مجلة الرسالة/العدد 835/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 835/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 04 - 07 - 1949



أخي الأستاذ أنور المعداوي:

كثر الكلام حول مسرحية (الملك أوديب) لتوفيق الحكيم، فأرجو ألا أثقل عليكم بعودتي إلى طرق أبواب الموضوع نفسه من جديد. فقد لفت نظري في التعقيب الذي عقب به توفيق الحكيم على مقدمة الترجمة الفرنسية للمسرحية ما يلي:

1 - قال الحكيم أن الإسلام يرفض فكرة الله المدبر لأذى الإنسان تدبيراً سابقاً دون مقتض أو جريرة. وقد شاء الحكيم لهذا السبب أن يوفق بين فكرة الأسطورة وبين روح الإسلام فجعل من رغبة أوديب في العلم بالحقيقة وبحثه المتصل عنها سبباً يدفع أوديب إلى الكارثة. أي أن الحكيم جعل الموجب للكارثة - كما يقول صراحة في ص 267 - طبيعة أوديب ذاتها، طبيعته المحبة للبحث في أصول الأشياء الممعنة في الجري خلف الحقيقة. وهو يقول: إن رغبة أوديب في العلم بالحقيقة هي التي جرته إلى ما جره العلم الحديث على الإنسان الحديث ممثلا في (فرويد) عندما طفق يحفر في أعماق الإنسان إلى أن وجد أنه عاشق في الباطن لأمه. وقد استبدت بي الحيرة عندما قرأت هذا التعليل.

فلست أدري كيف استساغ كاتب فنان كتوفيق الحكيم أن يجعل من حب أوديب للحقيقة وسعيه وراءها إثماً يستحق عليه ذلك العقاب المنكر الفظيع، فإن حب الحقيقة والسعي وراءها - مطلقة كانت أو نسبية، عامة كانت أو جزئية - لدى أناس كالفلاسفة والعلماء هو الذي بث شهرتهم في الآفاق خلد ذكرهم في أعماق الأفئدة وألهج به الألسنة على مدى الأجيال والعصور.

ثم إنني لم أفهم كيف ارتضى الحكيم أن يشبه حالة أوديب أمام المأساة بحالة فرويد أمام حقائق النفس. فعندما طفق فرويد يحفر في أعماق الإنسان بحثاً عن الحقائق النفسية ووجد أنه عاشق في الباطن لأمه لم يكون هذه الحقيقة ولم يخلقها أو يوجدها بنتيجة سعيه وراء الحقيقة وإنما اكتشفها وقررها.

فالحقيقة التي اكتشفها فرويد كانت موجودة، ولكنها كانت مطمورة في أغوار النفس الإنسانية. ولكن أوديب عندما بدأ يبحث عن أصله وذويه لم تكن الكارثة أو الحقيقة موجودة، وإنما حدثت فيما بعد على يده. ولو ادعى الحكيم أن الحقيقة التي واجهت أو كانت موجودة ومستقرة سلفاً في ضمائر الآلهة، فإن ذلك لا يغير من صلب الحقيقة؛ لأن وجود الحقيقة واستقرارها في ضمائر الآلهة شيء وحدوثها في عالم الحس والواقع شيء آخر. فالبحث عن الحقيقة قد أدى عند فرويد إلى اكتشاف الحقيقة فحسب، والبحث عن الحقيقة أدى عند أوديب إلى وقوع الكارثة أو المأساة أو الحقيقة. وواضح أن الفرق بين الحالين أكبر وأوسع من أن يستسيغ أي تشبيه بينهما.

2 - لاحظت أن الحكيم يقول في الرد نفسه أن الطعن الذي أنزله أوديب بعينيه قد ذهب في تفسيره أندريه جيد في مسرحيته إلى كونه إمعاناً في الكبرياء. والواقع يشهد وصحائف الكتاب بدورها تشهد بأن أندريه جيد لم يقل مثل هذا الكلام ولم يفكر فيه؛ لأنه قال بصراحة عن لسان أوديب مخاطباً الكاهن تيرسياس بأنه - أي أوديب - إنما يفقأ عينيه لأنهما لم تحسنا تنبيهه إلى الكارثة قبل وقوعها ولم تضيئا له الطريق، فهو إذ يطعن عينيه إنما يتلف أداة عاطلة لم تنفعه إن لم تخدعه في نفس الوقت.

