مجلة الرسالة/العدد 357/لقاء. . .
مجلة الرسالة/العدد 357/لقاء. . .
للأستاذ حسن حبش
يا لَحْظَةً أَفْدِيكِ بالخُلْدِ ... جِئْتِ العشيَّة دُونَ ما أقَصْدِ
أبْصَرْتُ فيكِ أَشِعَّةَ المجْدِ ... وشَذَى الرَّبِيع، ونفْحَة الورْدِ
هِيَ لَحْظَةٌ جَمَعَتْ فؤاَدَيْنِ ... رَبَطَ الهَوى بَعْضاً إلىَ بَعْضِ
بَعْدَ الفِرَاقِ ولَوعَةِ البيْنِ ... كانَتْ شُعَاعَ اللهِ في الأرضِ
خفق الفُؤَادُ لِطَلْعَةٍ عَكَسَتْ ... نُورَ الخُلودِ وبَدَّدَتْ ضَعْفي
مَدَّتْ يَداً فِيهاَ المُنَى جُمِعَتْ ... يا لَيْتَ ثَغْرِي كانَ في كَفِّي
أنْتِ الحَيَاة لِشَاعِرٍ عَاشِق ... جَعَلَ الجَمَال إلههُ السَّامِي
يَهْفُو إلىَ النهْرِ الدَّافِقْ ... هَيْهَاتَ يَرْوي قَلْبَه الظَّامِي
أَقْسَمْتُ أَنَّكِ مَشْرِقُ الحُسْنِ ... ورَبيعُهُ النَّضَّاح بالأمَلِ
ورَأيْتُ أنَّكِ دُمْيَّةُ الفَنِ ... سُكِبَتْ مِنَ الألْحانِ والْقُبلِ
أَأَظَلُّ في دنيايَ ظَمْآناً ... والخَمرُ في كأسِي بيُمْنَاياَ؟
وأَظلُ أَقْضي العُمْرَ حَيْرانَاً ... والنُّورُ أَنتِ، وأنتِ دنْيَايَا؟
أًمسي ومَا أمْسِي سِوىَ لَحْنِ ... قد وَقَّعتْهُ أَناملُ الْحُبِّ
فشربْتُهُ لَهْفَان بالأذْنِ ... وجَمْعُتُه سَكْرَانَ في لُبِّي
يا ذَلِكَ الأمْسِ ولَّى ... مَا كنْتَ مِنْ ذَيَّالِكَ الزِّمَنِ
ودَّعْتُ فيكِ أَمانياً هَلاَّ ... أبقيتَ لِي ذِكرى سِوىَ الشَّجَن
يا خافقاً في الصَّدْر ما بَرِحاَ ... يَهفو إليَ المجْهولِ من دَهرهِ
ما أنتَ أولُ طاَئرٍ جُرِحَا ... أو ضلَّ مَسلَكهُ إلى وكرِهْ
أيُرِيش زُغبَ جَنَاحك الدَّمْعُ ... هَيْئَاتَ مَا لِلْدَمْعِ مِنْ جَدْوى
فَخُذْ اليقينَ فِيهِ دِرْعُ ... ودَعِ البُكَاَء ودَائمً الشَّكْوى
إن تًبْكِ تُذْهبْ رَوعَةَ الأمسِ ... وجَلاَلَهُ الباقي إلى الأبَدِ
فاَلْقَ الدُّجى لُقْيَاكَ للشَّمْسِ ... واسْخَرْ بِمَا يَأتِيكَ مِنْ نَكَدِ
يا لحظةً سَتَظَلُّ فِي خَلَدي ... رَفَّافَةَ الأَضواءِ والسَّحرِ نغَّمْتِ أَمْسَ الشاعِرِ الغَرِدِ ... وغَمَرْتِهِ بِالنورِ والعطرِ
(بني سويف)
حسن حبشي
-