مجلة الرسالة/العدد 669/نظرية الأجناس البشرية

مجلة الرسالة/العدد 669/نظرية الأجناس البشرية

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 04 - 1946



والكونت دي غوبينو

للأستاذ ماجد بهجت

جدير في هذا الظرف الذي يمثل فيه زعماء النازية أمام محكمة نورمبرج الدولية ومن بينهم روزنبرج حامل لواء العقيدة الجنسية وزعيم حركتها، أن نقدم إلى قراء العربية خلاصة عن نظرية الأجناس البشرية التي بشر بها الكونت دي غوبينو الفرنسي، ولا سيما وأن هذه النظرية شغلت الرأي العام طول الحرب وهي ما تزال موضع تفكير الناس واهتماهم. على أنا حاولنا جهدنا الاختصار تاركين لأهل العلم والاختصاص الإفاضة والتطويل. وقد اقتصرنا على ما جاء في أصل النظرية لدى الكونت دي غوبينو وتأثيرها في حينه. هذا ولعلنا نعود إليها ثانية لنستكمل بحثها والتطور الذي طرأ عليها في العهد النازي.

الكونت دي غوبينو:

في يوم من أيام 14 يولية الذي دك فيه الباستيل وخرج الأحرار منه يعلنون حقوق الإنسان ومبادئْ الحرية والمساواة تمخضت امرأة حامل من الأسر الفرنسية النبيلة عن غلام هو الكونت (جوزيف ارتوردي غوبينو)، وقد اشتهرت هذه الأسرة بعدائها للثورة الفرنسية ومبادئها فشب الطفل يوسف على المنوال نفسه، شريفاً فيه نزعة الأرستقراطيين وعلى شفتيه نبرات الأمر، محباً للمطالعة مشغوفاً بالسياحات، أراد أبوه الضابط في حرس شارل العاشر ملك فرنسا أن يجعل منه ضابطاً مثله في السلك العسكري فأدخله بعد إعداده الإعداد الدراسي اللازم مدرسة سان سير الشهيرة، لكنه لم يحظ برؤية ابنه متوشحاً الأوسمة يختال ببزته العسكرية إذ أنتقل إلى دار الفناء، فانتقل ابنه إلى عهدة عمه الكونت تيبو يوسف دي غوينو الذي اشتهر في يوم 9 بترميدور بإطلاقه رصاص مسدسه مع بعض المتهوسين على يعاقبة المؤتمر الوطني. أراد الكونت العم أن يستعمل سلطته فلا يدع ابن أخيه يتصرف في الأموال التي خلفها له أبوه على هواه فكان نزاع بينهما انتهى بأن استقل الكونت الشاب بثروته فسكن باريس وانكب انكباباً منقطع النظير على الدرس والقراءة، فأنه ليستمر عليها أياماً طوالاً حتى إذا شعر بحاجته إلى اللهو والراحة عمد إلى قطعة من الحجر ينحت فيها على شكل أقنوم أو تمثال جميل أو إلى يراعة يحبر على القرطاس ما تجيش به نفسه من المشاعر والأهواء، وكأن كتاب مدام دي ستال عن سياحتها في ألمانيا قد أثر فيه فيؤثر تلك البلاد برحلاته وتجوله ثم يتحول إليها ويلتحق بجامعة مدينة ينا، وهناك يبدأ حبه للعنصر الجرماني الأشقر حتى إذا عاد إلى بلاده أنكب كعادته على مطالعة كتب المشرقيات محاولاً استخراج برهان لشيْ يجول في خاطره، أو غاص في كتب علمية مختلفة بيولوجية وفيزيولوجية أو فلسفية وتاريخية يستنتج منها مادة لنظرية جديدة.

