مجلة البيان للبرقوقي/العدد 10/مختارات

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 10/مختارات

ملاحظات: بتاريخ: 6 - 2 - 1913



كيف يسوس الرجل زوجه

للشيخ الرئيس أبي علي بن سينا

إن المرأة الصالحة شريكة الرجل في ملكه وقيمته في ماله وخليفته في رحله وهير النساء العاقلة الدينة الحيية الفطنة الولود القصيرة اللسان المطاوعة العنان الناصحة الجيب الأمينة الغيب الرّزان في مجلس الوقور في هيئتها المهيبة في قامتها الخفيفة المبتذلة في خدمتها لزوجها تحسن تدبيرها وتكثر قليله بتقديرها وتجلو أحزانه بجميل أخلاقها وتسلي همومه بلطيف مداراتها.

وجماع سياسة الرجل أهله ثلاثة أمور لا تدعه وهي الهيبة الشديدة والكرامة التامة وشغل خاطرها بألمهم.

أما الهيبة فهي إذا لم تهب زوجها هان عليها وإذا هان عليها لم تسمع لأمره ولم تصغ لنهيه ثم لم تقنع بذلك حتى تقهره على طاعتها فتعود آمرة ويعود مأموراً وتصير ناهية ويصير منهياً وترجع مدبرة ويرجع مدبراً - وذلك الانتكاس والانقلاب. والويل حينئذٍ للرجل ماذا يجلب له تمردها وطغيانها ويجنيه عليها قصر رأيها وسوء تدبيرها ويسوقه إليه غيها وركوبها هوانها من العار والشنار والهلاك والدمار. فالهيبة رأس سياسة الرجل أهله وعمادها وهي الأمر الذي ينسد به كل خلة ويتم تمامه كل نقص وينوب عن كل غائب ويغني عن كل فائت ولا ينوب عنه شيء ولا يتم دونه أمر فيما بين الرجل وأهله: وليست هيبة المرأة بعلها شيئاً غير إكرام الرجل نفسه وصيانة دينه ومروءته وتصديقه وعده ووعيده.

أما كرامة الرجل أهله فمن منافعها أن الحرة الكريمة إذا استجلت كرامة زوجها دعاها استدامتها لها ومحاماتها عليها وإشفاقها من زوالها إلى أمور كثيرة جميلة لم يكد الرجل يقدر على إصارتها إليها من غير هذا الباب بالتكلف الشديد والمؤونة الثقيلة. على أن المرأة كلما كانت أعظم شأناً وأفخم أمراً كان ذلك أدل على نبل روحها وشرفه وعلى جلالته وعظم خطره. وكرامة الرجل أهله على ثلاثة أشياء في تحسين شارتها وشدة حجابها وترك إغارتها.

وأما شغل المخاطر بالمهم فهو أن يتصل شغل المرأة بسياسة أولادها وتدبير خدمها وتفقد ما يضمه خدرها من أعمالها فإن المرأة إذا كانت ساقطة الشغل خالية البال لم يكن لها هم إلا التصدي للرجال بزينتها والتبرج بهيأتها ولم يكن لها تفكير إلا في استزادتها فيدعوها ذلك إلى استصغار كرامته واستقصار زمان زيادته وتسخط جملة إحسانه.

عاقبة الغواية

لأبي نواس

ولقد نهزت مع الغماة بدلوهم ... وأسمت سرح اللهو حيث أساموا

وبلغت مذ بلغ امرؤ بشبابه ... فإذا عصارة كل ذاك أثام

أثام كسلام هو جزاء الإثم وفي القرآن الكريم ومن يفعل ذلك يلق أثاما.

وصف الناقة

لأبي نواس

وهي أبيات من قصيدة قال السيد المرتضي نسب أبو نواس في أولها ثم وصف الناقة بأحسن وصف ثم مدح الرجل الذي قصد مدحه واقتضاه حاجته كل ذلك بطبع يتدفق ورزنق يترقرق وسهولة مع جزالة والقصيدة:

يأمنه أمتها السكر ... ما ينقضي مني لها الشكر

أعطتك فوق مناك من قبل ... قد كن قبل مرامها وعر

يثني إليك بها سوالفه ... رشأ صناعة عينه السحر

ظلّت حميا الكأس تنشطنا ... حتى تهتك بيننا الستر

في مجلس ضحك السر وربه ... عن ناجذيه وحلت الخمر

ولقد تجوب بي الفلاة إذا ... صام النهار وقالت العفر

شد نية رعت الحمى فأتت ... ملء الحبال كأنها قصر

تثني على الحاذين ذا خصل ... تعماله الشذران والخطر

أما إذا رفعته شامذةً ... فتقول رنّق فوقها نسر

أما إذا وضعته خافضةً ... فتقول أرخي دونها ستر وتسفّ أحياناً فتحسبها ... مترسماً يقتاده أثر

فإذا قصرت لها الزمام سما ... فوق المقادم ملطم حر

فكأنها مصغٍ لتسمعه ... بعض الحديث بأذنه وقر

الحنين إلى الأوطان

(قال البحتري)

سقى الله أخلاقاً من الدهر رطبة ... سقتنا الجوي إذا أبرق الحزن ابرق

ليال سرقناها من الدهر بعدما ... أضاء بأصباح من الشيب مفرق

تداويت من ليلى بليلي فما اشتفى ... بما الربى من بات بالريق يشرق

(وقال أبو تمام)

سلام ترجف الأحشاء منه ... على الحسن بن وهب والعراق

على البلد الحبيب إلى غورا ... ونجدا والأخ العذب المذاق

ليالي نحن في وسنات عيش ... كأن الدهر عنا في وثاق

وأيام لنا وله لدان ... عرينا من حواشيها الرقاق

(وقال ابن الرومي)

وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا

إذ ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنو الذلكا