مجلة الرسالة/العدد 784/طرائف من العصر المملوكي:

مجلة الرسالة/العدد 784/طرائف من العصر المملوكي:

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 07 - 1948



في ظلال السرحة

للأستاذ محمود رزق سليم

في فوره من فورات الشاعرية، وسنحة من سنحات الفن، وحين هجعة من هجعات الحس الظاهري ولمعة من لمعات الخيال، وبين لمحة من اللمحات التي تنسجم فيها العاطفة وانفعالها بالذهن في صفائه، واللسان في وفائه، جلس الشاعر المبدع الوصاف (فخر الدين ابن مكانس)، في ظلال سرحة من سرحات النيل، كرم في جواره منبتها، وطاب في كنفه غرسها، ورسا أصلها في أدم شاطئه، وسما فرعها على صفحة كوثره، حلا لها المقام حيث تقيم، فلبثت في مكانها لا تريم؛ فهي وليدة النيل أو حبيبته، رضيت ألا تبرح داره، وأقسمت لا تمل جواره. إذا صفا من تحتها ماؤه، ووفى لها حباؤه، ضحكت له بنورها الألاق، وزهرها البراق، وانثنت عليه بالأغصان اللدان، والأفنان الحسان. مثنية شاكرة، مرسلة تحيتها العاطرة.

تلك هي سراحة ابن مكانس التي أطلقت من حوله أرجا عبق بالأرجاء عطره، وضاع في الآفاق نشره، فجذبته إليها به اجتذاباً، واقتضبته اقتضاباً، وأثارت في نفسه وساوس الشياطين، وأهاجت في خاطره أبالسة الشعر فأتاها في بيتها، وناداها من تحتها، وناجاها بقصيدة فريدة، فخلدها بين اللدات، وجعلها في الخالدات.

جلس في ظلالها جلوس الواله الشغوف، شفه منها جمالها، وراعه جلالها، وأعجبه سموقها إلى السماء، في أنفة وكبرياء. حتى ليرتد الطرف عنها وهو كليل. أليست بنت النيل، وسليلة العذب السلسبيل؟

وطفق ينعت قوامها من الأخمص إلى الرأس، ومن القدم إلى الذؤابة، كأنها وهي العجوز الشمطاء كاعب حسناء وخلع عليها من نفسه نفساً، ومن روحه قبساً. وصور ما أشاعته حولها من نشاط، وما نشرته من جذل ومرح. فإذا كان المشيب قد اجترأ فطرق عليها الخباء، ودب في اللحاء، فلا يزال ماء الشباب، يجول منها في اللباب؛ فهي قريرة العين، راضية القلب، إذا راح نورها يبسم من الفرح، غاداه من الغيم كل بكاء، وإذا داعبتها الأنواء، فاكهتها السحب بالماء؛ وإذا توهج القيظ فاستشرى داؤه وعزا دواؤه، طبته وخبرة، وشفته من الرمضاء في رفق وقدرة فهي لذلك مقيل ندمان، ومغنى حمائم، لا بل مرتع ظباء وفناء درماء، يطيب في ظلتها الصيف كما يحلو تحت عطفها الشتاء.

وهي قائمة في مكانها راضية كأنها سيدة دار شرقية، أضفى الإسار عليها من الكرامة ثوباً، ومن العزة ذوباً. وبحسبها أن يحبوها النيل تبرا فتنفثه زهراً. وتهزها الصبا فتصبو، وكأنها إليك مقبلة تتهادى في مطارفها، وتختال في خفائفها. تخطو خطو المرهاء، بغير عين كحلاء. وأغصانها الرشاق أعطاف وطفاء

وإذا صفق الموج من تحتها طرباً، نقطته بأزاهيرها ما بين صفراء فاقعة، وبيضاء ناصعة. وإذا جاسن بالنهر خريره، مالت إليه، كأنها أذن مصغية تسمع سره، وتتعرف أمره، فيريها في مرآته محاسنها، وفي صفحته مفاتنها.

