مجلة الرسالة/العدد 415/عهد. . . وعهد

مجلة الرسالة/العدد 415/عهد. . . وعهد

ملاحظات: بتاريخ: 16 - 06 - 1941



مقارنة وتعليل

للأستاذ محمد محمد المدني

لا أقارن بين عهد الأستاذ الأكبر المراغي، وعهد الأستاذ الأكبر الظواهري، فإني امرؤ مراغي بروحه وقلبه وقلمه، أخشى أن يؤثر ذلك في حكمي فأحيد عن الإنصاف!

ولكني أقارن بين عهد وعهد كلاهما للأستاذ الأكبر المراغي، وتلك مقارنة مأمونة النتيجة على كل حال، فسيرجع إليه فضل أحد العهدين مهما اخذ على الآخر

العهد الأول

إني أعود بذاكرتي إلى العهد الأول للأستاذ الأكبر المراغي فأرى روحاً طيبة ترفرف في أجواء الأزهر: هي روح المصلح الأمين الذي وضعت فيه الأمة ثقتها، وعلق عليه المفكرون آمالهم. هي روح المصلح الجريء الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يصرفه عما يرى من الإصلاح اعتبار من الاعتبارات، هي روح المصلح الغيور على دعوته، المدافع عنها دفاع الأسد الهصور يكتسح العقبات، ويقتلع العراقيل، ولا يفري فرية أحد! هي روح قوية غلابة متوثبة إلى الإصلاح، غيورة عليه، صريحة في أمره؛ تقهر العقبات ولا تقهرها العقبات، وتتحكم في العيوب ولا تتحكم فها العيوب!

هي روح جريئة تثير في الأزهر معركة إصلاحية جامعة حامية الوطيس هي أشبه بثورة عنيفة على الفساد في أي لون من ألوانه: على الجمود والكسل، على الجهل والتقليد، على الجحود والكفران، على الرجعية البالية العتيقة التي تتعصب على الحق، وتنفر من حكم العقل، وتعيش في ظل الأوهام

تولى الأستاذ الأكبر المراغي مشيخة الأزهر للمرة الأولى ولم قد داخل الأزهرين، ولا عاش في جوهم، ولا ابتلى بأساليبهم؛ ولكنه كان مع ذلك بصيراً بعيوب الأزهر وطرق إصلاحه كالطبيب الحاذق يعرف الداء ويصف الدواء

فما هو إلا أن ألقيت إليه مقاليده حتى مضى قدماً في طريق الإصلاح، لا يلوي على أحد، ولا يبطئ به شيء، بل كان له في ذلك نشاط عظيم، جعله يسبق القوانين أحياناً فينفذ مشروعاته قبل أن تصدر

ولقد رج الأزهر يومئذ رجة عنيفة هي الرجة التي تصاحب دائماً عهود الثورة، وتغري المصلحين بالمضي في طريقها غير ناكصين، ومن يتتبع خطواته في الإصلاح يجدها خطوات واسعة وموفقة يرجع إليها الفضل من غير شك في كثير مما يتمتع به الأزهر الآن من خير؛ فقد أعد قانون الأزهر الذي يسير عليه الآن، وأعد مشروع بناء كلياته ومعاهده ومكتبته ومساكن طلابه على نمط سيكون به للأزهر أن شاء الله مدينة جامعية محترمة، وأنشأ قسم الوعظ والإرشاد ففتح بذلك للأزهر وللأمة وللدين ألواناً من الخير والصلاح ليس ينكرها أحد، ووضع أساساً جيداً لمجلة راقية - فيما كان يرجو - تصدر باسم الأزهر، فتنشر بين الناس ثقافته، وتعلن في مشكلات الحياة رأيه، وتهدي الأمة إلى أقوم السبل في دينها ودنياها، وأدخل في مناهج التعليم في الأزهر علوماً وكتباً ما كان الأزهريون من قبل يعرفونها، ورسم في كل ناحية من نواحي الإصلاح خطة جامعة جريئة؛ ونجح إلى حد ما في إصلاح نفوس الأزهريين، وفي كبح جماح العناصر الفاسدة المقاومة لفكرة الإصلاح، وفي توجيه المستعدين إلى العمل نحو النشاط والإنتاج!

