كتاب الأم/كتاب صلاة الخوف/في طلب العدو

ملاحظات: في طلب العدو


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا طلب العدو المسلمين وقد تحرفوا لقتال أو تحيزوا إلى فئة. فقاربوهم، كان لهم أن يصلوا صلاة الخوف ركبانا، ورجالا يومئون إيماء حيث توجهوا على قبلة كانوا أو على غير قبلة وكذلك لو كانوا على قبلة ثم رأوا طريقا خيرا لهم من جهة القبلة سلكوا عليها، وإن انحرفوا عن القبلة.

[قال الشافعي]: وإن رجع عنهم الطلب أو شغلوا أو أدركوا من يمتنعون به من الطلب، وقد افتتحوا الصلاة ركبانا، لم يجزهم إلا أن ينزلوا فيبنوا على صلاتهم مستقبلي القبلة كما وصفت في صلاة الخوف التي ليست بشدة الخوف، وإن كانوا يمتنعون ممن رأوا، ولا يأمنون طلبا أن يمتنعوا منه، كان لهم أن يتموا على أن يصلوا ركبانا.

[قال الشافعي]: وهكذا لو تفرقوا هم والعدو فابتدءوا الصلاة بالأرض ثم جاءهم طلب كان لهم أن يركبوا ويتموا الصلاة ركبانا يومئون إيماء، وكذلك لهم إن قعدوا رجالة.

[قال الشافعي]: وهكذا أي عدو طلبهم من أهل البغي، وغيرهم إذا كانوا مظلومين.

[قال الشافعي]: وهكذا إن طلبهم سبع أو سباع.

[قال الشافعي]: وهكذا لو غشيهم سيل لا يجدون نجوة كان لهم أن يصلوا يومئون عدوا على أرجلهم، وركابهم فإن أمكنتهم نجوة لهم، ولركابهم ساروا إليها، وبنوا على ما مضى من صلاتهم قبل تمكنهم، وإن أمكنتهم نجوة لأبدانهم، ولا تمكنهم لركابهم كان لهم أن يمضوا، ويصلوا صلاة الخوف على وجوههم.

[قال الشافعي]: وإن أمكنهم نجوة يلتقي من ورائها، واديان فيقطعان الطريق كانت هذه كلا نجوة، وكان لهم أن يصلوا صلاة الخوف يومئون عدوا، وإنما لا يكون ذلك لهم إذا كان لهم طريق يتنكب عن السيل.

[قال الشافعي]: وإن غشيهم حريق كان هذا لهم ما لم يجدوا نجوة من جبل يلوذون به يأمنون به الحريق أو تحول ريح ترد الحريق أو يجدون ملاذا عن سنن الحريق فإذا وجدوا ذلك بنوا على صلاتهم مستقبلي القبلة بالأرض لا يجزيهم غير ذلك، فإن لم يفعلوا أعادوا الصلاة.

[قال الشافعي]: وإن طلبه رجل صائل فهو مثل العدو والسبع، وكذلك الفيل، له أن يصلي في هذا كله يومئ إيماء حتى يأمنه.

[قال الشافعي]: وكذلك إن طلبته حية أو عدو ما كان مما ينال منه قتلا أو عقرا، فله أن يصلي صلاة شدة الخوف يومئ أين توجه.

[قال الشافعي]: فإذا تفرق العدو، ورجع بعض المسلمين إلى موضع فرأوا سوادا من سحاب أو غيره إبل أو جماعة ناس ليس بعدو أو غبار، وقرب منه حتى لو كان عدوا ناله سلاحه فظن أن كل ما رأى من هذا عدوا فصلى صلاة شدة الخوف يومئون إيماء ثم بان لهم أن لم يكن شيء منه عدوا، أعادوا تلك الصلاة.

[قال الشافعي]: ولو صلى تلك الصلاة ثم لم يبن له شيء من عدو، ولم يدر أعدو هو أم لا؟ أعاد تلك الصلاة إنما يكون له أن يصليها على رؤية يعلم بعد الصلاة، وقبلها أنها حق أو خبر، وإن لم تكن رؤية يعلم أنه حق لأن الخبر عيان كعلمه أنه حق، فإما إذا شك فيعيد الصلاة لأنه على غير يقين من أن صلاته تلك مجزئة عنه.