وقد خلع عليها القدم قدسية فأصبحت كدير راهب، إذا اعتلى بلبلها ذرا غصن فيها وراح يملأ سواد الليل بتطريبه وترتيلاته خلته مسبحاً داعياً، ومصلياً منادياً.

على هذا الضرب الفريد من الوصف، نظم ابن مكانس سرحيته العصماء، وقد بدأ مطلعها بمناجاتها والدعاء لها وتذكر ما كان بينه وبينها فقال:

يا سرحة الشاطئ المنساب كوثره ... على اليواقيت في أشكال حصباء

حلت عليك عز إليها السحاب إذا ... نوء الثريا استهلت ذات أنواء

وإن تبسم فيك النور من جذل ... سقاك من كل غيم كل بكاء

رحماك بالوارف المعهود منك فكم ... لنا بظلك من أهوا وأهواء

ومنها:

يا طبة بدواء القيظ عالمة ... أنت الشفاء لدى الرمضا من الداء

لا صوح الدهر منك الزهر وانبجست ... عليك كل هتون الودق سوداء

ومنها:

خمائل الروض منشاها ومرضعها ... ضرع النميرين من نيل وأنواء

فاستمهدت دوحها المخضل وافترشت ... نجم الربا ورمت عرشاً على الماء

قريرة العين بالأضواء باردة ال ... قلب الذي لم تنله غير سراء

مقيل ندمان بل مغنى حمائم بل ... كناس آرام بل أفناء درماء قديمة العهد هزتها الصبا فصبت ... فهي العجوز تهادى هدى مرهاء

لا يدرك الطرف أقصاها على كلل ... حتى تعود له لحظاً لحولاء

وصوت بلبلها الراقي ذرا غصن ... في حلة من دمقدس الريش دكناء

يقرع ناقوس ديري على شرف ... مسبح في سواد الليل دعاء

والقصيدة - وتقع في أكثر من ستين بيتاً على هذا النسق - وصفية عاطفية. لم يقتصر الوصف فيها على الناحية الحسية فحسب بل خلع الشاعر على سرحته ضروباً من الاحساسات النفسية والانفعالات العاطفية. فكما وصف ارتفاعها وكلا البصر دونه، ونشأتها بين خمائل الروض، ورضاعها من النميرين: النيل والأنواء، وأغصانها وما فيها من لين، وأزهارها وما بها من وضاءة، وظلها وماله من وروف؛ وكما وصف تصفيق الموج من تحتها وترقرقه، وخرير النهر إليها وجيشه، وصفحة مائه وصفاءها، إلى غير ذلك، نسب إليها ألواناً من الأوصاف المعنوية، فنورها يبسم، وظلها يطب من القيظ، ويشفى من داء الهجير، وقلبها لم تنل منه غير السراء، إلى غير ذلك. وقد وصفها بمعنويين متناقضين، اقتضى كل منهما المقام، أحدهما أنها تصبو كما تصبو العجوز فقال (قديمة العهد هزتها الصبا فصبت، فهي العجوز. . . الخ). وشأن الصابية امتلاء القلب بالشجو، وترنح العطف من الهوى. وبخاصة إذا هبت الصبا وانية رفيقة، فإنها تبعث في النفس الولوع، وتثير فيها الذكريات. ثم عاد الشاعر ففي عن سرحته صبوها وامتلاء قلبها، وذلك حينما راح يوازن بين ما في نفسها وما في نفسه، وبين ما تحتمله في ضلوعها، وما يئوده بين حناياه، فبدت له حسناء خالية الفؤاد من الهوى. والحسناء إذا وثقت بجمالها واطمأنت إليه، ولم يعبث الحب بقلبها ولم يتسلم زمامه، استطاعت بدورها أن تعبث بالقلوب، وأن تسخر من المحبين! وهكذا استطاعت سرحة ابن مكانس أن تتهكم به، وأن تميل إلى سواه، وأن تبعث في فؤاده الغيرة. قال:

