كتاب السنة للخلال/الجزء الثالث



بسم الله الرحمن الرحيم


ذكر الروافض.

عدل

776- أخبرنا أحمد بن حمدويه الهمذاني ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبدة ، أن أبا عبد الله قيل له : في رجل يقولون : إنه يقدم عليا على أبي بكر وعمر رحمهما الله ، فأنكر ذلك وعظمه ، وقال : أخشى أن يكون رافضيا.

777- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : قلت لأبي : من الرافضة ؟ قال : الذي يشتم ويسب أبا بكر وعمر رحمهما الله.

778- أخبرني محمد بن يحيى الكحال ، أن أبا عبد الله قال : الرافضي الذي يشتم.

779- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سألت أبا عبد الله عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة . قال : ما أرآه على الإسلام ، قال : وسمعت أبا عبد الله يقول : قال مالك : الذي يشتم أصحاب النبي ليس له سهم ، أو قال : نصيب في الإسلام.

780- وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، قال : سمعت أبا عبد الله ، قال : من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض ، ثم قال : من شتم أصحاب النبي لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين.

781- أخبرنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا أبو طالب ، أنه قال لأبي عبد الله : الرجل يشتم عثمان ؟ فأخبروني أن رجلا تكلم فيه ، فقال : هذه زندقة.

782- أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سألت أبي عن رجل شتم رجلا من أصحاب النبي ، فقال : ما أراه على الإسلام.

783- أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله سئل ، وأخبرني علي بن عبد الصمد ، قال : سألت أحمد بن حنبل عن جار لنا رافضي يسلم علي ، أرد عليه ؟ قال : لا.

784- أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي النيسابوري ، أن أبا عبد الله سئل عن رجل له جار رافضي يسلم عليه ؟ قال : لا ، وإذا سلم عليه لا يرد عليه.

785- كتب إلي يوسف بن عبد الله قال : حدثنا الحسن بن علي بن الحسن ، أنه سأل أبا عبد الله عن صاحب بدعة ، يسلم عليه ؟ قال : إذا كان جهميا ، أو قدريا ، أو رافضيا داعية ، فلا يصلي عليه ، ولا يسلم عليه.

786- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل بن زياد حدثهم ، أن أبا عبد الله قال : الرافضة لا تكلمهم.

787- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : حدثنا أبو بكر حماد بن المبارك قال : حدثنا محمد بن هيضم ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد ابن معدان ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله  : (إذا ظهرت البدع ، وسب أصحابي ، فعلى العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين) قال : قلت للوليد : وما إظهار علمه ؟ قال : السنة ، قال : وسئل أبو بكر بن عياش ، وعباد بن العوام ، فقال : السنة.

788- أخبرني حرب ، قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن الجعفي ، قال : حدثنا حسين بن علي ، عن هاني بن أيوب ، قال : سألت محارب بن دثار عن غيبته الرافضة ؟ قال : إنهم إذا لقوم صدق . قال حسين : لم ير بغيبتهم بأسا.

789- أخبرني حرب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن زائدة ، قال : قلت لمنصور : يا أبا عتاب ، اليوم الذي يصوم فيه أحدنا ينتقص الذين ينتقصون أبا بكر وعمر ؟ قال : نعم.

790- أخبرني حرب ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : قال علي رضي الله عنه : يهلك في اثنان : محب مفرط ، ومبغض مفتر.

جامع أمر الرافضة

عدل

791- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا وهب بن بقية ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا محمد بن حجير الباهلي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مغول ، عن أبيه ، قال الشعبي : يا مالك ، لو أردت أن أطأ رقابهم عبيدا ، ويملئوا بيتي ذهبا على أن أكذب لهم على علي ، ولكن والله لا أكذب عليه أبدا ، يا مالك ، إني درست الأهواء فلم أر قوما أحمق من الخشبية ، ولو كانوا من الدواب كانوا حمرا ، ولو كانوا من الطير كانوا رخما . ثم قال : أحذركم الأهواء المضلة ، وشرها الرافضة ، وذلك أن منهم يهودا يغمصون الإسلام ليتجاوز بضلالتهم ، كما يغمص بولس بن شاول ملك اليهود النصرانية ليتجاوز ضلالتهم ، ثم قال : لم يدخلوا في الإسلام رغبة عنه ، ولا رهبة من الله عز وجل ، ولكن مقتا لأهل الإسلام ، وبغيا عليهم ، قد حرقهم علي بن أبي طالب بالنار ، ونفاهم في البلدان ، منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى إسباط ، وعبد الله بن يسار نفاه إلى حازه ، وأبو الكروس ، وآية ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود ، قالت اليهود : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من آل داود ، وقالت الرافضة : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من ولد علي بن أبي طالب ، وقالت اليهود : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال ، وينزل سبب من السماء ، وقالت الرافضة : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي مناد من السماء ، واليهود : يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم ، وكذلك الرافضة . والحديث عن رسول الله  : لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم ، وكذلك الرافضة ، والحديث عن رسول الله  : (لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم) ، واليهود تزول على القبلة شيئا ، وكذلك الرافضة ، واليهود تنود في الصلاة ، وكذلك الرافضة ، (ومر رسول الله برجل قد سدل ثوبه فغمصه عليه) ، واليهود يستحلون دم كل مسلم ، وكذلك الرافضة ، واليهود لا يرون على النساء عدة ، وكذلك الرافضة ، واليهود لا يرون الطلاق الثلاث شيئا ، وكذلك الرافضة ، واليهود حرفوا التوراة ، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن ، واليهود يبغضون جبريل ، ويقولون : هو عدونا من الملائكة ، وكذلك صنف من الرافضة يقولون غلط بالوحي إلى محمد ..

792- أخبرني أحمد بن حمدويه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، قال : سألت أبا عبيد القاسم بن سلام فقال : لا حظ للرافضي في الفيء والغنيمة ؛ لقول الله حين ذكر آية الفيء في آخر سورة الحشر فقال في آخر آية الفيء : {والذين جاؤوا من بعدهم}.

793- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، أنه سمع أبا عبد الله ، قال في الرافضي : قال : أنا لا أشهده ، يشهده من شاء ، قد ترك النبي على أقل من ذا ، الدين ، والغلول ، والقتيل لم يصل عليه ، ولم يأمرهم ، وذكر أبو عبد الله حديثا مرسلا ( أن النبي يقاتل أهل خيبر من نواحيها ، فثبت رجل فقتل ، فلم يصل عليه ) ، يحيى بن أبي كثير يرويه ؟ قال عبد الملك : فلعلي كتبتهما ، قال رجل لأبي عبد الله : يقولون : أرأيت إن مات في قرية ليس فيها إلا نصارى من يشهده ؟ قال أبو عبد الله مجيبا له : أنا لا أشهده ، يشهده من شاء.

794- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : حدثنا موسى بن هارون بن زياد ، قال : سمعت الفريابي ، ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر قال : كافر ، قال : فيصلى عليه ؟ قال : لا ، وسألته كيف يصنع به وهو يقول : لا إله إلا الله ؟ قال : لا تمسوه بأيديكم ، ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته.

795- أخبرني الدوري ، قال : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام ، يقول : عاشرت الناس وكلمت أهل الكلام ، وكذا ، فما رأيت أوسخ وسخا ، ولا أقذر قذرا ، ولا أضعف حجة ، ولا أحمق من الرافضة ، ولقد وليت قضاء الثغور ، فنفيت منهم ثلاثة رجال جهميين ورافضيا ، أو رافضيين وجهميا ، وقلت : مثلكم لا يساكن أهل الثغور ، فأخرجتهم.

796- أخبرنا علي بن حرب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ابن أبي خالد ، عن عامر ، قال : وقال علقمة : لقد هلك قوم قبل هذه الأمة برأيهم في علي كما هلكت النصارى في عيسى ابن مريم.

797- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا أبو النضر ، قال : حدثنا شعبة ، قال عمرو بن مرة : أخبرني قال : سمعت أبا البختري الطائي ، قال : قال علي : يهلك في رجلان : عدو مبغض ، ومحب مفرط.

798- أخبرنا الدوري ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، قال : قال علي بن الحسين : ياأهل العراق ، حبونا حب الإسلام ، فوالله إن زال بنا حبكم حتى صار علينا شينا.

التغليظ على من كتب الأحاديث التي فيها طعن على أصحاب رسول الله

عدل

799- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : إن قوما يكتبون هذه الأحاديث الرديئة في أصحاب رسول الله ، وقد حكوا عنك أنك قلت : أنا لا أنكر أن يكون صاحب حديث يكتب هذه الأحاديث يعرفها ، فغضب وأنكره إنكارا شديدا ، وقال : باطل ، معاذ الله ، أنا لا أنكر هذا ، لو كان هذا في أفناء الناس لأنكرته ، كيف في أصحاب محمد ، وقال : أنا لم أكتب هذه الأحاديث ، قلت لأبي عبد الله : فمن عرفته يكتب هذه الأحاديث الرديئة ويجمعها أيهجر ؟ قال : نعم ، يستأهل صاحب هذه الأحاديث الرديئة الرجم ، وقال أبو عبد الله : جاءني عبد الرحمن بن صالح ، فقلت له : تحدث بهذه الأحاديث ؟ فجعل يقول : قد حدث بها فلان ، وحدث بها فلان ، وأنا أرفق به ، وهو يحتج ، فرأيته بعد فأعرضت عنه ولم أكلمه.

800- وكتب إلي أحمد بن الحسين قال : حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، وسأله عن الرجل يروي الحديث فيه على أصحاب رسول الله شيء ، يقول : أرويه كما سمعته ؟ قال : ما يعجبني أن يروي الرجل حديثا فيه على أصحاب رسول الله شيء ، قال : وإني لأضرب على غير حديث مما فيه على أصحاب رسول الله شيء.

801- أخبرني العباس بن محمد الدوري ، قال : حدثنا إبراهيم أخو أبان بن صالح قال : كنت رفيق أحمد بن حنبل عند عبد الرزاق ، قال : فجعلنا نسمع ، فلما جاءت تلك الأحاديث التي فيها بعض ما فيها قام أحمد بن حنبل فاعتزل ناحية ، وقال : ما أصنع بهذه ، فلما انقطعت تلك الأحاديث ، فجاء ، فجعل يسمع.

802- وأخبرنا مقاتل بن صالح الأنماطي ، قال : سمعت عباسا الدوري ، يقول : كنا إذا اجتمعنا مع أحمد بن حنبل نسمع الحديث فجاءت هذه الأحاديث في المثالب ، اعتزل أحمد بن حنبل حتى نفرغ ، فإذا فرغ المحدث رجع فسمع ، قال مقاتل : وسمعت غير شيخ يحكي عن أحمد بن حنبل هذا.

803- وأخبرني العباس بن محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت جعفرا الطيالسي ، يقول : سمعت يحيى بن معين ، يقول : كانوا عند عبد الرزاق : أحمد ، وخلف ، ورجل آخر ، فلما مرت أحاديث المثالب وضع أحمد بن حنبل إصبعيه في أذنيه طويلا حتى مر بعض الأحاديث ، ثم أخرجهما ، ثم ردهما حتى مضت الأحاديث كلها أو كما قال.

804- سمعت محمد بن عبيد الله بن يزيد المنادي ، يحكي عن أحمد بن حنبل ، فلم أحفظه ولم أكتبه ، فأخبرني محمد بن أبي هارون ، قال : سمعت ابن المنادي ، قال : كنت عند أحمد بن حنبل ، فجاء أحمد بن إبراهيم الموصلي الذي كان يحدث ومعه ابن له ، فأخرج الموصلي من كم ابنه دفترا فدفعه إلى أبي عبد الله ، فنظر أحمد في الكتاب وجعل يتغير لونه كأنه ينتقص ، فلما فرغ أحمد من النظر في الدفتر قال : قال عز وجل {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ، ولا تجهروا له بالقول} الآية ، أما يخاف الذي حدث بهذه أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، ثم قال أحمد بعد أن مضى الموصلي : تدري من يحدث بهذه ؟ قلت : لا . قال : هذا جارك ، يعني خلف.

805- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سألت أبا عبد الله عن خلف المخرمي ؟ فقال : خرج معي إلى طرسوس ، وكتبه على عنقه ، خرجنا مشاة فما بلغنا رحبة طوق حتى أزحف بي قال : وخرجنا في اللقاط يعني بطرسوس ، وما كنت أعرفه إلا عفيف البطن والفرج ، قال أبو عبد الله : فلما كان بعد ذهبت إلى منزل عمي بالمخرم ، فرأيته فأعرضت عنه ، ثم قال : وأيش أنكر الناس على خلف إلا هذه الأحاديث الرديئة ؟ لقد كان عند غندر ورقة ، أو قال رقعة ، فخلا به خلف ، ويحيى فسمعوها ، فبلغ يحيى القطان فتكلم بكلام شديد.

806- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن خلف بن سالم ، فلم يحمد ، ولم ير أن يكتب عنه.

807- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن عبيد الله بن موسى العبسي ؟ فقال : كوفي ، فقلت : فكيف هو ؟ قال : كما شاء الله ، قلت : كيف هو يا أبا عبد الله ؟ قال : لا يعجبني أن أحدث عنه ، قلت : لم ؟ قال : يحدث بأحاديث فيها تنقص لأصحاب رسول الله .

808- سمعت محمد بن عبيد الله بن يزيد المنادي ، يقول : كنا بمكة في سنة تسع ، وكان معنا عبيد الله بن موسى ، فحدث في الطريق فمر حديث لمعاوية ، فلعن معاوية ، ولعن من لا يلعنه ، قال ابن المنادي : فأخبرت أحمد بن حنبل ، فقال : متعدي يا أبا جعفر ، فأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن حبيش بن سندي ، حدثهم ، أن أبا عبد الله ، ذكر له حديث عبيد الله بن موسى ، فقال : ما أحسب هو بأهل أن يحدث عنه ، وضع الطعن على أصحاب رسول الله ، ولقد حدثني منذ أيام رجل من أصحابنا أرجو أن يكون صدوقا ، أنه كان معه في طريق مكة ، فحدث بحديث لعن فيه معاوية ، فقال : نعم لعنه الله ، ولعن من لا يلعنه ، فهذا أهل يحدث عنه ؟ على الإنكار من أبي عبد الله ، أي إنه ليس بأهل يحدث عنه.

809- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا الأثرم ، قال : سمعت أبا عبد الله ، وذكر له حديث عقيل ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي في علي ، والعباس ، وعقيل ، عن الزهري ، أن أبا بكر أمر خالدا في علي ، فقال أبو عبد الله : كيف ؟ فلم يعرفها ، فقال : ما يعجبني أن تكتب هذه الأحاديث.

810- وأخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت هارون بن سفيان ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : وذكر هذه الأحاديث التي فيها ذكر أصحاب رسول الله ، فقال : هذه أحاديث الموتى.