العوامل النفسية لدى الكونت دي غوبينو:

هي نظرية جديدة تتجاوب مع نفس هذا الشاب الأرستقراطي الذي أتت الثورة على امتيازاته فزحزحتها، وتتفق مع هذه النزعة الاستعمارية في الفتح والتوسع التي بلغت أشدها في القرن التاسع عشر أوحت إليه بها كل هذه العوامل المحيطة به، فهو لا يرتضي أن يتساوى مع غيره لأنه أرفع منهم شأنا، ولا يريد أن يكون وإياهم على صعيد واحد من حيث سلالة العرق وجريان الدم، لكن مثل هذه الأوهام لا يمكن أن تنطلي على طبقات الشعوب الأوروبية، لاسيما وأن مبادئ الثورة أعطتهم الدليل تلو الدليل على أن مسألة تأخر أناس وتقدم آخرين هو محض تهذيب وتثقيف أصاب منه واحد بسهم وحرم منه الآخر.

من هم إذاً؟ هم هؤلاء الشرقيون الذين انحطت مدنيتهم في هذه العصور الحديثة وقلت وسائل دفاعهم، مما جعلهم عرضة لأطماع سكان أوروبا الغربيين. وجد الكونت دي غوبينو ضالته فلم يبقى عليه إلا أن يدعم رأيه بالبرهان ويؤيده بالمنطق العلمي.

يدخل الكونت السلك السياسي الخارجي وتظهر له كتابات أدبية عديدة، منها مأساة في خمسة فصول وقصص فروسية مختلفة، وإنها لتمضي خمس عشرة سنة يقيم في أثنائها تارة في برن عاصمة السويسريين، وتارة في فرانكفورت من أعمال ألمانية حيث تجري له مقابلة مع الوزير الألماني الشهير بسمرك، ولكنه يظل في كل هذه المدة دائب العمل على البحث والتنقيب، وفي حوالي سنة 1853 يدفع بنظريته إلى النشر.

النظرية: إن المخلوقات من حيوان ونبات وجماد تخضع لقانون طبيعي أزلي يتميز بعضها من بعض. فهناك فصيلة خير من فصيلة، وعنصر خير من عنصر، وبطون خير من بطون.

ففي الحيوان ترى الخيول العربية مثلاً أفضل من غيرها.

وفي النبات ترى الورد الجوري له رائحة زكية هي أعبق وأشهى على الشم من غيرها.

وفي الجماد تجد للفولاذ متانة تفل الحديد. كذلك الإنسان - وهو عنصر من الحيوان - فإن لبعضهم تفوقاً على آخرين، وهذا الإنسان المتفوق (إنسان أعلى) وإنه ليكثر عدد المتفوقين في شعوب دون شعوب، فبطبيعة الحال تكون هذه الشعوب التي كثر أفرادها المتفوقون، شعوباً متفوقة (شعوباً عليا) وما دام قانون الطبيعة يعطي الغلبة للسامي المتفوق فإن من الحق الطبيعي لهذه الشعوب المتميزة أن تكون لها السيطرة، وأن تقبض بيدها على مقدرات العالم.

هذا وإن تطور تاريخ تطور الشعوب - كما تقول النظرية - هو تطور العرق ذاته، ولقد كانت الأمم ذات البشرة البيضاء سباقة إلى المدنية والرقي؛ بل إنه كتب لها دائماً الظفر في جميع الميادين فدلت على علو كعبها وسمو محتدها. وهناك فوارق ذات بال في الجنس الأبيض نفسه؛ فإنها ليست كلها سواسية، فالرفعة والسمو منحصران في العناصر المنحدرة من أصل آري فقط، لاسيما ما كان منها من هذه الكتلة المختارة أحفاد الجرمان والفرنك القدماء، وأن زعم الساميين القديم بأرجحيتهم وحصر مظاهر القوة والجمال والذكاء فيهم، والعوامل التي تؤهلهم لان يتحكموا بالعالم على هواهم، هو مجرد بطلان وأوهام، فأن العنصر السامي أحط من أن يبلغ المستوى الذي فيه العنصر الآري فلا عبرة هنا لبياض بشرته.

تعتمد النظرية في إثبات دعواها على أربعة عوامل: روحية، وعلمية، وتاريخية، وواقعية.

1: إن القدرة العلوية شاءت أن تختار عنصراً متفوقاً من بني الإنسان، لتعهد إليه بالإدارة، ولتكل إليه أمر القيادة في العالم.

