عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر التاسع
في فلك الثوابت
وهو يحده سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، فالأعلى منهما مماس للفلك الأعظم المحيط بجميع الأفلاك المحرك لكلها، والأدنى منهما مماس لفلك زُحل، وهذا الفلك أيضاً يتحرك من المغرب إلى المشرق حركة بطيئة، فيقطع في كل مائة سنة جزءاً من الأجزاء التي بها تكون الدائرة ثلاثماثة وستّين جزءاً، ودورته تم في ستة وثلاثين ألف سنة وقطباها قطبا دائرة البروج التي ترسمها الشمس، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى، وقد وجد في رصد بطليموس وأرصاد من كان قبله أن جميع الكواكب الثابتة مركوزة في جرم هذا الفلك، ولذلك لا تختاف أوضاعها، وكلها تتحرك بحركة فلكها البطيئة على محيط دائرته غير مفارقة لها، وهي كثيرة مختلفة الأقدار مثبتة في جميع جرم هذا الفلك، قال بطليموس: ثخن فلك الثوابت وهو المسافة التى بين سطحه الأعلى وسطحه الأدنى أربعة وثلاثون ألفاً وسبعمائة وأربعة وأربعون ميلاً بالتقريب، وهذا المقدار هو قطر الكواكب الثابتة التي هي في العظم الأوّل، وجرم الكواكب الذي هو في العظم الأول مثل جرم الأرض أربعة وسبعين مرّة وخمس، وجرم أصغر الكواكب الثابتة وهو الذي يكون في العظم السادس مثل جرم الأرض ثماني عشرة مرّة، وقطر فلك الكواكب الثابتة وهو محدد فلك البروج مائة واحد وخمسون ألف ألف ميل وخمسمائة وسبعة وثلاثون ألفاً ومائة وأربعة وثمانون ميلاً، ولعل البعض يستبعد معرفة مقادير هذه الأجرام، ويخطر له أن الذي على سطح الأرض كيف يدري ثخن الفلك الثامن وأجرام كواكبه، فالأولى تركه الاستبعاد فإن الأمر الذي لا يعرفه هو لا يستحيل أن يعرفه غيره، ومن مارس علم الهندسة لا يتعذر عليه براهين هذه الأمور، فإن لكل عمل رجالاً، فسبحان من أبدع هذه الأجسام الرفيعة وزينها بهذه الأجسام المنيرة، وخص كل واحد منها بما شاء من المقدار، وأعطى الإنسان آلة يدرك بها هذه الأمور الغامضة، فقال تعالى: ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾.
في الكواكب الثابتة
اعلم أنّ عددها مما يقصر ذهن الإنسان عن ضبطه، لكن الأولين قد ضبطوا منها ألفاً واثنين وعشرين كوكباً، ثم وجدوا من هذا المجموع تسعمائة وسبعة عشر كوكباً، تنتظم منها ثمانية وأربعون صورة كل صورة منها تشتمل على كوكبها، وهي الصور التي أثبتها بطليموس في كتاب المجسطي بعضها في النصف الشمالي من الكرة، وبعضها على منطقة فلك البروج التي هي طريقة السيارات، وبعضها في النصف الجنوبي، فسمى كل صورة باسم الشيء المشبه بها، فوجد بعضها على صورة الإنسان كالجوزاء، وبعضها على صورة الحيوانات البحرية كالسرطان، وبعضها على صورة الحيوانات البرية كالحمل، وبعضها على صورة الطير كالعقاب، وبعضها اخرجاً عن شبه الحيوانات كالميزان والسنبلة،
ووجدوا من هذه الصور ما لم يكن تام الخلقة مثل قطعة الفَرَس، ومنها ما بعضه من صورة حيوان، وبعضه الآخر من صورة حيوان آخر كالرامي، ومنها ما لم تتم صورته حتى جعل من صورة أخرى كوكب مشترك منهما مثل ممسك الأعنة، فإن صورته لم تتم حتى جعل الكوكب النير الذي على طرفي القرن الشمالي من الثور مشتركاً بينهما، فصار على قرن الثور، وعلى رجل ممسك الأعنة، وإنّما ألفوا هذه الصورة وسمّوها بهذه الأسماء ليكون لكل كوكب اسم يعرف به متى أشاروا إليه، وقد ذكروا موقعه من الصورة وموضعه من فلك البروج، وبعده في الشمال أو الجنوب عن الدائرة التي تمر بأوساط البروج لمعرفة أوقات الليل والطالع في كل وقت،
وأمّا الكواكب الأُخر وهي مائة وثمانية عشر كوكباً، فَإنّها لم ينتظم منها شيء من الصور، فأضافوا كل ما وجدوه منها قريباً من صورة إلى تلك الصورة، وسمّوها خارج الصورة مثل النير الذي فوق رأس الحمل الذي تسمّيه العرب الناطح، وأمّا عدد الصور ومواقعها من الفلك فهي ثمان وأربعون صورة، منها في النصف الشمالي من الكرة إحدى وعشرون صورة، ومنها على البروج اثنتا عشرة صورة، ومنها في النصف الجنوبي من الكرة خمس عشرة صورة،
فلتذكر الآن كوكبة كل صورة على الانفراد، وعدد كواكبها وأسمائها وألقابها على مذهب العرب ومذهب المنجمين ليستدل بأحدهما على الآخر، ويعمل صورها المسمّاة باسمها المشبهة بها، ويرسم كل كوكبة على موقعها من الصورة ليكون مشاكلاً لما يرى في السماء، والتي هي خارجة عن الصورة ليستدل الإنسان بأخذ ارتفاعها على الأوقات، وبها على قدرة الله تعالى صانعها جلت قدرته وتقدّست أسماؤه له الحمد كثيراً.
في الصور الشمالية
وهي إحدى وعشرون صورة، وعدد كواكبها من نفس الصورة ثلاثمائة واحد وثلاثون كوكباً، والتي حوالي الصررة وليست من نفسها تسعة وعشرون كوكباً، فجميع الكواكب التي في هذا النصف من الكرة ثلاثمائة وستّون كوكباً، وهذه أسماهها:
كوكبة الدب الأصغر: هي أقرب كوكبة إلى القطب الشمالي وكواكبها من نفس الصورة سبعة، والخارج عن الصورة خمسة، والعرب تسمي هذه السبعة بنات نعش الصغرى، فالأربعة التي على المربع نعش والثلاثة التي على الذنب بنات، وتسمّي النيرين من الأربعة الفرقدين، والنير الذي على طرف الذنب الجدي، وهو الذي يتوخى به القبلة. وجميع الكواكب الداخلة في الصورة والخارجة عنها تشبه بحلقة سمكة، وتسمّى الفأس لشبهها بفأس الرحا الذي يكون القطب في وسطه، وقطب معدل النهار عنده أقرب شيء إلى كوكب الجدي.
كوكبة الدب الأكبر: كواكبه تسعة وعشرون كوكباً من الصورة وثمانية حوالي الصورة، والعرب تسمّي الأربعة النيرة التي على المربع المستطيل، والثلاث التي على ذنبه بنات نعش الكبرى، فالأربعة التى على المربع المستطيل نعش، والثلاثة التي على ذنبه بنات، وتسمّي الذي على طرف الذنب القائد، والذي على وسطه العناق، والذي يلي النعش وهو الذي على ذنب الجوزاء وفوق العناق، كوكب صغير ملاصق له، تسمّيه العرب السُّها، وهو الذي يمتحن الناس به أبصارهم، زعموا أن من نظر إليه وقال: أعوذ برب السهية من كل عقرب وحية أمن ليلته، وتسمّي الستة التي على الأقدام الثلاثة على كل قدم منها اثنان قفزات الظباء كل اثنين منها قفزة، والقفزة الأولى، وهى التى على الرجل اليمنى تتبعها الصرفة، وهي الكوكب النير الذي على ذنب الأسد، والكواكب المجتمعة التي فوق الصرفة تسمّيها العرب الهقعة تقول العرب ضرب الأسد يذنبه الأرض قفرت الظباء، والكواكب السبعة التي على عنقه وصدره وعلى الركبتين كأنّها نصف دائرة تسمّى سرير بنات نعش، وتسمّى الحوض أيضاً، والكواكب التي على الحاجب والعينين والأذن والخطم تسمّى الظباء، تقول العرب إن الظباء لما قفزّت من الأسد وردت الحوض، وأمًا الثمانية التي حول الصورة اثنان منها ما بين الهقعة والقائد وأحدهها أنور من الآخر، تسميه العرب كبد الأسد، والستة الباقية تحت القفزة الثالثة التى على اليد اليسرى ثلاثة منها أنور هي ظباء، والبواقي خفية أولاد الظباء.