811- أخبرني حمزة بن القاسم ، قال : حدثنا حنبل ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : أخرج إلينا غندر محمد بن جعفر كتبه عن شعبة ، فكتبنا منها : كنت أنا وخلف بن سالم ، وكان فيها تلك الأحاديث ، فأما أنا فلم أكتبها ، وأما خلف فكتبها على الوجه كلها ، قال أبو عبد الله : كنت أكتب الأسانيد وأدع الكلام ، قلت لأبي عبد الله : لم ؟ قال : لأعرف ما روى شعبة ، قال أبو عبد الله : لا أحب لأحد أن يكتب هذه الأحاديث التي فيها ذكر أصحاب النبي ، لا حلال ، ولا حرام ، ولا سنن ، قلت : أكتبها ؟ قال : لا تنظر فيها ، وأي شيء في تلك من العلم ، عليكم بالسنن والفقه ، وما ينفعكم.

812- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قال لي أبو عبد الله : تعرف أبا سيار سماه ، بلغني أنه رد على أبي همام حديثا حدث به ، قال أبو بكر : وحدث أبو همام بحديث فيه شيء على أصحاب رسول الله ، وظن أبو همام أنه فضيلة ، فلما كان المجلس الثاني ، ونحن حضور فوثب جماعة ، وقالوا : يا أبا همام ، حدثت بحديث رديء ؟ فقال : قد أخطأت ، اضربوا عليه ، ولا تحكوه عني ، قال أبو بكر : فدخلت على أبي عبد الله ، وقد انصرفت من عند أبي همام ، فقال : أيش حدثكم اليوم ؟ فأخرجت إليه الكتاب ، فنظر ، فإذا فيه أحاديث ، رخصة من كان يركب الأرجوان ، فغضب ، وقال : هذا زمان يحدث بمثل هذه الرخص ، قال أبو بكر : وجاؤوا بأحاديث كتبت عن إبراهيم بن سعيد الجوهري ، فذهبوا إليه ، فقال : منها ما لم أحدث به ، وإنما كان هذا الرجل يشتري لي حوائج ، فكتب من كتابي ما لم أقرأ عليه ، ولكن أضرب عليها من كتابي ، ولا أحدث منها بشيء ، وأنا أستغفر الله فأقول في هذا المجلس ، فقام في مجلسه ، فقال مثل هذا الكلام ، ثم تكلم ابن الكردية في أن يأخذ الأحاديث التي عندي ، ولا يحدث منها بشيء ، فجاء ابن الكردية مرتين فقال : الله الله ، هات الأحاديث حتى نقطعها ، ولا نحدث منها بشيء ، ونضرب عليها بحضرتك ، فأخرجت الكتاب ، فجعل ابن الكردية يضرب عليها حديثا حديثا ، قال أبو بكر : فما علمت إبراهيم حدث منها بشيء حتى مات.

813- سمعت علي بن إسماعيل البندنجي ، قال : جمعنا أحاديث فيما كان بين أصحاب رسول الله ، فقلت لعلي بن إسماعيل : المثالب ؟ قال : نعم ، قال : وأتينا بها سويد بن سعيد قال : فأبى أن يقرأها علينا ، فقال : كتب إلي أبو عبد الله أحمد بن حنبل : يا أبا محمد ، لا تحدث بهذه الأحاديث ، قال علي : فكان إذا مر منها بشيء لم أحدث به.

814- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت ابن نمير ، يقول : سمعت أبي يقول : سمعت الأعمش ، يقول : وذكر حديثه الذي ينكرونه ، فقال : كنت أحدثهم بأحاديث يقولها الرجل لأخيه في الغضب ، فاتخذوها دينا ، لا جرم ، لا أعود لها.

815- أخبرنا عبد الملك الميموني ، قال : تذاكرنا حديث الأعمش وما يغلط فيه ، وما يرى من تلك الأشياء المظلمة ، قلت : يا أبا عبد الله مع هذا ؟ فقال لي : ها أي يثبت ، وقال لي أبو عبد الله : ما ينبغي لك أن تسمعها ، لقد بلغ يحيى بن سعيد أن غندر حدث بشيء عن شعبة من هذه القصة ، فذهب إليه أصحابنا ، ولم أذهب أنا ، فقال يحيى : ما حمله على أن يحدث بها ، لعل رجلا قد غلط في شيء فحدث به ، يحدث به عنه.

816- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا محمد بن سعد الزهري ، قال : سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن أبي عبد الرزاق ، قال : كان صالح الحديث ، فيما حدث عن وهب بن منبه ، قيل : حديث مينا ؟ قال : من مينا ؟ ما فحصت حديث عبد الرزاق في عيب أصحاب النبي ، ترى مالك بن أنس سلم على الناس إلا بتركه ، هذه الأحاديث تورث الغل في القلب.

817- أخبرني محمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله قلت : هذه الأحاديث التي رويت في أصحاب النبي ترى لأحد أن يكتبها ؟ قال : لا أرى لأحد أن يكتب منها شيئا ، قلت : فإذا رأينا الرجل يطلبها ويسأل عنها ، فيها ذكر عثمان وعلي ومعاوية ، وغيرهم من أصحاب النبي ، قال : إذا رأيت الرجل يطلب هذه ويجمعها ، فأخاف أن يكون له خبيئة سوء.

818- أخبرني موسى بن حمدون ، قال : حدثنا حنبل ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : كان سلام بن أبي مطيع أخذ كتاب أبي عوانة الذي فيه ذكر أصحاب النبي فأحرق أحاديث الأعمش تلك.

819- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد ، قلت : حدثني خالد بن خداش ، قال : قال سلام : وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا يحيى ، قال : سمعت خالد بن خداش ، قال : جاء سلام بن أبي مطيع إلى أبي عوانة ، فقال : هات هذه البدع التي قد جئتنا بها من الكوفة ، قال : فأخرج إليه أبو عوانة كتبه ، فألقاها في التنور ، فسألت خالدا ما كان فيها ؟ قال : حديث الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله  : استقيموا لقريش ، وأشباهه ، قلت لخالد : وأيش ؟ قال : حديث علي : أنا قسيم النار ، قلت لخالد : حدثكم به أبو عوانة ، عن الأعمش ؟ قال : نعم.

820- وأخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : سمعت أبي يقول : سلام بن أبي مطيع من الثقات من أصحاب أيوب ، وكان رجلا صالحا ، حدثنا عنه عبد الرحمن بن مهدي ، ثم قال أبي : كان أبو عوانة وضع كتابا فيه معايب أصحاب النبي وفيه بلايا ، فجاء إليه سلام بن أبي مطيع ، فقال : يا أبا عوانة ، أعطني ذلك الكتاب ، فأعطاه ، فأخذه سلام فأحرقه.

821- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد الله : استعرت من صاحب حديث كتابا ، يعني فيه الأحاديث الرديئة ، ترى أن أحرقه ، أو أخرقه ؟ قال : نعم ، لقد استعار سلام بن أبي مطيع من أبي عوانة كتابا ، فيه هذه الأحاديث ، فأحرق سلام الكتاب ، قلت : فأحرقه ؟ قال : نعم.

822- أخبرنا الحسن بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا الفضل بن زياد ، قال : سمعت أبا عبد الله ودفع إليه رجل كتابا فيه أحاديث مجتمعة ، ما ينكر في أصحاب رسول الله ونحوه ، فنظر فيه ، ثم قال : ما يجمع هذه إلا رجل سوء ، وسمعت أبا عبد الله ، يقول : بلغني عن سلام بن أبي مطيع أنه جاء إلى أبي عوانة ، فاستعار منه كتابا كان عنده فيه بلايا ، مما رواه الأعمش ، فدفعه إلى أبي عوانة ، فذهب سلام به فأحرقه ، فقال رجل لأبي عبد الله : أرجو أن لا يضره ذلك شيئا إن شاء الله ؟ فقال أبو عبد الله : يضره ؟ بل يؤجر عليه إن شاء الله.

823- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : سألت إسحاق يعني ابن راهويه ، قلت : رجل سرق كتابا من رجل فيه رأي جهم أو رأي القدر ؟ قال : يرمي به ، قلت : إنه أخذ قبل أن يحرقه أو يرمي به ، هل عليه قطع ؟ قال : لا قطع عليه ، قلت لإسحاق : رجل عنده كتاب فيه رأي الإرجاء أو القدر أو بدعة ، فاستعرته منه ، فلما صار في يدي أحرقته أو مزقته ؟ قال : ليس عليك شيء.

824- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : لا نقول في أصحاب رسول الله إلا الحسنى.

825- وأخبرني محمد بن جعفر ، ومحمد بن أبي هارون ، أن أبا الحارث قال : جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة ، فوجهنا بها إلى أبي عبد الله ، ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله ؟ فقال أبو عبد الله : هذا كلام سوء رديء ، يجانبون هؤلاء القوم ، ولا يجالسون ، ويبين أمرهم للناس.

826- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثني أبو بكر بن أبي طالب ، قال : جاء عبد الرحمن بن صالح إلى أبي معمر ، فذكر بعض الأحاديث الرديئة ، فقال أبو معمر : خذوا برجله ، وجروه ، وأخرجوه من المسجد ، فجر برجليه ، وأخرج من المسجد.

827- أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، قال : سمعت محاضر ، ورأيت ، في كتبه أحاديث مضروب عليها ، فقلت : ما هذه الأحاديث المضروب عليها ؟ فقال : هذه العقارب ، نهاني ابن أبي شيبة أن أحدث بها.

828- أخبرنا أبو يحيى الناقد ، رحمه الله ، حدثنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا الحسن يعني ابن عبد العزيز الجروي ، قال : حدثني يحيى بن حسان ، وتذاكروا ، ما كان بين أصحاب النبي وما جرى من الكلام بينهم ، فقال : ليس لنا أن نقول ما قالوا في أنفسهم ، ثم قال : قال حماد بن زيد : كيف بحديث شهاب بن خراش ، عن عمه : تذاكروا محاسن أصحاب النبي كي تأتلف عليهم قلوب الناس ، ولا تذكروا مساوئهم.

829- وأخبرنا الحسن بن أحمد الكرماني ، قال : حدثنا أبو الربيع ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا شهاب بن خراش ، عن عمه العوام بن حوشب ، قال : اذكروا محاسن أصحاب محمد عليه السلام تأتلف عليه القلوب ، ولا تذكروا مساويهم ، فتحرشوا الناس عليهم.

830- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو عمران الوركاني ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبيدة يعني ابن أبي رايطة ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله  : (الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله عز وجل يوشك أن يخذله).

831- أخبرنا أبو بكر السمسار ، قال : حدثنا أبو الفتح السمسار ، قال : سمعت بشر بن الحارث رحمه الله يذكر ، عن إبراهيم بن سعد ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله ، فذكر نحو حديث الوركاني.

832- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : قلت لأحمد : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا عبيد بن أبي رايطة ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن عبد الله بن مغفل المزني ، قال : قال رسول الله هذا الحديث ، قال : وحدثني أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الرحمن بن زياد ، وقال لي أحمد بن حنبل : حدثنا به سعد بن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الرحمن بن زياد.

833- أخبرنا محمد بن سعيد العطار ، قال : حدثنا علي بن يزيد الصدائي ، قال : حدثنا أبو شيبة الجوهري ، عن أنس ، عن النبي قال : (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله له صرفا ، ولا عدلا يوم القيامة).

834- أخبرنا يعقوب بن سفيان ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا محمد بن طلحة بن الطويل التيمي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله  : (إن الله تبارك وتعالى اختارني ، واختار لي أصحابا ، فجعل منهم أصهارا ، وأنصارا ، ووزراء ، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله عز وجل منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا).

835- وأحمد بن علي الأبار قال : سألت سفيان ابن وكيع ، فقلت : هذه الأحاديث الرديئة نكتبها ؟ فقال : ما طلبها إنسان فأفلح ، قال : وسألت أبا همام ؟ فقال : لا تكتبها ، وسألت مجاهد بن موسى ؟ فقال : لأيش تكتبها ؟ قلت : نعرفها ، قال : تعرف الشر.

ذكر الفتن من بني أمية وغيرهم

عدل

836- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : قال أبي : في حديث يزيد بن زريع ، عن شعبة ، قال : نبأني عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، قال : دخلنا على عمر معاشر مذحج ، وكنت من أقربهم منه مجلسا ، فجعل عمر ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره ، فقال : أمنكم هذا ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : ما له ، قاتله الله ، كفى الله أمة محمد شره ، والله إني لأحسب أن للناس منه يوما عصيبا.

837- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ودفع إلى عبد الله بن أحمد سمع مهنى ، قال : سألت أحمد عن مالك الأشتر ، يروى عنه الحديث ؟ قال : لا ، وسألته عن عبد الله بن الكواء ؟ قال : كوفي ، قلت : يروى عنه الحديث ؟ قال : لا.

838- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا الأثرم ، قال : وذكر أبو عبد الله ابن الكواء في حديث فقال : أبو الكواء ؟ قال : نعم ، هو أبو الكواء وهو ابن الكواء.

وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح ، قال : قال أبي : أبو الكواء اسمه عبد الله بن الكواء.

839- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن طلحة بن عبيد الله ، من قتله ؟ قال : يقولون : مروان ، قلت : كيف ؟ قال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : نظر مروان إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل ، فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، قال : فرمى بسهم فقتله ، قلت : من يقول هذا ؟ فقال : وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قلت : حدثوني ، عن عمرو بن مرزوق ، عن عمران القطان ، عن قتادة ، عن الجارود بن أبي سبرة قال : نظر مروان إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل ، فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فقتله ، فقال : ما أدري.

840- وأخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن أبي بكر بن علي بن مقدم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا قرة بن خالد ، عن محمد بن سيرين ، أن مروان اعترف أنه قتل طلحة.

841- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن عمر بن سعد ، فقال : لا ينبغي أن يحدث عنه ، قلت : من هو ؟ قال : أخو عامر بن سعد ، وأخو مصعب بن سعد ، قلت : لم ؟ قال : لأنه صاحب الجيوش ، وصاحب الدماء ، قلت له : بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال : كان عمر بن سعد لا يعتمد عليه.

842- قرئ على عبد الله بن أحمد ، وأنا أسمع ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : كان العلماء يحدثون أنه لم يخرج خارجة خير من أصحاب الجماجم ، والخبر.

843- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : قال أبو سعد : رأيت في أيديهم المصاحف والسيوف وهم يشتدون ، يعني يوم شبيب.

844- قرئ على عبد الله بن أحمد ، وأنا أسمع ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : لم يبايع ابن الزبير ، ولا حسين ، ولا ابن عمر ليزيد بن معاوية في حياة معاوية ، فتركهم معاوية.

845- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، قال : هو فعل بالمدينة ما فعل ؟ قلت : وما فعل ؟ قال : قتل بالمدينة من أصحاب النبي وفعل ، قلت : وما فعل ؟ قال : نهبها ، قلت : فيذكر عنه الحديث ؟ قال : لا يذكر عنه الحديث ، ولا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثا ، قلت لأحمد : ومن كان معه بالمدينة حين فعل ما فعل ؟ قال : أهل الشام ؟ قلت له : وأهل مصر ، قال : لا ، إنما كان أهل مصر معهم في أمر عثمان رحمه الله.