وابتدأ الحظ السعيد يبسم للأزهر، وشهد التاريخ كيف أخذت هذه الجامعة الكبرى بأسباب النهوض والتقدم، ودلفت إلى طريق المجد والعظمة وآمن الناس بان للأزهر وجوداً، وبأن في الأزهر حياة!

ولكن الزمان لم يلبث أن استدار وتجهم، كأنما نَفِس هذه السعادةَ أن ترف على الأزهر ضلالها، فإذا الشيخ الأكبر يترك منصبه ولما يزل غرسه محتاجاً إلى التعهد والرعاية: خرج يومئذ من الأزهر خروجاً مفاجئاً لم يكن الناس يتوقعونه ولكنهم عرفوا فيما بعد أسبابه. وليس صحيحاً ما ذكره (عالم) في الرسالة من أن كثرة الأزهريين هي التي وقفت في سبيله وألجأته إلى ترك منصبه؛ فكلنا يعرف الأسباب الحقيقية التي من اجلها ترك الأستاذ الأكبر منصبه العظيم؛ وكلنا يعرف أن الأزهريين كبارهم وصغارهم ضلت أعناقهم له خاضعين ما دام في الأزهر، حتى إذا اعتزل منصبه نعب عليه قوم وتصايحوا، وأفحشوا من بعد في القول وجاءوا بإفك عظيم!

العهد الثاني عاد الأستاذ الأكبر المراغي إلى منصبه بعد الثورة الأزهرية المعروفة، وترقب الناس جميعاً أن يتم من آيات الإصلاح ما بدأ، وان تعود إلى الأزهر روح (المراغية) القوية التي كانوا يعهدونها من قبل، وان تتلاحق في كتاب الأزهر الخالد - بعد مقدمته التي كتبها في عهده الأول - فصول مشرقة الصفحات، واضحة الأغراض، سليمة الأساليب والمعاني، ولكن الأيام توالت، والشهور تتابعت، والأعوام تلاحقت، ولو شئت لقلت أن حالة من الانتكاس قد أصابت الأزهر، وأن ريحاً من رياح الفناء توشك أن تهب عليه فتعصف به، ولكني لا أحب أن أقول ذلك، وإنما احب أن التزم القصد في التعبير فأقول: أن الناس لم يروا من الإمام ما كانوا يرقبون

هذه هي الحركة الفكرية في الأزهر قد سكنت ريحها، وخبت جذوتها، وما زال الأزهر عاكفاً على كتبه يدور بها حول نفسه، ويفني فبها زهرة شبابه، وينقطع بها عن الناس، فليس له اشتراك ذو قيمة في التشريع العملي للبلاد، وليس له صلة محترمة بأوساط العلم والثقافة، وليس له نشاط في إخراج كتب علمية أو أدبية كما يخرج الناس، وليس لمجلته أي اثر في توجيه العقول والأفكار، وإن كان لها في تشجيع الخرافات والأوهام!

وهذه هي الحركة الدراسية في الأزهر، تشكو من تهاون الرؤساء وطغيان الطلاب، وعدم قراءة المقررات، وضعف المستوى العلمي ضعفاً يشغل البال، ويغلق الأفكار

فما هو السر في ذلك كله؟

إن الذي يلي شئون الأزهر رجل مؤمن بفكرته إيماناً يداخل قلبه ويخالط نفسه، ويملك عليه جميع مشاعره: فهو حين يخطب يدعو إلى الإصلاح، وحين يكتب يدعو إلى الإصلاح، وحين يدرس يدعو إلى الإصلاح، وحين يجلس إلى الناس يدعو إلى الإصلاح، أليس في كل هذا دليل على أن فكرة الإصلاح قد تغلغلت في نفسه وأثرت في تفكيره، ونطقت لسانه، وجرت قلمه، وانه حينما يدعو لها، ويحض عليها، إنما يلبي هُتافاً من نفسه، ووحياً من قلبه

ثم هو رجل لا يوزن وزانه في العلم والفقه وجودة النظر، له في ذلك بحث ومذكرات وآراء وقوانين وتوجيهات حقيق على تاريخ اعلم أن يخلدها، فليس كهؤلاء الدعاة الخلاة، أفئدتهم هواء وصيحاتهم أصوات طبول جوفاء!