فى خواص القطب الشمالي
ظاهر حوله بنات نعش الصغرى وكواكب خفية إذا جمعتها صارت فى صورة سمكة، والقطب في وسط هذه السمكة، والسمكة تدور حول القطب، زعموا أنّ لهذا القطب فوائد، منها أنّ النظر إليه وإلى الدب الأصغر يشفي من الرمد وجرب العين، وذلك أن يقوم صاحب الجرب أو الرمد ليلة الأحد إذا ظهرت النجوم بعد ساعتين من غيبوبة الشمس حيال القطب الشمالي والدب الأصغر، فينظر إليه، ثم يأخذ ميلاً من فضة يغمسه في الماورد الخالص، ويكتحل به العين، وإن كان المريض إحداهما فعل ذلك من ليلة الأحد، في كل ليلة وكلّما كان أكثر كان أجود، فإن الرمد والجرب يذهبان بإذن الله تعالى، إلا أنّ الرمد أسرع، ومنها ما زعموا أن الأسد والببر والنمر والدب إذا قامت حيال هذا القطب وأطالت النظر إليه شفيت، ومنها أن اللبوة إذا حملت فإنّه ينالها عناء، فربّما بقيت تلك الليلة لا تأكل شيئاً، ثم تأتي إلى نهر فيه ماء حار أو عين ينبع منها ماء، فتقوم في الماء إلى نصف ساقها وتنظر إلى القطب الشمالي فإنها تبرأ من الوصب.
كوكبة التنين: التنين كواكبه احد وثلاثون كوكباً في الصورة، وليس حواليها شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تسمّي الكوكب الذي على اللسان الرابض، والأربعة التي على الرأس العوائذ، وفي وسط العوائذ كوكب صغير جداً تسمّيه العرب الربع، وهو ولد الناقة، وتسمّي النيرين اللذين على مؤخره الذئبين، والاثنين اللذين هما في غاية الخفاء قبل الذئبين أظفار الذئب، وقد وقعت العوائذ بين الذئبين، وبين النسر الواقع منعطفين على الربع، فشبهت العرب النيرين بذئبين قد طمعا في استلاب الربع، وشبهت العوائذ بأربع أينق قد عطفن على الربع، وفي أصل الذئب كوكب يسمى الذيخ وهو ذكر الضباع.
كوكبة قيقاوس: كواكبه أحد عشر كوكباً في الصورة، وعشرة خارج الصورة، وهي من كوكبة ذات الكرسي، وبين الكواكب الجدي، وهو النير الذي على ذنب الدجاجة الذي يسمّى الردف، والعرب تسمّى الكوكب الذي على صدره النثرة، والذي على منكبه الأيمن الفرقد، والدائرة التي تحصل من كواكب ذراعه، وممّا هو خارج من كواكب الدجاجة من جناحها الأيمن تسمّى القدر، والذي على الرجل اليسرى يسمّى الراعي، وبين رجليه كوكب يسمّى كلب الراعي، وبين رجليه وبين الجدي كواكب صغار تسمٌّيها العرب الأغنام.
كوكبة العواء: كواكبها اثنان وعشرون كوكباً في الصورة، وواحد خارجها، وهو صورة رجل بيده اليمنى عصاء فيما بين كواكب الفكة وبنات نعش الكبرى، وتسمّي العرب الكواكب التي على الرأس، والذي على المنكبين عصا الضباع، الذي على يده اليسرى وعلى الساعد من هذه اليد وما حول اليد من الكواكب الخفية أولاد الضباع، والخارج عن الصورة كوكب أحمر نير بين فخذيه يسمّى السماك الرامح، والسماك يسمّى مفرداً حارس السماء وحارس الشمال، لأنّه يرى أبداً في السماء لا يغيب تحت شعاع الشمس، والكواكب التي على الساق اليسرى تسمى الرامح.
كوكبة الفكة: كواكبها ثمانية، يقال لها بالفارسية كاسه دورشان، وهي على استدارة خلف عصا الضباع وفي استدارتها ثلمة، ولأجل ثلمتها يقال لها قصعة المساكين، ومن كواكبها كوكب يقال له النير عن الفكية.
كوكبة الجاثي: ويقال له الراقص، هي صورة رجل قد مد يده وجثا على ركبتيه، إحدى رجليه على طرف عصا العوا، وهي اليمنى، والأخرى عند الأربعة التي على رأس التنين التي تسمّى العوائذ، وكواكبه ثمانية وعشرون كوكباً، في الصورة خلاف الكوكب المشترك بينه وبين العواء، وواحد خارج الصورة.
كوكبة السلياق: كواكبه عشرة، والنير منها يسمّى النسر الواقع، شبهته العرب بنسر قد ضم جناحيه إلي نفسه كأنّه واقع على شيء، والعامة تسمّيه الأثافي، وقدام النير كوكب خفي تسمّيه العرب الأظفار.
كوكبة الدجاجة: كواكبها سبعة عشر كوكباً في الصورة، واثنان خارج الصورة، والعرب تسعي الأربعة المصطفّة الفوارس، وقد قطعت المجرة عرضاً، والنيّر الذي على الذنب الردف لأنه يتلو الأربعة، وجعله بعضهم الذي على الصدر في الوسط، واثنان عن يمينه واثنان عن يساره، والردف خلفه.
كوكبة ذات الكرسى: هي صورة امرأة قاعدة على كرسي له قائمتان كقائمة المنبر وعليه مسند، وقد أدلت رجليها وهي في نفس المجرة فوق الكوكب الذي على رأس قيقاوس، وكواكبها ثلاثة عشر كوكباً، والعرب تسمّي النير من هذه الكواكب الكف المخضب، وهي كف الثريا اليمنى المبسوطة، فشبهت العرب تلك الكواكب بيد مبسوطة، والكواكب النيرة منها بأنامل مخضوبة.
كوكبة برشاوش: وهو حامل رأس الغول، وهو صورة رجل قائم على رجله اليسرى، وقد رفع رجله اليمنى، ويده اليمنى فوق رأسه، وبيده اليسرى رأس غول، وكواكبها ستّة وعشرون كوكباً في الصورة، وثلاثة خارج الصورة.
كوكبة ممسك الأعنة: هي صورة رجل قائم خلف رأس الغول بين الثريا وبين كوكبة الدب الأكبر، وكواكبه أربعة عشر كوكباً، وفي وسط الصورة كواكب تسميها العرب الخباء، والنير الذي عن المنكب الأيسر تسمّيه العرب العيوق، والذي على المرفق الأيسر العنز، والاثنين اللذين على المعصم الأيسر الجديين، ويسمّى العيوق معها العناق، ويسمى أيضاً رقيب الثريا، ويسمّى الذي على المنكب الأيمن، والاثنان اللذان على الكعبين توابع العيوق.
كوكبة الحور والحية: أمًا الحور فصورة رجل قائم قد قبض بيديه على حية، وكواكبه أربعة وعشرون في الصورة، وخمسة خارجها، وأما الحية فكواكبها ثمانية عشر، وعلى عنقها كوكب يسمّى عنق الحية، وتسمّى الكواكب المصطفة على رأس الحية نسقاً شامياً، والمصطفة تحت عنقه نسقاً يمانياً، ويسمّى ما بين النسقين الروضة، والكواكب التى بين النسقين في الروضة الأغنام، والذي على رأس الحور يسمى الراعي، والذي على رأس الجاثي كلب الراعي.
كوكبة السهم: هي خمس كواكب بين منقار الدجاجة وبين النسر الطائر في نفس المجرة العظيمة تصله إلى ناحية المشرق، والفوق إلى ناحية المغرب، وطول السهم في رأي العين إذا كان في كبد السماء نحو ذراعين.
