مجلة الرسالة/العدد 37/في الأدب العربي

مجلة الرسالة/العدد 37/في الأدب العربي

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 03 - 1934



شوقي

1351هـ - 1932م

للأستاذ عبد العزيز البشري

هو أحمد شوقي بك بن أحمد شوقي بك. ولد بالقاهرة ونشأ فيها. وقد حدث عن نفسه في مقدمة الطبعة الأولى لديوانه (الشوقيات) قال: (سمعت أبي يرد أصلنا إلى الأكراد فالعرب، ويقول إن والده قدم هذه الديار يافعاً يحمل وصاة من أحمد باشا الجزار إلى والي مصر محمد علي باشا. . . فادخله الوالي في معيته، ثم تداولت الأيام، وتعاقب الولاة الفخام. وهو يتقلد المراتب العالية، ويتلقب في المناصب السامية، إلى أن أقامه سيعد باشا أميناً للجمارك المصرية). ثم ذكر طرفاً عن سيرة جده لوالدته إلى أن قال عن نفسه: (أنا إذن عربي، تركي، يوناني، جركسي).

وقد كفلته من المهد جدته لأمه، وكانت في يسر ونعمة، على حين أتلف أبوه ما ورثه عن أبيه. ولقد كانت جدته تيك من وصائف قصر الإمارة في عهد إسماعيل. قال: (حدثتني (يريد جدته) إنها دخلت بي على الخديو إسماعيل، وأنا في الثالثة من عمري، وكان بصري لا ينزل عن السماء من اختلال أعصابه، فطلب الخديو بدرة من الذهب، ثم نثرها على البساط عند قدميه، فوقعت على الذهب اشتغل بجمعه والعب به، فقال لجدتي اصنعي معه مثل هذا فانه لا يلبث أن يعتاد النظر إلى الأرض. قالت هذا دواء لا يخرج إلا من صيدليتك يا مولاي. قال جيئي إلي به متى شئت.

فلما بلغ الأربعة أدخل في مكتب الشيخ صالح، وكانت نشأته في خط الحنفي، وقد جاز بعد ذلك متفوقاً بارعاً مرحلتي التعليمين الابتدائي والثانوي. فلما تقدم إلى مدرسة الحقوق اعتل ناظرها عليه لصغر سنه. على انه دخلها ودرس بها عامين. وكان قد أنشئ فيها قسم للترجمة، فعدل إليه ولبث فيه سنتين أخريين، وأحرز الإجازة النهائية. وألحقه المرحوم الخديو توفيق بمعيته. ثم أشخصه على نفقته إلى فرنسا ليدرس الحقوق والآداب الفرنسية، على أن يقضي عامين في مدينة (منبلييه)، وعامين في باريس. حتى إذا أحرز الشهادة النهائية رأى والي الأمر أن يظل في فرنسا ستة أشهر أخرى ففعل، وعاد بعدها إلى مصر، وتولى منصبه في معية الأمين.

وفي سنة 1896م ناب عن مصر في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في جنيف من أعمال سويسرا.

وما برح شوقي يتدرج في المناصب حتى تولى رياسة القلم الإفرنجي في المعية الخديوية. ولما نشبت الحرب الكبرى أزيل عن منصبه. ثم رؤى له أن يغادر البلاد، فاختار برشلونة من أعمال أسبانيا مثوى له ولأسرته. ولم يؤذن له في العودة إلى مصر إلا بعد أن استقر السلام العالمي.

ولقد رأيت أن أكبر منصب سما إليه شوقي في معية الخديو هو رياسة القلم الإفرنجي، على أن نفوذه وسلطانه لقد تجاوزا شأن هذا المنصب إلى حد بعيد، فلقد نال من الحظوة عند ولي الأمر ما لم ينله من قبل أحد. فكانت داره (كرمة ابن هانئ) مثابة طلاب الحاجات، ومورد المستشفعين من كل ناحية، صغار الناس وكبارهم في هذا بمنزلة سواء. فلقد كانت إشارته حكما، وطاعته عند أكثر الحكام من بعض المغانم

