مجلة الرسالة/العدد 951/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 951/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 09 - 1951



النقد والشعر:

كتب الأستاذ سامي أمين في عدد الرسالة الماضي كلمة بهذا العنوان تعقيبا على كلمة لي عن ديوان: (أ، فاس محترقة) للشاعر المصري محمود أبو الوفا.

وكنت أحب أن أجد في كلمة الأستاذ سامي أمين ما أناقشه إيضاحا لرأيي الفني في الشعر - فأنا لا أحب إهمال آراء الناس وعدم الاهتمام بها - ولكنني أسف لأنني لا أجد هنا رأيا فنيا صالحا للمناقشة. إنما أجد تهجما ينقصه الاتزان والجد واللياقة: أولا: على صاحب أنفاس محترقة حيث يقول الكاتب: (هذا الهذيان المطلق الذي لا تربط بينه قافية واحدة ولا فكرة واحدة وثانيا: علي أنا حيث يقول: (فيريد الشعر بهذا الشكل المشوه الممسوخ) ثم باتهامي بالمحاباة لمجرد أن الشعر مصري!.

وقراء الرسالة الذين يعرفونني أكثر مما يعرفني السيد سامي يعرفون أن المحاباة وفكرة القومية المصرية الضيقة هما آخر تهتمين يمكن إلصاقها بي!. أما ذوقي الأدبي كناقد فني فأمره متروك لهؤلاء كذلك!.

وأنا أعتذر للسيد سامي أمين إذا لم أجد فيما عرض بعد ذلك شيئا أناقشه؛ فهو مجرد ذوق بدائي جدا في فهم الشعر كنت أحسب أننا انتهينا منه منذ زمن طويل. ونماذج من الشعر تمد يدك فتجد منها حيث شئت الكثير!.

وهذا الذي عرضه لا يمثل نهضة الشعر العراقي حيث تلتمع قوية مرموقة تشير إلى معقد الزعامة الشعرية في العالم العربي. ولعل الفرص تسنح لعرضها قريبا.

سيد قطب

بغداد بين الرشيد والمنصور:

ذكر الدكتور أحمد أمين بك، في كتابه الأخير عن هارون الرشيد، ص 25 ما نصه:

(فمما فعله الرشيد أن سمي بغداد مدينة السلام، تشبيها لها بالجنة (دار السلام) وسمي قصر الخلافة بالحريم تلميحا إلى البيت الحرام، وجلب بعضا من الأنصار وسماهم بالأنصار، وجعل بابا من أبواب بغداد قليل الارتفاع لكي ينحني الداخل منه تشبيها بالسجود احترام للخليفة، كما يفعل الداخل إلى الكعبة، وسمي الخيزران أم الخلفاء تشبيها بما سمي به الرسول عائشة أم المؤمنين).

ولنا على هذا الكلام عدة مآخذ:

(1) للذي اجزم به أن هذا المعنى قد نسبة المؤرخون إلى الخليفة الثاني (آبي جعفر المنصور) ويخطئ من ينسبه إلى هارون الرشيد، لن أبا جعفر هو الذي أقام بغداد واختطها لتكون عاصمة ملكة، والأستاذ الكبير نفسه قد نسب هذا إلى المنصور في كتابه الأخير عن (المهدي والمهدوية).

(2) ومهما يكن من شئ فان هذه الفكرة مفتراة على آبي جعفر المنصور؛ ووضعها بعض غلاة الشيعة تشويها لحكم هذا الخليفة العظيم؛ وطعنا على خلافة العباسين، وقد تورط في هذا الأستاذ (جورج زيدان) في كتابه) (تاريخ التمدن الإسلامي) ولم يحاول أن ينقد هذه الرواية، أو ينفيها عن الخليفة المنصور، فذكر أن أبا جعفر زيادة على ما تقدم قد بنى لنفسه قبة من الذهب تعرف بالقبة الخضراء لكي يصرف الناس عن الحج إلى الكعبة إلى الحج إليها، وقد أستند مؤسس الهلال في رأيه هذا إلى خطبة مغرضة خطبها بعض العلويين الخارجين على المنصور، ليحرض على الثورة عليه.

(3) مهما قيل في استبداد المنصور وبطشه بخصومه دفاعا عن ملكه، فلا أتصور أن يبلغ به الآمر إلى المجاهرة بتعطيل ركن من أركان الإسلام، ونحن نعلم أن الدعوة العباسية لم تقم إلا على أساس الدين، والقرابة من رسول الله (ص) ومن مقتضى السياسة والكياسة إلا يجاهر المنصور بعمل كهذا، وقد ذكر الطبري في تاريخه، وأبن الأثير في الكامل: أن أبا جعفر المنصور قام في الناس خطيبا، وذكر ظلم بني أمية، واتخاذهم الكعبة غرضا فقال: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، قضاء مبرم وقول فصل، وما هو بالهزل؛ الحمد لله الذي صدق عبده؛ وأنجز وعده، وبعدا للقوم الظالمين، الذين اتخذوا الكعبة غرضا والفيء أرثا؛ والدين هزوا؛ وجعلوا القران عضين، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون ذلك بما قدمت أيديهم وان الله ليس بظلام للعبيد).

أمين محمد عثمان

تحقيق نسبة أبيات: 1 - قرأت كتاب الشهر (المهدي والمهدوية) للدكتور أحمد أمين بك فوجدت فيه البيتين منسوبين لابن هانئ الأندلسي:

لو كانعلمك بالإله قسما ... في الناس ما بعث الإله رسولا

لو كان لفظك فهم ما أنزل ... القرآن والتوراة والانجيلا

والحق أن هذين البيتين لأبى الطيب المتنبي يمدح بدر بن عمار في قصيدة طويلة ويذكر الأسد كما في ديوانه.

2 - قرأت كتاب الشهر (ملامح من المجتمع العربي) للأستاذ عبد الغني حسن فوجدته ينسب الأبيات الآتية للجارية فضل ص27 من كتابه.

لأكتمن الذي في القلب من حرق ... حتى أموت ولم يعلم به الناس

ولا أقول شكا من كان يعشقه ... إن الشكاة لمن تهوى هي الياس

ولا أبوح بشيء كنت أكتمه ... عند الجلوس إذا ما دارت الكاس

وهذه الأبيات عينها منسوبة للشاعر علي بن الجهم الذي مات مقتولا سنة 249هـ كما في كتاب المنتخب الجزء الثاني ص342 المطبعة بالمطبعة الأميرية سنة 1934 الذي جمعه وترجمه العلماء الآجلة طه باشا والسكندري رحمه الله وأحمد أمين بك وغيرهم من كبار الأدباء فأرجو التنبيه بصحة نسبة هذه الأبيات لقائلها.

عبد العليم علي محمود

غنية لا غنوة:

يقول الشاعر العراقي الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري في العدد 949 من الرسالة الغراء أن (غنوة) من الغنى بمعنى الاكتفاء واليسار كما في جميع المعاجم العربية) والذي أريد أن أنبهه إليه أن الكلمة التي تدل على هذا المعنى هي (غنية) كما في مختار الصحاح إذ يوجد فيه (عنى به عنه غنية بالضم) والمعروف عن الأستاذ عبد القادر إنه شديد الإعجاب بأمير الشعراء أحمد شوقي بك لهذا احليه على قصيدته المشهورة:

روعوه فتولى مغضبا ... أعلمتم كيف ترتاع الظبا

فإنه سيجد هذه الكلمة (غنية) في هذا البيت: كان عن هذا لقبي غنية ... ما لقبي والهوى بعد الصبا

وللأستاذ الفاضل خالص الثناء والتقدير

الصافية

عبد الفتاح الجزار

تصويب في تصويب:

للأستاذ الباحث عبد القادر رشيد الناصري لمحات دوال على لمعة ذهنية واجتهاد في تقصي ما يغرب عن ألفة العربية.

ولقد صوب بيتا من الشعر مرويا عن أبى نواس في كتاب (هارون الرشيد) للدكتور أحمد أمين بك حين تحدث عن معلمي الكتاتيب في هذا العهد، لكن تصويبه في التعليل كان ذا علة!.

أما البيت؛ فقول أبى نواس:

عندها صاح حبيبي ... يا معلم، لا أعود

أما التصويب فقول الأستاذ: (وزنه لا يستقيم إلا بسكون ميم معلم، وسكون يا معلم لا يجوز لأن الاسم منادى معرفة وحركته الرفع).

وأقول: إن الرفع حال أعراب، وحركته علامة؛ والمنادى من المنصوبات والاسم (معلم) مبني على الضم؛ فحركته ليست رفعا!؛ فالصواب إليه يقال (الاسم منادى معرفة وحركته ضمة بناء)، والمعرفة يبنى على ما يرفع به لا أن يكون مرفوعا!.

وجاء في موطن آخر قوله: (إنشاء الله. . وهي خطأه تقارب الخطيئة فإن (إنشاء) مصدر (أنشأ) فالهمزة والنون من كيان الكلمة، على خلاف (إن) (شاء)، آبى هما كلمتان (إن) الحرف و (شاء) الفعل، ومن ثم يجب الفصل.

ولقد أحلنا الخطأ إلى تعجيل رصاف الحروف، وإن كنت به غير ظنين!.

بور سعيد

أحمد عبد اللطيف بدر المدرس بالثانوية