مجلة الرسالة/العدد 835/رسالة النقد

مجلة الرسالة/العدد 835/رسَالة النقْد

ملاحظات: بتاريخ: 04 - 07 - 1949



نظرات في كتاب الأشربة

للأستاذ السيد أحمد صقر

- 5 -

33 - ص49 يقول ابن قتيبة: (وحدثني محمد بن خالد ابن خداشْ، عن سالم بن قتيبة قال: حدثنا حمزة الزيات. . .)

والصواب (. . عن سلم بن قتيبة. . .) وهو سلم بن قتيبة الشعيري - بفتح المعجمة وكسر العين - أبو قتيبة الخراساني نزيل البصرة. قال ابن أبي عاصم: مات سنة مائتين كما في خلاصة تذهيب الكمال 124

وأما حمزة الزيات: فهو كما قال ابن قتيبة في المعارف ص230 (حمزة بن حبيب بن عمارة ويكنى أبا عمارة، مولى لآل عكرمة ابن ربعى التيمي مات بحلوان سنة ست وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر).

34 - ص50 (وكذلك قال الأشج لبنيه: لا تشربوا ولا تثجروا، ولا تعاقروا فتسكروا)

والصواب. (لا تبسروا ولا تثجروا. .) جاء في لسان العرب

(البسر هو خلط البسر بالرطب أو بالتمر وانثباذهما جميعاً.

والثجر: أن يؤخذ ثجير البسر فيلقى مع التمر، والثجير: ثغل

البسر) والحديث بتمامه في الفائق للزمخشري مادة بسر راجع

ترجمة الأشج في الإصابة وابن سعد 760 وأسد الغابة196

وقد روى ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن الأشج

قال: قال لي رسول الله : إن فيك خلقين

يحبهما الله ورسوله، قلت: وما هما؟ قال: الحلم والحياء، قلت: وقديماً كانا فيَّ أو حديثاً؟ قال: بل قديماً، قلت: الحمد لله الذي

جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله.

35 - ص52 (. . . وقال أبو الغالية الرياحي: أشرب النبيذ ولا تمزز، والتمزز أن يشرب قليلاً قليلا).

والصواب: (أبو العالية) بالعين لا بالغين، واسمه رفيع بن

مهران الرياحي البصري، وهو من الأئمة المخضرمين، صلى

خلف عمر، ودخل على أبي بكر. وتوفي في شوال سنة

تسعين، وكان ثقة كثير الحديث. وهو من موالي بني رياح،

اشترته امرأة منهم، ثم انطلقت به إلى المسجد الجامع بالبصرة

في يوم جمعة والإمام على المنبر، فقبضت على يده وقالت:

اللهم أذخره عندك ذخيرة، اشهدوا يا أهل المسجد أنه سائبة لله

ليس لأحد عليه سبيل إلا سبيل معروف. وقد حدث أبو العالية

عن نفسه قال: كنت مملوكا أخدم أهلي فتعلمت القرآن ظاهراً

والكتابة العربية وقرأت المحكم بعد وفاة نبيكم بعشر سنين، فقد

أنعم الله علي بنعمتين لا أدري أيتهما أفضل: أن هداني

للإسلام أم لم يجعلني مرورياً، ثم يقول: وكنا نسمع الرواية

بالبصرة عن أصحاب رسول الله ، فلم

نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم. ويقول: لما كان زمن علي ومعاوية وإني لشاب القتال أحبَّ إليَّ من