ثم هو رجل في يده سلطان الأزهر، وتحت أمرته كل شيء فيه، وللأزهر استقلال يغبط عليه لم تصل إلى مثله جامعة حديثة. وليس في الأزهريين بحمد الله من يستطيع إذا جد الجد أن يقف على قدميه ليناوئ حركة الإصلاح!

وهو بعد هذا كله رجل ذو جاه ومنزلة بين الناس، يتمتع بين أولي الأمر وأصحاب السلطان بما لن يتمتع به أحد سواء من رجال الإصلاح: فالحكومة تحترمه، والشعب يقدره، ورجال العلم والفكر يحبونه، وولى الأمر - حفظه الله - يتوج هذا كله بعطفه ورعايته وتكريمه، ويفد إليه في دروسه يحيط به رجال دولته وأفذاذ أمته!

فماذا بقى بعد ذلك ليعطل الإصلاح، ويحول بين هذا الرجل العظيم وبين مُتَبوَّ إفي التاريخ عظيم؟!

ترجع العوامل التي تحول بين الأستاذ الأكبر وبين تنفيذُ برنامج الإصلاح الذي وضعه إلى نواح ثلاث:

1 - طبيعة الأزهر

2 - أحوال الطلاب

3 - السياسة العامة في الإدارة

وليس من الخير أن نفصل كل هذه العوامل عل هذا المنبر العام، ولكننا نكتفي بالإجمال رعاية لمقتضيات الأحوال

1 - طبيعة الأزهر

هناك نوع من الأعمال يكفي لكي ينجح المراء فيه أن يرجع إلى نفسه، ويعتمد على ما يبذله شخصياً من جهود، فالمؤلف

يستطيع أن يعكف على مراجعه، وينقطع إلى بحوثه وتأملاته، ويبذل من فكره وعقله ما يستطيع أن يبذل، فينتهي به الأمر إلى أن ينتج، أو يسير في طريق الإنتاج شوطاً يتناسب مع عمله وجهوده.

وهناك من الأعمال ما لابد فيه من تعاون، ولا تكفي فيه عبقرية العبقري، ولا جهد المجتهد، فالمعلم لا يستطيع أن يفيد بعلمه كل تلميذ، وإنما يفيد التلميذ القابل للتعلم، المستعد للفهم، الآخذ بالأسباب!

ومهمة المصلح كمهمة القائد من النوع الثاني، فكما أن القائد مهما كان شجاعاً عبقرياً محنكا، لا ينجح في خططه إلا إذا أسعفه جيش له صفات ممتازة واستعداد حسن يكفلان تنفيذ خطته على الوجه الأكمل. كذلك لا ينجح المصلح في إصلاحه إلا إذا كانت البيئة التي يعمل في دائرتها مستعدة لتلقي تعاليمه، غير متأبية بطبعها عليها.

والأستاذ الأكبر المراغي مصلح قد وضع خطط الإصلاح فأحسن وضعها، ولكن طبيعة الأزهر تحتاج في علاجها إلى الصبر ومثابرة وحسن تأت وسعة حيلة، كما تحتاج إلى انتهاز الفرص، وبث الدعاوة للأفكار الصالحة، وخلق القدوة وضرب المثل وتشجيع العاملين ومكافئة المنتجين. وكل ذلك يفعله الأستاذ الأكبر إلا تشجيع العاملين ومكافئة المنتجين: فهو حين يدرس يضرب للأزهريين بدراسته أحسن الامثال، ويعلمهم كيف يكون الإخلاص للعلم والاعتماد على الدليل والبرهان، ووزن النظريات العلمية بقيمتها الذاتية، لا بمنزلة أصحابها والقائلين بها؛ وهو يحسن الدعوة إلى مبادئ الإصلاح وينتهز لها الفرص؛ وهو يصابر الأزهريين ويحتال لهم، ولكنه لا يعمل شيئاً يشعر به العامل أنه راض عنه، يشعر به المهمل أنه راض عنه، ويشعر به أنه غاضب عليه. فالأزهري الذي يعمل ليله ونهاره ويقوم بواجبه خير قيام، كالأزهري النائم الغافل الذي يعمل لإرضاء الرسميات وحفظ المظاهر فقط، بل ربما كان للثاني من سنه أو من وسائله الخاصة ما يدفعه إلى الأمام دفعاً يسبق به العاملين. وقد كان من نتائج ذلك أن خيم الكسل في كثير من النواحي وقتل النشاط، وفترت حياة الأزهر العملية فتوراً صار مضرب الأمثال!