846- أخبرني أحمد بن محمد بن مطر ، وزكريا بن يحيى ، أن أبا طالب حدثهم قال : سألت أبا عبد الله : من قال : لعن الله يزيد بن معاوية ؟ قال : لا أتكلم في هذا ، قلت : ما تقول ؟ فإن الذي تكلم به رجل لا بأس به ، وأنا صائر إلى قولك . قال أبو عبد الله : قال النبي  : (لعن المؤمن كقتله) ، وقال : (خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم) ، وقد صار يزيد فيهم ، وقال : (من لعنته أو سببته فاجعلها له رحمة) ، فأرى الإمساك أحب لي.

847- أخبرني محمد بن عبد الصمد المقرئ المصيصي ، قال : حدثنا إسحاق بن الضيف ، قال : حدثنا الحسن بن قتيبة ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : سمعت الحسن بن أبي الحسن ، يقول : العنوا قتلة عثمان ، فيقال له : قتله محمد بن أبي بكر ، فيقول : العنوا قتلة عثمان ، قتله من قتله.

848- قال أبو بكر الخلال : وبعد هذا الذي ذكر أبو عبد الله من التوقي للعنة ، ففيه أحاديث كثيرة لا يخفى على أهل العلم ومن كتب الحديث إذا أنصف في القول ، وقد ذكر عن ابن سيرين وغيره أنهم كانوا يقولون : {ألا لعنة الله على الظالمين} إذا ذكر لهم مثل الحجاج وضربه ، ونحن نتبع القوم ولا نخالف ، ونتبع ما قال الحسن وابن سيرين ، فهما الإمامان العدلان في زمانهما ، الورعان ، الفقيهان ، ومن أفاضل التابعين ، ومن أعلمهم بالحلال والحرام ، وأمر الدين ، ولا نجهل ونقول : لعن الله من قتل الحسين بن علي ، ولعن الله من قتل عمر ، ولعن الله من قتل عثمان ، ولعن الله من قتل عليا ، ولعن الله من قتل معاوية بن أبي سفيان ، فكل هؤلاء قتلوا قتلا ، ويقال : لعنة الله على الظالمين ، إذا ذكر لنا رجل من أهل الفتن ، وعلى ما تقلد أحمد بن حنبل من ذلك ، وبالله التوفيق.

849- قرئ على عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو بكر ، قال : ما بقي أرض إلا ملكها ابن الزبير إلا الأردن.

850- أخبرني محمد بن عبد الصمد المقرئ ، قال : حدثنا مخلد بن قدامة ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، قال : قلت لإبراهيم : ما ترى في لعن الحجاج وضربه من الناس ؟ فقال : لا تسمع إلى قوله تعالى : {ألا لعنة الله على الظالمين}.

851- وأخبرني محمد بن علي ، قال حدثنا صالح ، أنه قال لأبيه : الرجل يذكر عنده الحجاج أو غيره فيلعنه ؟ قال : لا يعجبني ، لو عبر فقال : {ألا لعنة الله على الظالمين} ، وروي عن ابن سيرين أنه قال : المسكين أبو محمد.

852- وأخبرني محمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله قلت : الرجل يذكر عنده الحجاج فيقول : كافر ؟ قال : لا يعجبني ، قلت : فإذا ذكر عنده يلعنه ؟ قال : يقول : {ألا لعنة الله على الظالمين}

قال أبو عبد الله : قد كان رجل سوء يروي عنه ابن سيرين أنه قال : المسكين أبو محمد ، قال : وسمعت رجلا يقول له : ومن يرع عن ذكر الحجاج أنه كان كافرا لا يؤمن بيوم الحساب ، وإنه من أهل النار ، فسكت ، ولم يرد عليه جوابا.

853- وأخبرني زكريا بن يحيى ، أن أبا طالب حدثهم قال : قال أبو عبد الله : كان الحجاج بن يوسف رجل سوء.

854- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن يزيد بن المهلب ، قال : بصري ، قلت : كيف هو ؟ قال : كان صاحب فتنة ، يقول : هو الذي يقول شعبة : سمعت الحسن يقول : هذا عدو الله ابن المهلب.

855- أخبرنا الدوري ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا الصلت بن دينار ، قال : سمعت الحجاج ، على منبر واسط يقول : عبد الله بن مسعود رأس المنافقين ، لو أدركته لسقيت الأرض من دمه.

856- أخبرني الدوري ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، ابن عيينة ، عن سعيد ، عن سماك بن حرب ، قال : أتيت في المنام ، فقيل لي : إياك والزنا ، إياك والسرقة ، إياك وأكل مال اليتيم ، أو الحرام ، إياك والصلاة خلف الحجاج ، فإني أقسمت لأقصمنه كما يقصم عبادي.

857- أخبرنا الدوري ، قال : حدثنا الأسود بن عامر شاذان ، قال : حدثنا شريك ، عن ابن عمير يعني عبد الملك بن عمير ، قال : قال الحجاج يوما : من كان له بلاء فليقم فلنعطه على بلائه ، قال : فقام رجل ، فقال : أعطني على بلائي ، قال : وما بلاؤك ؟ قال : قتلت الحسين ، قال : وكيف قتلته ؟ قال : دسرته والله بالرمح دسرا ، وهبرته بالسيف هبرا ، وما أشركت معي في قتله أحدا ، قال : أما إنك وإياه لن تجتمعا في مكان ، قال : ثم أمر به فأخرج ، ولم يعطه ، أحسبه ، شيئا.

858- أخبرنا الدوري ، قال : حدثنا شاذان ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : يأتي على الناس زمان يصلون فيه على الحجاج.

تفريع أبواب القدر ذكر أول من تكلم في القدر

عدل

859- أخبرني أحمد بن محمد أبو حامد الوراق الطرسوسي ، قال : حدثنا محمد بن حاتم بن نعيم المروزي ، قال : حدثنا علي بن سعيد ، قال : سمعت أحمد ، يقول : أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني ، وسسلوا رجل من الأساورة.

860- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال : حدثني ربيعة بن كلثوم بن جبر ، عن أبيه ، قال : قال أصحاب مسلم بن يسار : كان مسلم يقعد إلى هذه السارية ، فقال : إن معبدا يقول بقول النصارى : يعني معبدا الجهني.

861- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : القدرية أشد اجتهادا من المعتزلة.

ذكر القدرية التي ترد على الله عز وجل

عدل

862- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : سمعت أبي وسأله علي بن الجهم عمن قال بالقدر يكون كافرا ، فقال أبي : إذا جحد العلم ، إذا قال الله جل وعز لم يكن عالما حتى خلق علما فعلم . فجحد علم الله عز وجل كافر ، قال : وسمعت أبي يقول : إذا قال الرجل : العلم مخلوف فهو كافر ؛ لأنه يزعم أنه لم يكن له علم حتى خلقه.

863- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سألت أبا عبد الله عن عمرو بن عبيد ، قال : كان لا يقر بالعلم ، وهذا الكفر بالله عز وجل.

864- وأخبرني محمد بن يحيى الكحال ، أن أبا عبد الله قال : القدري الذي يقول : إن الله لم يعلم الشيء حتى يكون ، هذا كافر.

865- أخبرني علي بن عيسى ، أن حنبلا حدثهم في هذه المسألة ، أن أبا عبد الله قال : ولم يزل الله عالما.

866- وأخبرني عصمة بن عاصم ، أن حنبلا حدثهم قال : قلت لأبي عبد الله : آدم عليه السلام خلقه الله عز وجل للأرض ، وعلم ما هو كائن منه قبل أن يكون ، قال الله عز وجل للملائكة : {إني جاعل في الأرض خليفة} ، هذا قبل أن يخلق آدم ، قد علم الله ما هو كائن منه قبل أن يكون ، وسمعت أبا عبد الله يقول : علم الله عز وجل أن آدم سيأكل من الشجرة التي نهاه عنها قبل أن يخلقه.

867- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا نصر بن علي ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ، {ومن عنده علم الكتاب} قال : من عند الله عز وجل.

868- وأخبرنا أبو بكر ، أن نصر بن علي حدثهم قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، مثله.

869- أخبرنا أبو بكر ، قال : حدثنا علي بن عثمان النفيلي ، قال : حدثنا أبو مسهر ، قال : حدثنا هقل ، عن الأوزاعي ، كتب إلي رجل : أما بعد ، فأمر بالعلم ، فإنه لن يخرج رجل إلا فرط في الإسلام أعظم من الإهمال ، والسلام.

870- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد الله : الرجل يكون له قرابة قدري ؟ قال : القدر لا يخرجه من الإسلام . قلت : أولئك لم يكونوا يدعون إلى القدر ، فأما من كان عالما وجحد العلم ؟ قال : إذا جحد كفر.

871- أخبرنا أبو بكر ، قال : سألت أبا عبد الله عن القدري ، فلم يكفره إذا أقر بالعلم.

872- وأخبرنا أبو بكر ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : إذا جحد العلم ؟ قال : إن الله عز وجل لا يعلم الشيء حتى يكون ، استتيب ، فإن تاب وإلا قتل . قال : وسمعت أبا عبد الله يقول في قول الله عز وجل : {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} هذه حجة على القدرية ، وقال : {ومنك ومن نوح} هذه حجة عليهم.

873- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سألت أبا عبد الله عن من قال : إن لمن الأشياء أشياء لم يخلقها الله يكون مشركا ؟ قال : لم يخلقها الله إذا جحد العلم ، يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل.

874- أخبرني منصور بن الوليد النيسابوري ، أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال : سمعت أبا العباس صاحب أبي عبيد وسأل أبا عبد الله عن من جحد العلم ؟ قال : يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه.

875- أخبرني أبو عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، أنه سأل أبا عبد الله عن القدري ، يستتاب ؟ وقلت : إن مالكا ، وعمر بن عبد العزيز يرون أن يستتيبوه ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، قال : أرى أن أستتيبه إذا جحد علم الله ، قلت : وكيف يجحد علم الله ؟ قال : إذا لم يكن هذا في علم الله أستتيبه ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، قال : إن منهم من يقول كان في علم ، ولكن لم يأمرك بالمعصية.

876- أخبرني الميموني ، قال : حدثني القعنبي ، عن مالك ، عن عمه أبي سهل بن مالك ، قال : كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز ، فقال : ما ترى في هؤلاء القدرية ، قلت : أرى أن تستتيبهم ، فإن تابوا وإلا عرضتهم على السيف ، فقال عمر بن عبد العزيز ذلك رأيي ، قال مالك : وذلك رأيي.

877- أخبرني عبيد الله بن حنبل ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا القعنبي ، فذكره إلى آخره ، وزاد : قال حنبل : سألت عمي عن ذلك ، فقال : وذلك رأيي.

قوله : كل مولود يولد على الفطرة

عدل

878- أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله سئل عن حديث النبي  : (كل مولود يولد على الفطرة) ، قال : الفطرة التي فطر الله العباد عليها.

879- وأخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم ، وأخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل . وأخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم ، سمعوا أبا عبد الله في هذه المسألة ، قال : الفطرة التي فطر الله عز وجل العباد عليها من الشقاء والسعادة.

880- أخبرني منصور بن الوليد : قال : حدثنا علي بن سعيد ، أنه سأل أبا عبد الله عن : كل مولود يولد على الفطرة قال : على الشقاء ، والسعادة ، قال : يرجع على ما خلق.

881- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، قال : الفطرة الأولى التي فطر الله عز وجل عليها ، قلت له أنا : فما الفطرة الأولى ، هي الدين ؟ قال : نعم.

882- أخبرني محمد بن يحيى الكحال ، أنه قال لأبي عبد الله : (كل مولود يولد على الفطرة) ، ما تفسيرها ؟ قال : هي الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليه ، شقي أو سعيد ، وقال أبو عبد الله : سألني عن هذه المسألة إنسان بمكة ، وكان قدريا ، فلما قلت له كأني ألقمته حجرا.

883- أخبرني عبيد الله بن حنبل بن إسحاق بن حنبل ، قال : حدثنا عاصم بن علي ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله المزني ، عن الحسن ، قال : قال الأسود بن سريع : (كنت مع رسول الله في غزوة ، أو قال في بعض المغازي ، فتجاوز قوم إلى الذرية ليقتلوها ، فبلغ ذلك رسول الله ، فقال : ما بال قوم تجاوزوا إلى الذرية يقتلونها ؟ قالوا : يا رسول الله ، إنهم أولاد المشركين . فقال : إن خياركم أولاد المشركين ، إنها ليست نسمة إلا تولد على الفطرة ، ثم لا تزال على ذلك حتى يعرب عنها ، فإما يهوديا ، أو نصرانيا). سمعت أبا عبد الله وسألته عن معنى هذا الحديث ، فقال لي : نقول : الفطرة التي فطر الله عليه العباد من الشقاء والسعادة.

884- وأخبرني أحمد بن الحسين بن حسان ، قال : سئل أبو عبد الله عن حديث (كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه) ، فقال : الفطرة التي فطر الله عز وجل التي فطر الناس عليها.

قوله : الشقي من شقي في بطن أمه

عدل

885- أخبرني عصمة بن عاصم ، قال : حدثنا حنبل ، قال : سألت أبا عبد الله ، قلت : أفاعيل العباد مخلوقة ؟ قال : نعم ، مقدرة عليهم بالشقاء والسعادة ، قلت له : الشقاء والسعادة مكتوبان على العبد ؟ قال : نعم سابق في علم الله ، وهما في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقه ، والشقاء والسعادة من الله عز وجل ، قال عبد الله : الشقي من شقي في بطن أمه ، وقال في موضع آخر : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من سعد بغيره ، قال : وكتب الله عز وجل على آدم أنه يصيب الخطية قبل أن يخلقه ، قلت : فأمر الله عز وجل العباد بالطاعة ؟ قال : نعم ، وكتب عليهم المعصية لإثبات الحجة عليهم ، ويعذب الله العباد وهو غير ظالم لهم . وقال : قال : ليس شيء أشد على القدرية من قول الله عز وجل : {وما ننزله إلا بقدر معلوم} ، وقوله {إنا كل شيء خلقناه بقدر} وفي القرآن في غير موضع إثبات القدر لمن تفهمه وتدبره.

886- وأخبرني عصمة بن عاصم ، قال : حدثنا حنبل ، قال : قال أبو عبد الله : الخير والشر والشقوة والسعادة مكتوبان على العبد ، واحتج بحديث النبي  : (فمنهم من يولد مؤمنا ، ويحيا مؤمنا ، ويموت كافرا ، ومنهم من يولد كافرا ، ويحيا كافرا ، ويموت مؤمنا) ، قال : هذا من كتب الله عليه الشقاء والسعادة ، قال : وسألت أبا عبد الله عن الإيمان بالقدر ؟ قال : نؤمن به ، ونعلم أن ما أصابنا لم يكن يخطئنا ، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ، وأن الله عز وجل قدر كل شيء من الخير والشر ، فهو سابق في اللوح المحفوظ ، الشقاء والسعادة مكتوبان على ابن آدم قبل أن يخلق ، ونحن في أصلاب الآباء.

887- وأخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، وقيل له : الشقي من شقي في بطن أمه ؟ قال : نعم ، الشقي من شقي في بطن أمه.

888- أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، وسئل على القدر ، قيل له : إنهم يقولون : إن الله عز وجل لا يضل أحدا هو أعدل من أن يضل أحدا ، ثم يعذبه على ذلك ، فقال : أليس قال الله عز وجل : {يضل الله من يشاء ، ويهدي من يشاء} ، فالله عز وجل قدر الطاعة والمعاصي ، وقدر الخير والشر ، ومن كتب سعيدا فهو سعيد ، ومن كتب شقيا فهو شقي.

889- أخبرنا سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الأسفاطي أبو عبد الله الأسفاطي ، قال : رأيت النبي في المنام جالسا مع عمر بن الخطاب رحمه الله ، فقلت : يا رسول الله ، إن عبد الله بن مسعود ، حدث بحديث الصادق المصدوق ، أريد حديث القدر ؟ فقال : أنا والله الذي لا إله إلا هو حدثته ، أعادها ثلاثا ، غفر الله للأعمش كما حدث به ، وغفر الله لمن حدث به قبل الأعمش ، وغفر الله لمن حدث به بعد الأعمش ، قال أبو عبد الله : فحدثت به ابن داود الخريبي ، فبكى ، يعني حديث الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله قال : حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق ، قال أبو داود : وهذا الأسفاطي ضربه الزنج فمات ، فرأيته في المنام بعد موته ، فقلت له : أمت ؟ قال : أنا حي.

890- أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، قال : قال عبد الله : حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق : (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، فيكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك

ثم يرسل الله عز وجل إليه الملك بأربع كلمات ، فيقول : اكتب عمله وأجله ، ويقول : اكتب شقيا أو سعيدا ، ثم ينفخ فيه الروح ، فوالذي نفسي بيده ، إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها).

891- أخبرنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا وكيع ، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي ، عن ربيعة بن يزيد ، عن ابن الديلمي ، قال : سألت عبد الله بن عمرو عن : (جف القلم) ، قال : إن الله عز وجل لما خلق القلم ألقى عليهم من نوره ، فمن أصابه منه شيء اهتدى.

892- أخبرنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني أبو حذيفة النهدي موسى بن مسعود قال : حدثنا الهيثم بن جهنم ، عن عاصم ابن بهدلة ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، أن النبي قال : (إن النطفة إذا استقرت في الرحم نالت كل شعر وبشر ، ثم تكون نطفة أربعين ليلة ، ثم تكون علقة أربعين ليلة ، ثم تكون مضغة أربعين ليلة ، ثم تكون عظاما أربعين ليلة ، ثم يكسو الله العظم لحما ، فيقول الملك : أي رب شقي أم سعيد ؟ أي رب ذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله ، ويكتب الملك ، ثم يقول : أي رب شقي أم سعيد ؟ فيقضي الله عز وجل ويكتب الملك ، ثم يقول : أي رب ما أجله ورزقه ؟ فيقضي الله ، ويكتب الملك ، وأنتم تعلقون على أولادكم التمائم).

893- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا معاذ ، قال : حدثنا الأغضف عمرو بن الوليد قال : قلت لمعاذ بن منصور : من حدثك أن أبي بن كعب رد ابن مسعود عن حديثه في القدر ؟ قال : فقال : حدثني رجل لا أعرفه ، قال : فقلت : فأنا أعرفه ، قال : فقال : من هو ؟ قلت : الشيطان.

قوله : المعاصي أفاعيل العباد من عند الله مقدرة

عدل

894- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سئل أبو عبد الله عن الزنا ، بقدر ؟ فقال : الخير والشر بقدر ، ثم قال : الزنا والسرقة ، وذكر عن سالم ، وابن عباس أنهم قالوا : الزنا والسرقة بقدر ، ثم قال أبو عبد الله : كان ابن مهدي قد سألوه عن ذا ؟ فقال : الخير والشر بقدر ، ففحشوا عليه ، فقالوا له : الزنا والسحاق بقدر ؟ فكأنه أنكر هذا ، وقال : قد أجابهم إلى أن الخير والشر بقدر ، فجعلوا يذكرون له مثل هذه الأقدار.

895- أخبرنا الدوري ، قال : سمعت يحيى يقول : كان عبد الرحمن بن مهدي من أبعد الناس في القدر ، قال : وجاؤوا إلى عبد الرحمن بن مهدي ، فقال : قل السحاق بقدر ؟ يعني سحاق النساء ، فقال : لا أقول : يستخف بي ، ولكنه قال : كل شيء بقدر.

896- أخبرنا العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم ، قال : حدثني أحمد بن علي الأبار ، قال : حدثنا أبو قدامة السرخسي ، قال : جاؤوا إلى عبد الرحمن فقالوا : قل : الزنا بقدر ؟ قل : اللواط بقدر ؟ فقال لهم ابن مهدي : نهينا عن مجالسة السفهاء.

897- أخبرني محمد بن أبي هارون ، قال : حدثنا الحسن بن ثواب ، قال : حدثني أبو عبد الله ، قال : حدثني إسماعيل ، عن أبي هارون الغنوي ، عن أبي سليمان الأزدي ، عن أبي بحر مولى بني عفراء ، قال : كنت عند ابن عباس ، فقال رجل : الزنا بقدر ؟ قال أبو عبد الله : وفيه كلام آخر.

898- قال : وحدثني أبو عبد الله ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن عمر بن محمد ، قال : كنت عند سالم ، فسأله رجل : الزنا بقدر ؟

قال : نعم . فذكر رجل عند أبي عبد الله تمام الحديث يقدره عليه ، ويعذبه ، فأخذ كفا من حصى فضرب به وجهه.

899- وأخبرني علي بن محمد ، قال : حدثنا الحسن بن ثواب ، أنه سأل أبا عبد الله الزنا بقدر ؟ فحدثني أحمد ، قال : حدثنا إسماعيل ، فذكر مثله سواء.

900- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قال رجل لأبي عبد الله : إن عندنا قوما يقولون : إن الله خلق الخير ، ولم يخلق الشر ، ويقولون : القرآن مخلوق . فقال : هذا كفر ، هؤلاء قدرية جهمية ، الخير والشر مقدر على العباد ، قيل له : الله خلق الخير والشر ؟ قال : نعم ، الله قدره.

901- أخبرنا سليمان بن الأشعث ، قال : سمعت أبا عبد الله قال له رجل : يلجئني القدري إلى أن أقول : الزنا بقدر والسرقة بقدر ؟ فقال : الخير والشر من الله.

902- أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، وسئل عن القدر ، فقال : الخير والشر بقدر ، والزنا والسرقة وشرب الخمر كله بقدر.

903- أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : سمعت أبا عبد الله ، قال : أفاعيل العباد مخلوقة ، وأفاعيل العباد مقضية بقضاء وقدر ، قلت : الخير والشر مكتوبان على العباد ، قال : المعاصي بقدر ، قال : وسمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : المعاصي بقدر ، قال أبو عبد الله : والخير والشر بقدر ، والطاعة والمعصية بقدر ، وأفاعيل العباد كلها بقدر ، وقال حنبل : عن رجل ، عن عبد الرحمن بن مهدي قال : من قال : المعاصي ليس بقدر فقد أعظم على الله الفرية ، قال أبو عبد الله : ما أحسن ما قال عبد الرحمن . قال أبو عبد الله : فمن لم يؤمن بالقدر ، ورده فقد صاد الله عز وجل في أمره ، ورد على رسول الله ما جاء به ، وجحد القرآن ، وما أنزل الله عز وجل ، قال رسول الله  : (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) ، أما من كان من أهل النار فهو من أهلها ، ومن كان من أهل الجنة فهو من أهلها ، وأفاعيل العباد مخلوقة مقضية عليهم بقضاء وقدر ، والخير والشر مكتوبان على العباد ، والمعاصي بقدر ، قال الله عز وجل {إنا كل شيء خلقناه بقدر}.

904- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم ، أن أبا عبد الله سئل عن القدر ، فقال : القدر قدره الله عز وجل على العباد ، فقال رجل : إن زنى فبقدر ، وإن سرق فبقدر ؟ قال : نعم ، الله قدره عليه.

905- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا محمد بن سفيان ، قال : حدثنا هارون ، قال : قلت لأبي عوانة : عدني ، قال : ما ترجو أن أعدك ، ويجيء القدر فيحول بيني وبين رأيي فآثم.

906- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله وذكر موعدا ، فقال : إن قدر.

907- أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان ، أن أبا عبد الله سئل عن القدر ، فقال : الخير والشر مقدران.

908- وأخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله سئل عن القدر ، فقال : خيره وشره كتبه الله عز وجل على العباد ، قيل له : من الله ؟ قال : فمن من ؟ وأظنه قال : نعم ، فمن من.

909- أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : قلت لأبي عبد الله : إن قوما يحتجون بهذه الآية {ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك} ، قال أبو عبد الله : ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، والله قضاها.

910- أخبرني عصمة بن عاصم ، قال : حدثنا حنبل ، قال : سمعت أبا عبد الله ، قال : الزنا بقدر والعجز والكيس بقدر ، قدر الله ذلك على العباد ، فمن أتى من ذلك شيئا فأمره إلى الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء غفر ، وهن من قدر الله.

911- أخبرنا إبراهيم بن مالك ، قال : حدثنا الحبيبي ، عن مالك ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن مسلم ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، عن النبي  : (العجز والكيس بقدر).

912- أخبرني علي بن عيسى ، أن حنبل بن إسحاق حدثهم قال : قال أبو عبد الله : ونؤمن بالقدر ، خيره وشره ، قال : ومن قال بالقدر وعظم المعاصي فهو أقرب ، مثل الحسن وأصحابه ، قلت : من من أصحاب الحسن ؟ قال : علي الرفاعي ، ويزيد الرقاشي ، ونحوهم ، ومن قال بالإبطال بالرؤية كان أشد قولا وأخبث ، قال أبو عبد الله : وكان عمرو بن عبيد ونظراؤه يقولون بهذا : ثم قال أبو عبد الله : في القرآن كذا وكذا موضع رد على القدرية ، قلت : فالذي يلزم القدرية ، قال : قول الله عز وجل ، {وما ننزله إلا بقدر معلوم} ، وقال : {إنا كل شيء خلقناه بقدر} ، وفي غير موضع ، ولو تدبر إنسان القرآن كان فيه ما يرد على كل مبتدع بدعته.

913- قال حنبل : وثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو قال : قلت لابن منبه ، ودخلت عليه فأطعمني من جوزة في داره ، فقلت له : وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابا قط ؟ قال : وأنا وددت أني لم أفعل ، قال حنبل : سألت أبا عبد الله عن ذلك ، فقال : يريد كتاب وهب كتاب الحكمة ، ويذكر فيه المعاصي ، وينزه الرب جل وعز ويعظمه . قال أبو عبد الله : وهؤلاء يحتجون به ، يعني القدرية.

914- قال حنبل : وحدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن داود ، عن الشعبي ، قال : ما ابتدع في الإسلام بدعة إلا وفي كتاب الله عز وجل ما يكذبه.

915- وأخبرنا عبد الملك الميموني ، قال : حدثني هارون بن معروف ، قال : حدثني سفيان ، عن عمرو قال : قلت لابن منبه وأتيته فدخلت عليه وأطعمني جوزا من جوزة في الدار ، فقلت : وددت أنك لم تكن كتبت كتابا في القدر قط ؟ قال : وأنا وددت أني لم أفعل ، قال عبد الملك : وذكر لي أبو عبد الله قال : حج وهب بن منبه سنة مائة ، فذهب إليه عطاء والحسن بعد عشاء الآخرة يسلمان عليه ويذكرانه شيئا من أمر القدر ، فأمسى في باب من الحمد ، فما زال كذلك إلى أن انفجر الصبح فتفرقوا ولم يذاكروه شيئا.

916- أخبرنا بكر بن سهل الدمياطي بدمياط ، قال : حدثنا شعيب بن يحيى ، قال : حدثنا الليث ، عن هشام ، عن إبراهيم بن محمد بن علي ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، أنه كان يقول : كل شيء بقدر ، حتى وضعك يدك على خدك.

917- أخبرني عبد الله بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو يحيى زكريا بن الفرح ، قال : حدثنا أبو عمران المقرئ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الكوفي ، عن حسين الجعفي ، عن فضيل بن عياض ، وسفيان الثوري ، في قوله : {غلبت علينا شقوتنا} ، قالا : غلب علينا قضاؤك.

918- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا مروان بن شجاع ، قال : حدثني سالم بن عجلان الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما غلا أحد في القدر إلا خرج من الإيمان.

الرد على القدرية ، وقولهم :إن الله جبر العباد على المعاصي

عدل

919- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، قال : سمعت أبا عبد الله يناظر خالد بن خداش ، يعني في القدر ، فذكروا رجلا ، فقال أبو عبد الله : إنما كره من هذا أن يقول : جبر الله عز وجل.

920- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد الله : رجل يقول : إن الله جبر العباد ، فقال : هكذا لا تقل ، وأنكر هذا ، وقال : {يضل من يشاء ويهدي من يشاء} .

921- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم ، قال : كنت يوما عند أبي عبد الله فجاء رجل فقال له : إن فلانا قال : إن الله جبر العباد على الطاعة ، قال : بئس ما قاله.

922- أخبرنا محمد بن علي السمسار ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أبا عبد الله عن منصور بن سعد ، قال : بصري . قلت : روى عنه ابن مهدي غير ذاك الحديث ؟ قال : نعم ، روى عنه حديثا آخر غريبا

قلت : اذكره لي ؟ فحدثني ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن منصور بن سعد ، عن عمار بن أبي عمار ، فذكر الحديث.

923- وأخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : حدثني أبو عبد الله ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد ، وأخبرني أبو يحيى زكريا بن يحيى قال : حدثنا أبو طالب ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن منصور بن سعد ، عن عمار بن أبي عمار ، قال : سألت أبا هريرة عن القدر ، قال : تكفيك آخر الآية في الفتح ، قال أبو عبد الله : قوله : {ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل} . زاد أبو طالب : فوصفهم الله عز وجل في التوراة والإنجيل قبل أن يخلقهم.

924- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سمعت أحمد ، يقول : حدثنا هشيم ، قال : أنا داود بن أبي هند ، عن مطرف بن الشخير ، قال : لم نوكل إلى القدر ، وإليه نصير قال مهنى : وسمعت حمزة يعني ابن ربيعة يقول : قال مالك بن أنس : لم نؤمر أن نتكل على القدر ، وإليه نصير.

925- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : كتب إلي عبد الوهاب في أمر حسين بن خلف بن البختري العكبري ، وقال : إنه قد تنزه عن ميراث أبيه ، فقال رجل قدري : إن الله لم يجبر العباد على المعاصي فرد عليه أحمد بن رجاء ، فقال : إن الله جبر العباد ، أراد بذلك إثبات القدر ، فوضع أحمد بن علي كتابا يحتج فيه ، فأدخلته على أبي عبد الله ، فأخبرته بالقصة ، فقال : ويضع كتابا ؟ وأنكر أبو عبد الله عليهما جميعا ، على ابن رجاء حين قال : جبر العباد ، وعلى القدري الذي قال : لم يجبر العباد ، وأنكر على أحمد بن علي وضعه الكتاب ، واحتجاجه ، وأمر بهجرانه لوضعه الكتاب ، وقال لي : يجب على ابن رجاء أن يستغفر ربه لما قال : جبر العباد ، فقلت لأبي عبد الله : فما الجواب في هذه المسألة ؟ قال : {يضل الله من يشاء ، ويهدي من يشاء} .

926- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، في هذه المسألة أنه سمع أبا عبد الله ، لما أنكر على الذي قال : لم يجبر ، وعلى من رد عليه ، فقال أبو عبد الله : كلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها ، وقال : يستغفر ربه الذي رد عليهم بمحدثة ، وأنكر على من رد بشيء من جنس الكلام إذا لم يكن له فيها إمام تقدم .

قال أبو بكر المروذي : فما كان بأسرع من أن قدم أحمد بن علي من عكبرا ، ومعه شيخة ، وكتاب من أهل عكبرا ، فأدخلت أحمد بن علي على أبي عبد الله ، فقال له : يا أبا عبد الله ، هو ذا الكتاب ، ادفعه إلى أبي بكر حتى يقطعه ، وأنا أقوم على منبر عكبرا واستغفر الله عز وجل ، فقال أبو عبد الله لي : ينبغي أن تقبلوا وترجعوا له.

927- وأخبرنا أبو بكر ، قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن الوليد صاحب غندر قال : أخبرني أبو يعقوب التستري وكان من خيار المسلمين ، قال : تكلم معاذ بن معاذ بكلام أراد به ضد القدرية ، فبلغ يحيى بن سعيد القطان ، فأرسل بابنه محمد : أدركت ابن عون ، ويونس ، هل سمعت أحدا منهم تكلم بمثل هذا ؟.

928- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي صاحب ابن داود الخريبي قال : حدثني أبو يعقوب التستري وكان من خيار الناس ، قال : كنت عند يحيى بن سعيد القطان ، فقيل له : إن معاذ بن معاذ تكلم بكلام أراد به ضد القدرية ، فأرسل إليه بابنه محمد : أدركت ابن عون ويونس ، سمعتهم تكلموا بمثل هذا ؟ قال : فقال معاذ : فأي شيء يقول يحيى حتى أقول ، فرجع معاذ ، فصار إلى قول يحيى.

929- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت بعض المشيخة ، تقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : أنكره سفيان الثوري جبر ، وقال : الله عز وجل جبل العباد ، قال أبو بكر المروذي : أظنه أراد قول النبي لأشج عبد القيس.

930- وأخبرنا أبو بكر ، أن أبا عبد الله قال : {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} ، قال : {منك ومن نوح} قال : قدمه على نوح ، قال : هذه حجة على القدرية.

931- أخبرنا محمد بن عبد الصمد المقرئ المصيصي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي ، قال : أخبرني الفزاري أبو إسحاق ، قال : قال لي الأوزاعي : أتاني رجلان فسألاني عن القدر ، فأحببت أن آتيك بهما تسمع كلامهما ، وتجيبهما : قلت : رحمك الله ، أنت أولى بالجواب ، قال : فأتاني الأوزاعي ، ومعه الرجلان ، فقال : تكلما ، فقالا : قدم علينا ناس من أهل القدر ، فنازعونا في القدر ونازعناهم ، حتى بلغ بنا وبهم الجواب إلى أن قلنا : إن الله قد جبرنا على ما نهانا عنه ، وحال بيننا وبين ما أمرنا به ، ورزقنا ما حرم علينا

فقال : أجبهما يا أبا إسحاق ، قلت : رحمك الله ، أنت أولى بالجواب ، قال : أجبهما ، فكرهت خلافه ، فقلت : يا هؤلاء ، إن الذين أتوكم بما أتوكم قد ابتدعوا وأحدثوا حدثا ، وإني أراكم قد خرجتم من البدعة إلى مثل ما خرجوا إليه ، فقال : أصبت وأحسنت يا أبا إسحاق.

932- أخبرنا محمد بن عبد الصمد ، قال : حدثنا عمرو بن عثمان ، قال : حدثنا بقية ، قال : سألت الزبيدي والأوزاعي عن الجبر ؟ فقال الزبيدي : أمر الله أعظم ، وقدرته أعظم من أن يجبر أو يعضل ، ولكن يقضي ويقدر ويخلق ويجبل عبده على ما أحبه . وقال الأوزاعي : ما أعرف للجبر أصلا من القرآن ولا السنة ، فأهاب أن أقول ذلك ، ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل ، فهذا يعرف في القرآن والحديث عن رسول الله ، وإنما وضعت كلاهما مذكورة هذا مخافة أن يرتاب رجل من الجماعة والتصديق.

933- أخبرني الحسن بن سفيان المصيصي ، قال : حدثنا محمد بن آدم بن سليمان ، قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ، قال : جبلتهم على الشقاء والسعادة.

934- وأخبرنا الحسن بن أحمد الكرماني ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ، قال : ما جبلوا عليه من شقوة وسعادة.

935- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن بكار ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، أنه قال : إنما تسمى الجبار ؛ لأنه يجبر الخلق على ما أراد.

936- أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدمياطي ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، مثله.

الرد على القدرية في قولهم : المشيئة والاستطاعة إلينا

عدل

937- أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله سئل عن أعمال الخلق ، مقدرة عليهم من الطاعة والمعصية ؟ قال : نعم ، قيل : والشقاء والسعادة مقدران على العباد ؟ قال : نعم ، قيل له : والناس يصيرون إلى مشيئة الله فيهم من حسن أو سيئ ؟ قال : نعم.

938- وأخبرني منصور بن الوليد ، أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، وذكر عنده أن رجلا محدثا قال : ما شاء الله يفعل ، وما لم يشأ لم يفعل ، فقال رجل عنده : ما شاء الله ، أو لا يشأ الله يفعل ، فاستعظم ذاك ، قلت : يستتاب ؟ قال : أيش يستتاب ؟ قال : هذا الكفر.

939- وأخبرني أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله يسأل عن من قال : إن من الأشياء شيئا لم يخلق الله ، هذا يكون مشركا ؟ قال : إذا جحد العلم فهو مشرك يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل ، إذا قال : إن الله عز وجل لا يعلم الشيء حتى يكون.

940- أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : قال أبو عبد الله : الاستطاعة لله والقوة . ما شاء الله كان من ذلك ، وما لم يشأ لم يكن ، ليس كما يقول هؤلاء ، يعني المعتزلة الاستطاعة إليهم.

941- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، قال : قال رجل لأحمد بن حنبل : قال رجل : أنا كافر برب يرزق أشناس ، فقال : هذا كافر ، وقال الميموني في موضع آخر : فسمعت أبا عبد الله يقول في عقب كلام هذا الشيخ : هذا هو الكفر بالله.

942- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا سليمان بن داود ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا حبيب بن الشهيد ، قال : قال إياس بن معاوية : ما كلمت أحدا من أهل الأهواء إلا القدرية ، قلت لهم : أخبروني عن الظلم ما هو كلام العرب ؟ قالوا : أن يأخذ الرجل ما ليس له ، قال : قلت : فإن الله له كل شيء.

943- أخبرني أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا محمد بن سفيان ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد ، قال : قلت لوهب بن جرير : إن عباد بن صهيب يقول : لا أقول شاء الله أن يقال : ثالث ثلاثة ، قال : فقال وهب : يا عدو الله ، نعم شاء الله أن يقال : ثالث ثلاثة ، يا عدو الله ، شاء الله أن يقول : ثالث ثلاثة ، وأومأ وهب بأصابعه الثلاثة من يده اليمنى ، قال إبراهيم ، فلقيت ابن داود ، فأخبرته بقول وهب ، فقال ابن داود : صدق وهب فلم يسأله ، فقال : لو شاء الله عز وجل لأجف ألسنتهم ، هو الذي خلق أبا بكر الصديق أبا بكر ، وأبا جهل أبا جهل.

944- وأخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : قلت لإسحاق يعني ابن راهويه : ما معنى قوله : (لا يكون أحدكم إمعة) ، قال : يقول : إن ضل الناس ضللت ، وإن اهتدوا اهتديت. 945- أخبرني يزيد بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا أحمد بن إسماعيل ، قال : سمعت محمد بن المبارك الصوري ، يقول : قال رجل لسفيان بن عيينة وقد وعظ الناس عظة رقت منها قلوبهم ، فقام إليه ، فقال : يا أبا محمد ، ما تقول ، إن قمت إلى هذا المنبر ، فعاهدت الله أن لا أعصيه بعد يومي هذا ؟ قال : فقال له سفيان : ومن أعظم منك جرما إن تأليت على الله عز وجل أن لا يمضي فيك حكمه.

946- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : قيل لأبي عبد الله : رجل قدري أعوده ؟ قال : إذا كان داعية إلى هوى فلا.

947- أخبرني موسى بن سهل الشاوي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الأسدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث ، قال : قيل لأبي عبد الله : قدري أعوده ؟ قال : إن كان داعية يدعو فلا.

948- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : قيل لأبي عبد الله : أصلي عليه ، يعني على القدري ؟ فلم يجب ، فقال العبادي وأبو عبد الله يسمع : إذا كان صاحب بدعة ، فلا يسلم عليه ، ولا يصلى خلفه ، ولا عليه ، فقال أبو عبد الله : عافاك الله يا أبا إسحاق ، وجزاك خيرا ، كالمعجب بقوله.

949- أخبرني موسى بن سهل ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدي ، قال : حدثني إبراهيم بن الحارث ، قال : قيل لأبي عبد الله : القدري أصلي عليه ؟ فلم يجب أبو عبد الله ، فقلت أنا له وأبو عبد الله يسمع : إذا كان صاحب بدعة فلا يكلم ، ولا يسلم عليه ، ولا يصلى خلفه ، ولا عليه ، فقال أبو عبد الله : عافاك الله يا أبا إسحاق ، وجزاك خيرا ، كالمعجب بقولي.

950- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا مروان بن شجاع ، قال : حدثني سالم بن عجلان الأفطس ، قال : حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما غلا أحد في القدر إلا خرج من الإيمان.

تفريع أبواب الإيمان والإسلام ، والرد على المرجئة

عدل

ذكر فتنة المرجئة وإحداثهم ذلك ، وأول من تكلم فيه.

951- أخبرنا محمد بن حسان الأزرق ، قال : حدثنا ابن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن سعيد بن صالح ، قال : سمعت إبراهيم النخعي ، يقول : لفتنة المرجئة

على هذه الأمة أخوف عندي من فتنة الأزارقة.

952- أخبرنا أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : قال ابن نمير : سمعت سفيان يقول : دين محدث دين الإرجاء.

953- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق بن إبراهيم بن هانئ حدثهم قال : سألت أبا عبد الله ، قلت : أول من تكلم في الإيمان من هو ؟

قال : يقولون : أول من تكلم فيه ذر.

954- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا يونس ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال : كان إبراهيم يعيب على ذر قوله في الإرجاء.

ذكر بدء الإيمان كيف كان والرد على المرجئة

عدل

لأنه نزلت الفرائض بعد قول لا إله إلا الله.

955- أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، قلت : إذا قال الرجل : لا إله إلا الله ، فهو مؤمن ؟ قال : كذا كان بدء الإيمان ، ثم نزلت الفرائض : الصلاة ، والزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت.

956- أخبرني أبو يحيى زكريا بن يحيى الناقد قال : حدثنا أبو طالب ، أنه سأل أبا عبد الله عن رجل رأوه يصلي في أرض العدو يقتل ؟ قال : لا

، قال النبي  : نهيت أن أقتل المصلين . قال : وهذا يدخل على المرجئة ، وقد صلى ولم يقل : لا إله إلا الله ، فهذا يدخل عليهم.

957- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم ، أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يقول : الإيمان قول ، فقال أبو عبد الله : إذا جاء بالقول ، نقول : فالقول سبحان الله ، ولا إله إلا الله ، وإنما تنقص الأعمال وتزيد ، من أساء نقص من إيمانه ، ومن أحسن زيد في إيمانه.

958- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : أيش كان بدء الإيمان ، أليس كان ناقصا فجعل يزيد.

ذكر المرجئة من هم ، وكيف أصل مقالتهم

عدل

959- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : سمعت أحمد وقيل له : المرجئة من هم ؟ قال : من زعم أن الإيمان قول.

960- أخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله قيل له : من المرجئ ؟ قال : المرجئ الذي يقول : الإيمان قول.

961- وأخبرني أحمد بن الحسين بن حسان ، أن أبا عبد الله قال له : المرجئة الذين يقولون : الإيمان قول.

962- وأخبرني يوسف بن موسى ، سمع أبا عبد الله ، يقول : الإيمان لا يكون إلا بعمل.

963- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح : أنه سأل أباه عن من لا يرى الإيمان قول وعمل ، قال : هؤلاء المرجئة.

964- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم ، أنه قال لأبي عبد الله : فمن قال : الإيمان قول ؟ قال : من قال : الإيمان قول ، فهو مرجئ ، قال : وسئل أبو عبد الله وأنا أسمع عن الإرجاء ما هو ؟ قال : من قال : الإيمان قول ، فهو مرجئ . والسنة فيه أن تقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص . وسمعت أبا عبد الله يقول : قيل لابن المبارك : ترى الإرجاء ؟ قال : أنا أقول : الإيمان قول وعمل ، وكيف أكون مرجئا.

965- وأخبرنا أحمد بن شعيب بن علي النسائي بحمص قال : سمعت الحسين بن منصور ، يقول : قال لي أحمد بن حنبل : من قال من العلماء أنا مؤمن ؟ قلت : ما أعلم رجلا أثق به . قال : لم تقل شيئا لم يقله أحد من أهل العلم قبلنا.

966- أخبرنا سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني ، قال : سمعت أبا عبد الله قال له رجل : هل علي في هذا شيء ، إن قلت : أنا مؤمن ؟ قال أبو عبد الله : لا تقل : أنا مؤمن حقا ، ولا البتة ، ولا عند الله.

967- أخبرنا سليمان بن الأشعث ، قال : سمعت أحمد قال له رجل : قيل لي مؤمن أنت ؟ قلت : نعم ، علي في ذلك شيء ؟ هل الناس إلا مؤمن وكافر ؟ فغضب أحمد ، وقال : هذا كلام الإرجاء . قال الله عز وجل وآخرون مرجون لأمر الله.

968- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم في هذه المسألة ، عن أبي عبد الله ، وزاد : {إما يعذبهم وإما يتوب عليهم}.

969- وأخبرنا سليمان الأشعث ، قال : سمعت أحمد ، قال يحيى : وكان سفيان ينكر أن يقول : أنا مؤمن . قال سليمان : وحدثنا أحمد ، حدثنا وكيع قال : قال سفيان : الناس عندنا مؤمنون في الأحكام والمواريث ، نرجو أن يكونوا كذلك ، ولا ندري ما حالنا عند الله.