خلية حين أحنيت الضلوع على ... نار لشجوي بها لا حب لمياء

تهكمت بي فما أحنت أضالعها ... على الهواء وأحنتها على الماء

ويمتاز ابن مكانس في قصيدته هذه بأنه عنى بوصف سرحته هذا الوصف الحسي والمعنوي، وعنى بوصف ملابسها من الحوادث اللصيقة بها، وما دار حولها من المرائي والمظاهر المختلفة. وبعض الشعراء قد يجنح في قصائده الوصفية، عن وصف موضوعها إلى ملابساته البعيدة. أما ابن مكانس فقد نظم في صميم موضوعه، ولم يخرج عنه إلا نادراً، ولم يخرج عنه إلا إلى ما يتصل به، ولم يخرج عنه إلا ليعود إليه.

ونستطيع أن نعدد الموضوعات الجزئية التي طرقها بوصفه، فمنها: المناجاة والتذكر، وذكر الظل، ونعت المنبت وما فيه من خمائل، وما يجوده من ماء، ولين الغصون واهتزاز القوام، وارتفاع الفروع، وتغريد البلبل، وتصفيق الموج، وتساقط الزهر، وتفضن اللحاء، إلى غير ذلك مما يتصل بالسرحة اتصالا مباشراً.

وقد أبدع ابن مكانس بعد ذلك في وصف النهر بعدة أوصاف منها أنه مرآة بدا فيها الحسن واللألاء، وبأنه يزري بنهر الأبله، وأنه عند تحريك النسيم له يبدو كفرند السيف، إلى غير ذلك. ومن هذه الأبيات قوله:

مالت على النهر إذ جاش الخرير به ... كأنها أذن مالت لإصغاء

كأنما النهر مرآة وقد عكفت ... عليه تدهش في حسن ولألاء

ذو شاطئ راق غب القطر فهو على ... نهر الأبله يزري أي إزراء

كأنه عند تحريك النسيم له ... فرند سيف نضته كف جلاء

ومنها:

كأنه حين يهدا زرقة وصفاً ... راووق عين بوجه الأرض شهلاء

ومما يذكر بهذه المناسبة أن التقي بن حجة روى في أحد كتبه هذين البيتين للأرجاني وهما قوله:

كم طعنة نجلاء تعرض بالحمى ... من دون نظرة مقلة نجلاء

فتحدثا سراً فحول قبابها ... سمر الرماح يملن للإصغاء

ثم رجح أن الفخر بن مكانس ولد منهما المعنى الذي يتضمنه بيته في السرحة وهو قوله:

مالت على النهر إذ جاش الخرير به ... كأنه أذن مالت لإصغاء

وقد انتقل ابن مكانس بعد وصف النهر إلى ذكر الحمامات الشادية على أراكها، بين هذه الحدائق الفيح، حتى أطربت عيدانها وأرقصت أغصانها. قال من ذلك:

من كل ورقاء في الأفنان صادحة ... بين الحدائق في فيحاء زهراء وُرق تغنت بتحنان رقين على ... عيدانها فاله في مغنى وغناء

ثم عاد إلى السرحة يذكر خطاب ظلها، وأحباب ناديها، وقد برئت قلوبهم في رحابها من الحقد، وخلصت من الشحناء، فليس يربطهم إلا الوداد، وليس يجمعهم إلا اللهو الذي لا مكر فيه، والمجون الذي لا ندم بعده. قال:

يا كرمها في سراه من أصاحبها ... لا ينطوون على حقد وشحناء

يداعبون بمعنى شعرهم فأروا ... رد الأحبة في ألفاظ أعداء

من كل شيخ مجون في شباب فتى ... يقري المجون بقلب غير نساء

يسعى إليها على جرداء جارية ... من آلها كهلال الأمن حدباء

ونلحظ في البيتين الثاني والثالث إحدى عادات المصريين في المداعبة والمماجنة. وهي عادة لا تزال ماثلة حتى اليوم وبخاصة بين العوام؛ ذلك أن يترامي الأصدقاء بالهجر من القول، والمنكور من اللفظ، وباللغو من الحديث، وبما يكون بين الأعداء من السباب، ويعدون ذلك دليلاً على عمق الود وتمكن الصفاء بين النفوس

