مجلة الرسالة/العدد 57/الشيخ محمد شهاب الدين

مجلة الرسالة/العدد 57/الشيخ محمد شهاب الدين

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 08 - 1934



المصريّ الشاعر

شريف النسب اشتغل أولا بالقبانة، ثم دخل المحكمة الشرعية تلميذا للتعلم، ومال للأديب، ونظم الشعر، وداخل الأعيان حتى اتصل بعباس باشا والي مصر، وتقرب إليه ومدحه بالقصائد فاحبه وقربه حتى صار كبير جلسائه وندمائه، وجعل له في كل قصر من قصوره حجرة يبيت فيها الليلتين والثلاث إذا كلبه للمجالسة والمنادمة، وأفاض عليه من نعمه، وقبل شفاعته حتى صار له بذلك جاه طويل عريض، وله معه نوادر غريبة، منها ان المترجم كان جالسا في حجرته مرة في أحد القصور، ومعه بعض جلساء الوالي ينتظرون الإذن بالدخول إليه، فقال في عرض كلامه، يقولون إن البغلة لا تحمل، أفلا يكون ذلك بسبب رطوبات أو ما أشبهما تعيق حملها؟ أفلا يكون ذلك بسبب رطوبات أو ما أشبهها تعيق حملها؟ وعند افندينا أطباء كثيرون، فلو انه اطال الله بقاءه أمر بعضهم بالبحث في سبب هذه العلة وأزالتها، فلست اشك في أنها تحمل بعد ذلك. وأسرع بعض العيون، فبلغ عباسا باشا كلامه، فجاءه بعد هنيهة أحد رجال القصر يقول له: يا أستاذ يقول لك أفندينا أننا سنأمر الأطباء بما اشرت، ولكن إذا لم تحمل البغلة ماذا يكون؟ فبهت القوم لنقل المجلس بهذه السرعة إلا المترجم، فانه وقف قال: بلغ أفندينا ان عبده شهابا له كذبتان كل سنة أيام البذنجان، هذه إحداهما.

وكان رحمه الله رقيق المزاج، أنيس المحضر، لا يمل جليسه من نوادره، وتلعق بعلم الموسيقى فبرع فيه، وأخذه عنه كثيرون وجمع فيه كتابا سماه سفينة الملك. وله ديوان شعر طبع بمصر، وكانت وفاته سنة 1274.

الشيخ محمد أبو الفتح الحنفي

مفتي الإسكندرية

ولد في أوائل القرن الثالث عشر، وطلب العلم بالأزهر على الشيخ الصاوي وغيره من شيوخ الوقت، ثم انتقل لرشيد وتزوج بها بنت السيد عباسي من مشهوري رشيد. وكان ملازماً للشيخ محمد البنا الكبير، فلما انتقل الشيخ إلى إسكندرية انتقل المترجم معه وبقى بها وانتخب أميناً لفتواها، وكان مفتيها إذا ذاك الشيخ الدويري، ثم لما مات الدويري تولى البناء الإفتاء فنقل المترجم لمنصب آخر، ولما مات البناء تولى هو إفتاء الثغر وبقى به إلى ان مات. وكان له شغف زائد بجمع الكتب واقتناء نفاسئها، حتى اجتمعت له خزانة نفيسة بيعت بعد موته بثمن بخس. وكان رأى بناته وزوجته إبقاءها فلم يرض ولده، فذهبت وتفرقت بعد ما عانى أبوه ما عانى في شرائها واستنساخها. وكان له ولع أيضاً بجمع الساعات فجمع منها نوادر وطرفا بيعت بعد موته أيضاً، ولم يترك شيئا من الحطام سوى دار بإسكندرية كان يسكنها في أواخر أيامه وكانت وفاته يوم الاثنين سادس شهر صفر سنة 1294 ودفن يوم الثلاثاء، ورثاه الشيخ عبد الرحمن الأبياري قاضي إسكندرية بقصيدة مطلعها:

أهذي سيوف الدهر جرّدها الدهر ... أما السنة الشهباء جفّ بها الزهر

ومن مؤلفاته كتاب تبويب الأشباه والنظائر لأن نجيم، وشرع في كتاب آخر في الفقه لم يكمله، وكانت له يد طولي في علم الميقات، وهو جد صاحبنا العالم الفاضل الشيخ حسن منصور لامه.

احمد تيمور