970- وأخبرني إبراهيم بن الخليل ، قال : حدثنا أحمد بن نصر أبو حامد الخفاف ، أن أحمد بن حنبل سئل عن الذي يقول : أنا مسلم ، ولا يرجع ، قال : إذا صلى وشهد جبر على الإسلام ، وقال : ينبغي للمرجئة ، إذا قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، جبر على الإسلام ، والمرجئة تقول : إنما هو الإقرار.

971- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا إبراهيم بن شماس ، قال : قال الخليل النحوي : إذا قلت : إني مؤمن ، فأي شيء بقي.

972- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، أن هارون بن حميد الواسطي ذكر لهم ، عن روح بن عباد ، قال : كتب رجل إلى الأوزاعي : أمؤمن أنت حقا . فكتب إليه : أكتبت تسألني أمؤمن أنت حقا ، فالمسألة في هذا بدعة ، والكلام فيه جدل ، لم يشرحه لنا سلفنا ، ولم نكلفه في ديننا ، وسألت أمؤمن أنت حقا ؟ فلعمريلئن كنت على الإيمان ، فما تركي شهادتي لها بضائري ، وإن لم أكن عليها ، فما شهادتي لها بنافعي ، فقف حيث وقفت بك السنة ، وإياك والتعمق في الدين ، ليس من الرسوخ في العلم ، إن الراسخين في العلم قالوا حيث تناهى علمهم : آمنا به ، كل من عند ربنا.

973- أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، أن إسحاق بن منصور حدثهم قال : قلت لإسحاق : هل للإيمان منتهى حتى نستطيع أن نقول : المرء مستكمل الإيمان ؟ قال : لا ؛ لأن جميع الطاعة من الإيمان ، فلا يمكن أن نشهد باستكمال لأحد إلا الأنبياء ، أو من شهد له الأنبياء بالجنة ؛ لأن الأنبياء وإن كانوا أذنبوا فقد غفر ذلك الذنب قبل أن يخلقوا.

974- أخبرني حرب بن إسماعيل ، قال : سمعت إسحاق وسأله رجل ، قال : الرجل يقول : أنا مؤمن حقا ؟ قال : هو كافر حقا.

975- أخبرني عبد الله بن داود ، قال : حدثنا زياد بن أيوب ، قال : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : لا يعجبنا أن نقول : مؤمن حقا ، ولا نكفر من قاله.

الرد على المرجئة قولهم : إن الإيمان يزيد ولا ينقص

عدل

976- أخبرني أحمد بن أصرم ، أن أبا عبد الله سئل عن المرجئة ، من هم ؟ قال : الذين يقولون : الإيمان قول.

977- أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله سئل : ما المرجئة ؟ قال : الذي يقول : الإيمان قول . قيل : فالذي يقول : الإيمان يزيد وينقص ؟

قال : ما أدري ما هذا.

978- وأخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقرئ ، أن أبا عبد الله سئل : من قال : الإيمان قول بلا عمل ، وهو يزيد ولا ينقص ، قال : هذا قول المرجئة.

979- كتب إلي يوسف بن عبد الله الإسكافي يذكر أن الحسن بن علي بن الحسين الإسكافي حدثهم ، أنه سأل أبا عبد الله عن حديث : من سرته حسنته ، وساءته سيئته فهو مؤمن ، قال أبو عبد الله : من سرته سيئته فأي شيء هو ؟ سلهم.

ومن قول المرجئة :إن الإيمان قول باللسان وعمل الجارحة

عدل

فإذا قال : فقد عملت جوارحه ، وهذا أخبث قول لهم.

980- أخبرني محمد بن موسى ، ومحمد بن علي ، أن حمدان بن علي الوراق حدثهم قال : سألت أحمد ، وذكر عنده المرجئة ، فقلت له : إنهم يقولون : إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن ، فقال : المرجئة لا تقول هذا ، بل الجهمية تقول بهذا ، المرجئة تقول : حتى يتكلم بلسانه ، وتعمل جوارحه ، والجهمية تقول : إذا عرف ربه بقلبه ، وإن لم تعمل جوارحه ، وهذا كفر إبليس ، قد عرف ربه ، فقال : {رب بما أغويتني} . قلت : فالمرجئة لم كانوا يجتهدون وهذا قولهم ؟ قال : البلاء.

981- وأخبرني محمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم ، قال : قال أبو عبد الله : كان شبابة يدعو إلى الإرجاء ، وكتبنا عنه قبل أن نعلم أنه كان يقول هذه المقالة ، كان يقول : الإيمان قول وعمل ، فإذا قال : فقد عمل بلسانه ، قول رديء.

982- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : سمعت أبا عبد الله ، وقيل له : شبابة ، أي شيء تقول فيه ؟ فقال : شبابة كان يدعو إلى الإرجاء ، قال : وقد حكي عن شبابة قول أخبث من هذه الأقاويل ، ما سمعت أحدا عن مثله ، قال : قال شبابة : إذا قال فقد عمل ، قال : الإيمان قول وعمل كما يقولون : فإذا قال فقد عمل بجارحته أي بلسانه . فقد عمل بلسانه حين تكلم ، ثم قال أبو عبد الله : هذا قول خبيث ، ما سمعت أحدا يقول به ، ولا بلغني.

ومن قول المرجئة : قال مسعر : أشك في كل شيء إلا في الإيمان

عدل

وهو أسهل قول لهم ، وقد فسره أبو عبد الله رحمه الله.

983- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : قال سفيان بن عيينة ، قال لي الثوري : كلم مسعرا . قال أبو عبد الله : يشك في كل شيء إلا في الإيمان ، قال : لا أشك في إيماني ، قال : كان سفيان يريد منه أن يستثني.

984- فأخبرني محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، أن أباه حدثه ، قال : حدثني أحمد بن القاسم ، وأخبرني زكريا بن الفرج ، عن أحمد بن القاسم ، أنهم ذكروا لأبي عبد الله من كان يقول : إنما قول ، ولا يستثني ، فذكروا مسعرا ، فقيل له : يا أبا عبد الله ، كان يقول بالإرجاء ؟ قال : إنما يريدون أنه قال : أشك في كل شيء إلا في إيماني ، قال : سمعت أبا نعيم يقول : سمعته من مسعر ، وليس يروون عن مسعر غير هذا

قلت : فما معنى قوله : أشك في كل شيء ؟ أراد تقوية قوله في ترك الاستثناء ، أي معنى لقوله : أشك في كل شيء ، لا ما يشك نحن في الموت ، ولا في الجنة ، ولا في النار ، ولا في البعث . فقال : سبحان الله ، لم يرد هذا الطريق ، إنما أراد فيما أرى ، أي شك في الحديث ، وفي الأشياء التي تغيب عنه ، وسمعته من ابن عيينة ، قال : قال لي سفيان الثوري : ألا تكلم مسعرا في هذا الذي يقوله : قال : كان مسعر عنده ليس كغيره ، وكان رجلا صالحا.

985- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : سمعت سفيان بن عيينة ، قال : قال لي سفيان الثوري : ألا تقول لمسعر : أي بالهلالية ، يعني في الإرجاء . فقال أبي وقال أبو نعيم : قال مسعر : أشك في كل شيء ، إلا في إيماني.

986- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم ، أن أبا عبد الله قال : أما مسعر فلم أسمع أنه كان مرجئا ، ولكن يقولون : إنه كان لا يستثني.

987- وأخبرني موسى بن سهل ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، عن إسماعيل بن سعيد ، قال : سألت أحمد : من قال : أنا مؤمن عند نفسي من طريق الأحكام والمواريث ، ولا أعلم ما أنا عند الله عز وجل ، قال : ليس هذا بمرجئ.

988- وأخبرني موسى بن سهل ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، عن إسماعيل بن سعيد ، قال : سألت أحمد : هل تخاف أن يدخل الكفر على من قال : الإيمان قول بلا عمل ، فقال : لا يكفرون بذلك.

989- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قيل لأبي عبد الله : المرجئة يقولون : الإيمان قول ، فأدعو لهم ؟ قال : ادعوا لهم بالصلاح.

ومن حجة المرجئة بالجارية التي قال النبي  : (أعتقها ؛ فإنها مؤمنة)

عدل

والحجة عليهم في ذلك ؛ لأن النبي قد سألها عن بعض شرائع الإيمان.

990- كتب إلي يوسف بن عبد الله أن الحسن بن علي بن الحسين حدثهم ، أن أبا عبد الله قال : في الحديث أعتقها ؛ فإنها مؤمنة ، قال مالك : لا يقول : إنها مؤمنة . قال أبو عبد الله : يمكن أن يكون هذا قبل أن تنزل الفرائض.

991- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، أنه قال لأبي عبد الله في الحديث الذي يروى : (أعتقها ؛ فإنها مؤمنة) ، قال : ليس كل أحد يقول فيه : إنها مؤمنة ، يقولون : أعتقها . قال : ومالك سمعه من هذا الشيخ هلال بن علي ، لا يقول : فإنها مؤمنة ، قال : وقد قال بعضهم : فإنها مؤمنة ، فهي حين تقر بذلك فحكمها حكم المؤمنة . هذا معناه.

992- وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، قال : سمعت أحمد بن حنبل ، يوما ، وذكر هذا الحديث ، يعني حديث الجارية التي أتي بها رسول الله ، فقال : هم يحتجون به ، يعني المرجئة ، وهو حجة عليهم ، يعني المرجئة ، يقولون : الإيمان قول ، النبي عليه السلام لم يرض منها حتى قال : تؤمنين بكذا ، تؤمنين بكذا. 993- أخبرني الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث أنه سأل أبا عبد الله عن قول النبي  : (أعتقها ؛ فإنها مؤمنة) ، فقال أبو عبد الله : ليس كل أحد يقول فيه : أعتقها فإنها مؤمنة ، يقولون : أعتقها ، وأما من قال : فإنها مؤمنة ، حين تقر بذلك فحكمها حكم المؤمنة.

ومما احتجت به المرجئة وفسرت قول النبي  : (ليس منا ، ليس مثلنا)

عدل

وأرادت المرجئة بذلك أن من غش أو عمل من هذه الأعمال شيئا فهو خارج من هذه الملة ، وليس كما يقولون ، وقد فسره أحمد بن حنبل.

994- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : قيل لأحمد : ما معنى حديث النبي  : (من غشنا فليس منا) ، فلم يجب فيه . قيل : فإن قوما ، قالوا : من غشنا فليس مثلنا ، فأنكره ، وقال : هذا تفسير مسعر وعبد الكريم أبي أمية ، كلام المرجئة.

قال أحمد : وبلغ عبد الرحمن بن مهدي فأنكره ، وقال : لو أن رجلا عمل بكل حسنة أكان يكون مثل النبي ؟.

995- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سمعت أحمد ، يقول : وذكر رجل عند عبد الرحمن بن مهدي قول رسول الله  : (ليس منا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب ، أو دعا بدعوى الجاهلية) ، فقال الرجل : إنما هو ليس مثلنا . فقال عبد الرحمن بن مهدي منكرا لقول الرجل : أرأيت لو عمل أعمال البر كلها ، كان يكون مثل رسول الله ؟.

996- وأخبرني زكريا بن الفرج ، عن أحمد بن القاسم ، قال : قال أبو عبد الله : بلغني أن عبد الرحمن بن مهدي ، قيل له : إن بعض الناس فسر قوله  : (من غشنا فليس منا) ، قال : قيل لعبد الرحمن : أنهم قالوا : ليس مثلنا . فقال عبد الرحمن : سبحان الله العظيم ، فلو أن رجلا عمل بأعمال البر كلها ، كان يكون مثل النبي ؟ ليس هذا التفسير بشيء ، فحسن أبو عبد الله قول عبد الرحمن وصوبه.

997- أخبرني أبو المثنى معاذ بن المثنى العنبري ، أن هارون بن عبد الله البزار حدثهم قال : سئل أبو عبد الله عن قول النبي  : (من غشنا فليس منا) ، فسكت ، فقيل له : ليس منا : ليس مثلنا ؟ فأنكره ، وقال : هذا رواه مسعر ، عن عبد الكريم أبي أمية ، ثم قال : كان سفيان بن عيينة يهم فيه ، يقول : عن مسعر ، عن حبيب ، عن الحسن بن محمد . ثم قال أبو عبد الله : لو أن رجلا صام وصلى ، كان يكون مثل النبي ؟ ثم قال : هؤلاء المرجئة ، يعني أن هذا من قولهم : ليس منا وقال النبي  : (من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا) ، وقال النبي عليه السلام : (ليس منا من شق الجيوب ، ولطم الخدود ، ودعا بدعوى الجاهلية).

998- وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر ، قال : حدثنا أبو طالب ، أنه سمع أبا عبد الله يقول في قول النبي  : (من غشنا فليس منا) : كما جاء الحديث بلغني ، عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قيل له في هذا أنهم يقولون : ليس منا : ليس بمثلنا ، فقال : لو عملوا جميع أعمال البر ما كانوا مثل النبي ، ولكنه مثل الجاهلية وعملهم . وقد قال النبي عليه السلام : (من حمل السلاح فليس منا) ، يحمل أحد السلاح على النبي إلا يريد قتله ، ويحمل أحد على أحد إلا وهو يريد قتله ، فهذا كله ليس من فعل الإسلام ، من حمل السلاح ، ومن غشنا ، ومن لم يرحم صغيرنا ، وهذه كلها إنما هي فعل الجاهلية : ليس منا أي ليس معنا ، هو كما قال النبي  : ليس منا.

999- وكتب إلي أحمد بن الحسين قال : حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، وسأله عن حديث (من غشنا فليس منا) ، ما وجهه ؟ قال : لا أدري إلا على ما روى ، وذكر قول عبد الرحمن ، قال : هو لو لم يغش ، كان مثل النبي عليه السلام.

1000- أخبرني موسى بن سهل ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، عن إسماعيل بن سعيد ، قال : سألت أحمد عن قول النبي  : (من غشنا فليس منا) ، (ومن حمل السلاح علينا فليس منا) ؟ قال : على التأكيد والتشديد ، ولا أكفر أحدا إلا بترك الصلاة.

1001- وأخبرني عبيد الله بن حنبل ، قال : حدثني أبي حنبل بن إسحاق ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : قال رجل للزهري : يا أبا بكر ، حديث رسول الله  : (ليس منا من لطم الخدود) ، (وليس منا من لم يوقر كبيرنا) ، وما أشبه من الحديث ؟ قال سفيان : فأطرق الزهري ساعة ، ثم رفع رأسه ، فقال : من الله عز وجل العلم ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم.

الرد على المرجئة في زيادة العمل ونقصانه

عدل

ما يبتدأ به في ذلك من النية مع الإقرار ، كذا يدل الكتاب والسنة.

1002- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، أنه سأل أبا عبد الله : الإيمان قول ، وعمل ، ونية ؟ فقال لي : كيف يكون بلا نية ، نعم ، قول ، وعمل ، ونية ، لا بد من النية ، قال لي : النية متقدمة.

1003- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : الإيمان قول ، وعمل ، ونية صادقة.

1004- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد الله : في معرفة الله عز وجل في القلب ، يتفاضل فيه ؟ قال : نعم ، قلت : ويزيد ؟ قال : نعم.