ونلحظ كذلك أن الشاعر انتقل انتقالا لطيفاً إلى وصف السفينة التي يمتطي الأحباب المرتاضون متنها في أمانة النهر وحراسة تياره. وبث في الوصف الرقيق من التورية، والدقيق من التشبيه. وقد أنصف السفينة بتشبيهها بهلال الأمن لا بهلال الشك. فقد استسلم اللاهون فوقها للمجون استسلام المؤمنين للأقدار، في وداعة ورضا واطمئنان. ثم إن السفينة بعد ذلك قديمة العهد لأنها (نوحية الصنع)؛ ولعل الشاعر هنا ينعتها بالقدم ليثبت لها بيض الأيادي على العشاق والمحبين، وفضلها الكثير المتتابع على المجان واللاهين. فكثيراً ما حملتهم إلى غاياتهم، وحفظت الخفي من مكنوناتهم. وآدوا ظهرها، وأثقلوا منكبيها، وما اشتكت عناء، وما بكت إعياء. وهي بذلك تزهو على الجياد الغر، والعتاق الضمرة. ويبدو لنا أن زوارق النيل حينذاك وقد كانت في مقدمة وسائل الرياضة واللهو - كانت تتراءى في أثواب شتى ذات أشكال وألوان بديعة، فتتهادى بها تهادي العروس في جلوتها، والرود في زينتها. وهي بذلك تضفي على روادها جواً سابغاً من البهجة والأنس والانسجام. وقد كان مظهرها هذا معيناً للشاعر ابن مكانس على تشبيه السفينة بحمامة الروض، ونسبتها إلى العنقاء لما فيها من غريب البزة وعجيب الزينة، وفي هذا ما يدل على ما كان في ملبسها من مبالغات وتهاويل أربت على غيرها. قال ابن مكانس في وصفها:

نوحية الصنع والإحكام منشأة ... تسير ما سيرت من غير إعياء

سوداء تحكي على الماء المصندل شا ... مة على شفة كالشهد لعساء

ساجية ألبستها الصانعون لها ... من التدابيج ما يزهو بصنعاء

غريبة ذات ألوان وأجنحة ... لم أدر تعزى لروض أو لعنقاء

لم يستطع شأوها أو سيرها عنق ... غر الجياد على كد وإنضاء

وكما تخلص إلى وصف السفينة في رفق وهوادة، تخلص منه إلى أبيات خمرية طريفة، في لين وكياسة. وقد أبدع في وصف خمره ما شاء له إبداعه. فجمع فيها بين الشمطاء والعذراء، لنفاستها وقدم عهدها، ولأنها مختومة لم تفض، وبكر لم تقرب، ورصع بنعوتها أحد أبياته. وأجاد في وصف إبريقها الذي إذا انحنى فركوع دعاء، وإذا صوت فتسبيح فأفاء. قال بعد الأبيات السالفة:

كم قد نعمنا بها عيشاً بساقية ... شمطا تجلى على الجلاس عذراء

مما تخيرها كسرى وأودعها ... رب الخورنق في قوراء جوفاء

حمراء صرفا وصفرا إن مزجت لها ... كم من يد في سواد الليل بيضاء

راحا إذا ركع الإبريق يمزجها ... سمعت من صوته تسبيح فأفاء

أم السرور التي أبقى الزمان بها ... جزء الحياة وقد ألوى بأجزاء

فعاطينها على طل الندى سحراً ... فإن ترياقها موتى وإحيائي

وقد اختتم بن مكانس قصيدته بعدة أبيات ذكر فيها شيئاً من لهوه بين الشادي والشادية وبين العود والناي، وبين الحدائق ذات البنفسج النفاح، منوها بأنه يأخذ من اللهو بنصيب، وأنه لا ينوح كغيره من الشعراء على طلل، ولا يندب خليطاً، ولا يبكي أحياء.