2: إن العلم في ذاته فيه دافع إلى السيطرة والغلبة، فإنه يسلم صاحبه وسائل ارتقائه وسموه.

3: إن التاريخ يحدثنا عن الأبطال وحدهم، فهم السادة المطاعون القابضون على زمام الأمور.

4: إن الواقع يصف لنا حاجة الأمم الماسة إلى التوسع، وبسط النفوذ نتيجة لزيادة الإنتاج وكثافة النسل.

وتنتهي النظرية بالدعوة إلى وجوب إنشاء إمبراطورية واحدة تضم جميع هذه الشعوب التي كتب لها ابيضاض الجلدة وصفاء الدم فتهيمن على العالم وتسيره بإرادتها الجبارة.

وقع النظرية في فرنسا:

لم يؤبه للنظرية عندما نشرت في فرنسا، ولم تلق شيئاً قليلاً أو كثيراً من الاهتمام، الأمر الذي أسقط في يد صاحبها ووقع في خيبة شديدة على عكس ما كان يؤمله ويرتجيه، بل كانت مثار للهزء والضحك الشديدين، فكل ما قيل فيها أن الكونت دي غوبينو وهو من الأشراف أراد أن يثأر لأهل طبقته التي تدهورت عزتها هي والجاه الذي حملته دهراً طويلاً؛ بل إن الكتاب الذي أصدره الكونت نفسه فيما بعد عن قراءة الخطوط على أشكالها المختلفة أي قراءة ما يكتب بالعكس، وبشكل عمودي أو مائل وغير ذلك كان له وقع أكبر من النظرية للبراعة التي أظهرها الكاتب في هذا المضمار لدى غواة هذا الفن.

وإذا أردنا أن ننصف النظرية لا نجد أنها أتت بشيْ جديد فلم ينتظر الأنبياء وكبار المتشرعين أو القواد الفاتحون من الاسكندر المقدوني إلى يوليوس قيصر إلى شارلمان إلى نابليون أن يطمعوا في جمع العالم في إمبراطورية تحت إمرة واحدة. ويظهر بطلان النظرية وفساد دعواها من تجريد الشعوب السامية عن كل سؤدد ومجد، وقد دلت هذه الشعوب في مختلف أدوار التاريخ على تقدمها ونجاحها. وليس أدل على ذلك من هذه المدنيات الباهرات التي سطع نورها من شواطئْ النيل وما بين دجلة والفرات وفي رياض الشام وأنحاء العربية السعيدة في اليمن يوم كانت تلك النخبة المختارة من الجرمان والفرنك قبائل بربرية تعيش عيشة ابتدائية. ولقد كان يهون الأمر لو أن النظرية قدرت أن تبرهن على صفاء الدم وطهارة أي جنس من الأجناس البشرية عن الاختلاط بغيرها.

وقع النظرية في ألمانيا:

ظل الكونت دي غوبينو حياته مسافراً متنقلاً من بلد إلى بلد ومن عاصمة إلى عاصمة، يمثل بلاده كمعتمد أو سفير فلم يعتب عليه بلد أوربي، ناهيك عن أنه مكث حقبة من الزمن في طهران وعاش مدة في الريو دي جانيرو، ولقد كانت آخر هذه العواصم مدينة استوكهلم، قام على أثرها بجولة في روسيا وأنحاء بلاد اليونان، ثم عاد إلى فرنسا وأحيل على المعاش. ولا يخطر على بالنا أنه أنقطع في كل هذه الحقبة عن الحياة الأدبية فهو ما فتئ مؤمناً بنظريته إيماناً أعمى يجد فيها فتحاً جديداً، يتحدث عنها في كل مجلس يضمه، الأمر الذي حدا بالأميرة غون تجشتيان أن تقول فيه: (هذا دون كيشوت حقيقي في قالب علماء الاجتماع ولباس رجال السياسة).

