنزلنا داراً . فلما كان بعد ثلاثة أيام أحضرنا ، وناظرنا في الدخول إلى بلد التُّرْكِ ، وقال : « لا آذن لكم في ذلك ولا يحل إليَّ تَرْككُمْ تُفَرِّرُون بدمائكم . وأنا أعلم أنها حيلة أوقعها هذا الغلام ، - يعني تكين - لأنه كان عندنا حداداً وقد وقف على بيع الحديد بلد ^\ وجد محيصا (۲) بعد ، رحلة ابن فضلان - في خوارزم الكفار ) ، وهو الذي غَرَّ نَذيراً» وحمله على كلام أمير المؤمنين ، وإيصال كتاب ملك الصقالبة إليه ، والأمير الأجل - يعنى أمير خُراسان - كان أحق بإقامة الدَّعوة لأمير المؤمنين في ذلك البلد لو . ومن بينكم وبين هذا البلد الذي تذكرونَ ، فَبَيْنَكُمْ ألف قبيلة من الكفار . وهذا تمويه على السلطان ، وقد نصحتكم . ولا بد من الكتاب ، إلى الأمير" الأجل حتى يراجع السلطان - أيده الله – في المكاتبة ، وتقيمون أنتم إلى وقت يمودُ الجواب ». فانصرفنا عنه ذلك اليوم ، ثم عاودناه ، ولم نَزَل نرفق به وَنُدَاريه ، وتقول : ( هذا أمر أمير المؤمنين وكتابه ، فما وجه المراجعة فيه ؟ » حتى أذن لنا ، فانحدرنا من خُوارزم إلى « الجرجانية » وبينها وبين « خوارزم » في ألماء خمسون فرسخا (۱) وهذا برهان جديد على أن الأتراك كانوا يسمون الصقالبة كفاراً قبل أن يذهب اليهم ابن فضلان واصحابه. (۲) المحيص : في الأصل ، المهرب ، يقال حاص عن الشر يحيص حيصاً ومحيصاً ، عدل وحاد عنه ، والمحيص : المحيد ، وفي القرآن الكريم : « سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص » . (۳) في الأصل : « أمير الأجل » فأضفنا التعريف على الأمير تصويباً . (٤) يقول ياقوت ٢ / ٤٨٠ ان خوازرم ليس اسما المدينة انما هو اسم للناحية بجملتها ، فأما القصبة العظمى فقد يقال لها اليوم الجرجانية ، وأهلها يسمونها كر كانج . ويقول ياقوت في الجرجانية ٢ / ٤. انها مدينة عظيمه على شاطيء جيحون ، وهي كوكانج فهربت إلى الجرجانية ، وقد رآها ياقوت سنة ٥٦١٦ ، فوصف بردها الشديد ، وقال انه يسكنها قوم من الأتراك والتركمان لأيامه و يجدر أن ننبه إلى أن ياقوت بدأ ينقل هنا عن ابن فضلات حرفاً حرفاً (1) Ar رحلة ابن فضلان - في خوارزم ورأيتُ درام خُوارزمَ مُزيَّفَةٌ ، ورصاصاً (1) وزيوف (٣) ، وصفراً . ويسمون الدرهم ( طازجة (۳) ) ووزنه أربعة دوانيق ) ونصف . (ه) والصيرفي منهم يبيع الكعاب () ، والدوامات ، والدراهم . (1) وهم أوحش الناس || كلاماً وطبعاً ، كلامهم أشبه شيء بصياح الزرازير ) . وبها قرية على يوم يقال لها « أردكو ) » أهلها يقال لهم الكردلية » ؛ كلامهم أشبه شيء بنقيق الضفادع . وهم يتبرون من أمير المؤمنين « عَلي بن أبي طالب » – رضي الله عنه كل صلاة - في دیر (A) (۱) في الأصل : « مزيفة ورصاص وزيوف وصفر » - وفي ياقوت ٢ / ٤٨٤ : « مزيفة ورصاصاً وزيوفاً وصفراً » فرأينا أنها من خطأ الناسخ في العربية فصو بناه . (۲) الزائف : هو الدرهم الرديء والمردود لغش فيه ، جمعه زيوف . وكان للعملة الرائعة ثمنها المحدد جهاراً ، وتسمى المزيقة ، لأن الفضة تذاب مع الزئبق - انظر كلمة « زبق » عند الجوهري ، والحضارة الاسلامية لمتز ۲/ ۳۱۹ ، ومجلة JRAS. ، مقال آمدروز سنة ١٩٠٦ ص ٤٧٩ . (۳) طازجة : النقية الخالصة ، وهي معرب تازة ، كما في المعرب للجواليقي ٢٢٩ - (2) في الأصل : « أربع ثوانيق ، وهو ضعف من الناسخ صو بناه . (0) الكتاب : جمع كعب وهو الدائق الصغير كما في معجم دوزي ١ / ٤٧٨ ومعجم Lane (1) انقص ياقوت حين النقل هذه الجملة كما يحدث عادة عند النساخ ، فجاء عنده أن كلامهم أشبه شيء بنقيق الضفادع ، وهو يأتي بعد سطر واحد - وأما التشبيه بصياح الزرازير ، فقديماً شبه النابغة الشيباني صوت العجم مثل ذلك فقال ( ديوانه طبعة دار الكتب ١٩٣٢ بمهر ص ٥٣ : أصوات عجم إذا قاموا بقربتهم كما تصوت في الصبح الخطاطيف (۷) لم نقف على موقع القوية أو اسم أهلها في المصادر ، فاعلها مصحفتان (۸) دیر : عقب كل صلاة . [۱۹۸]