محلى ابن حزم - المجلد الخامس/الصفحة السادسة والعشرون
بقية كتاب النكاح
أحكام لبس الحرير والذهب
1923 - مسألة: ولباس المرأة الحرير والذهب في الصلاة وغيرها: حلال، على أنه قد اختلف في ذلك، فلم يجز ذلك قوم لهن:
كما روينا من طريق أحمد بن شعيب حدثنا أبو بكر بن علي المروزي، حدثنا شريح بن يونس، حدثنا هشيم عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك " أن امرأة سألت ابن عمر عن الحرير فقال لها ابن عمر: من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ".
ومن طريق مسلم، حدثنا ابن أبي شيبة، حدثنا عبيد بن سعيد عن شعبة عن خليفة بن كعب أبي ذبيان قال: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول " ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فإن من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ".
ومن طريق عبد الرزاق، حدثنا معمر عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين أن أبا هريرة كان يقول لأبنته " لا تلبسي الذهب فإني أخاف عليك حر اللهب ".
ومن طريق وكيع عن مبارك، هو ابن فاضلة عن الحسن أنه كره الذهب للنساء
واحتج أهل هذه المقالة بخبر من طريق الحسن أن رسول الله ﷺ قال: يعني النساء أهلكهن الأحمران الذهب والزعفران وهذا مرسل لا حجة فيه وبخبر رويناه من طريق عبد الرزاق بن معمر عن الزهري أن رسول الله ﷺ رأى على عائشة قلابين من فضة ملونين بذهب فأمرها أن تلقيهما وتجعل قلابين من فضة وتصفرهما بالزعفران وهذا مرسل، ولا حجة في مرسل. وبخبر رويناه من طريق شعبة، وسفيان، والمعتمر بن سليمان، وجرير كلهم عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن امرأته عن أخت حذيفة قالت: خطبنا رسول الله ﷺ فقال يا معشر النساء أما لكن في الفضة ما تحلين، أما إنه ليس من امرأة تلبس ذهبا تظهره إلا عذبت به وهذا عن امرأة ربعي وهي مجهولة. ولقد كان يلزم المالكيين والحنفيين الآخذين برواية امرأة أبي إسحاق عند أم ولد زيد بن أرقم، فحرموا به الحلال أن يقول بهذا الخبر، وإلا فهم متناقضون. وبخبر فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن شهر بن حوشب وهو مثله أو أسقط منه عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: إن رسول الله ﷺ رأى علي سوارين من ذهب وخواتم من ذهب فقال لي عليه الصلاة والسلام: أتحبين أن يسورك الله بسوارين من نار وخواتم من نار قالت: لا، قال: فانزعي هذين، أتعجز إحداكن أن تتخذ حلقتين أو تومتين من فضة، ثم تلطخهما بعبير، أو ورس أو زعفران. وخبر آخر فيه: محمود بن عمرو الأنصاري عن شهر: أن أسماء بنت يزيد بن السكن حدثته عن رسول الله ﷺ قال: أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قلدت في عنقها مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصا من ذهب جعله الله في أذنها من النار يوم القيامة. ومحمود بن عمرو ضعيف وآخر من طريق أبي زيد عن أبي هريرة أنه كان مع رسول الله ﷺ فجاءته امرأة عليها سواران من ذهب فقال عليه الصلاة والسلام: سواران من نار فقالت: ما ترى في طوق من ذهب، قال: طوق من نار قالت: فما ترى في قرطين من ذهب قال: قرطان من نار وأبو زيد مجهول وبخبر صحيح رويناه من طريق أحمد بن شعيب أخبرني الربيع بن سليمان بن داود، حدثنا إسحاق بن بكر حدثني أبي عن عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله ﷺ رأى عليها مسكتي ذهب، فقال لها رسول الله ﷺ: ألا أخبرك بما هو أحسن من هذا لو نزعت هذا وجعلت مسكتين من ورق، ثم صفرتهما بزعفران كانتا حسنتين.
وهذا الخبر حجة لنا، لأنه ليس في هذا الخبر: أنه ﷺ نهاها عن مسكتي الذهب، إنما فيه: أنه عليه الصلاة والسلام اختار لها غيره ونحن نقول بهذا. واحتجوا بخبر رويناه من طريق أبي داود، حدثنا عبد الله بن مسلمة هو القعنبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن أسيد بن أبي أسيد البراد عن نافع، عن ابن عباس عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: من أحب أن يحلق جبينه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق جبينه طوقا من نار فليطوقه طوقا من ذهب، ومن أحب أن يسور جبينه بسوار من نار فليسوره سوارا من ذهب ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها.