2 - أحوال الطلاب

عاد الأستاذ الأكبر إلى منصبه في ظروف يعرفها الذيِن يتابعون حركة الأزهر؛ وقد أوحت هذه الظروف إلى طلاب الأزهر والمعاهد الدينية أن لهم يداً في عودة الأستاذ الأكبر إلى منصبه، لأنهم نادوا به، وأضربوا من أجله، وشردوا في سبيل ذلك وأوذوا، فهم إذن جديرون بأن يصيبوا حظهم من المكافأة، وجديرون بأن تغمض العين عنهم إذ يتخففون من وطأة النظام ويحاولون الإفلات من هيمنة الرؤساء والأساتذة؛ وقد سارت سياسة الأزهر بالنسبة إليهم فعلاً في طريق من شأنها أن تشجعهم على هذا الفهم وتؤكدهُ لهم، فقد ألغوا أن يطلبوا فيجابوا إلى ما يطلبون، وأن يذنبوا فيغفر لهم ما يذنبون، وأن يعاقبوا ثمَ تقبل فيهم شفاعةُ الشافعينَ، واستباحوا أن يذهبوا إلى الإدارة العامة في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ متخطينَ رؤسائهم المباشرينَ، فتراهم يقتحمونَ مكاتبها، ويشغلونَ موظفيها، ويدخلونَ عليهم من أقطارها، ويتنادون في أبهائها صاخبين لهم ضجيجٌ وعجيجٌ!

ومن الأنصاف أن نذكر أن هذه الحالة ليست خاصة بالأزهر وحده، وإنما هيَ حالة تصطلي بنيرانها المدارس المصرية جميعاً. فكلنا يعرف كيفَ تدخلت السياسة الحزبيةَ في نظمِ التربيةِ والتعليمِ والامتحانات تدخلاً يراد به التقرب إلى الطلاب وكسب تأييدهم، وكيفَ انبثت الفوضى في كلِ شيءٍ، وطغت على كلِ شيءٍ، فليسَ الأزهر وحدهُ هوِ المسؤول عن هذا العامل، ولا ينبغي أن يحمل عبؤه عليه من دون معاهد التعليم جميعاً، ولكننا فيما يظهر قد سبقنا غيرنا في هذهِ الناحيةِ وبرزنا فيها تبريزاً حتى أصبنا منها بطعنات في الصميمِ أساءت إلى النظامِ، والإدارةِ والعلمِ والكتبِ والمقرراتِ والامتحانات، وإلى المستوى العلمي والخلقي إساءة فظيعة، تحتاجُ إلى العمل السريع، وإلى الحزم الصادق، والعزائم المتكاتفة، إن كان لنا في بقاء الأزهر حاجةً!