كوكبة العقاب: كواكبه تسعة في الصورة، وستة خارجها، وفي الصورة ثلاثة مشهورة تسمى النسر الطائر، وبإزائه النسر الواقع، والعامة تسمّي الثلاثة المشهورة من خارج الصورة الميزان لاستواء كواكبه، والاثنين اللذين فوقها الظليمين.
كوكبة الدلفين: كواكبه عشرة مجتمعة تتبع النسر الطائر، والنير الذي على ذنبه يسمّى ذنب الدلفين، والعرب تسمي الأربعة التي في وسط العنق الصليب، والذي على الذنب عمود الصليب.
كوكبة قطعة الفرس: كواكبها أربعة تتبع الدلفين، اثنان منها متضايقان بينهما شبر، واثنان بينهما ذراع، والأول في موضع الفم والآخرون على الرأس.
كوكبة الفرس الأعظم: كواكبه عشرون، وهي على صورة فرس له رأس ويدان وبدن إلى آخر الظهر، وليس له كفل ولا رجلان، والأوّل من كواكبه على السرة، وهو على رأس المرأة المسلسلة مشترك بينهما ويسمّى سرة الفرس، وآخر على متنه يسمى متن الفرس، وكوكب على منكبه الأيمن يسمّى منكب الفرس، وآخر عند منشأ العنق يسمى عنق الفرس، وآخر على جحفلته خلف الأربعة التي على قطعة الفرس يسمّى فم الفرس، والعرب تسمّي الأربعة النيرة التي على المربع أحدها عند منتهى العنق متن الفرس، ومنكب الفرس، وجناح الفرس، والكوكب المشترك الدلو، وتسمّي الاثنين المتقدمين عليها العرقوة، والاثنين اللذين في البدن النعائم والكرب، أيضاً شبّهتها العرب بمجموع العرقرتين في الوسط في رأس الدلو حيث يشد فيه الحبل، وذلك الموضع من الدلو يسمى الكرب، وتسمّي الاثنين اللذين على الرأس سعد البهائم، والاثنين اللذين على العنق سعد الهمام، والاثنين المتقاربين اللذين في الصدر سعد البارع، والاثنين اللذين على الركبة اليمنى سعد المطر.
كوكبة المرأة المسلسلة: كواكبها ثلاثة وعشرون من الصورة سوى النيّر الذي على الرأس، فإنّه على سرة الفرس، وسمّيت هذه المرأة مسلسلة لامتداد إحدى يديها، وهي اليمنى نحو الشمال والأخرى نحو الجنوب، ولاجتماع الكواكب بين رجليها شبهوها بمن سلسل، ويسمّى الكوكب النير الذي فوق مئزرها بطن الحوت.
كوكبة الفرس التام: هو أحد وثلاثون كوكباً، وهو فرس آخر، أحسن شبهاً بالفرس من الأوّل، وبعض الفرس الأوّل داخل فيه، ومن السطر الذي من الكوكب على وجهه، ورأسه تولدت صورة الرأس، وتمر على عرفه على تقويس فيفصل بكوكب على متنه، وهو من كواكب الفرس الأعظم الذي علي طرف اليد اليمنى، ثم يمر على كوكبين على كفله، ثم على كوكبين على ذنبه، وهو طرف اليد اليسرى من الفرس الأعظم، ثم على كوكبين، أحدهما في وسط ذنبه، والآخر على طرف الذنب، ويخرج بن الجحفلة سطر يمر على الغلصمة والنحر وبه تتم صورة العنق والصدر.
كوكبة المثلث: كواكبه أربعة بين الشرطين، وبين النيّر الذي على الرجل اليسرى من صورة المرأة، وهو على شكل مثلث فيه طول أحدها على رأس المثلث، ويسمّى هذا الاسم وثلاثة على قاعدتها.
في البروج الاثني عشر
هذه صورة قريبة من الدائرة التي تمر على أوساط البروج في المائل عن طريقة الكواكب السيارة، وهي التي سميت البروج الاثنا عشر بأسمائها، كل اسم باسم الصور التي كانت فيه، فلنذكر كوكبة كل صورة وعدد كواكبها وموقعها من الصورة وألقاب بعضها على رأي المنجّمين والعرب، ولتبدأ بالصورة التي في الوجه الأول منها:
كوكبة صورة الحمل: كواكبه ثلاثة عشر في الصورة، وخمسة خارجها، مقدمه إلى جهة المغرب، ومؤخره إلى المشرق، ووجهه على ظهره، والنيّران اللذان على القرن يسمّيان الشرطين، والنيّر الخارج عن الصورة يسمّى النطح، واللذان على الإلية مع الذي علي الفخذ وهي على مثلث متساوي الأضلاع تسمّى البطين، والعرب جعلت بطن الحمل منزلاً للقمر كبطن السمكة وسمته البطين.
كوكبة الثور: صورته صورة ثور، مؤخره إلى المغرب، ومقدّمه إلى المشرق، وليس له كفل ولا رجلان تلتفت رأسه إلى جنبه، وقرناه إلى ناحية المشرق، وكواكبه اثنان وثلاثون سوى النيّر الذي على طرف قرنه الشمال، فإنه على الرجل اليمنى من ممسك الأعنة مشترك بينهما، والخارج عن الصورة أحد عشر كوكباً، وعلى موضع القطع منه أربعة مصطفة، والنير الأحمر العظيم الذي على عينه الجنوبية يسمّى الدبران، وعين الثور أيضاً وتالي النجم وحادي النجم والفنيق وهو الجمل الضخم، والتى حواليه من الكواكب القلاص، وهي صغار النوق. والعرب تسمي الكواكب التي على كاهل الثور الثرياء، وهما كوكبان نيّران في خلالهما ثلاث كواكب صارت مجتمعة متقاربة كعنقود العنب، ولذلك جعلوها بمنزلة كوكب واحد، وسمّوها النجم وزعموا أنْ في ذلك المطر عند نوئها الثروة، وتسمّي الاثنين المتقاربين على الأذنين الكلبين، ويزعمون أنّْهما كلبا الدبران، والعرب تتشاءم بالدبران وتقول: أشأم من حادي النجم، ويزعمون أَنّهم لا يمطرون بنوء الدبران إلا وسنتهم مجدبة.
كوكبة التوأمين: كواكبها ثمانية عشر فى الصورة، وسبعة خارجها، وهي صور إنسانين رأسهما في الشمال والشرق وأرجلهما إلى الجنوب والمغرب، وقد اختلطت كواكب أحدهما بكواكب الآخر، والعرب تسمّي الاثنين النيّرين اللذين على رأسهما الذراع المبسوطة، واللذين على يدي التوأم الثاني الهقعة، واللذين على قدم التوأم المتقدّم، وقدام قدمه البخاتي.
كوكبة السرطان: كواكبه تسعة من الصورة، وأربعة خارجها، والعرب تسمي الكوكب النير منها النثرة، وفي المجسطي ذكر النثرة باسم المعلف، واسم الكوكبين التاليين للنثرة الحمارين، والكوكب النيّر الذي على الرجل المؤخرة الجنوبي الطرف.
كوكبة الأسد: كواكبه تسعة وعشرون في الصورة، وثمانية خارجها، والعرب تسمي الكوكب الذي على وجهه مع الخارج عن الصورة سرطان الطرف، وتسمّي الأربعة التي في الرقبة والقلب الجبهة، وتسمّي التي على البطن وعلى الحرقفة الزبرة، والذي على مؤخر الذنب قلب الأسد، وتسمّيه أيضاً الصرفة لانصراف البرد عند سقوطه بالمغرب بالغدوات وانصراف الحر عند طلوعه من تحت شعاع الشمس بالغدوات.
