مجلة الرسالة/العدد 210/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 210/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 210
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 12 - 07 - 1937



شيخ الأزهر وقت مقدم النابلسي

ذكرت ضمن مقالي المنشور بالرسالة (عدد 208) عن رحلة الشيخ عبد الغني النابلسي في مصر في أواخر القرن السابع عشر واقعة وردت على لسان الرحالة أكثر من مرة، وهي أن شيخ الأزهر وقت مقدمه إلى القاهرة في أوائل سنة 1105هـ (1693م) كان (الشيخ منصور المنوفي الأزهري الشافعي الضرير)؛ فعلق الأستاذ عبد المتعال الصعيدي على هذه الواقعة (الرسالة رقم 209) بكلمة أبدى فيها ارتيابه في صحتها، وذكر نقلاً عن الخطط التوفيقية أن شيخ الأزهر وقت مقدم النابلسي لم يكن سوى الشيخ محمد النشرتي المالكي، وأنه تولى مشيخته من سنة 1101هـ إلى سنة 1120هـ.

وقد رجع الأستاذ الصعيدي بنفسه إلى رحلة النابلسي (الحقيقة والمجاز)، فألفى ما نقلته عنه صحيحاً، وأنه أشار إلى الشيخ منصور المنوفي ووصفه أكثر من مرة بأنه شيخ الأزهر ولكنه مع ذلك يصر على ارتيابه في صحة هذا الوصف.

ولم اكن أقصد حين كتبت مقالي عن رحلة النابلسي أن أحقق من كان شيخ الأزهر في ذلك الحين، فهذه مسألة لم تكن ذات شأن في موضوعي، وإنما قصدت قبل كل شيء أن أستخلص من هذه الرحلة الصورة التي يقدمها لنا الرحالة عن مصر ومجتمعها في ذلك الحين؛ على أني مع كل ما نقله الأستاذ الصعيدي عن المصادر المتأخرة (مثل الجبرتي والخطط التوفيقية) لا زلت أميل إلى الأخذ بقول النابلسي من أن الشيخ منصور الأزهري كان شيخاً للأزهر حسبما يقدمه لنا، أولاً لأن هذا القول هو قول معاصر وشاهد عيان عرف الشيخ وحادثه بنفسه، ولست أعتقد أنه يسبغ عليه هذه الصفة عفواً، وثانياً لأن الشيخ النابلسي يقدم إلينا بياناً صحيحاً عن أكابر الحكام والمشايخ في مصر وقت مقدمه، ومن الصعب أن نعتقد أنه يخطئ في تعرف شيخ الأزهر وهو من الشخصيات البارزة التي يهمه أن يتصل بها أما كون الشيخ النابلسي يسبغ هذه الصفة على شيخ آخر وكون المصادر المتأخرة تذكر أن شيخ الأزهر في ذلك الحين هو الشيخ النشرتي فقد يمكن تفسيره بأن الشيخ المنوفي لم يمكث في المشيخة سوى اشهر وربما أسابيع قلائل، وعلى ذلك فقد أغفل المتأخرون ذكره في ثبت مشايخ الأزهر.

وعلى أي حال فأنه مما يصعب على المؤرخ إغفال قول معاصر وعلامة ثقة كالشيخ النابلسي.

محمد عبد الله عنان

بحوث طبية هامة لطبيب مصري

رفع الدكتور أنيس أنس بك الطبيب الباتولوجي الأول بمعامل وزارة الصحة إلى صاحب المقام الرفيع مصطفى النحاس باشا نتيجة بحث علمي قام به أخيراً وتناول فيه موضوعين:

الأول خاص بسبب تضخم الطحال في القطر المصري ووادي النيل بوجه عام؛ وقد سبق لباحثين كثيرين أن بحثوا في هذا الموضوع منذ أربعين سنة فلم يصلوا إلى نتيجة حاسمة، وتضاربت الآراء العلمية حول سبب (تضخم الطحال) فقال بعضهم: إن سببه (ميكروب) مجهول، وقال آخرون: إنه نوع من الفطريات. إلخ. غير أن الدكتور أنس بك اهتدى إلى أن السبب الحقيقي لهذا التضخم هو بويضة البلهارسيا (المرض المتوطن في مصر ووادي النيل). وقد اعتمدت الجمعية الملكية البريطانية لطب المناطق الحارة والصحة العامة هذا البحث في جلستها المنعقدة بتاريخ 25 أبريل سنة 1937 ونشرته بمجلتها.

أما البحث الآخر فقد أقترن بقيام الدكتور أنس بك بعدة إحصاءات لعمليات الزائدة الدودية فاهتدى إلى أن معظمها أو ما يقرب 60 % منها راجع إلى التهاب حاد ناشئ عن الإصابة بالبلهارسيا أيضاً وخاصة في المديريات الشمالية، وقد بين أنس بك أنه لا ضرورة لأجراء العملية لهؤلاء المصابين بل يكتفي بعلاج سببها وهو مرض البلهارسيا. ثم أوضح في بحثه كيفية الوصول إلى التمييز بين التهاب الزائدة الدودية الصديدي الذي ينتهي غالباً بالتهاب البريتون والوفاة، وبين التهاب الزائدة الدودية الناشئ عن إصابة البلهارسيا. فكان هذا أول بحث من نوعه في عالم الطب. وقد قامت الجمعية الدولية للجراحة في مؤتمرها العاشر ببحث هذه النتائج فاعتمدت ما انتهى إليه الدكتور أنس بك ونشرته على نفقتها باعتباره استكشافاً جديداً لم يسبق المؤلف المصري إليه أحد.