ولقد كانت مصر إلى ذلك العهد تابعة للدولة العثمانية، فكان شوقي كثير الاختلاف إلى الآستانة، فلا يكاد يدخل الصيف من العام إلا وهو على جناح السفر إليها، فلا يلقى من أولياء الأمر هناك إلا الإجلال والنزول في منزل الكرامة. ولقد انتهى إلى الخليفة في إحدى السنين خبر مقدمه فأمر بان يقيم ما أقام هناك ضيفاً على مقام الخلافة. وأنعم عليه بالرتبة الأولى من الصنف الثاني وهو يتقدم بها على بعض من يحملون لقب الباشوية. كما انعم عليه بكبار الأوسمة من الدولة العلية، ومن ألمانيا (قبل الحرب) ومن الدولة السورية.

وكان، رحمه االله، شغفاً بالسياحة في الغرب وفي بلاد الشرق القريب، ولكنه في مؤخرات عمله قصر سياحاته على البلاد السورية واللبنانية، فيلقى من أعيانها وأدبائها أبلغ العطف وأعظم الإكرام.

وفي سنة 1927 عقد في مصر مؤتمر لتكريمه اشترك فيه عنق من رجالات مصر وعلمائها وأدبائها، وحضر إليه عدد غير قليل من أعيان الأدباء في الأقطار العربية. وتوجت حفلة التكريم برعاية حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم فؤاد الأول حفظه الله لقد عاش شوقي مبجلا عالي الاسم، رفيع المنزلة. فلما قبض إلى رحمة الله تعالى أقامت له وزارة المعارف بالاشتراك مع طائفة من أعيان أهل الفضل والأدب حفلة تأبين دعت إليها كبار العلماء والأدباء في الأقطار العربية. وشرفها جلالة الملك المعظم بنائب عن ذاته الكريمة. وقد أقيمت هذه الحفلة في دار الأوبرا الملكية في شهر ديسمبر من السنة التي قبض فيها.

وبعد، فقد تقلب شوقي من أول نشأته في النعمة، وأصاب ما شاء من متع الحياة، ولو قدر لخلق من الناس أن يدركوا كل مناهم، وأن يبلغوا الحياة مدى أشرها، لكان شوقي من أحد هؤلاء

وإذ قد عرفت هذا فلا يتعاظمنك ما ترى من شيوع الترف في شعره، فلا تقع من تشبيهاته، في غير المآسي، إلا على كل فاخر ثمين

صفاته وأخلاقه

كان شوقي ذكيا وافر الذكاء، حيا جم الحياء، لا يتبسط في الحديث إلا إذا خلا له وجه صديق أو صديقين. ولعل بعض ما حمله على هذا أن طلاقة لسانه لا تكافئ فصاحة قلمه، ولا تواتي مطالب عقله، يكره الدخول في زحمة الناس، وينفر من شهود الحفل الجامع؛ إلا أن ينقبض في ركن من ملهى أو ملعب، وادع النفس، هادئ السعي. لا تراه يعنف، وقل أن يستفزه الغضب. عطوف شديد العطف، رحيم كثير الرحمة. ينفر من ذكر المآسي ويفر من رؤيتها فراراً. على أنه مع هذا قد راض نفسه على الصبر على المكروه، ودربها على الرضا بالقضاء واقعاً حيث وقع. فإذا لحقه المكروه راح بذهنه يستخرج من بعض نواحيه خيراً. فان تعذر عليه استراح في النهاية، إلى أن الله تعالى إنما دفع به ما هو أكره.

وهو دائم الاعتداد بما يعتريه من النعماء، فإذا دقت وصغرت جعل يجلها ويعظم، ولو بالتخييل، من شأنها. وعلى الجملة فان هذا الرجل لو انحدرت عنه كل نعمة لعاش من رضاه في أوسع نعمة. وعلى هذا لقد كان من أقل الناس شكوى من زمانه. ولعل أوجع ما شكى فيه قوله

أحرام على بلابله الدو ... ح حلال الطير من كل جنس؟

وهذا قاله وهو منفى من وطنه. ولقد جعل الله النفي من الوطن عديلا للقتل والصلب وتقطيع الأطراف. قال جل مجده: (إلا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض). وأي رجل هذا المنفى من وطنه؟ هو الذي يقول في هذا الوطن من القصيدة نفسها:

طني، لو شغلت بالخلد عنه ... نازعتني إليه في الخلد نفسي!