كوكبة العذراء: وهي ستة وعشرون في الصورة، وستة خارجها، وهي صورة امرأة رأسها على جنوب الصرفة، وقدمها الزبانان اللذان على كفتي الميزان، العرب تسمي التي على طرف منكبها الأيمن العواء، وهو المنزل الثالث عشر من منازل القمر، وزعم بعضهم أنّ الكواكب التي على بطنها وتحت إبطها كأنها كلاب تعوي خلف الأسد، وتسمّى عواء البرد أيضاً، لأنها إذا طلعت أو سقطت جاءت ببرد، والكوكب النير الذي بقرب يدها التي فيها السلسلة السماك الأعزل سمّي أعزلاً لأنه بإزائه السماك الرامح، ويسمى أعزلا لأنه لا سلاح معه، والمنجّمون يقولون لهذا الكوكب السنبلة، ويسمّى أيضاً ساق الأسد، والذي على قدمه اليسرى الغفر، وَإِنْما سمي بالغفر لنقصان ضوء كواكبه كأنّْه قد سترها.
كوكبة الميزان: ثمانية كواكب في الصورة بين كوكبة العذراء وكوكبة العقرب، وتسعة خارجها وليس فيها شيء من الكواكب المشهورة.
كوكبة العقرب: أحد وعشرين كوكباً من الصورة، وثلاثة خارجها، وهي صورة مشهورة، والعرب تسمّي الثلاثة التي على الجبهة الإكليل، وتسمّي النيّر الأحمر الذي على البدن قلب العرب، وتسمّي الذي قدام القلب والذي خلفه النياط، وتسمّي الذي في الخزوات الفقرات، وتسمّي الاثنين اللذين على طرف الذنب الشولة.
كوكبة الرامي: وهو القوس أحد وثلاثون كوكباً في الصورة، وليس حواليه شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تسمّي الأول الذي على النصل، والذي على مقبض القوس، والذي على الطرف الجنوبي من القوس والذي على طرف اليد اليمنى من الدابة النعام الواردة، لأنّ المجرة شبهت بنهر، والنعام قد وردت النهر، وتسمّى الذي على المنكب الأيسر والذي فوق السهم، والذي على الكتف الأيسر، والتي تحت الإبط وهو بعيد عن المجرّة إلى ناحية المشرق النعام الصادرة، شبهتها بنعام شرب الماء وصدر عن النهر، وتسمّي اللذين على الستة الشمالية من القّوس الظليمين، واللذين على الفخذ اليسرى والساق الصردين.
كوكبة الجدي: كواكبه ثمانية وعشرون كوكباً في الصورة، وليس حوالي الصورة شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تسمّي الاثنين اللذين على القرن الثانى سعد الذابح، سمّي ذابحاً للصغير الملاصق له، قيل الصغير شأنه الذى يذبحه وتسمي الاثنين النيّرين الذين على الذنب المحبين.
كوكبة ساكب الماء وهو الدلو: كواكبه اثنان وأربعون كوكباً فى الصورة، وثلاثة خارجها، والعرب تسمّي اللذين على منكبه الأيمن سعد الملك، واللذين على منكبه الأيسر مع الذي على ذنب الجدي سعد السعود، والثلاثة التي علي اليد اليسرى سعد بلع، وإِنّما سمّيت بهذا الاسم لأنّْ البعد بين هذين الاثنين أوسع من البعد بين الذابح، فشبهتها بفم مفتوح ليبلع، وتسمّي الذي على ساعده مع الثلاثة التي على يده اليمنى سعد الأخبية، وإنّما سمّي بذلك لأنّه إذا طلع اختبأت الهوام تحت الأرضى من البرد، وتسمّي النيّر الذي على فم الحوت الجنوبي الضفدع الأول.
كوكبة السمكة وهي الحوت: وكواكبها أربعة وثلاثون في الصورة، وأربعة خارجة، وهما سمكتان، أحدهما السمكة المتقدمة وهي التي على ظهر الفرس الأعظم في الجنوب، والأخرى على جنوب كوكبة المرأة المسلسلة، وبينهما خيط من كواكب يصل بينهما على تعريج.
هي الكواكب التي في النصف الجنوبي من الكرة، وهي خمسة عشر صورة، نذكر مواضع كواكبها من الصورة إن شاء الله تعالى، ومواضع صورها وأسمائها على مذهب العرب والمنجّمين على ما رسمنا فيما تقدّم.
كوكبة قيطس: هي صورة حيوان بحري مقدمه في ناحية المشرق على جنوب كوكبة الحمل، ومؤخره في ناحية المغرب خلف الثلاثة الخارجة عن صورة ساكب الماء، وكواكبه اثنان وعشرون، والعرب تسمّي الكواكب التي في الرأس الكف الجذماء، لأنَّ امتداده دون امتداد الكف الخضيب، وتسمي الخمسة التي على يديه النعامات، والكواكب التي على أصل الذنب تسمّى النظام، والتي على الشعبة الجنوبية من الذنب تسمى الضفدع الثاني، والأوّل مذكور في الدلو.
كوكبة الجبار: كواكبه ثمانية وثلاثون كوكباً في الصورة، وهو صورة رجل قائم في ناحية الجنوب على طريقة الشمس، بيده عصا وعلى وسطه سيف، والعرب تسمّي الكواكب الثلاثة التي على الوجه الهنعة، والنيّر الأعظم الذي على منكبه اليمنى منكب الجوزاء ويد الجوزاء أيضاً، والكوكب النيّر الذي على المنكب اليسرى الناجذ والمرزم أيضاً، والثلاثة المصطفة التى على وسطه منطقة الجوزاء والثلاثة المنحدرة المتقاربة سيف الجبار، والنيّر العظيم الذي على قدمه اليسرى رجل الجبار، وتسمّي التسعة المقوّسة التي على الكم تاج الجوزاء.
كوكبة النهر: كواكبه أربعة وثلاثون في الصورة، وليس حواليه شيء من الكواكب المرصودة يبتدىء من عند النيّر الذي على قدم الجوزاء، فيمر في المغرب على تعريج إلى قرب الأربعة التي على صدر قيطس، ثم يمر في الجنوب على ثلاثة كواكب، ثم يتعطف إلى المشرق، فيمر على ثلاثة كواكب أيضاً، ثم ينعطف إلى الجنوب، فيمر على ثلاثة كواكب مجتمعة، ثم يتقطع فيمر في الجنوب على كوكبين متقاربين، ثم ينعطف إلى المغرب، فيمر على كوكبين متقاربين أيضاً ثم على ثلاثة كواكب متقاربة، ثم ينتهي إلى كوكب نيّر على آخر النهر، والعرب تسمّي الأوّل والثاني والثالث من كوكبة الكرسي الجوزاء، وتسمّي الأربعة التي في وسط النهر مع الخمسة التي في جانبه الآخر أدحي النعام وهو عشه، والتي حوالي هؤلاء الكواكب تسمّى البيض، والنيّر الذي على آخر النهر يسمّى الظليم، وبين هذا الظليم والظليم الذي على فم الحوت كواكب كثيرة تسمّى الرئال، وهي فراخ النعام.
كوكبة الأرنب: هي اثنا عشر كوكباً في الصورة، وليس حواليه شيء من الكواكب المرصودة، وهي تحت رجل الجبار وجهه إلى المغرب ومؤخره إلى المشرق، والعرب تسمّي الأربعة التي إثنان منها على يديه وإثنان على رجليه كرسي الجوزاء، وعرش الجوزاء أيضاً.
كوكبة الكلب الأكبر: كواكبه ثمانية عشر في الصورة، وأحد عشر خارجها، وهي صورة كلب خلف كوكبة الجوزاء، ولذلك سمّي كلباً، والعرب تسمى النيّر الأعظم الذي على موضع الفم الشعرى العبور، وكان قوم في الجاهلية يعبدونه لأنه يقطع السماء عرضاً دون غيره من الكواكب، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ﴾ وسمّى عبوراً لأنه عبر المجرة إلى سهيل، وتسمّى اليمانية لأنّ مغيبها فى شق اليمنى، وتسمي الأربعة التي منها على كتفه وعلى ذنبه وما بينهما وعلى فخذه العذارى، والأربعة المصطفة التي على الاستقامة خارج الصورة تسمّى القرود، والنيّران من خارج الصورة حضار الوزن، ومن العرب من يسميهما مختلفين لأنّهما يطلعان قبل سهيل، فيظن أحدهما سهيل فيحلف عليه، والآخر يعلم أنه غير سهيل فيخلف له.