في الأكاديمية الفرنسية:

احتفلت الأكاديمية الفرنسية أخيراً باستقبال عضو جديد فيها هو الكاتب القصصي والصحفي الكبير إدمون جالو وقد انتخب للكرسي الذي خلا بوفاة الشاعر والقصصي والنقادة الأشهر بول بورجيه الذي توفي منذ بضعة أشهر، وكان بورجيه يشغل هذا الكرسي منذ أكثر من أربعين عاماً؛ وقد أفتتح إدمون جالو عهده في الأكاديمية كالمعتاد بإلقاء حديث طويل عن سلفه وعن حياته الأدبية ومميزاته ومواهبه؛ وكان أهم ما في حديثه أن بورجيه قد تأثر في حياته بحادثين عظيمين طبعا حياته كلها بطابع خاص؛ أولهما وفاة والدته وهو طفل وزواج والده من سيدة أخرى، وثانيهما أنه رأى حكومة الكومون في باريس (سنة 1871) وقد اثر الحادث الأول في نفسيته أعظم تأثير، واستطاع أن يدرس خلاله تلك العاطفة التي كثيراً ما ينوه بها في قصصه وهي: (الغيرة)

وإدمون جالو من كتاب الجنوب في فرنسا، وهو مرسيلي الأصل، وله عدة روايات وقصص ممتعة، وهو صحفي يكتب في كبريات الصحف الفرنسية فصولا أدبية مختلفة.

وطن قومي للنور

أختار النور (الغجر) في بولونيا لهم ملكاً جديداً، ومنهم في بولونيا بضعة عشر ألفاً مفرقين في سائر أنحائها؛ وقد صرح الملك الجديد بأنه سيعمل على حل مسألة الوطن القومي للنور وسيزور السنيور موسوليني لأجل هذه الغاية، وربما استطاع النور أن يجدوا لهم وطناً قومياً في الحبشة يلم شعثهم ويجمع صفوفهم؛ وهذه مسألة قديمة تبحثها بعض الجمعيات السياسية في إنكلترا وألمانيا منذ نحو قرن، بيد أنها لم تعمل لها شيئاً لحلها. على أن النور استطاعوا خلال القرن الأخير أن يحصلوا على حقوق المواطنين في معظم البلاد الأوربية مثل النمسا والمجر ورومانيا. وقد أخذ الكثيرون منهم يهجرون حياة البدو، ويستقرون على قواعد الحضارة الحديثة، واندمج الكثير منهم في المجتمع الحديث ونسوا لغتهم وعاداتهم القديمة؛ وقد حصل النور في بلاد البلقان على حقوقهم السياسية بمقتضى معاهدة برلين في سنة 1878؛ وفي سنة 1906 عقدوا أول مؤتمر من النور في صوفيا وطولب فيه بمنح الحقوق السياسية لنور تركيا؛ وخطب يومئذ رئيس النور رمضان عليف، وحثهم على المطالبة بالحقوق السياسية.

والآن يرى النور أن يقوموا بحركة جديدة لإنشاء وطن قومي خاص بهم على مثل ما فعل اليهود في فلسطين. ومن المستحيل أن يعرف عدد النور، بيد أنهم يبلغون في أوربا وما حولها نحو ثلاثة ملايين.

متحف للآلات الموسيقية

افتتح متحف في نيوبرت من أعمال نيرمبرج (ألمانيا) يحتوي على مجموعة فريدة من الآلات الموسيقية هي أتم مجموعة من نوعها، وتضم هذه المجموعة نماذج من الآلات الموسيقية في القرون الخمسة الأخيرة، وكلها في حالة جيدة من الحفظ ويمكن العزف عليها، وهي بذلك تقدم إلى الموسيقيين ومؤرخي الموسيقى مادة بديعة للدرس والتأمل، وبواسطتها يمكن استعراض التطورات المختلفة في تركيب البيانو الذي اصبح أداة العصر وكيف أصبح على ما هو عليه الآن، ومن النماذج المعروضة بهذا المتحف معزف (اكلافسان) صنع في سنة 1703 ذو ثلاث أنغام وكان ملكا لآل مديتشي سادة فلورنس، وبيانو صنع سنة 1740 في أوبرزنتوفن من أعمال بلغاريا، وبيانو آخر كان ملكا لأمير الموسيقى موتسارت من صنع كيرنباخ بمايانس، ونماذج أخرى لآلات مختلفة ترجع إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر.

