مجلة الرسالة/العدد 711/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 711/البريد الأدبي
فن وتجارة:
اطلعت في عدد (الرسالة) رقم 709 في باب (الأدب والفن في أسبوع) على كلمة تحت عنوان: (فن وتجارة). .
ولقد اعترتني الدهشة البالغة من تعليق حضرة كاتبها على احتجاجي بصفتي نقيبا للممثلين على عملية (الدوبلاج) للأفلام الأمريكية.
ولقد تضاعف استغرابي من كونه بدلا من أن يشد أزرنا في قضيتنا الوطنية راح يسخر من منطقي ويستنكر طلبي.
ولولا أن مجلة (الرسالة) هي المجلة التي لا يكتب فيها إلا القيم من القول والمتزن من النقد لما راعني الأمر.
ألا فليعلم حضرة الكاتب إنني لم اقدم احتجاجي على أفلام الدوبلاج الأمريكية بصفتي منتجا؛ فأنا لا احترف الإنتاج منذ عشرين عاما، بل فعلت هذا كنقيب للمثلين، بناء على قرار النقابة وأعضائها، واستجابة لاحتجاج نقابة السينمائيين واتحاد المنتجين، فسخريته إذن موجهة إلى كل فنان والى كل سينمائي وكل مصري؛ أي أن حضرة الكاتب اللبق قد ساءه أن يناصر قضية الفنان المصري، فتطوع من تلقاء نفسه للدفاع عن تجار وأصحاب شركات الفيلم الأمريكي.
فهو إذن لا يهمه الدفاع عن كيان الشركات المصرية. بل على النقيض يريد أن يفسح المجال للاستغلال الأجنبي.
فليسمح لي أن أرد له التحية فأقول له: أي منطق منطقك يا حضرة الكاتب؟ وكيف تقارن بين السماح للمجلات الأمريكية بدخول مصر وعدم السماح لأفلام الدوبلاج مع انك تعلم إننا لا نود منع دخول الأفلام الأمريكية بلغاتها الأصلية، وأنت كصحفي قد تطالب غدا بمنع دخول المجلات الأمريكية إذا أرسلتها باللغة العربية!!
ونحن لا نطالب الحكومة بجديد عندما نستصرخها للذود عن أموال الشركات المصرية والفيلم المصري بصفته إنتاجاً وطنياً وهي التي سنت قانونا لحماية البضاعة الوطنية كالأقمشة والحرير وما شابهها.
ثم لدى نصيحة للكاتب وهي أن يرسل مقاله هذا إلى الشركات الأمريكية مترجماً وأنا واثق إنها ستجزل له المكافأة كمناصر للاستعمار الأجنبي!!
والطريف في الأمر إننا قرأنا للأستاذ الأديب أحمد حسن الزيات صاحب مجلة (الرسالة) افتتاحية رائعة في العدد نفسه، يستنكر فيها الاستعمار في الشرق، بينما نقرأ لحضرة الكتاب هذه الكلمة التي يناصر فيها الاستعمار ويندد بطلب السينمائيين المصريين بحماية شركاتهم الصغيرة من طغيان الفيلم الأجنبي واستعمار الأجانب لبلادنا فنيا
يوسف وهبي
(الجاحظ): وفر على نفسك النصيحة يا نقيب الممثلين، فليس
صاحب هذا القلم ممن تعرفهم. أما الرد فانتظره في العدد
القادم.
موسم محاضرات تفسير القرآن الكريم:
من الظواهر الفكرية التي تستحق التسجيل والتخليد في مجلة أدبية عربية سائرة كالرسالة الزهراء ذلك العمل الإسلامي الفكري الجليل الذي يحدث لأول مرة في تاريخ مصر العربية. أو في عصرها الحاضر بمعنى أدق، ألا وهو تنظيم محاضرات تلقى كل أسبوع في تفسير آيات الذكر الحكيم، وتوضيح أغراض القرآن الكريم، ولقد اضطلع بعبء هذا المشروع النافع المفيد رجل كريم من رجالات مصر، ومحسن مفضال يعد في الصفوة من أبنائها العاملين لرفعة شأنها، وتجديد شبابها، وبعث دينها، وإحياء أخلاقها ومبادئها، وهو حضرة صاحب العزة المحسن الكبير والمصلح الإسلامي الموفق الحاج يعقوب بك عبد الوهاب الذي عرفته ميادين كثيرة من ميادين الخير والبر والإحسان والإيمان، فكان الساعد الأيمن والعامل الأول في إنشاء معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية والشرقية، وأمد جمعيات المحافظة على القرآن الكريم بمعونته وعنايته، إذ خصص مكافآت مالية سخية توزع على المهرة في حفظ القرآن من طلبة المعاهد وتلاميذ المدارس، وتوزع في احتفال رائع يقام في كل عام تحت رعاية الملك الناصر لدين الله الفاروق المفدى اعزه الله بالإسلام، واعز به الإسلام، ولهذا الرجل الكريم نواح كثيرة يصلح فيها سراً وجهراً، وليس هذا مجال تعدادها أو ترديدها. . .