هذا ما وددت أن أعرضه عليكم آملاً أن أتلقى منكم الرأي المصيب الذي عودتمونا إياه في أغلب الفرص والمناسبات. وختاماً أبعث إليكم والى صاحب الرسالة الجليل أطيب الود وأخلص التقدير

(بغداد)

فؤاد الونداوي

ليسانسيه في الحقوق

حول هام ومهم:

قرأت للأستاذ علي هلالي تصويباً لاستعمال كلمتين لم يقل أحد بخطأ إحداهما وصواب الأخرى وهما هام ومهم. وبعد أن استعان بلسان العرب والقاموس وغيرهما وحكم بأنهما لغتان عربيتان صحيحتان ولا فرق بينهما في الاستعمال قال: وإني أحذر الكتاب من النقود المزيفة في لغة الجرائد، فدخل في روعي أن في لغة الجرائد تخطئ لإحدى الكلمتين فعدت إلى تلك النقود المزيفة عند الأستاذ فوجدت ما يأتي:

(ويقولون هذا أمر هام بصيغة الثلاثي لا يكادون يخرجون عنها في الاستعمال والأفصح مهم بالرباعي) (وعليه اقتصر في الصحاح والأساس).

فعجبت مما فهم الأستاذ من هذا النص الصريح الذي دفعه إلى أن يتبرع بكلمة (مزيفة).

رجل قد رأى الناس لا يستعملون إلا كلمة (هام) ويتحاشون استعمال كلمة (مهم) بل لعله قد رأى من تعرض لتخطئتها فدلنا على الأفصح والأفصح لا ينفي الفصيح، أفترميه بالزيف؟!!

كنت أود أن يدقق الأستاذ (هلالي) في تعابيره كما يدقق في البحث عن بعض الكلمات في المعجمات. يقول الأستاذ في نهاية كلمته (على الكتاب أن يرجعوا إلى المعاجم العربية وغيرها من المراجع (فهل يثق الأستاذ بصحة هذه المعاجم؟ ألم يطلع على ما في هوامشها من الحواشي؟ أو لم ير مآخذ الفيروزأباذي على الجوهري؟ ولماذا ننتظر من المجمع اللغوي قاموساً صحيحاً شاملا جديداً؟

ثم إن الأستاذ هلالي يخطئ من (يدعى) - على حد تعبيره - تأنيث كلمة الضبع فقط للحيوان المعروف، فهلا أتى بشواهد على جواز تذكوها تعزز هذا التخطيء؟

ابن ماضي

1 - التقليد:

أنكر أحد المدرسين استعمال التقليد بمعنى الإقتداء والمحاكاة لأنه لم يرد في كتب اللغة، وهذا ليس بصحيح فقد جاء في لسان العرب وشرح القاموس ومعيار اللغة وأساس البلاغة وغيرها ما نصه:

قلدتها قلادة: جعلتها في عنقها، ومنه التقليد في الدين، وتقليد الولاة الأعمال وهو مجاز كأنه جعل قلادة في عنقه الخ

وجاء في كتاب التعريفات للجرجاني: التقليد عبارة عن إتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل معتداً للحقيقة من غير نظر وتأمل في الدليل كأن هذا المتبع (وهو المقلد) جعل قول الغير أو فعله قلادة في عنقه، أو التقليد عبارة عن قبول قول الغير بلا حجة ولا دليل اهـ

ومن هذه النصوص يظهر لك أن المعنى الأصلي للتقليد واحد فقط وهو وضع القلادة في العنق، ثم استعمل في غيره على سبيل التجوز والتشبيه والاستعارة وقد ألفت كتب ووضعت بحوث في التقليد ولم يطعن فيه أحد لأنه يرجع إلى معنى عربي صحيح.