لم يشأ القدر أن يترك الخيبة التي لحقت بالكونت تقتله من جراء الفشل الذي أصيبت به نظرية الأجناس البشرية؛ فقد قدر له أن يجتمع في روما بالموسيقار الألماني الشهير ريشار فجنر، فأغرم هذا بالنظرية وبصاحبها ووعده إذا قدم وإياه ألمانيا أن يعمل على جهده نشرها. وهكذا كان فاجتمع الصديقان في مدينة بايرون حيث احتفل أدباؤها بصاحب النظرية احتفالاً باهراً وأظهروا استعدادهم لنشر آرائه، وكان أول عمل قاموا به. أن أسسوا من بينهم رابطة سموها باسمه ونشروا كتبه بالألمانية، ومنذ ذلك الوقت اشتهر دي غوبينو في الأوساط العلمية والسياسية، إذ أن النظرية جاءتهم في وقت كانوا فيه على وشك انتهائهم من تحقيق الوحدة الجرمانية يفكرون بتأسيس إمبراطورية مترامية الأطراف، فأتخذها رجال غليوم الثاني وسيلة لدفع الشعب على غزو المستعمرات ونشر العلم الألماني في الآفاق البعيدة حيث تقول النظرية بأن السيادة للغالب المتفوق، وليس جديراً بالغلبة والتفوق غير الآريين، والعنصر الجرماني أسمى عنصر آري.

ولقد لعبت النظرية دوراً مهما في عالم الأدب والسياسة، فتغنى بها الكاتب الألماني الشهير فريدريك نيتشة وأوحت إليه بعض آرائه عن السبرمان، ومنها انبعثت فكرة المدى الجرماني قبل حرب سنة 1914، وكانت للوطنية الاشتراكية بمثابة الحجر الأساسي، ولها التأثير الأول في تجريد الأقلية اليهودية عن الجنسية الألمانية واعتبارهم عرقاً رديئاً منبوذاً لا يجوز الاتصال به ولا ندري ما ستخلقه في المستقبل.

عامل انتشار النظرية في ألمانيا:

لاشك في أن الشعوب الشمالية هي أرقى الشعوب المتمدنة على الإطلاق. ولقد ولد فيهم هذا التفوق كثيراً من العنجهية والعزة بأنفسهم، بل ويخامرهم في بعض الأحايين احتقار لغيرهم من الشعوب التي لم تبلغ شأوهم في العصر الحديث. وما من أحد زار لندن عاصمة الإنكليز المعروفين بأنفتهم إلا قرأ على بعض الأندية ومحلات اللهو العامة هذه العبارة (الشعوب الملونة غير مرغوب فيها) وقد شاهدت بنفسي في برلين شريطاً سينمائياً تظهر فيه فتاة أوربية شقراء تنشأ وتترعرع عند جماعة من أهل سيبيريا النائية فتحب فتى جميلاً من بينهم وتتأهب وإياه للاحتفال بالعرس، ولكن المصادفة تجعلها تلتقي بفتى أوروبي أقل جمالاً من عريسها المنتظر الذي أحبته من كل جوارحها، وبالرغم من ذلك كله تشعر بإحساس يدفع بها إلى الأوروبي عندما يفضي إليها بإعجابه بها، وإيثاره إياها فتلحق به غير لاوية على شيْ تحت تأثير هذه القوة الكامنة فيها التي جذبتها نحو جنسها طائعة أو كارهة. فإذا كان بعض هؤلاء الشماليين كأهل سكنديناوة مثلاً لم تظهر غطرستهم، فلأنهم مكتفون بأرضهم لا يطمعون في سواها. كذلك الشعب الألماني فإنه شعب راق شمالي أولع بنظرية الأجناس البشرية لأنه كما ذكرنا يطمح إلى إنشاء إمبراطورية واسعة تليق به كأكبر أمة في أوروبا، فوجد فيها باعثاً يدفعه إلى تحقيق مآربه وصدى لما يصبو إليه في الفتح والتوسع. أما الإنكليز والفرنسيس فانهم ليسوا بحاجة إليها فقد أسسوا إمبراطوريتهم منذ عهد بعيد، واستولوا على ما استطاعوا الاستيلاء عليه. وخلاصة القول أن هذا الشعور بالتكبر والخيلاء أحس به كل غالب مسيطر إلا أنه لم يأخذ شكلاً علمياً في قالب نظرية إلا على يد الكونت دي غوبينو.