الطعام الطيب، فتجهزت بجهاز حسن حتى أتيتهم فإذا صفان لا

يرى طرفاهما، إذا كبَّر هؤلاء كبَّر هؤلاء، وإذا هلل هؤلاء

هلل هؤلاء، فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزله كافراً؟

وأي الفريقين أنزله مؤمناً؟ أو من أكرهني على هذا؟ فما

أمسيت حتى رجعت وتركتهم. وكان ابن عباس أيام إمارته

بالبصرة يكرمه ويجلسه معه على سريره. وكان أبو العالية

يبعث بصدقة ماله إلى المدينة فتدفع إلى أهل النبي فيضعونها

في مواضعها. ومن كلامه: إذا سمعتم الرجل يقول: إني أحب

في الله وأبغض في الله فلا تقتدوا به. راجع ترجمته في تهذيب

التهذيب وميزان الاعتدال 1340 وطبقات ابن سعد 781 -

85 وحلية الأولياء 2217 - 224 وصفة الصفوة 3135

والمعارف لابن قتيبة ص 200

36 - ص 52 (وقيل لمحمد بن واسع: أتشرب النبيذ؟ قال: نعم، قيل وكيف تشربه؟ قال: على غدائي وعشائي وعند ظمئي. قيل فما تركت منه؟ قال: النكات ومحادثة الرجال)

وقد علق الأستاذ على ذلك بقوله: (النكات: جمع نكتة وهي هنا الجملة المنقحة المحذوفة الفضول)

ولست أرى رأيه في هذه الكلمة وهي عندي محرفة بيد أني لم أدرك وجه تصويبها. ويرى صديقي الراوية الأستاذ محمود محمد شاكر أن صوابها (التكأة) يريد بها الجلوس المطمئن وإدارة الأقداح. ويستدل بما رواه المؤلف في صفحة 60 من قول جميل ابن معمر:

فظللنا بنعمة واتكأنا ... وشربنا الحلالْ من قلله

ومحمد بن واسع قائل هذه الكلمة فيما يقال من كبار الزهاد

العابدين الورعين توفي في سنة عشرين ومائة. راجع ترجمته

في صفة الصفوة 3190 - 195 والمعارف 209.

37 - ص 53 (وقيل لسعيد بن سالم: أتشرب النبيذ؟ قال لا. قيل ولم؟ قال: تركت كثيره لله، وقليله للناس)

والصواب: (وقيل لسعيد بن سلم) كما في عيون الأخبار 437

وقد مدحه أعرابي فقال:

أيا سارياً بالليل لا تخش ضلة ... سعيد بن سلم ضوء كل بلاد

لنا سيد أربى على كل سيد ... جواد حثا في وجه كل جواد

فلم يعطه شيئاً فقال:

لكل أخي مدح ثواب يعده ... وليس لمدح الباهلي ثواب

مدحت ابن سلم والمديح مهزة ... فكان كصفوان عليه تراب

وسعيد بن سلم هو القائل: إذا لم تكن المحدِّث أو المحدَّث فانهض وراجع. وقد هجاه أبو الشمقمق، ومسلم بن الوليد، ورثاه عبد الصمد بن المعذل بأبيات جيدة تجدها في الكامل للمبرد مع شيء من أخباره في ص 712 - 718 من طبعة الشيخ أحمد محمد شاكر.

38 - ص58 (ولو كان تحريم الخمر للسكر لم يطلقها الله تعالى للأنبياء والأمم قبلنا، فقد شربها نوح عليه السلام حين خرج من السفينة واعترس الحبلة حتى سكر منها)

وجد الأستاذ هذه الكلمة بهذا الرسم فلم يفهم معناها ولم يفطن إلى وجه الصواب فيها، وعلق على الجملة بقوله: (كذا في الأصل، والحبلة: العنب، وفي الحديث: لا تقولوا للعنب الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة. الحبلة: بفتح الحاء والباء وربما سكنت).

والصواب (واغترس الحبلة) بمعنى غرس، وكذلك رويت جاء في لسان العرب (وفي الحديث لما خرج نوح من السفينة غرس الحبلة).

39 - ص 58 في الحديث عن الخمر والنبيذ (وأما قولهم الخمر ما خمر، والمسكر مخمر فهو خمر مثله. . .)