موسم الفن والموسيقى في سالزبورج

يقام موسم الفن والموسيقى في مدينة سالزبورج (النمسا) هذا العام بين 24 يوليه و31 أغسطس، وقد غدا هذا الموسم حادثاً فنياً عالمياً يجلب إلى سالزبورج في كل عام آلاف الزائرين من مختلف الأقطار، ويشرف على إحياء هذا الموسم كالعادة أقطاب الفن العالميون نمسويون وغيرهم، مثل أرتورو توسكانيني، وبونوفالتر، وماكس رينهارت، وهانس كنبرتسسبوش، ومعروف أن سالزبورج هي موطن موتسارت، ولهذا تحظى أوبراته بعناية خاصة، وسيمثل منها هذا الفصل (دون جوان) (والمزمار المسحور)، (وليل فيجارد)، وتمثل أوبرات خالدة أخرى مثل (الأساتذة المغنون) لفاجنر، و (فيدليو) لفان بتهوفن، و (فالستاف) لفيردي؛ وأوبرات أخرى لريخارد شتراوس؛ كذلك تقام حفلات موسيقية عظيمة من مقطوعات موتسارت وشوبرت، وبيتهوفن وفبير وهايدن وغيرهم، ومنها حفلات كنسية تقام في كاتدرائية سالزبورج، وإلى جانب هذه الحفلات التمثيلية الرائعة التي تقام في مسرح البلدية الكبير تقام طائفة أخرى من الحفلات الباهرة في مسرح موتسارت من أول يوليه إلى أول سبتمبر، وتموج مدينة سالزبورج أثناء هذا الموسم الفني العظيم بالزائرين من مختلف أنحاء الأرض، ويبلغ الإقبال على هذه الحفلات حدا لا يتصور، بحيث يستحيل على الراغبين أن يفوزوا بتذكارهم إذا لم تحجز قبلها بأسابيع.

ذكرى أبى العلاء في الرابطة العربية

رأى مجلس إدارة الرابطة العربية وقد حان موعد العيد الألفي لفيلسوف العرب وحكيمها وشاعرها (أبي العلاء) أن يوجه إلى العالم العربي نداءه ورجاءه أن يعاونه في المهرجان الأدبي الكبير الذي سيقيمه تخليداً لهذه الذكرى وإشادة بأدب هذا الشاعر الذي يعد مفخرة العالم قاطبة والشرق خاصة.

وإن الرجل الذي تدعو الرابطة إلى الاحتفال بذكراه الألفية ليس بأقل مكانة من أدباء العالم الذين قادوا الذهن الإنساني وأناروا دياجير الحياة بما وهبوا من حكمة، فهو في مقدمتهم بل مجليهم الأوحد، فان قامت الشعوب الغربية بتخليد ذكرى هؤلاء الفلاسفة في مواسم حافلة يحج إليها الناس من كل فج ليتلقوا منها الوحي والإلهام الأدبي، فالأحرى بالشرق العربي أن يخلد ذكرى فيلسوفه العظيم.

وإن الروح الطيبة التي أملت الاحتفالات الفخمة بتخليد ذكرى المتنبي لتجعل الأمل قوياً والرجاء كبيراً في أن يلقى هذا النداء كل إقبال وتشجيع.

هذا وستصدر الرابطة قريباً بياناً جامعاً بأسماء حضرات أعضاء اللجنة التحضيرية وموعد إقامة المهرجان ونظامه ومدته

سكرتير الرابطة

كامل زيتون

تأبين الرافعي

نشرت الرابطة العربية بياناً في الصحف اليومية والأسبوعية بأسماء حضرات أعضاء لجنة الاحتفال بتأبين فقيد العروبة والإسلام المرحوم السيد مصطفى صادق الرافعي، وبالموضوعات النثرية التي سيتناولها الأدباء في رثائه، وحددت موعداً لإقامة الحفلة في شهر أكتوبر المقبل، فتحركت لذلك عواطف أعيان الأدب وأمراء البيان وقادة الفكر في العالم العربي وأرسل إليها بعض حضراتهم ما جادت بهم قرائحهم الوقادة إشادة بأدب الفقيد الكبير وتقديرا لآرائه وبحوثه.

ولما كانت الرابطة معتزمة إصدار كتاب جامع لتاريخ حياة الفقيد، وبعض آثاره، وما يقال في رثائه شعراً ونثراً تخليداً لذكراه واعترافاً بمجهوده الجبار في خدمة العروبة والإسلام، وليكون نموذجاً حياً للأدب الخصب والثقافة العالية فهي تأمل في كتاب الشرق العربي وأدبائه، وأئمة البيان فيه وشعرائه، أن يبادروا بإرسال ما توحيه إليهم ضمائرهم المؤمنة بفلسفة الفقيد الكريم، والمقدرة لأدبه الحي الحديث والقديم، في أقرب وقت بعنوان سكرتير الرابطة بحدائق القبة شارع الملك رقم 112 حتى يكون لدى الرابطة متسع لإصدار هذا الكتاب يوم حفلة التأبين.

سكرتير اللجنة

كامل زيتون