ولقد كان شوقي شديد الإيمان بالله تعالى وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر. ولم تحص عليه في هذا الباب زلة لسان أو عثرة قلم، وكان شديد الحنين إلى السيد المسيح صلوات الله عليه، دائم الذكر له في شعره ما واتته المناسبة. يذكره في عطف وشوق ولهفة، وإذا ذكرت ما ركب في طبع هذا الشاعر من الرقة والرحمة والحنو ودعة النفس أدركت الوجه في إيثاره لاسم هذا النبي الكريم بكثرة الإشادة والترديد

على أن شوقي. على شدة إيمانه هذا، كان في شباب السن مستهتراً بلذائذ الدنيا، مسرفاً في الإصابة مما يطيب له منها، لا يتأثم في هذا ولا يتكلف مداراة الناس، فبلغ فيه حداً يشبه الإباحية، ولكنه حين لحقته السن، قصر متعته على شهود (السينما) وحضور مجلس الغناء، وله من بلائه في النضح عن دولة الإسلام وفي مدحه لسيد الأنام أعظم رجاء في كرم العاقبة وحسن الختام ولقد قال في (نهج البردة)

إن جل ذنبي عن الغفران لي أمل ... في الله يجعلني في خير معتصم

وهو بعد هذا مفتن بأجمع معاني الكلمة، يكلف بفنه إلى حد الافتتان، بل إنه لا يكاد يرى الرجل كل الرجل يتمثل إلا في الشاعر.

ولا يرى للحياة في جميع صورها غاية إلا قرض الشعر. انظر كيف يقول على لسان إحدى من ينسب بهن:

جاذبتني ثوبي العصى وقالت: ... أنتم الناس أيها الشعراء!

ولقد كان إلى هذا شديد التمكن من نفسه حتى ما يرى في الدنيا شاعراً يباريه أو يتعلق بغباره.

شاعريته

لم يطاول شوقي في قرض الشعر ولم يجهد فيه؛ بل لقد جاء به فتى؛ وأطلقته قريحته الغضة عالي المعنى، فخم اللفظ؛ متلاحم النسج، ومدج الخديو توفيقاً وهو لما يزال طالباً حدثاً، ونشرت مدائحه يومئذ في (الوقائع المصرية) وارتفعت من قورها إلى ولي الأمر. فدل هذا على أن فيه طبيعة؛ وانه أوتى الموهبة. ثم لقد كشف الزمن عن ان تلك الموهبة من الضرب الرفيع الغالي الذي يضن بنفسه على الأجيال

ولا شك في أن المواهب الفنية لا تعلل. فان حاولت أن ترد هذا إلى أنه قد دخل في أصله العنصر العربي، فهذه ملايين الخلق من خلص العرب، لم يقولوا الشعر ولم تنتضح به ألسنتهم، وأكثر من عالجوه منهم لم يرتفعوا إلى شيء من حظ شوقي، وإن أنت رددته إلى أنه جرى في أعراقه الدم اليوناني، فهذه الملايين من اليونان الخلص لقد تعذرت عليهم ملكة الشعر فلم يجيئوا منه بجيد ولا برديء

نعم، لقد يكون للعنصر وللدم دخل في توجيه شاعرية الشاعر، وتكوين عقليته وفي تصوير منطقه، وتلوين عاطفته، والذهاب بنزعته مذهباً خاصاً. ونحو ذلك. أما أن ذلك مما يخلق الموهبة خلقاً، فهذا مالا يكون.