2 - المصيف:

من الأخطاء الشائعة مصْيَف بتسكين الصاد وفتح الياء والصواب: كسر الصاد لأنه اسم مكان من صاف يصيف كمصير من صار يصير، وجمعه مصايف بالياء، ولا تقل مصائف بالهمزة لأن الياء أصلية في تركيب الكلمة (ص ي ف) فلا بد من ظهورها في الجمع ولا تقلب همزة.

علي حسن هلالي

بالمجمع اللغوي

إلى خنساء فلسطين الآنسة فدوى طوقان:

تحية التقدير وسلام الوفاء وبعد:

منذ زمن طويل بعد أن قامت الحرب في الأرض المقدسة ونحن ننتظر منك حدثاً جديداً في عالم الفن والأدب ولاسيما وقد سطرت في عالم الخلود أروع ترانيم الحسرة واللوعة على أخيك المرحوم شاعر فلسطين إبراهيم طوقان.

وحوادث فلسطين الأخيرة قد تفتت لهولها صلد الصخر ونضب لها معين الضمير الحي، إن كان في الوجود ضمير حي، وما أظنك يا أختاه إلا سكبت في بوتقة الشعر والفن أعظم آلام الإنسانية المعذبة.

(والرسالة) مذ كانت وهي منبر الحق والفن والعلم والأدب وقد ترعرت بين أحضانها، فهل لك يا خنساء الأندلس الجديدة أن تزفري زفراتك من فوق منبرها الرفيع؟

ذلك ما نرقب وننتظر. . فهلمي يا أختاه.

وللأديبة الموهوبة نجوى مقوار (مي فلسطين) أطيب تحياتي

فتى الأندلس

كلية اللغة العربية بالأزهر

رغبة واستجابة: وعدت القراء في عدد (الرسالة) الماضي بأن أعقب على الكلمة التي نشرت في (البريد الأدبي) للأستاذ مصطفى عبد اللطيف السحرني، ولقد كنت أود أن أفي بهذا الوعد لولا رغبة كريمة من صديقين عزيزين بأن أكف يدي وأقبض قلمي، تحقيقاً لغاية نبيلة هي إعادة الصفاء إلى النفوس. . .

وأنا لا يسعني إلا الاستجابة لرغبة الصديقين العزيزين، وهما الأستاذان إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي.

فإلى القراء أعتذر، راجياً أن يتقبلوا الاعتذار على ضوء أسبابه ودواعيه. . . وللأستاذين الصديقين أستجيب، آملا أن أكون عند حسن الظن من الراغبين في الخير والداعين إلى الصفاء

أنور المعداوي

الاتساع في اللغة:

إن المجدي على محبي العربية في التنويه بالثروة اللغوية التي

ترمز إلى مدى الاتساع في دلالات الألفاظ المشتركة في إفادة

المعنى الفذ، ولقد حررنا منذ سنوات بالأهرام الغراء

29101938 كلمات: (الذعر، والرعب، والفزع، والخوف.)،

وأوضحنا مدى ما في هذه الكلمات من تلاق في الدلالة وتباعد

في الصياغة؛ ونحب أن نورد بالرسالة الزهراء ما وقع لنا من

ألفاظ تدل على السعة، وتعطي الراغبين في البحث نهزة

للإيناس بما يوضح جلال هذه اللغة.

(أ) جاء الفعل الدال على (الرأفة) - وهي أشد الرحمة - بثلاث صيغ (رؤف) به و (رأف) به و (رئف) به.

(ب) يقال: رجع الشيء بنفسه و (رجعه) غيره: متعد ولازم من الثلاثي.

(جـ) يقال في مقام الرجاء. ترجاه، وارتجاه. بمعنى واحد.

(ء) يقال في التنقل: رحل، وارتحل، وترحل.

(هـ) مصدر حدث: المحادثة، والتحادث، والتحدث والتحديث.

(و) يقال: أضاءت النار، وأضاءت النار المكان. يتعدى ويلزم.

(ز) يجرى على الألسنة (تشكر له) وهو صواب (كشكر له)

(بور سعيد)

أحمد عبد اللطيف بدر