3 - السياسة العامة

أرجو أن يسمح لي فضيلة الأستاذ الأكبر بأن أتوجه إليه في هذهِ الناحيةِ بشيءٍ منَ الصراحةِ، فأن فضيلتهُ يريدُ أن يسوسَ الأزهر سياسة قوامها إرضاء العناصر المختلفةِ فيهِ، وإرضاء العناصر المختلفة في الأزهر أمرٌ بعيد المنال أن لم يكن مستحيلاً، فإن المرء لا يجد بيئةً منَ البيئاتِ قد تفاوتت في التفكيرِ حظاً ولوناً وطابعاً كالبيئةِ الأزهريةِ، والمصلح لا بد أن يكون جريئاً في إصلاحه، صريحاً في مداواةِ العللِ والأمراض، وكلنا يعرف أن في الأزهر قوماً مؤمنينَ بالإصلاحِ، وقوماً به كافرين، وعنهُ معوقينَ، كما أن فيه قوماً لم يتعودوا أن يأمنوا بشيءٍ أو يكفروا بشيء، فإذا كانَ من سياسة المصلح أن يستعين بخصومِ الإصلاحِ، أو بالذينَ لا يدركونَ أغراضهُ، ولا ينبعثونَ بطبيعةِ نفوسهم في طريقه، أو لا تمكنهم أحوالهم وسنهم وتربيتهم من تطبيقهِ، فإن الإصلاح من غير شكٍ فاشل، وأن الجهود التي تبذل في سبيله، والأموال التي تنفق عليه، ضائعة!

لا ينبغي أن تسيطر ظروف السن والأقدمية والأمر الواقع على كلِ شيء في الأزهر، فيظل التعيين في المناصبِ الكبرى وقفاً على الذين كلوا من شدةِ الإعياءِ، عن حملِ الأعباءِ

لا ينبغي أن يغفل عند تعيينِ جماعةِ كبارِ العلماء ما بقى مغفلاً حتى الآن من رعايةِ النشاطِ العلمي والقدرة على الإنتاجِ والعملِ وإقناعِ الناسِ بوجودِ الأزهر؛ فقد كانَ، الناس يعتقدونَ، وحق لهم أن يعتقدوا، أن عضوية هذهِ الجماعةِ مكافأةً على طول العمرِ، وتعويض للقعدة والضعفاءِ، لا على الإنتاج والتأثير في حياة الأمة

لا ينبغي أن نستعين بالذين لا يؤمنون بإصلاح ولا يبدون بمبادئ ولا يحفلون بمثل عليا، وليس لهم في الأزهر رسالة إلا التخزيل عن النهوض، والتعويق عن التقدم، بينما المتشبعون بالأفكار الإصلاحية القادرون على تحقيق مبادئها مبعدون عن تولي الأعمال الهامة لاعتبارات لا يصح أن يقام لها وزن في نظر المصلح.

لا ينبغي أن يدخل في توزيع الأعمال أن يندب فلان من اجل فلان، وأن يقصى فلان من اجل فلان، وأن يجتهد في تمثيل البلاد والأقاليم في كل عمل من الأعمال كأنها لجان عصبة الأمم!

لا ينبغي أن نرضى في الواقع المخجل في مجلة كمجلة الأزهر اجمع الناس على فساد إدارتها، وضعف مستواها، وانحرافها عن الطريق القويم الذي تقتضيه طبيعة رسالتها، وأنها أصبحت طريقاً من طرق التكسب والتعيش وفتح البيوت، وهي مع ذلك محمية من أن تقع على عيوبها عين فضيلة الأستاذ الأكبر، ومن أن تصل الشكوى منها إلى مسامعه بوسائل يعتقد الناس أنها لا ترضيه!

لا ينبغي أن يكون في الأزهر أمرؤ يضع الأستاذ الأكبر فيه ثقته، ثم يعبث معتمداً على هذه الثقه بأمانة العلم أو العمل أو الإدارة أو النظام؛ فإنه لا يسيء بذلك إلى نفسه فقط ولكنه يسيء أيضاً إلى من ائتمنه ووضع فيه ثقته!

سيدي الأستاذ الأكبر:

معذرة فقد استرسل القلم، يملي عليه قلب لك مخلص وعلى عهدك غيور. فغض الطرف عما عسى أن يكون من الإسراف، لما تنطوي عليه النفس من الإخلاص، ولا تسمع فيّ وشاية الواشين ولا كيد الكائدين!

وفقك الله إلى ما يحبه لك اخلص محبيك

محمد محمد المدني

المدرس بكلية الشريعة