ثم رأى الحاج يعقوب بك عبد الوهاب أخيراً أن القرآن بما اشتمل عليه من معان سامية ومقاصد جليلة تتصل بجميع الاتجاهات الفقهية والتشريعية والعلمية والصحية والأدبية والاجتماعية يتطلب أساتذة مهرة، وفحولا في البلاغة والأدب، وأدباء خبراء بطرق العرض وأساليب التوضيح، ويتشرف هؤلاء بتناول آيات القرآن الكريم ليوضحوا لجمهور المستمعين ما انطوت عليه من إعجاز وإيجاز، وفصاحة وبلاغة، وتقنين وتشريع، فاختار لذلك أربعة من الفحول هم الأساتذة الإجلاء الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد الوهاب خلاف والدكتور عبد الوهاب عزام والدكتور عبد الوهاب حمودة، ونظم بجهودهم وعلى أكتافهم موسما للمحاضرات سماه (موسم محاضرات تفسير القرآن الكريم) وجعله يبدأ من نوفمبر وينتهي في مارس، ولقد اختار لإلقاء هذه المحاضرات قاعة رحيبة فسيحة هي قاعة (دار الحكمة) بشارع قصر العيني، فكان هذا فتحاً جديداً، فتح به الحاج يعقوب بك هذه القاعة لما كانت بعيدة عنه بطبيعة اختصاصها من البحث في الدين وتفسير القرآن الكريم؛ ولقد اقبل العلماء والأدباء على هذه المحاضرات إقبالاً منقطع النظير، حتى ضاقت بهم ردهات الدار، واحسن المحاضرون مبنى ومعنى، وتفكيراً وعرضاً؛ ويلوح لي أن النية الخالصة ونبل الغرض كانا السبب في كل هذا التوفيق، مما يدعو إلى أن نسأل الله مخلصين راجين أن يوفق رجالات مصر وأغنياءها إلى يتخذوا من هذا الرجل المصلح قدوة ومثلا؛ والله يهدي العاملين
أحمد الشرباصي
المدرس بمعهد الزقازيق الثانوي
حول الشاعر الطموح
(والشاعر الطموح) كتاب أصدرته أخيراً (سلسلة أقرأ) لعلي الجارم بك.
وهو تصوير لحياة المتنبي في بلاط سيف الدولة وكافور في حلب ومصر وما أحاط به من دسائس ومنافسات وشايات وحب وبغض وتقدير وحسد، وذلك في الفترة التي ما بين عامي (341 - 350هـ).
والكتاب أثر أدبي رائع بيد أن لي عليه بعض الملاحظات:
1 - يذكر المؤلف قصيدة المتنبي.
وا حرّ قلباه ممن قلبه شيم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم
(ص 46 وما بعدها) ويجعلها من القصائد التي نظمها المتنبي عام 341هـ (راجع ص5 وص56)
والحق أن هذه القصيدة من أخريات القصائد التي نظمها أبو الطيب في سيف الدولة الحمداني قبل رحيله عن بلاطه عام 346هـ وتؤكد ذلك القصيدة نفسها وما فيها من إشارات إلى توتر العلاقات وانقطاعها بينه وبين سيف الدولة، وهذه الحالة والمؤامرات التي كانت السبب فيها مما لم تنشأ في بلاط سيف الدولة في ذلك التاريخ الذي ذكره المؤلف.
2 - ويجعل المؤلف قصيدة المتنبي:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب الأماني أن يكن أمانيا
أول قصيدة أنشأها المتنبي في كافور وانشده إياها.
والحق أن أول قصيدة انشدها أبو الطيب أمام كافور هي:
فراق ومن فارقت غير مذمم ... وأمٌّ ومن يمت خير ميمَّم
وذلك ما يتضح للناقد من دراسته لهذه القصيدة.
محمد عبد المنعم خفاجي