[قال الشافعي]: ولو جاء خبر عن عدو فصلى تلك الصلاة ثم ثبت عنده أن العدو قد كان يطلبه، ولم يقرب منه القرب الذي يخاف رهقه منه كان عليه أن يعيد، وكذلك أن يطلبه، وبينه وبين النجاة منه، والمصير إلى جماعة يمتنع منه بها أو مدينة يمتنع فيها الشيء القريب الذي يحيط العلم أن العدو لا يناله على سرعة العدو وإبطاء المغلوب حتى يصير إلى النجاة وموضع الامتناع أو يكون خرجت إليه جماعة تلقاه معينة له على عدوه فقرب ما بينه وبينها حتى يحيط العلم أن الطلب لا يدركه حتى يصير إلى تلك الجماعة الممتنعة أو تصير إليه فمن صلى في هذه الحال مومئا أعاده كله.

[قال الشافعي]: وكذلك إن طلبه العدو، وبينه وبين العدو أميال لم يكن له أن يصلي مومئا وكان عليه أن يصلي بالأرض ثم يركب فينجو، وسواء كان العدو ينزل لصلاة أو لا ينزل لها.

[قال الشافعي]: وإن كان المسلمون هم الطالبين لم يكن لهم أن يصلوا ركبانا، ولا مشاة يومئون إيماء إلا في حال واحدة أن يقل الطالبون عن المطلوبين وينقطع الطالبون عن أصحابهم فيخافون عودة المطلوبين. عليهم فإذا كان هذا هكذا كان لهم أن يصلوا يومئون إيماء، ولم يكن لهم الإمعان في الطلب فكان عليهم العودة إلى أصحابهم، وموضع منعتهم، ولم يكن لهم أن ينتقلوا بالطلب حتى يضطروا إلى أن يصلوا المكتوبة إيماء.

[قال الشافعي]: ومثله أن يكثروا، ويمعنوا حتى يتوسطوا بلاد العدو فيقلوا في كثرة العدو فيكون عليهم أن يرجعوا، ولهم أن يصلوا في هذه الحال مومئين إذا خافوا عودة العدو إن نزلوا، ولا يكون لهم أن يمعنوا في بلاد العدو، ولا طلبه إذا كانوا يضطرون إلى أن يومئوا إيماء، ولهم ذلك ما كانوا عند أنفسهم لا يضطرون إليه.

[قال الشافعي]: وإذا صلوا يومئون إيماء فعاد عليهم العدو من جهة، توجهوا إليهم، وهم في صلاتهم لا يقطعونها، وداروا معهم أين داروا.

[قال الشافعي]: ولا يقطع صلاتهم توجههم إلى غير القبلة، ولا أن يترس أحدهم عن نفسه أو يضرب الضربة الخفيفة أو رهقة عدو أو يتقدم التقدم الخفيف عليه برمح أو غيره فإن أعاد الضرب، وأطال التقدم قطع صلاته، وكان عليه إذا أمكنه أن يصلي غير مقاتل، ومتى لم يمكنه ذلك صلى وهو يقاتل، وأعاد الصلاة إذا أمكنه ذلك، ولا يدع الصلاة في حال يمكنه أن يصلي فيها.

[قال الشافعي]: وإن كان المسلمون مطلوبين متحيزين إلى فئة أو متحرفين لقتال صلوا يومئون، ولم يعيدوا إذا قدروا على الصلاة بالأرض، وإن كانوا مولين المشركين أدبارهم غير متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة فصلوا يومئون أعادوا لأنهم حينئذ عاصون والرخصة عندنا لا تكون إلا لمطيع فأما العاصي فلا.

كتاب الأم - كتاب صلاة الخوف
كيفية صلاة الخوف | انتظار الإمام الطائفة الثانية | تخفيف القراءة في صلاة الخوف | السهو في صلاة الخوف | باب ما ينوب الإمام في صلاة الخوف | إذا كان العدو وجاه القبلة | الحال التي يجوز للناس أن يصلوا فيها صلاة الخوف | كم قدر من يصلي مع الإمام صلاة الخوف | أخذ السلاح في صلاة الخوف | ما لا يجوز للمصلي في الحرب أن يلبسه مما ماسته النجاسة، وما يجوز | ما يجوز للمحارب أن يلبس مما يحول بينه وبين الأرض وما لا يجوز | ما يلبس المحارب مما ليس فيه نجاسة، وما لا يلبس، والشهرة في الحرب أن يعلم نفسه بعلامة | الوجه الثاني من صلاة الخوف | إذا صلى بعض صلاته راكبا ثم نزل أو نازلا ثم ركب أو صرف عن القبلة وجهه أو تقدم من موضعه | إذا صلى، وهو ممسك عنان دابته | إذا صلوا رجالا وركبانا هل يقاتلون، وما الذي يجوز لهم من ذلك ؟ | من له من الخائفين أن يصلي صلاة الخوف ؟ | في أي خوف تجوز فيه صلاة الخوف | في طلب العدو | قصر الصلاة في الخوف | ما جاء في الجمعة والعيدين في الخوف | تقديم الإمام في صلاة الخوف