والصواب (والنبيذ مخمر فهو خمر مثلها) كما في العقد الفريد

4336

40 - ص59 (ولو كان الله تعالى حين أحل النبيذ أحل منه السكر الذي يكون منه الخمار وكان شرَبة النبيذ من الصحابة والتابعين سكروا فأصابهم ذلك، للزمنا أن يقال: نباذ ولا يقال فيجب ما ذهبوا إليه) وعلق الأستاذ على (ولا يقال) بقوله: وفي الأصل أو، وما أثبتناه رواية ع)

والصواب: (للزمنا أن يقال نباذ ولا يقال: خمار فيجب ما ذهبوا إليه).

41 - ص62 ففي شعر بعض الأشراف:

تلم بنا الخصاصة ثم تعفى ... على إقتارنا حسب ودين

والصواب: (ثم يعفى)

42 - ص62 وقال يحيى بن نوفل اليماني:

ويغتبقان الشراب الذي ... يحل به الجلد للجالد

شراب يوافق فهر اليهود ... ويكره للمسلم العابد

وقد ضبط الأستاذ كلمة (فهر) بكسر الفاء، والصواب ضمها كما في لسان العرب، وجاء في القاموس: (وفهر بالضم مدارس اليهود تجتمع إليه في عيدهم، أو هو يوم يأكلون فيه ويشربون)

43 - ص70 (وقال الأعشى:

ولقد شربت ثمانياً وثمانيا ... وثمان عشر واثنتين وأربعا

من قهوة باتت ببابل صفوة ... تدع الفتى ملكا يميل مصرعا

والصواب: (وثمان عشرة. . .)

44 - ص75 (وقال رسول الله : البر ما سكنت إليه القلوب، واطمأنت إليه النفوس، والإثم ما حاك في صدرك فكرهت أن تطلع عليه الناس. وقال ابن مسعود: الإثم جواز القلوب، وهي الهوادج فيها بالشكوك، فإذا كان الإثم يكون بما قدح في القلب من الشك فكيف هو فيما يتيقنه القلب، أو ليست الأعمال بالنيات ونية المؤمن خير من عمله)

وعلق الأستاذ على ذلك بما يلي: (الهودج: مراكب النساء وهدج الظليم: مشى وسعى وعدا، وكل ذلك إذا كان في ارتعاش، وظليم هداج ونعام هداج، وهوادج وتقول: نظرت إلى الهوادج كما في التاج)

وهذا شرح عجيب غريب لست أدري كيف ارتضاه الأستاذ في هذا المقام، والذي أوقع الأستاذ في هذا الخطأ الطريف أنه اعتقد أن (الهوادج) هنا كلمة صحيحة قالها ابن مسعود، وهي محرفة وصوابها: (القوادح) كما أن (جواز) محرفة أيضاً وصوابها: (حُزَّاز) جاء في لسان العرب: (وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه: الإثم حُزَّاز القلوب، وهي الأمور التي تحز فيها، أي تؤثر كما يؤثر الحز في الشيء، وهو ما يخطر فيها من أن تكون معاصي لعقد الطمأنينة إليها، وهي بتشديد الزاي. جمع حازّ، يقال إذا أصاب مرْفق البعير طرف كِركرتَه فقطعه وأدماه: قيل: به حاز. وقال الليث يعني: ما حز في القلب وحك. وقال القدَّيس الكناني: العرك والحاز واحد، وهو أن يحز في الذراع حتى يًخلص إلى اللحم، ويقطع الجلد بحد الكركرة وقال ابن الأعرابي: إذا أثر فيه قيل: ناكت، فإذا حز به قيل: حاز، فإذا لم يدمه فهو الماسح. ورواه شمَّر: الإثم جواز القلوب بتشديد الواو، أي يجوزها ويتملكها ويغلب عليها. ويروى: الإثم حزَّاز بزايين الأولى مشددة، وهو فعال من الحزِّ)

(يتبع)

السيد أحمد صقر

المدرس في الليسيه بمصر الجديدة