شعره

تقدم لك في أثناء هذا الكتاب صفة الشعر في العصر الحديث (من الحملة الفرنسية). وكيف كان يغلب عليه الضعف والإسفاف، والدوران في فنون من الأغراض لا غناء فيها لمطالب العاطفة، ولا لحاجات المجتمع. ولقد نجم شوقي أول ما نجم والكثرة الغامرة من جمهرة الشعراء على هذا؛ على أنه من يمن طالعه أن تقدمه إلى قرض الشعر أفذاذ ثلاثة: عبد الله فكري، ومحمود سامي البارودي، وإسماعيل صبري. فدلته الموهبة عليهم، وعدل من فوره إلى احتذائهم، وانتهاج طريقهم في تجويد الشعر باصطفاء اللفظ، وإحكام الصياغة، والاحتفال للمعاني، وعدم استهلاكها في سبيل البديع، صنع أكثر من يقوم في العصر من الشعراء.

ولقد كان في صدر شبابه كلما قرض قصيدة أو نظم مقطوعة من الشعر عرضها على إسماعيل باشا صبري، وهو شاعر قد بلغ الغاية من دقة الذهن، وكمال الذوق، ورهافة الحس، فلا يزال يعالج معه ما عسى أن يقع من قلق في اللفظ، أو انحراف في المعنى، أو نشوز على مواقع الجمال. وتلك كانت سنة كثيرة من الشعراء من قديم الزمان.

وشوقي، فوق هذا، كان شديد الاكباب على قراءة الكتب بوجه عام، وكتب الأدب على وجه خاص، ودواوين الشعراء على وجه أخص. ومن أعظم من عنى بقراءة دواوينهم، واستظهار أشعارهم، وانتهاج طرائقهم، ومباراتهم في منازعهم. أبو نواس، وأبو تمام، والبحتري، والمتنبي. وقد نضح أربعتهم على شعره، فكان أثر كل منهم فيه بينا. وإنك لتلمح فيه حلاوة أبي نواس ودقة وصفه، وتصرفه في فنون الغزل، وإشادته بمجالس اللهو، وافتنانه في الخمريات، كما تلمح فيه احتفال أبي تمام للمعاني الرفيعة والارتصاد لإصابتها مهما جشمه ذلك من إعنات اللفظ وجلجلة الصياغة. ولقد تلمح فيه هلهلة البحتري، وإحكام نسجه، وبراعة نظمه. أما أثر المتنبي في شعره ففيما ترى من شيوع الحكمة والإكثار من ضرب المثل

ولا يذهب عنك أن هذا الكلام ليس معناه أن شوقي إنما هو مستعير منهم ومقلد لهم. بل الغرض أنه استظهر أشعارهم فاتصلت بذوقه، وجرت في عروقه، وخالطت طبعه فنضحت على قلمه.

والواقع أنه إذا كانت أشعار هؤلاء الشعراء وغيرهم من العناصر التي دخلت على شاعرية شوقي وجلته في هذه الصورة، فانه مما لا شك فيه أن للرجل شخصيته القوية الخاصة به، والتي ينفرد بها عن سائر من عداه من الشعراء، حتى إنك لو عرضت شعره على أهل البصيرة من نقدة الكلام لما ترددوا في نسبته له وإضافته إليه، شأن غيره من فحول البيان. واعلم ان احتفال الشاعر للمعاني حتى ليقلق الألفاظ في سبيلها لا ينافي اجتماعه في بعض الأحايين لاحكام النسج وتجويد الصياغة. والشاهدة على هذا ما نرى في شعر أبي تمام والبحتري كليهما.

ولا شك أيضاً في أن من العناصر التي دخلت على شعر شوقي فذهبت به هذا المذهب حذقه اللغة االفرنسية، وسعة اطلاعه فيها على أدب الغرب، وترويه عيون بلاغاته. ومن الحق أن يذكر له في هذا المقام، أنه كثيراً ما مس فمن معاني القوم أو لمحها في شعره، ومع هذا لقد جلاها عربية خالصة لا تنشز على الذوق العربي، ولا يجد هو فيها ريح الاستعجام. وإذا ذكرنا أن شوقي من أوائل من ارتصدوا لهذا وعالجوه في العصر الحديث، فجاء به عربياً خالصاً في مثل هذا اليسر، قدرنا بمبلغ كفايته وتبريزه في فنون البيان.