1005- أخبرني الحسن بن عبد الوهاب ، أن إسماعيل بن يوسف حدثهم قال : حدثنا محمد بن أبان ، قال : قلت لعبد الرحمن بن مهدي : الإيمان قول وعمل ؟ قال : نعم ، قلت : يزيد وينقص ؟ قال : يتفاضل ، كلمة أحسن من كلمة.

1006- وأخبرني أبو النضر إسماعيل بن عبد الله العجلي ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، قال : قال مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وحماد بن سلمة ، وحماد بن زيد : الإيمان : المعرفة ، والإقرار ، والعمل.

1007- أخبرنا أبو بكر محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن المعرفة والقول ، تزيد وتنقص ؟ قال : لا ، قد جئنا بالقول والمعرفة ، وبقي العمل.

1008- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح ، أن أباه قال : الإيمان بعضه أفضل من بعض ، يزيد وينقص ، وزيادته في العمل ، ونقصانه في ترك العمل ؛ لأن القول هو مقربة.

قوله : الإيمان يزيد وينقص

عدل

1009- أخبرني موسى بن سهل ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، عن إسماعيل بن سعيد ، قال : سألت أحمد عن من قال : الإيمان يزيد وينقص ؟ قال : هذا بريء من الإرجاء.

1010- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، وعبد الملك الميموني ، وأبو داود السجستاني ، وحرب بن إسماعيل الكرماني ، ويوسف بن موسى ، ومحمد بن أحمد بن واصل ، والحسن بن محمد كلهم يقول : إنه سمع أحمد بن حنبل ، قال : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص.

1011- وأخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، أن إسحاق بن منصور حدثهم قال : قال إسحاق بن راهويه : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، حتى لا يبقى منه شيء.

1012- أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، قال : قال يحيى : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص.

1013- أخبرني الحسن بن الهيثم ، أن محمد بن موسى حدثهم ، سمع أبا عبد الله ، يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، إذا عملت الخير زاد ، وإذا ضيعت نقص.

1014- أخبرني عبد الملك ، قال : سمعت الزبيري أبا عثمان صاحب مالك ، قال : كان مالك يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص.

تفسير الزيادة والنقصان في الإيمان

عدل

1015- أخبرنا أبو بكر المروذي ، وأبو داود السجستاني ، أنهما سمعا أبا عبد الله ، يقول : حسن يحيى بن سعيد الزيادة والنقصان ورآه.

1016- وأخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال : سمعت أبا عبد الله ، وذكر ابن عيينة ، قال : سمعته يقول : الإيمان يزيد ، وسمعت أبا عبد الله ، قال : سمعت سفيان ، يقول : لا يعنف من قال : الإيمان ينقص.

1017- وأخبرنا سفيان ، قال : سمعت أبا عبد الله ، قال : سمعت وكيعا ، قال : الإيمان يزيد وينقص ، قال : وكذلك كان يقول سفيان.

1018- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله قيل له : كان ابن المبارك يقول : يزيد ولا ينقص ، فقال : كان يقول : الإيمان يتفاضل ، وكان سفيان يقول : ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

1019- وأخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : قال سفيان : قال أبو الدرداء : الإيمان مثل قميص أحدكم ينزعه.

1020- وأخبرنا سليمان بن الأشعث ، أن أبا عبد الله قال : الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والبر كله من الإيمان ، والمعاصي تنقص الإيمان ، وسمعت أبا عبد الله قال : إذا قال الرجل : لا أصلي ، فهو كافر.

1021- وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، قال : قال أبو عبد الله : جرير بن عبد الله من آخر من أسلم من أصحاب رسول الله ، ويقول : (بايعت النبي على النصح) ، فيكون النصح والحياء من الإيمان ؟ ولا يكون الصوم والصلاة من الإيمان ؟!!.

1022- وأخبرني عبد الملك ، قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا ليث ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن عامر بن سعد ، عن العباس بن عبد المطلب ، أنه سمع رسول الله يقول : (ذاق طعم الإيمان من رضي الله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا).

1023- وأخبرني عبد الملك ، قال : حدثنا سريج بن النعمان ، قال : سألت يحيى بن سليم الطائفي ، ونحن خلف المقام : أيش تقول المرجئة ؟ قال : فوثب في وجهي ، وقال : يقولون : ليس الطواف بهذا البيت من الإيمان.

1024- وأخبرنا سليمان بن الأشعث ، قال : حدثنا إسحاق بن راهويه ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : شهد أبو يوسف عند شريك بشهادة ، فقال له : قم ، وأبى أن يجيز شهادته ، فقيل له : ترد شهادته ، فقال : أجيز شهادة رجل يقول : الصلاة ليست من الإيمان ؟.

1025- أخبرنا عبد الملك الميموني ، قال : حدثنا معاوية ، أحسبه عن أبي إسحاق ، قال : وقال الأوزاعي : وذكر أصحاب نبيه الذين اختارهم له وبعثه فيهم ، ووصفهم بما وصفهم به ، فقال : {محمد رسول الله ، والذين معه أشداء على الكفار ، رحماء بينهم ، تراهم ركعا ، سجدا ، يبتغون فضلا من الله ورضوانا} ، ويقولون : إن فرائض الله عز وجل على عباده ليست من الإيمان ، وأن الإيمان قد يطلب بلا عمل ، وقال : وإن الناس لا يتفاضلون في إيمانهم ، وأن برهم وفاجرهم في الإيمان سواء ، وما هكذا جاء الحديث عن رسول الله ، بلغنا أنه قال : (الإيمان بضع وسبعون ، أو قال : بضعة وستون جزءا ، أولها شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان) ، وقال الله عز وجل : {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ، والذي أوحينا إليك ، وما وصينا به إبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} .

الدين هو التصديق ، وهو الإيمان والعمل

عدل

فوصف الله عز وجل الدين قولا وعملا فقال : {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} والتوبة من الشرك ، وهو من الإيمان ، والصلاة والزكاة عمل.

1026- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا محمد بن عباد ، قال : حدثنا سفيان ، قال : قيل للحسن : يا أبا سعيد ، ما الإيمان ؟ قال : أن تصدق الله عز وجل بما قال.

1027- أخبرني عبيد الله بن حنبل ، قال : حدثني أبي حنبل بن إسحاق بن حنبل ، قال : قال الحميدي : وأخبرت أن قوما يقولون : إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن ، ما لم يكن جاحدا ، إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة ، فقلت : هذا الكفر بالله الصراح ، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله ، وفعل المسلمين ، قال الله جل وعز : {حنفاء ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، وذلك دين القيمة} . قال حنبل : قال أبو عبد الله ، أو سمعته يقول : من قال هذا فقد كفر بالله ، ورد على الله أمره ، وعلى الرسول ما جاء به.

1028- أخبرني عبد الملك الميموني ، قال : حدثنا معاوية ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن مغيرة ، قال : سأل رجل أبا وائل شقيق بن سلمة ، وأنا أسمع : أكان عبد الله يقول : إن شهد أنه مؤمن فليشهد أنه في الجنة ؟ قال : نعم.

1029- أخبرني عبد الملك ، قال : حدثنا هوذة بن خليفة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله  : (من زعم أنه في الجنة فهو في النار).

1030- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح ، قال : سألت أبي ، ما زيادته ونقصانه ؟ قال : زيادته العمل ، ونقصانه ترك العمل ، مثل تركه الصلاة ، والزكاة ، والحج ، وأداء الفرائض ، فهذا ينقص ، ويزيد بالعمل وقال : إن كان قبل زيادته تاما ، فكيف يزيد التام ، فكما يزيد كذا ينقص ، وقد كان وكيع قال : ترى إيمان الحجاج مثل إيمان أبي بكر وعمر رحمهما الله ؟.

1031- أخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله قيل له : الحجاج بن يوسف يقول : إيمانه مثل إيمان النبي عليه السلام ؟ قال : لا ، قيل : فيكون إيمانه مثل أبي بكر ؟ قال : لا.

1032- وأخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم ، أنه سمع أبا عبد الله يقول : إنما الزيادة والنقصان في العمل ، كيف يكون حاله إذا قتل النفس ؟ أليس قد أوجب له النار ، كيف يكون حاله إذا ارتكب الموبقات.

1033- وأخبرنا محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله سئل عن نقصان الإيمان ، فقال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : ما نقصت أمانة عبد إلا نقص من إيمانه.

1034- أخبرني علي بن الحسن بن هارون ، قال : حدثني محمد بن أبي هارون ، قال : سمعت جعفر بن أحمد بن سام ، عن أحمد بن حنبل ، قال : قال أصحاب رسول الله حين حولت القبلة إلى البيت : فكيف بصلاتنا التي صلينا إليها ؟ فأنزل الله عز وجل : {وما كان الله ليضيع إيمانكم} ، فسمعت أحمد بن حنبل يقول : فجعل صلاتهم إيمانا ، فالصلاة من الإيمان.

1035- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : قال الله عز وجل : {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} وقال تعالى : {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وقال : هذا من الإيمان ، ثم قال أبو عبد الله : فالإيمان قول وعمل ، وقال : الزيادة في العمل ، وذكر النقصان إذا زنى وسرق.

1036- أخبرني محمد بن هارون ، أن إسحاق حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : هؤلاء الآيات في الإيمان : {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، وذلك دين القيمة} وهذه الآية : {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} .

1037- وأخبرني منصور بن الوليد ، أن جعفر بن محمد حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، وسأله رجل خراساني ، فقال : إن عندنا قوما يقولون : الإيمان قول بغير عمل ، وقوم يقولون : قول وعمل ، فقال : ما يقرؤون من كتاب الله : {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، وذلك دين القيمة}.

1038- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، قال : أخبرني ابن الشافعي ، عن أبيه ، قال : أنا لليلة معه في المسجد الحرام ، ومعنا الحميدي ، فذكرنا شيئا من الإيمان ، قال : فقال أبي : ليس شيء أحتج عليهم من هذه الآية : {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء . . .} إلى آخر الآية ، ثم قال : ما سمعت أبي ذكر من هذا شيئا قبل تلك الليلة.

1039- أخبرني عبد الملك الميموني ، قال : قال لي يعلى بن عبيد منذ أكثر من ستين سنة : الإيمان قول وعمل ، وإن الذي يصوم ويصلي ويفعل الصالحات أكثر إيمانا من الذي يسرق ويزني.

1040- أخبرني عبد الملك ، قال : حدثني سريج ، قال : حدثنا يحيى بن سليم ، عن ابن جريج ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن عمرو بن عثمان ، قالوا : الإيمان قول وعمل.

1041- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : قيل لأبي عبد الله : فقول : الإيمان يزيد وينقص ، فقال : حديث النبي يدل على ذلك ، قوله : أخرجوا من كان في قلبه كذا ، أخرجوا من كان في قلبه كذا ، فهذا يدل على ذاك.

1042- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت إسحاق بن بهلول ، قال : سألت ابن عيينة عن الإيمان ، فقال : قول وعمل ، يزيد وينقص ، أما تقرأ : {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} . 1043- أخبرني زكريا بن الفرج ، عن أحمد بن القاسم ، قال : قلت : يا أبا عبد الله ، تقول : الإيمان يزيد وينقص ؟ قال : نعم ، قلت : وتقول : قول وعمل ؟

قال : نعم ، قلت : فيكون ذاك من هذا المعنى ، أن يكون الرجل إذا أتى هذا الأشياء التي نهي عنها يكون أنقص ممن لم يفعلها ، ويكون هذا أكثر إيمانا منه ؟ قال : نعم ، يكون الإيمان بعضه أكثر من بعض ، هكذا هو فتذاكرنا من قال : الإيمان يزيد وينقص ، فعد غير واحد ، ثم قال : ومالك بن أنس يقول : يزيد وينقص ، فقلت له : إن مالك يحكون عنه أنه قال : يزيد ولا ينقص ، فقال : بلى ، قد روي عنه : يزيد وينقص ، كان ابن نافع يحكيه عن مالك . فقلت له : ابن نافع حكى عن مالك ؟ قال : نعم.

1044- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : سمعت سفيان ، قال : الإيمان قول وعمل ، ويزيد.

1045- أخبرنا محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن الإيمان ونقصانه ، قال : نقصانه قول النبي  : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق وهو مؤمن).

1046- فأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، أنه سمع أبا عبد الله ذكر الكتاب في الزيادة ، وذكر الحياء ، وذكر جريرا ، وذكر النقصان ، يخرج من النار من في قلبه مثقال حبة ، وقوله : (لا يزني الزاني).

1047- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن حبيش بن سندي حدثهم ، أن أبا عبد الله قيل له : كيف نقول في قول النبي  : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) ، فقال : هو كما قال رسول الله ، فقيل له : إن قوما يقولون : لا يزنين الزاني ، فقال : هؤلاء كذابون ، سمعوا هذا وعمي على الناس ؟.

1048- أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، ومقاتل بن صالح ، قالا : حدثنا إسحاق بن منصور ، أن إسحاق بن راهويه قال : الإيمان يزيد وينقص ، ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

الرد على المرجئة في الاستثناء في الإيمان

عدل

1049- أخبرني محمد بن الحسن بن هارون ، قال : سألت أبا عبد الله عن الاستثناء في الأيمان ، فقال : نعم ، الاستثناء على غير معنى شك مخافة واحتياطا للعمل ، وقد استثنى ابن مسعود وغيره ، وهو مذهب الشورى ، قال الله عز وجل : {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} ، وقال النبي لأصحابه : (إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله) وقال في البقيع : (عليه نبعث إن شاء الله).

1050- أخبرني حرب بن إسماعيل ، قال : سمعت أحمد ، يقول في التسليم على أهل القبور أنه قال : (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) . قال : هذا حجة في الاستثناء في الإيمان . لأنه لا بد من لحوقهم ، ليس فيه شك ، وقال الله عز وجل : {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله} ، وهذه حجة أيضا ؛ لأنه لا بد داخلوه.

1051- وأخبرني حرب ، قال : سئل أحمد : ما تقول في الاستثناء في الإيمان ؟ قال : نحن نذهب إليه ، قيل : الرجل يقول : أنا مؤمن إن شاء الله ؟ قال : نعم.

1052- أخبرنا أبو بكر المروذي ، وأبو داود السجستاني . قال أبو بكر : حدثنا أبو عبد الله ، وقال أبو داود السجستاني، : سمعت أبا عبد الله ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان ، يقول : ما أدركت أحدا من أصحابنا ، ولا بلغنا إلا على الاستثناء.

1053- أخبرنا محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم قال : قال أبو عبد الله : سمعت يحيى بن سعيد ، يقول : ما أدركت أحدا من أصحابنا ، لا ابن عون ، ولا غيره إلا وهم يستثنون في الإيمان.