كوكبة الكلب المتقدّم: وهما كوكبان بين النيّرين اللذين على رأس التوأمين وبين النيّر الذي على فم الكلب الأكبر يتأخر عنهما إلى المشرق أحدهما أنور، وتسمّيه العرب الشعرى الشامية لأنّها تغيب في شق الشام، وتسميه الشعرى الغميصاء لأنّه عندهم أخت سهيلاً، وقد عبرت اليمانية المجرة إلى ناحية سهيل، وبقيت هذه في الشمال الشرقية، فبكت على سهيل وغمصت عيناها، وتسمّي الاثنين أيضاً ذراع الأسد المقبوض، وسمّيت مقبوضة لتأخرها عن الذراع الآخر، وهما النيّران اللذان على رأس التوأمين.
كوكبة السفينة: كواكبها خمسة وأربعون كوكباً من الصورة، وليس حواليها شيء من الكواكب المرصودة، وذكر بطليموس أن النيّر العظيم الذي على المجداف الجنوبي هو سهيل، وهو أبعد كوكب عن السفينة في الجنوب يرسم على الأسطرلاب، وأما العرب فالروايات عنها في سهيل، وفي كواكب السفينة مختلفة، فرأى بعضهم أن النيّر الذي على طرف المجداف الثاني يسمّى سهيلاً على الإطلاق.
في فوائد القطب الجنوبي
أمّا القطب الجنوبي فإنه في مقابلة القطب الشمالي، وإنّه خارج عن كواكب السفينة بقرب نيّر المجداف، وتدور حوله كواكبه أسفل من سهيل، وزعموا أن لهذا القطب فوائد منها أن كل حيوان أنثى إذا تعسّرت ولادتها تنظر إلى القطب وإلى سهيل تضع في الحال، ومنها أن من انقطعت عنه شهوة الباه من غير شرب دواء يداوم النظر إلى القطب الجنوبي في ليال متوالية ترجع إليه شهوته، ومنها أن صاحب الثآليل إذا أخذ بعدد كلّ ثؤلول ورقة من شجر الغرب ويومىء إلى سهيل وإلى القطب، ويقول هذا لقلع الثآليل حتى يقول اثنين وأربعين مرّة، إما في ليلة واحدة أو في ليال، ثم يدق الورق في هاون اسفيدوز، ويجعله على الثآليل، فإنّها تجف وتنفرك، وزعموا أنها من الخواص العجيبة المجربة، ومنها أن صاحب الماليخوليا إذا أدام النظر إلى القطب وسهيل مرّة بعد أخرى، أو في ليلة مرّات يزول عنه ذلك، وزعموا أنهم جرّبوه فوجدوه صحيحاً، ومنها أن النظر إلى هذا القطب وسهيل يحدث للإنسان طرباً وسروراً، ولهذا صنف الزنج مخصوصون بمزيد الطرب لأنهم متقاربون من مدار القطب وسهيل، ومنها أن صاحب الظفرة في العين إذا أدام النظر إلى القطب وسهيل ويحدق تزول ظفرته، وذلك بأن يديم النظر إلى القطب وسهيل ويحدق النظر إليها، ويكون النظر متوالياً أُوله ليلة الثلاثاء ولا يقطعه إلى أن تزول الظفرة، فإنها تذهب إلى تمام اثنين وأربعين أو تسع وأربعين.
كوكبة الشجاع: كواكبه خمسة وعشرون كوكباً في الصورة، واثنان خارجها، رأسه على زباني الجنوبي من صورة السرطان، وهي بين الشعرى والغميصاء، وقلب الأسد يميل عنهما إلى الجنوب ميلاً يسيراً ثم ينعطف إلى كوكب نيّر على آخر عقدته عند منشأ الظهر فوقه أربع كواكب على شمال النيّر، والعرب تسمّي الذي على آخر العنق الفرد لانفراده عن أشباهه، وأمًا سائر كواكب الشجاع فعن العرب فيها روايات كثيرة لا طائل تحتها، فمنهم من قال بين كوكب الفرد وبين الجبار كواكب مستطيلة كالحبل تسمى الشراسيف، ووراء الجبار كوكب الفرد وبين الشراسيف والجبار كواكب مستديرة تسمّى المعلف أراد بذلك كوكبة البَاطِيَة.
كوكبة الباطية: هي سبع كواكب على شكل كوكبة الشجاع، والعرب تسمّي هذه الكواكب المعلف.
كوكبة الغُرَاب: هي سبع كواكب خلف الباطية على جنوب السماك الأعزل، والعرب تسمّي هذه الكواكب عجز الأسد وتسمّيها أيضاً عرش السماك الأعزل وتسمّيها أيضاً الأحمال.
كوكبة قنطورس: هي سبعة وثلاثون كوكباً، وصورته صورة حيوان مقدمه مقدم إنسان من رأسه إلى آخر ظهره، ومؤخره مؤخر فَرَس من منشأ ظهره إلى ذنبه، وجهه إلى المشرق ومؤخر دابته إلى المغرب، وبيده شمراخان، وقد قبض بيده الأخرى على يد السبع، وعلى بطن الدابة نيّر يسمّى بطن، وعلى حافر يده اليمنى كوكب حضار، وعلى يده الأخرى الوزن، وهما اللذان يسميّان المحلفين المحتلفين لأن المتقدّم منهما يمّر على مجرى سهيل وقريب منه فإذا طلع يشبهه من يراه بسهيل، ويقول غيره أنه غير سهيل فيتحافان فيحنث من يدعى أنه سهيل كما ذكرنا قبل.
كوكبة السبع: وهي تسعة عشر كوكباً من الصورة خلف كوكبة قيطورس، وبعضها مختلط بكوكبة قيطورس، وقد قبض قيطورس على يده، والعرب تسمّي كوكبة قيطررس والسبع الشماريخ الجملة لكثرتها وكثافة جميعها، وليس حولها شيء من الكواكب المرصودة.
كوكبة المجرة: كواكبها سبعة من الصورة، ولم يقع على العرب شيء من هذه الكواكب غير هذا.
كوكبة الإكليل الجنوبي: وهي ثلاثة عشر كوكباً من الصورة قدام الاثنين اللذين على عرقوب الرامي، فمن العرب من يسمّي هذه الكواكب القبّة لاستدارتها، ومنهم من يسميها أدحى النعام، وهو عُشّه لأنها على جنوب النعامين الصادر والوارد اللذين قل مضى ذكرهما.
كوكبة الحوت الجنوبي: وهي أحد عشر كوكباً من الصورة على جنوب كواكب الدالي رأسه إلى المشرق، وذنبه إلى المغرب، ويسمّى النيّر الذي على فمه فم الحوت.
تمت الكواكب الثابتة، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
في منازل القمر
وهي ثمانية وعشرون منزلاً ينزل القمر كل ليلة بواحد منها من مستهله إلى ثمانية وعشرين ليلة من الشهر، ثم استسرّ واستسراره محاقه حتى لا يرى منه شيء، فإن كان الشهر تسعاً وعشرين استسرّ ليلة ثمان وعشرين، وإن كان ثلاثين استسرّ ليلة تسع وعشرين، وهو في السرار يقطع منزلاً، فهذه المنازل الثمانية والعشرون يبدو منها أبداً أربعة عشر بالليل فوق الأرض، ويخفى أربعة عشر تحت الأرض، وكلّما غاب منها واحد طلع رقيبه. والعرب تسمّي أربعة عشر من هذه المنازل شامية وأربعة عشر يمانية، فأُوّل الشامية الشرطين وآخرها السماك الأعزل، وأوّل اليمانية الغفر، وآخرها الرشا، وتسمّي العرب أيضاً سقوط النجم منها في المغرب مع الفجر وطلوع مقابله نوءاً، وسقوط كل نجم منها في ثلاثة عشر يوماً خلا الجبهة، فإن لها أربعة عشر يوماً فيكون انقضاء سقوط الثمانية والعشرين مع القضاء السنة، ثم يرجح الأمر إلى الأول في ابتداء السنة المقبلة، واختلفوا في قدر مدّة النوء فذهب بعضهم إلى النجم إذا سقط فما بين سقوطه إلى سقوط التالى له هو نوءٌ، وذلك في ثلاثة عشر يوماً، فما كان في هذه الثلاثة عشر يوماً من مطر أو أو ريح أو حرّ أو برد فهو من نوء ذلك النجم الساقط، وللحكماء أقوال طويلة في أحكام نزول النيرين، هذه المنازل وكذلك إذا كانت مطالع المواليد، وللعرب أقوال في مطالعها ومساقطها وصورها واسمائها وأنوائها، وما فيها من الأمطار والرياح والحرّ والبرد ولهم اسجاع في طلوع نجم نجم وإمارات لخصب الزمان وجدبه، فلمّا كان قول العرب أقرب إلى الصدق اعرضت عن أقوال الحكماء، وأوردت ما قاله العرب في كلّ واحد من هذه المنازل مستعيناً بالله تعالى وهو حسبي ونعم الوكيل، أمّا المنازل الشامية فأولها:
الشرطين: يقال لهما قرنا الحمل ويسمّيان الناطح، وبينهما في رأي العين قاب قوسين وهذه صورتهما
إذا صار في كبد السماء يكون أحدهما في ناحية الشمال والأخر في ناحية الجنوب، فإذا حلّت الشمس بهما اعتدل الزمان، واستوى الليل والنهار، ويقول الساجع: إذا طلع الشرطان، فقد استوى أجزء الزمان، وعادت الناس إلى الأوطان، وتهادت الأقارب والجيران، يريد أنهم يرجعون إلى أوطانهم واهدى بعضهم إلى بعض، وطلوعهما لستّ عشرة ليلة تخلو من نيسان، وسقوطهما لثمان عشرة ليلة تخلو من تشرين الأوّل، وحلول الشمس بهما لعشرين ليلة تخلو من آذار، وكلّما نزلت الشمس الشرطين فقد مضت للعالم سنة، وإِنّما سمّوهما شرطين لأنّهما علامة دخول أوّل السنة، ولذلك يقال لمجموعها الأشراط نقصت الانباط يريدون نقصان الماء المستنبط في نيسان والانباط جمع نبط، وفي نوء الشرطين يطيب الرمان، وتكثر المياه، وتنعقد الثمار، ويحصد الشعير، ورقيب الشرطين الغفر.
البطين: يقال له بطن الحمل، وهو ثلاثة كواكب خفية كأنها أثافي، وهو بين الشرطين والثريّا، وهذه صورته،
وطلوعه لليلة تبقى من نيسان، وسقوطه لليلة تبقى من تشرين الأَوّل، وعند سقوطه يرتج البحر، فلا تجري فيه جارية، ويذهب الحداء والرخم والخطاطيف إلى الغور، وتسكن النمل، وتقول الساجع: إذا طلع البطين، فقد اقتضى الدين، واقنفى العطّار والقَيْن، يعني إذا رجع الناس إلى أوطانهم في طلوع الشرطين، ومضى نوءه وطلع البطين كلّ من له دين يطلب ودعت الحاجة إلى الطيب، والحداد لإصلاح آلاتهم، وحكى ابن الأعرابي إنهم يقولون ما نآءَ البطين والدبران أو أحدهما وكان لنوءه مطراً إلا كاد أن يكون ذلك العام جديباً، وقال مورخ هو شرّ الأنواء وأقلها مطراً، وقلّ ما أصابهم إلا أخطاهم نوء الثريّا، ونوؤها أشرف الأنواء واغزرها، وفي نوءه يجفّ العشب ويتم حصاد الشعير، ويأتي أَوَل حصاد الحنطة، ورقيب البطين الزبانا.
الثُّرَيَّا: يقال أنها أَلْيَة الحمل، وهي أشهر هذه المنازل، وهي ستّة أنجم، وهذه صورتها
ويسمّونها أيضاً نجماً وشبهوها بعنقود عند مغيبها قال الشاعر: وتدلت كأنها عنقود، والعرب تقول طلع النجم غُدَيَّة ابتغى الراعي شُكَيَّة تصغير شكوة وهي القربة الصغيرة يريد انه يحتاج إلى الشرب لشدّة الحّر، وقال الساجع: إذا طلع النجم، فالحرّ في خدم، والعشب في حطم، والعانات في كدم، الخدم توقد النار، والحطم الكسير، والكدم الغضّ، وطلوعها لثلاث عشرة ليلة تخلو من أيار، وسقوطها لثلاث عشرة ليلة تخلو من تشرين الآخر، والثريا تظهر من أول الليل في المشرق عند ابتداء البرد ثم ترتفع في كل ليلة حتى تتوسّط السماء مع غروب الشمس، وذلك الوقت أشدّ ما يكون البرد، ثم تنحدر عن وسط السماء فتكون في كلّ ليلة أقرب من أفق المغرب إلى أن يهلّ الهلال معها، ثم تمكث يسيراً وتغيب نيّفاً وخمسين ليلة، وهذا المغيب هو استسرارها، ثم تبدؤ بالغداة من المشرق في قوّة الحرّ، ولهم في جميع أحوالها التي ذكرتها أشعار وأسجاع منها قولهم: طلع النجم عشاء ابتغى الراعي كساء، وقال النبي ﷺ « إذا طلع النجم لم يبق من العاهة شيءٌ » أراد عاهات الثمار لأنها تطلع بها بالحجاز، وقد أزهى البسر، وأمّا نوءُه فنوءٌ محمود غزير وهو خير نجوم الوسمي، لأنّ مطره في زمن فقد الأرض الماء. قال سليمان بن كريمة: إذا طلعت الثريا ارتجّ البحر، واختلفت الرياح وسلط الله الجنّ على المياه، وقال النبي ﷺ « من ركب البحر بعد طلوع الثريا فقد برئت منه الذمّة » وفي نوء الثريا تتحرّك الرياح، ويشتدّ الحرّ، ويدرك التفاح والمشمش، ويجفّ العشب وفي آخره يمدّ النيل، ويكثر اللبن، ورقيب الثريا الإكليل.
الدبران: وهو كواكب أحمر منير يتلوا الثريا، ويسمّى تابع النجم، وسمّي دبراناً لاستدباره الثريا، وهذه صورته، ونوءه غير محمود، والعرب تتشاءم به، وطلوعه لستّ وعشرين ليلة من أيار، وسقوطه لستّ وعشرين ليلة تخلوا من تشرين الأوّل، قال الساجع العرب: إذا طلع الدبران توقدّت الحزان، وكرهت النيران واستعرت الونان ويبست الغدران، الحزان جمع حزين وهو الأرض الصلبة، وبين يدى الدبران كواكب كثيرة منها كوكبان صغيران يكاد أن يتماسانه لقرب ما بينهما تقول العرب هما كلباه، ويقول الباقى قلاصه، ويقال للكوكب النير الأحمر الفحل، ويقال له أيضاً حادى النجم، وفي نوءه يشتدّ الحرُّ، وهو أول البوارح وتهبّ السمائم ويسود العنب، ورقيب الدبران القلب،
الهَقْعَةُ: كواكب رأس الجوزاء، وهي ثلاثة كواكب تشبه الأثافي صغار. روى أن رجلاً طلق زوجته بعدد نجوم السماء، فقال ابن عبّاس يكفيك منها هقعة الجوزاء، وإنّما سمّيت هقعة تشبيهاً لها بدائرة الفرس التي يقال لها الهقعة وهذه صورتها،
تطلع لتسع خلون من حزيران وتسقط لتسع خلون من كانون الأول، ونوءها لا يكادون يذكرونه إلاّ بنوء الجوزاء، والجوزاءُ غزيرة النوء، ويقول الساجع: إذا طلعت الهقعة يقوم الناس للقلعة، ورجعوا عن النجعة، وفي نوءها يدرك البطيخ وسائر الفواكه، ويشتدّ الحرُّ ويكثر هبوب السمائم ورقيب الهقعة الشولة.