كذلك من العوامل التي لها أثر واضح في شعر شوقي نشأته في بيت الملك، ومقامه في بطانة الأمراء وظهارتهم، ودخوله في أدق الأسباب السياسية في مصر، سواء ما اتصل منها بالدولة المحتلة (إنجلترا) أو بالدولة المتبوعة يومئذ (تركيا).

وفي الغاية، لا تنس أثر سياحاته الكثير في بلاد الغرب، وفي بلاد الشرق القريب، ومخالطته لأصناف الخلق، ووقوفه على طباعهم وأخلاقهم ومأثور عاداتهم، وما تجلى من صور الطبيعة في بلادهم، وغير ذلك مما لا يتهيأ لكثير من الشعراء.

وبعد، فمما لا يعتريه الريب أن شوقي يعد بحق، من أعظم أقطاب الشعراء في العالم العربي كله؛ بل إن بعض النقدة ليتخطى به القرون فيصله بأعلام الشعراء في أزكى عصور العربية وأنضرها بياناً

ولقد تصرف شوقي في كل فن، وجال في كل غرض، وأصاب من كل مطلب، فبذ وبرع. وعارض متقدمي الشعراء ومتأخريهم فما قصر ولا تخلف. ولقد ظل جيلا ونصف جيل يرسل غالي الشعر، ما وقع في البلد من حدث إلا جلجل بالقريض، ولا كانت الجلى في رجاً من أرجاء العالم إلا نظم ما تتقطع من دونه علائق الأقلام.

وهنا ينبغي أن يذكر له ولصاحبه حافظ ابراهيم، عليهما رحمة الله، انهما من أوائل من بعثوا الشعر في الأغراض العامة، وخاضوا به في المسائل الاجتماعية، فأغنوا وأجدوا، وأصبح أثرهم في هذا الباب ثابتاً على وجه الزمان.

ومن خصائص شوقي في شعره أنك قد تراه يمدح أو يرثى أو يتصرف في غير هذين الفنين من فنون القريض، ولكنه لا يفتأ ينحرف عما هو بسبيله إلى ضرب مثل أو إجراء حكمة فيها كل النفع لو قد أخذ بها الناس.

وهو طويل النفس جداً حتى لقد يبلغ بالقصيد المائة، وقد ينيف عليها في غير قلق ولا إسفاف. ولقد بلغت قصيدته (كبار الحوادث في وادي النيل) مائتين وتسعين بيتاً أكثرها من مصطفى الشعر ومتخير الكلام.

وله مقطوعات شعرية يرجعها بعض حذاق المغنين اليوم ومن شعره الذي لو تقدم به الزمان لكان حقيقاً بان يتغنى به أمثال إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق قوله من قصيدة (لبنان):

دخل الكنيسة فارتقبت فلم يطل ... فأتيت دون طريقه فزحمته فازور غضباناً وأعرض نافرا ... حال من الغيد الملاح عرفته

فصرفت تلعابى إلى أترابه ... وزعمتهن لبانتى فأغرته

فمشى إلي وليس أول جؤزر ... وقعت عليه حبائلي فقنصته

قد جاء من سحر الجفون فصادني ... وأتيت من سحر البيان فصدته

لما ظفرت به على حرم الهدى ... لابن البتول وللصلاة وهبته

وديوان شوقي رحمه الله يقع في أربعة أجزاء، طبع منها اثنان. وله غيره من الشعر كتاب (عظماء الإسلام)، وكشكول جامع لقصائد لم تنشر، وقصائد سهلة للأطفال والأغاني، وربما استغرق هذا الكشكول ثلاثة أجزاء. وله في النثر كتاب (اسواق الذهب) جارى فيه الزمخشري رحمه الله في كتابه (أطواق الذهب) وله روايات شعرية وهي: على بك الكبير، وكيلوبترا، ومجنون ليلى، وقمبيز، وعنترة، وله روايات أخرى نثرية منها: لا دياس، وورقة الآس، ومذكرات بنتاؤر، وأميرة الاندلس. ومن هذا تدرك مبلغ إنتاج الرجل وسخاء ذهنه من يوم نجم إلى أن أدركته الوفاة.