الوطنية ونظرية الأجناس البشرية:

يخيل إلى البعض لأول وهلة أنه ضرب من الخرق أن يقال إنه كان وما زال لنظرية الأجناس البشرية تأثير فعال في إيقاظ الروح القومي وتأجيج الشعلة الوطنية في العالم، لعلمهم أن الوطنية هي الشعور بواجب كل شعب من الشعوب نحو أرضه ولغته وتاريخه. ونحن لا نذهب غير هذا المذهب في تعريف الوطنية؛ إنما نريد أن نقول إن ظهور نظرية الجنس جعل كل شعب يفكر في أمره، وينعم النظر في مصيره لعاملين اثنين: الأول دعوة النظرية إلى ضم الأمم الجرمانية في إمبراطورية واحدة. والثاني زعم النظرية بوجوب وضع العالم أجمع في قبضة هذه الكتلة الجرمانية المختارة، فلا يخفى أن العامل الأول يفقد الشعوب التي من أصل جرماني استقلالها، والعامل الثاني يضع الشعوب الأخرى تحت نبر الاستعمار يضاف إلى ذلك أن كل شعب غره الشنآن القومي الذي تطنب به النظرية، وإذا كان الكونت دي غوبينو يحصره في الجرمان وحدهم فإن الأقوام الأخرى فسرته على هواها، وفيما ورثته من تقاليدها وأيامها ترى الرفعة فيها والتفوق في قومها.

كل هذه الأمور أيقظت الروح القومي، فأخذت الشعوب تقوي في أفرادها فكرة الوطن والتعلق به، ولم تفت الإشارة إلى ذلك العالم الفرنسي هنري ديسون فأتى في كتابه عن الإسلام بما ملخصه (رأينا في العالم إثر نشر الكونت دى غوبينو نظريته عن الأجناس البشرية تحولا غريباً، فقد تمسكت أكثر الأمم بأهداب القومية تمسكاً شديداً، وادعت باتصالها الوثيق بعرقها الأصلي في حين أن الحقيقة تكذب ذلك، فلم تسلم أمة من الامتزاج والاختلاط حتى لنتمكن من القول إنه ليس في هذا العالم من جنس صاف سليم. وقد شملت هذه الموجة القومية إبان الحرب العالمية المنصرمة أمم الشرق المسلمة؛ فبينما كانت تدعو إلى الجامعة الإسلامية تحولت إلى السعي وراء جامعة عربية. وهكذا الأمر في تركيا وفارس؛ فقد تركت زعامتها الإسلامية في سبيل المثل الأعلى التركي، واهتمت الثانية بشؤونها الخاصة. وهكذا الحال في وادي النيل، فقد رأى سكانه أنفسهم مصريين قبل أن يكونوا مسلمين. ولعل أقوى ما بقى عليه الشعور الإسلامي في أقصى الشرق المسلم في وزير ستان والهند وفي أقصى المغرب المسلم في طرابلس الغرب وتونس وما وراءهما).

يغلب على ظن الناس أن النظام القومي خير نظام يعيشون فيه، ولكن الواقع وبخاصة في هذه الأيام الأخيرة يرينا العداوات تجرهم إلى التقتيل والتفظيع كأن مدنيتهم لم تفدهم في غير التفنن في شحذ الشحناء واختراع المهلكات. ماذا كان يضير هذه الشعوب أن تعيش متآخية مجتمعة لا غالب ولا مغلوب، ولا آكل ولا مأكول؟. . . غير أن العلماء يجدون بأن النظام القومي هو مرحلة لا بد منها يمر فيها الناس قبل أن يجمعوا شملهم في إنسانية واحدة. وإنا نتمنى من صميم الفؤاد أن يمر العالم بهذه المرحلة فلا يقضي عليه الجشع والأثرة وحب الاستيلاء، ولنا في التاريخ أكبر العبر، وقد جاء في القران الكريم (ولا تنازعوا فتفشلوا).

ماجد بهجت