وبعد! فلعلنا وفقنا إلى التنويه بهذه القصيدة ولو بعض التوفيق، وظفرنا بلغت النظر إلى شيء من نفاستها، ولو بعض الظفر. ويبدو لنا أها كانت مشهورة مروية يتناقلها الأدباء ويرويها الظرفاء في العصر المملوكي، وقد أشار إليها ابن حجة في خزانة الأدب، وروي بعض أبياتها. ونود لو يعذرنا القراء إذا وجدوا منا في عرضها تقصيراً، فقد اعتمدنا في نقلها على ديوان ابن مكانس وحده. وأغلب الظن أنها لا توجد كاملة في سواه. والديوان لا يزال مخطوطاً مقيما في دار الكتب، يعاني القارئ فيه ما يعاني في فك طلاسم الخط، وترجيح ما يراه في المشكل من حروفه. ولرداءة رسمها أو غرابته ند عن الفهم معاني بعض كلماته، فضاعت بهجة أبياتها واضطربت معانيها.

وبعد فمن فخر الدين بن مكانس؟ هو أحد شعراء العصر المملوكي، عاش بين سنتي 745هـ، 794هـ. وهو من أسرة ابن مكانس القبطية الأصل، المصرية الصميمة في مصريتها، الواسعة في جاهها. واسمه عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم. وإبراهيم هذا هو المعروف بابن مكانس، وينتمي إليه أبناء هذه الأسرة المجيدة، وقد سعدوا بالإسلام، ونبغ منهم رجال خدموا العلم والأدب والدولة أجل الخدمات، ومنهم صاحب السرحة الوزير الصاحب أبو الفرج فخر الدين، الأديب البارع، الكاتب النحرير، الشاعر المجيد، الفكه الطروب.

ويعتبر فخر الدين بن مكانس من حلبة برهان الدين القيراطي التي نبغ رجالها في النصف الثاني من القرن الثامن، ومن أندادهما ابن أبي حجلة، وعز الدين الموصلي، وشهاب الدين بن العطار.

وقد اتصل حبل الصداقة بينه وبين كثيرين من أدباء عصره، ومال منذ الحداثة إلى الآداب، وكان له بالإنشاء والشعر ولوع أي ولوع. فكتب ونظم وراسل وساجل وتغزل وغازل، وجنح للمجون واللهو. ذكروا أن السلطان برقوقا غضب عليه مرة فضربه وعلقه من رجليه بسرياق فلبث نصف نهار منكس الرأس، ولعل ذلك كان بسبب لهوه وعبثه. وقد قال في ذلك:

وما تعلقت بالسرياق منتكسا ... لزلة أوجبت تعذيب ناسوتي

لكنني مذ نفثت السحر من غزلي ... عذبت تعذيب هاروت وماروت

وقد نظم فخر الدين الشعر في أغراض عدة، وغلبت على أسلوبه الرقة والسهولة والوضوح مع العناية بالبديع. وقد يرق أسلوبه حتى يصير مبتذلا، وتبدو فيه أخطاء قليلة لا ترضي النحو ولا اللغة واعتبره ابن حجة مبتكراً في معانيه مخترعاً في أوصافه. . . وهو بارع في التضمين. سخر من أنف أحد أصحابه - وكان ضخما - فوصف هذا الأنف وصفاً فكاهيا في أبيات عدة ضمنها أعجازاً بل أبياتاً من معلقة امرئ القيس! فأخرج المعلقة بذلك عن طريقها إلى طريق آخر، حتى لكأنها له لا لامرئ القيس. وتلك براعة نادرة. ولفخر الدين منظومة مجونية رقيقة في الاستدعاء وآداب المنادمة، واسمها (عمد الحرفاء وقدوة الظرفاء) وله (المزدوجة) وهي في الدعوة إلى المرح. و (وصية ابن مكانس) وهي منظومة في السياسة والنصائح. وله ديوان شعره.

وبعد فهذا أحد الشعراء الذين يمثلون الروح المصرية الخالصة والأدب المصري الصميم، اتخذنا (سرحيته) وسيلة إلى التنويه به وإثارة الخواطر إلى دراسته.

(حلوان)

محمود رزق سليم

مدرس الأدب بكلية اللغة العربية