1054- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن حبيش بن سندي حدثهم في هذه المسألة ، قال أبو عبد الله : قول النبي عليه السلام حين وقف على المقابر . فقال : (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ، وقد نعيت إليه نفسه أنه صائر إلى الموت وفي قصة صاحب القبر : (عليه حييت ، وعليه مت ، وعليه نبعث إن شاء الله) ، وفي قول النبي  : (إني اختبأت دعوتي ، وهي نائلة إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئا) وفي مسألة الرجل النبي  : (أحدنا يصبح جنبا يصوم ؟ فقال : إني لأفعل ذلك ثم أصوم فقال : إنك لست مثلنا ، أنت قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك ؟ فقال : والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله) ، وهذا كثير ، وأشباهه على اليقين ، قال : ودخل عليه شيخ فسأله عن الإيمان ؟ فقال : قول وعمل . فقال له : يزيد ؟ فقال : يزيد وينقص ، فقال له : أقول مؤمن إن شاء الله ؟ قال : نعم . فقال له : إنهم يقولون لي : إنك شاك . قال : بئس ما قالوا . ثم خرج ، فقال : ردوه ، فقال : أليس يقولون : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ؟ قال : نعم . قال : هؤلاء مستثنون قال له : كيف يا أبا عبد الله ؟ قال : قل لهم : زعمتم أن الإيمان قول وعمل . فالقول قد أتيتم به ، والعمل فلم تأتوا به ، فهذا الاستثناء لهذا العمل ، فقيل له : فيستثنى في الإيمان ؟ قال : نعم ، أقول : أنا مؤمن إن شاء الله ، أستثني على اليقين ، لا على الشك ، ثم قال : قال الله عز وجل : {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} ، فقد علم تبارك وتعالى أنهم داخلون المسجد الحرام.

1055- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا الأثرم ، قال : حدثنا أبو عبد الله بحديث عائشة رحمها الله ، عن النبي  : (إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله)

فقال : هذا أيضا أرجو ، أي : هو حجة في الاستثناء في الإيمان ، أي إنه قد قال : أرجو ، وهو أخشاهم.

1056- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله يعجبه الاستثناء في الإيمان ، فقال له رجل ، وأخبرنا سليمان بن الأشعث قال : سمعت أبا عبد الله ، قال له رجل ، وهذا لفظ سليمان وهو أتم : قيل لي : أمؤمن أنت ؟ قلت : نعم . هل علي في ذلك شيء ؟ هل الناس إلا مؤمن وكافر ، فغضب أحمد ، وقال : هذا كلام الإرجاء ، وقال الله عز وجل : {وآخرون مرجون لأمر الله} ، من هؤلاء ؟ ثم قال أحمد : أليس الإيمان قولا وعملا ؟ قال الرجل : بلى ، قال : فجئنا بالقول ؟ قال : نعم ، قال : فجئنا بالعمل ؟ قال : لا ، قال : فكيف تعيب أن يقول إن شاء الله ويستثني ؟ . زاد أبو داود سليمان بن الأشعث ، وأخبرني أحمد بن أبي سريج أن أحمد بن حنبل كتب إليه في هذه المسألة : أن الإيمان قول وعمل ، فجئنا بالقول ولم نجئ بالعمل ، فنحن مستثنون بالعمل ، زاد الفضل : سمعت أبا عبد الله يقول : كان سليمان بن حرب حمل هذا على التقبل ، يقول : نحن نعمل ولا ندري يتقبل منا أم لا.

1057- وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر ، قال : حدثنا أبو طالب ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : لا نجد بدا من الاستثناء ؛ لأنه إذا قال : أنا مؤمن

فقد جاء بالقول ، فإنما الاستثناء بالعمل لا بالقول.

1058- أخبرني الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث ، أنه سمع أبا عبد الله ، قال (ح)

1059- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : قلت لأبي عبد الله : يعني لما قال له : الاستثناء مخافة واحتياطا ، فقلت له : كأنك لا ترى بأسا أن لا يستثنى ، فقال : إذا كان ممن يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص فهو أسهل عندي ، ثم قال أبو عبد الله : إن قوما تضعف قلوبهم عن الاستثناء ، كالمتعجب منهم.

1060- أخبرني محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، أن أباه حدثه ، قال : حدثني أحمد بن القاسم ، أنه قال : وأخبرني زكريا بن الفرج ، عن أحمد بن القاسم ، أنه قال لأبي عبد الله يروي عن الأوزاعي أنه قال : الاستثناء وترك الاستثناء سواء ، كما قال الله عز وجل : {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} ، فهذا ليس على شك . فلم أراه يعجبه ترك الاستثناء ، ورأيته أكثر عنده.

1061- وأخبرني محمد بن موسى ، أن حبيش بن سندي حدثنا ، عن أبي عبد الله ، قال : بلغني عن عبد الرحمن بن مهدي ، أنه قال : أول الإرجاء ترك الاستثناء.

1062- وأخبرني حامد بن أحمد ، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث ، أنه سأل أبا عبد الله : يصح قول الحارث بن عميرة أن ابن مسعود رجع عن الاستثناء ؟ فقال : لا يصح ، أصحابه يعني على الاستثناء ، ثم قال : سمعت حجاجا ، عن شريك ، عن الأعمش ، ومغيرة ، عن أبي وائل : أن حائكا بلغه قول عبد الله ، قال : زلة عالم ، يعني حيث قال له : إن قالوا : إنا مؤمنون ، فقال : ألا سألتموهم أفي الجنة هم ؟ وأنكر أحمد قولي : رجع عن الاستثناء إنكارا شديدا ، وقال : كذلك أصحابه ، يقولون بالاستثناء.

1063- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم قال : قال أبو عبد الله : قال شعبة : قلت لحماد بن أبي سليمان : هذا الأعمش ، وزبيد ، ومنصور حدثونا ، عن شقيق ، عن عبد الله ، عن النبي  : (سباب المسلم فسوق) ، فأيهم نتهم ؟ أنتهم الأعمش ، أنتهم منصورا ، أنتهم أبا وائل ؟ قال إسحاق : قلت لأبي عبد الله : وأيش أتهم من أبي وائل ؟ قال : اتهم رأيه الخبيث ، يعني حماد بن أبي سليمان ، وقال لي : قال ابن عون : كان حماد بن أبي سليمان من أصحابنا حتى أحدث ما أحدث : قال : أحدث الإرجاء.

1064- وأخبرني عبد الملك الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا سليمان بن داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن زبيد ، قال : لما تكلمت المرجئة أتيت أبا وائل فسألته ، فحدثني ، عن عبد الله ، عن النبي قال : (سباب المسلم فسق أو فسوق ، وقتاله كفر) . قال : وحدثنيه الأعمش ، ومنصور ، سمعا أبا وائل ، عن عبد الله ، عن النبي . قال : فقلت لحماد : أتهم زبيدا ، أتهم منصورا ، أتهم الأعمش ، قال : لا ، ولكن أتهم أبا وائل.

1065- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : اذهب إلى حديث ابن مسعود في الاستثناء في الإيمان ، لأن الإيمان قول ، والعمل الفعل ، فقد جئنا بالقول ، ونخشى أن نكون قد فرطنا في العمل ، فيعجبني أن نستثني في الإيمان ، نقول : أنا مؤمن إن شاء الله ، قال : وسمعت أبا عبد الله وسئل عن قول النبي  : (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ، الاستثناء ها هنا على أي شيء يقع ؟ قال : على البقاع ، لا يدري أيدفن في الموضع الذي عليهم أو غيره.

1066- وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، أنه سأل أبا عبد الله عن قوله ورأيه في : مؤمن إن شاء الله ؟ قال : أقول : مؤمن إن شاء الله ، ومؤمن أرجو ، لأنه لا يدرى كيف أداؤه للأعمال ، على ما افترض عليه ، أم لا ؟.

1067- وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا أبو بكر بن حماد المقرئ ، قال : وأخبرني بعض أصحابنا ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : لو كان القول كما تقول المرجئة : إن الإيمان قول ، ثم استثنى بعد على القول لكان هذا قبيحا ، أن تقول : لا إله إلا الله إن شاء الله ، ولكن الاستثناء على العمل.

الرجل يسأل : أمؤمن أنت ، وكراهية المسألة في ذلك

عدل

1068- أخبرني أحمد بن أصرم المزني ، أن أبا عبد الله قيل له : إذا سألني الرجل أمؤمن أنت ؟ قال : سؤاله إياك بدعة ، لا يشك في إيمانك ، أو قال : لا نشك في إيماننا . قال المزني : وحفظي أن أبا عبد الله قال : أقول كما قال طاووس : آمنت بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله.

1069- وأخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يقال له : أمؤمن أنت ؟ قال : سؤاله إياك بدعة ، يقول : إن شاء الله.

1070- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، وسليمان بن الأشعث السجستاني ، المعنى قريب . قال حرب : حدثنا أحمد ، قال : سمعت سفيان ، وقال سليمان : سمعت أحمد ، قال : سمعت سفيان ، يقول : إذا سئل مؤمن أنت ؟ إن شاء لم يجبه ، وسؤالك إياي بدعة ، ولا أشك في إيماني . قال : إن شاء الله ، ليس يكره ، ولا يداخل الشك.

1071- وأخبرني أحمد بن الحسن ، أنه سأل أبا عبد الله : يقول لي : أنت مؤمن ، فقال : سؤاله إياك بدعة ، وقل : أنا مؤمن أرجو ، قلت : أقول : إن شاء الله ، قال : إن قلت : إن شاء الله وأرجو.

1072- أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي ، أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يسألني : مؤمن أنت ؟ قال : تقول : نعم ، إن شاء الله.

التفريق بين الإسلام والإيمان والحجة في ذلك

عدل

من كتاب الله ، وسنة رسوله وأقوال الصحابة ، والتابعين.

1073- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قيل لأبي عبد الله : تقول : نحن المؤمنون ؟ قال : نقول نحن المسلمون ، قال : أبو بكر : وقلت لأبي عبد الله : تقول : إنا مؤمنون ؟ قال : لا ، ولكن نقول : إنا المسلمون.

1074- وأخبرني علي بن عيسى ، أنه سمع حنبلا ، يقول : سمعت أبا عبد الله ، وسئل عن الإيمان والإسلام ، فقال : الإيمان غير الإسلام.

1075- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، وأخبرنا الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : سمعت هشاما ، يقول : كان الحسن ومحمد يقولان : مسلم ، ويهابان : مؤمن.

1076- وأخبرني زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي قال : سئل أبي عن الإسلام والإيمان ، قال : قال ابن أبي ذئب : الإسلام : القول ، والإيمان : العمل ، قيل له : ما تقول أنت ؟ قال : الإسلام غير الإيمان ، وذكر حديث عامر بن سعد ، قال : (يا رسول الله ، إنه مؤمن ، فقال النبي عليه السلام : أو مسلم).

1077- أخبرني عبد الملك ، قال : قلت لأبي عبد الله : تفرق بين الإيمان والإسلام ؟ قال : نعم ، وأقول : مسلم ، ولا أستثني ، قلت : بأي شيء تحتج ؟ قال : عامة الأحاديث تدل على هذا ، ثم قال : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن) ، وقال الله عز وجل : {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قلت : وفي كتاب الله : {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم * يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}.

وقلت لابن حنبل : في كتاب الله عز وجل أيضا آيات ، قال لي ابن حنبل : وحماد بن زيد يفرق بين الإيمان والإسلام . قال : وحدثنا أبو سلمة الخزاعي قال : قال مالك وشريك وذكر قولهم ، قول حماد بن زيد فرق بين الإيمان والإسلام ، قال عبد الملك : قال لي ابن حنبل : قال لي رجل : لو لم يجئنا في الإيمان إلا هذا لكان حسنا ، قلت لأبي عبد الله : فتذهب إلى ظاهر الكتاب مع السنن ؟ قال : نعم ، قلت : فإذا كان المرجئة يقولون : إن الإسلام هو القول ؟ قال : هم يصيرون هذا كله واحدا ، ويجعلونه مسلما ومؤمنا شيئا واحدا على إيمان جبريل ، ومستكمل الإيمان . قلت : فمن ها هنا حجتنا عليهم ؟ قال : نعم.

1078- وأخبرني عبد الملك ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا عوف ، عن ثمامة بن أنس ، قال : قال فلان : الإيمان سهم ، والإسلام سهم ، والصلاة سهم ، والصوم سهم ، والجهاد سهم ، والهجرة سهم ، والحج سهم ، والزكاة سهم ، والأمر بالمعروف سهم ، والنهي عن المنكر سهم ، اضرب بسهمك ، وقد خاب من لا سهم له.

1079- كتب إلي يوسف بن عبد الله ، أن الحسن بن علي بن الحسن حدثهم أنه سأل أبا عبد الله عن الإيمان أوكد أو الإسلام ؟ قال : جاء حديث عمر هذا وحديث سعد أحب لي.

1080- وأخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، وأبو أحمد ، قالا : حدثنا سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : (كان رسول الله يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر ، كان قائلهم يقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، إنا إن شاء الله بكم لاحقون) ، قال معاوية بن هشام : أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع ، ونسأل الله لنا ولكم العافية.

وسمعت أبا عبد الله يقول : في هذا الحديث حجة على من قال : الإيمان قول من قال : أنا مؤمن ، قوله : (من المؤمنين والمسلمين) ، فبين المؤمن من المسلم رد على من قال : أنا مؤمن مستكمل ، وقوله : (إنا إن شاء الله بكم لاحقون) ، وهو يعلم أنه ميت يشد قول من قال : أنا مؤمن إن شاء الله ، الاستثناء في هذا الموضع.

قلت لأبي عبد الله : إذا أصاب الرجل ذنبا من زنا أو سرق يزايله إيمانه ؟ قال : هو ناقص الإيمان ، فخلع منه كما يخلع الرجل من قميصه ، فإذا تاب وراجع عاد إليه إيمانه.

قال حنبل : وسمعت أبا عبد الله وسئل عن قول النبي  : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) ، قال : هكذا يروى الحديث . ويروى ، عن أبي جعفر قال : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) ، قال : يخرج من الإيمان إلى الإسلام ، فالإيمان مقصور في الإسلام ، فإذا زنى خرج من الإيمان إلى الإسلام . قال : وقال الزهري في حديث عامر بن سعد : (قال الرجل : يا رسول الله ، إنه مؤمن ، قال النبي  : أو مسلم) . قال الزهري : فنرى أن الإسلام الكلمة ، والإيمان العمل . قلت لأبي عبد الله : ما تقول أنت ؟ قال : الإسلام غير الإيمان.

1081- أخبرنا محمد بن أبي الحسين الكوفي ، قال : حدثنا ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال : أدركت ثلاثين من أصحاب محمد ، كلهم يخاف النفاق ، ليس منهم أحد يقول : أنا على إيمان جبريل وميكائيل.

1082- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا أبو الحسن سريج بن النعمان ، قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، قال : كان مالك يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، ويكره ذكر جبريل وميكائيل ، وحق في الكلام.

1083- أخبرني عبد الملك ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن الفضل بن يسار ، قال : قال محمد بن علي : هذا الإسلام ، ودور دوارة في وسطها أخرى ، وهذا الإيمان الذي في وسطها مقصور في الإسلام ، وقول رسول الله  : (لا يزني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) ، قال : يخرج من الإيمان إلى الإسلام ، ولا يخرج من الإسلام البتة ، فإن تاب تاب الله عليه ، ورجع إليه الإيمان.

آخر الجزء الثالث من الأصل المنقول عنه


كتاب السنة للخلال
الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع | الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع