مجلة الرسالة/العدد 24/ذات القميص الأزرق أو فتاة الريف

مجلة الرسالة/العدد 24/ذات القميص الأزرق أو فتاة الريف

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 12 - 1933



عيني على رمانتي صدر! ... أو مهجتي يا عين لا أدري

يا للبروز أدق ما وجبا ... يا للحجاب أرق ما حجبا!

أفذاك غصن أثمر العجبا؟

أم أنت يا قرويةٌ تسري ... مثل النسيم على قرى مصر

هذا جمالك صنعه اللهِ ... آهٍ لفتنة سحره آهِ!

يا سمرةً في وجهك الباهي!

سحرت عيون البيض والسمر ... وهفا الجميع للونكِ (الخمري)

هذا قوامكِ يا أبنة الريف ... أخزى قدود الخرَّد الهيف

في إسكندرية أو بني سويفِ

أو في (الزمالك) أو على الجسر ... والنيل تحت عيوننا يجري

هذا قميصك ساذج حال ... لون السماء بلونه الغالي

عند الضحى أو في الدجى الخالي

بنت الطبيعة أنت والدهر ... والشمس والجنات والنهر

أغرى قميصك فنَّ (مختار) ... فبرزت فيه بثوبك العاري

يمناكِ توقظ ذلك الضاري

بو الهول كان كمُغرَق البحر ... فإذا بكفك طلسم السحر

ما عبقرية حسنك البادي! ... شبه المهاة وأنت في واد

تصحين قبل الطائر الشادي

وعلى ضفاف الترعة الخُضر ... تردين بين عرائس الفجر

لو تعلمين لكدت تلقينا ... شغفاً بنفسك بين أيدينا

كالورد يعتنق الرياحينا

والأختُ عند مغيب القبر ... ألقت بروعة ذلك الصدر

لكننا نهفو اليك هوى ... لا الطرفُ زاغ ولا الفؤاد غوى

يا للجوى إن كان ذاك جوى!

أو يا لصَون الطرف عن عهر! ... حاشا لنا وحيائك الع يا بنت (قاسم) حيثما كنتِ ... أنت الوحيدة بنته أنتِ

ما عز قط سواكِ من بنتِ

لم تسفرين وأنت كالبدر؟! ... علّمت حتى ربة الخِدر

ماذا أصابك حين أسفرت؟ ... جارت عليك الأرض أم جرتِ

أم من سفورك قد تأخرت؟

أم أخرتك طبيعة الخير؟ ... وغريزة في العيش كالطير

يا أختَ أين شعاعك الماضي؟ ... وحمية خلقت لإنهاض؟

لم يبقى منها غير أنقاض

من أطفأ اللهب الذي يسري ... في الليل مثل محلِّق النسر؟

أيزيس أنتِ وأنتِ نفريتي ... لكِ في ذرى التاريخ ما شيتِ

يا جذوةً من غير كبريتِ

دفنوكِ تحت ركائم الغمر ... حتى نسينا حمرة الجمر

يا أختَ هبّي فانفضي عنك ... رَجَماً أحالك حالة الضنكِ

سيبث في أرواحنا منكِ

فإذا أعيدت شعلة الصدر ... فهناك حقَتَ ليلة القدر

كوني فتاة الغاب والأسدِ ... يا بنت مصر الروح والجسدِ

وتضرمي فينا إلى الأبدِ

شعلاً تفك سلاسل الأسر ... وتنير فوق الكوخ والقصرِ

قليوب. ابراهيم ابراهيم علي المحامي