الهنعة: هي كوكبان أبيضان بينهما قيد سوط على قدر الهقعة في المجرّة، ويقال لأحد الكوكبين الزرّ وللآخر النيسان، وثلاثة تحيط بهما، فمجموعها خمسة أربعة متتابعة إلى جانب، وواحد في جهة العرض على هيئة الألف الكوفي المقلوبة، وهذه صورتها
قال أدهم العبدى: الهنعة قوس الجوزاء ترمى بها ذراع الأسد، وهي ثمانية أنجم في صورة قوس ومقبض القوس الزرّ، والميسان النجمان المذكوران، وطلوع الهنعة لاثنين وعشرين ليلة تخلو من حزيران، وسقوطها لاثنين وعشرين ليلة تخلو من كانون الأوّل، ونوءها من أنواء الجوزاء، والصيّاد يصاد فيما بين طلوع النجم إلى طلوع الهنعة ثم امتنع هزالاً، ويقول الساجع: إذا طلعت الجوزاء كسب الظباءُ، وعرقت العلياء، وطاب الخباء يعنون بطلوع الجوزاء الهقعة الهنعة، وكنست الظباءُ أي تدخل أحجارها من شدّة الحرّ فترعى في هذا الوقت ليلاً، وقوله عرقت العلياءُ، أي عروق العنق وطاب الخباءُ لإنها تكنّ من الحرّ، وفي نوئها انتهاء شدّة الحرّ وإدراك الرطب والتين وتغيير المياه، ورقيب الهنعة النعائم.
الذراع: هو ذراع الأسد المقبوضة، وللأسد ذراعان مقبوضة ومبسوطة، فالمبسوطة تلي اليمن، والمقبوضة تلي الشام، والقمر ينزل بالمقبوضة وهي كوكبان بينهما قيد سوط، وكذلك المبسوطة مثلها وهذه صورة المقبوضة
وطلوعها لأربع ليال تخلو من تموز، وسقوطها لأربع تخلو من كانون الآخر، ونوءها محمود قلّ ما يخلف، وتزعم العرب أنه إذا لم يكن في السنة مطر لم يخلف الذراع، ولو كانت بشغة ذو الرمّة، واردفت الذراع لها بنوء سجوم الماء فانسجل انسجالاً، وقال الساجع: إذا طلع الذراع حسرت الشمس القناع واشعلت الأفق الشعاع، وترقرق السّراب في كل قاع، وفي نوءها تشتدّ بوارح الصيف حرّا وسموماً، وفيه يدرك الرمان، واحمرار البسر، ويقطع القصب النبطي، ورقيب الذراع البلدة.
النثرة: هي ثلاثة كواكب متقاربة وهي أنف الأسد، وطلوعها لسبع عشرة ليلة من تموز وتسقط لسبع عشرة ليلة تخلو من كانون الآخر، وتقول العرب: إذا طلعت النثرة قنأت البسرة، أي اشتدت حمرتها، وعند سقوط النثرة يجري الماء في العود ويصلح تحويل الغسيل، وفي نوئها غاية شْدة الحر، وفيه سموم حارة حتى قيل إن في نوئها في كل يوم تظهر آفة تفسد شيئاً من الزرع والثمار. ورقيب النثرة سعد الذايح.
الطرف: هو طرف الأسد، وهما كوكبان صغيران مثل الفرقدين، وطلوعه لليلة تخلو من آب، وسقوطه لليلة تبقى من كانون الثاني، وتقول العرب: إذا طلعت الطرفة كثرت الطرفة، وعند ذلك قطاف أهل مصر، وفي نوئه بوارح وسموم، وفيه يؤكل الرطب، ويقطف العنب. ورقيب الطرفه سعد بلع.
الجبهة: هي جبهة الأسد، وهي أربعة كواكب فيها عوج بين كل كوكبين في رأي العين قيد سوط، وهي معترضة من الجنوب إلى الشمال، والجنوبي منها تسمّيه المنجمون قلب الأسد، وطلوعها لأربع عشرة ليلة تمضي من آب مع طلوع سهيل، وسقوطه لاثنتي عشرة ليلة تخلو من شباط، وعند سقوطه ينكسر حد الشتاء، وتوجد الكمأة، ويورق الشجر، وتهب الرياح اللواقح، وتقول العرب: لولا طلوع الجبهة ما كان للعرب رفهة، ونوءها محمود، يقال ما امتلأ واد من نوء الجبهة ماءٌ إلا امتلأ عشباً وسهيل يطلع بالحجاز مع طلوع الجبهة، ومع طلوعها يصير البسر رطباً، وفي نوئها ينكسر البرد، ويكثر الرطب، ويسقط الطل. ورقيب الجبهة سعد السعود.
الزبرة: هي زبرة الأسد أي كاهله، وهي كوكبان نيران بينهما قيد سوط، والزبرة شعر الأسد الذي ينزل عند الغضب، وأحدهما أنور من الآخر، وفيهما قليل عوج، وطلوعهما لأربع ليال تخلو من آب، وسقوطهما لخمس ليال تخلو من شباط، ويكون في نوئها مطر شديد، فإن أخلف قصر، وعند طلوع الزبرة يرى سهيل بالعراق، ويبرد الليل مع السموم بالنهار. ورقيب الزبرة سعد الأخبية.
الصرفة: هي كوكب واحد على أثر الزبرة، أزهر مضيء جداً، عنده كواكب صغار طمس، ويزعمون أنّها قلب الأسد، وسمّيت صرفة لانصراف الحر والبرد، عند طلوعها وسقوطها وطلوعها لتسع ليال تخلو من أيلول، وسقوطها لتسع ليال تخلو من آذار، ومع طلوعها يزيد النيل وأيام العجوز في نوئها، وزعموا أن الصبي إذا فطم بنوء الصرفة لم يكد يطلب اللبن، وفي نوئها مطر ورياح وبرد بالليل، ويأتي المطر الوسمي. ورقيب الصرفة فرع الدلو المقدم.
العواء: هى أربعة أنجم على أثر الصرفة تشبه الهاء المردودة الأسفل بالخط الكوفي والعرب شبهوها بكلاب تتبع الأسد، وقال قوم هي تخلو من آذار، ونوءها يسير، والعرب تقول: إذا طلعت العواء طاب الهواء، وفي نوئها يستوي الليل والنهار، ويأخذ الليل في الزيادة والنهار في النقصان، وهو ابتداء الخريف. ورقيب العواء فرع الدلو المؤخر.
السماك: هو السماك الأعزل، وأما السماك الرامح فلا ينزله القمر، وهو كوكب أزهرء وإِنّما سمّي أعزلاً لأنّ الرامح عنده كوكب يقال له راية السماك، وأمًا الأعزل فلا شيء عنده، والأعزل هو الذي لا سلاح معه، والعرب يجعلون السماكين ساقا الأسد، وطلوع الشمس الأعزل لخمس ليال مضيئ من تشرين الأول، وسقوطه لأربع ليال تخلو من نيسان، ونوءه غزير قلما يخلف مطره، إلا أنه مذموم لأنه ينبت البسر وهو نبت إذا رعته الإبل مرضت، والعرب تقول: إذا طلعت السماك ذهبت العكاك، وفي نوئه صرام النخل، وقطع العنب، ويأتي المطر الولي. ورقب السماك بطن الحوت، وهذا آخر المنازل الشامية.
وأمًا المنازل اليمانية فأوّلها:
الغفر: وهو ثلاث كواكب خفية، وإِنّما سمّي غفراً لأنّ عند طلوعه تستتر نضارة الأرض وزينتها، وطلوعه لثمان عشرة ليلة تخلو من تشرين الأوّل، وسقوطه لست عشرة ليلة تتخلو من نيسان. قال الساجع: إذا طلع الغفر اقشعر السفر وذبل النضر، وفي نوئه يؤبر النخل، ويقطع القصب الفارسي، ومطره ينبت الكمأة. ورقيب الغفر الشرطين.
الزبانا: هى زبانا العقرب أي قرناها وهما كوكبان مفترقان بينهما في رأي العين مقدار خمسة أذرع، وطلوع الزبانا آخر ليلة من تشرين الأوّل، وسقوطها لليلة تبقى من نيسان، والعرب يصفونها بهبوب البوارح، وهي الشمال الشديدة الهبوب، وتكون في الصيف حارة، قال الساجع: إذا طلعت الزبانا فاجمع لأهلك ولا تتوانى، وفي نوئه يدخل الناس يبوتهم في أقليم بابل ويشتد البرد، ومطره ينبت الكمأة، والزبانا رقيبه البطين.
الإكليل: وهو رأس العقرب، وهو ثلائة كواكب زاهرة مصطفة معترضة، وطلوع الإكليل لثلاث عشرة ليلة تخلو من تشرين الثاني، وسقوطه لثلاث عشرة ليلة تخلو من أيار، والعرب يقولون: إذا طلع الإكليل هاجت السيول، فإذا سقط غارت مياه الأرض، ولا تزال تغور إلى سقوط بطن الحوت، وذلك لخمس مضين من تشرين الأوّل، وفي نوئه تكثر الأمطار والغيوم، ورقيب الإكليل الثريا.
القلب: هو قلب العقرب، وهو الكوكب الأحمر، وراء الإكليل بين كوكبين يقال لهما النياط، وليسا على حمرته، وأوّل النتاج بالبادية عند طلوع القلب وطلوع النسر الواقع وهما يطلعان معأ في البرد، وذلك لست وعشرين ليلة تخلو من تشرين الثاني، وسقوطه لست وعشرين ليلة تخلو من أيار، وما نتج في هذا الوقت يكون سيىء الغذاء لشدّة البرد وقلة اللبن والزيت، والعرب يقولون: إذا طلع القلب جاء الشتاء كالكلب. ونوء القلب تتشاءم به العرب، ويكرهون السفر إذا كان القمر نازلاً في العقرب، وفي نوئه يشتد البرد وتهب الرياح الباردة، ويسكن المام في عروق الشجر. ورقيب القلب الدبران.
الشولة: هي كوكبان متقاربان يكادان يماسان ذُنب العقرب، وسمّيت شول لارتفاعها، يقال شال بذنيه، وبعدها أبرة العقرب كأنها لطخة غيم، وهي تطلع لتسع ليال خلون من كانون الأوّل، وتسقط لتسع تخلو من حزيران، وتقول العرب: إذا طلعت الشولة اشتدت على العيال العولة وفي نوئها يسقط الورق كله، وتكثر الأمطار، وتتفرق الأعراب الذين حضروا المياه. ورقيب الشولة الهقعة.
النعائم: هي ثمان كواكب على أثر الشولة أربعة في المجرة وهي النعائم الواردة، سمّيت واردة لأنها شرعت في الممجرّة كأنُها تشرب، وأربعة خارجة عن المجرة وهي النعائم الصادرة سمٌّيت صادرة لأنها خارجة عن المجرّة كأنها شربت ثم صدرت عن الماء، وكل أربعة منها على تربيع، وطلوعها لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من كانون الأول، وسقوطها لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من حزيران، والعرب تقول: إذا طلعت النعائم توسّعت البهائم، وفي نوئها أُوّل الشتاء واستواء الليل والنهار. ورقيب النعائم الهنعة.
البلدة: هي فضاء في السماء لا كوكب بها بين النعائم وبين سعد الذابح، وليس فيه إلا نجم واحد خامد لا يكاد يُرى، وهي ست كواكب مستديرة صغار خفية تشبه القوس ويسمّيها بعض العرب القوس، وطلوع البلدة لأربع ليال خلون من كانون الآخر، وسقوطها لأربع ليال مضين من تموز، وتقول العرب: إذا طلعت البلدة حيت الجعدة، وفي نوئها يجمد الماء ويشتد كلب الشتاء، وتنقى البساتين من الأدغال والحشيش، وتكرب الكروم. ورقيب البلدة الذراع.
سعد الذابح: هو كوكبان غير نيْرين، بينهما في رأي العين قدر ذراع، وأحدهما مرتفع في الشمال، والآخر هابط في الجنوب، وطلوعه لسبع عشرة ليلة تخلو من كانون الآخر، وسقوطه لسبع عشرة ليلة تمضي من تموز، والعرب تقول: إذا طلع سعد الذابح حمى أهله النابح، وفي نوئه يصعد الماء إلى فروع الشجر، ويدرك الجوز واللوز، ويرجى المطر. ورقيب سعد الذابح النثرة.
سعد بلع: هو نجمان مستويان في المجرى، أحدهما خفي، وسمّي الأكبر بالعاً كأنّه بلع الاخر الخفي، وأخذ ضوءه وطلوعه لليلة تبقى من كانون الآخر، وسقوطه لليلة تبقى من آب، وتقول العرب: إذا طلع سعد بلع صار في الأرض لمع، وفي نوئه يكثر المطر، وتبقى الضفادع وتتزاوج العصافير، ويبيض الهدهد، وتهب الجنوب، ويقل اللبن. ورقيب سعد بلع الطرف.
سعد السعود: هو ثلاث كواكب أحدها نير والآخران دونه، والعرب تتيمن به، فلهذا سمّي بهذا الاسم، وطلوعه لاثنتي عشرة ليلة تمضي من شباط، وسقوطه لأربع عشرة ليلة تمضي من آب، وتقول العرب إذا طلع سعد السعود كره في الشمس القعود، ونوءه محمود، وفي نوئه يتحرك أَوّْل العشب، ويصوت الطير، وتهيج السنانير، ويورق الشجر، وتأتي الخطاطيف، وتصيب الإبل مرعاها، ويدرك الورد وسائر الرياحين ورقيب سعد السعود الجبهة.
سعد الأخبية: هو أربعة كواكب متقاربة، واحد منها في وسطها، وهو مثل رجل بطة، اثنان منها على الطول واثنان منها على العرض، يقال إِنّ السعد منها واحد، وهو أنورها، والثلاثة خفية، وقيل إِنْما سمّي سعد الأخبية لأنّ عند طلوعه تخرج الحشرات المختبئة في الأرض، وطلوعه لخمس وعشرين ليلة تخلو من شباط، وسقوطه لأربع ليال تبقى من آب، وتقول العرب: إذا طلع سعد الأخبية خلت من الناس الأبنية، ونوؤه غير محمود، ويكثر فيه المطر جداً، ويقطع الكرم. ورقيب سعد الأخبية الزبرة.
الفرع الأوّل: هو فرع الدلو المقدّم، والدلو أربعة كراكب واسعة مربعة، قائنان منها هما الفرع الْأَوْل، واثنان هما الفرع المؤخر، وفرع الدلو هو مصب الماء بين العرقوتين، وطلوع الفرع الأول لتسع ليال خلون من آذار، وسقوطه لتسع ليال مضين من أيلول، والعرب تقول: إذا طلع الدلو طلب اللهو، ونوءه محمود، وفيه تسقط الجمرة الثالثة، وينعقد اللوز والتفاح والمشمش بالحر، ويرده يهلك الثمار. ورقيب الفرع الأول الصرفة.
الفرع الثاني: قد وصف عند الفرع الأوّل وطلوعه لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من آذار، وسقوطه لاثنتين وعشرين ليلة تمضي من أيلول، ونوءه محمودء، وطلوع الفرعين وغروبهما يكون في إقبال البرد وإدباره، وعند سقوط الفرع المؤخر يُجِر النخل بالحجاز وتهامة وكل غور، ويشتار العسل، وفي نوئه آخر أمطار الشتاء، وفيه يكثر العنب ويدرك النبق والباقلاء، ويستوي الليل والنهار. ورقيب الفرع الثاني العواء.
بطن الحوت: هي كواكب كثيرة في مثل حلقة السمكة، وتسمّى الرشاء أيضاً، وهي كواكب معترضة ذنبها نحو اليمن، ورأسها نحو الشام، وطلوعها لأربع ليال تخلو من نيسان، وسقوطها لخمس تمضي من تشرين الأول، وعند سقوطه ينتهي غور المياه، ويطلع بعده الشرطين، ويعود الأمر إلى ما كان عليه في السنة الأولى، وتقول العرب: إذا طلعت السمكة أمكنت الحركة. ورقيب بطن الحوت السماك، ونوءه غزير المطر قَلّما يخلف، وهو أوان حصاد الشعير بالجروم، قال أبو إسحاق الزجاجي: إِنّ السنة أربعة أجراء، كل جزء منها سبعة أنواء، كل نوء منها ثلاثة عشر يوماً، وزادوا فيها يوماً لتتم السنة ثلائمائة وخمسة وستّين يوماً وهو مقدار قطع الشمس فلك البروج، والله الموفق.