قال أبو محمد: هذا مجمل يجب أن يخص منه قول رسول الله ﷺ: إن الذهب حرام على ذكور أمتي حلال لأناثها. لأنه أقل معان منه ومستثنى بعض ما فيه وذكروا ما رويناه من طريق أحمد بن شعيب، حدثنا وهب بن بيان، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يخبر أن رسول الله ﷺ كان يمنع أهله الحلية والحرير، ويقول: إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا.
قال أبو محمد: أبو عشانة غير مشهور بالنقل ثم لو صح لكان عاما للرجال والنساء يخصه الخبر الذي فيه أن الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حلال لأناثها. وحديث آخر من طريق أحمد بن شعيب أنا عبيد الله بن سعيد نا معاذ بن هشام هو الدستوائي نا أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثني زيد، هو ابن سلام عن أبي سلام هو ممطور الحبشي عن أبي أسماء الرحبي هو عمرو بن مرثد قال: إن ثوبان مولى رسول الله ﷺ قال: جاءت ابنة هبيرة إلى رسول الله ﷺ وفي يدها فتخ قال معاذ: كذا في كتاب أبي أي خواتم كبار فجعل رسول الله ﷺ يضرب يديها فدخلت على فاطمة تشكو ذلك إليها، فنزعت فاطمة سلسلة من ذهب في عنقها، فقالت: هذه أهداها أبو حسن، فدخل رسول الله ﷺ والسلسلة في يدها، فقال: أيسرك أن تقول الناس ابنة رسول الله وفي يدك سلسلة من نار ثم خرج ولم يقعد، فأرسلت فاطمة بالسلسلة إلى السوق فباعتها واشترت بثمنها غلاما وذكر كلمة معناها: فأعتقته فحدث بذلك ﷺ فقال: الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار.
قال أبو محمد: أما ضرب رسول الله ﷺ يدي بنت هبيرة فليس فيه: أنه عليه الصلاة والسلام إنما ضربها من أجل الخواتم، ولا فيه أيضا: أن تلك الخواتم كانت من ذهب. ومن زاد هذين المعنيين في الخبر فقد كذب بلا شك، وقفا ما لا علم له به، وما لم يخبر به راوي الخبر، وهذا حرام بحت، وقد يمكن أن يكون عليه الصلاة والسلام ضرب يديها لأنها أبرزت عن ذراعيها ما لا يحل لها إبرازه، أو لغير ذلك مما هو عليه الصلاة والسلام أعلم به.
وأما قوله أيسرك أن يقول الناس ابنة رسول الله وفي يدك سلسلة من نار فظاهر اللفظ الذي ليس يفهم منه سواه أنه عليه الصلاة والسلام إنما أنكر إمساكها إياها بيدها، ليس في لفظ الخبر نص بغير هذا، ولا دليل عليه، وليس فيه أنه عليه الصلاة والسلام نهاها عن لباسها، ولا عن تملكها، هذا لا شك فيه. وقد يمكن أنه عليه الصلاة والسلام علم أنها لم تزكها وكانت مما تجب فيه الزكاة كما قال عز وجل: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}.
والله أعلم لأي وجه أنكر كون السلسلة في يدها رضي الله عنها إلا أنه ليس فيه ألبتة تحريم لباسها لها، بل فيه نصا: أنه عليه الصلاة والسلام أباح لها ملكها يقينا لا شك فيه، لأنه جوز بيعها للسلسلة، وجوز للمشتري لها منها شراؤها،
وأما إمساكها باليد الذي في هذا الخبر إنكاره فقد نسخ بيقين لا شك فيه، لأيجاب رسول الله ﷺ الزكاة في الذهب وإباحته عليه الصلاة والسلام بيع الذهب بالذهب مثلا بمثل، وزنا بوزن، وإباحته عليه الصلاة والسلام بيع قلادة الذهب التي أصيبت بخيبر بعد أن أمر بنزع الخرز عنها، وبيع الذهب بالذهب مثلا بمثل، ولم يحرم بيع القلادة التي فيها الذهب، ولا ابتياعها، ولا أمر بكسرها.
ولا خلاف في أن إيجاب الزكاة في الذهب وإباحة بيعه بالذهب مثلا بمثل باق إلى يوم القيامة لم ينسخ.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام إذ بلغه بيع فاطمة رضي الله عنها السلسلة الذهب وابتياعها بثمنها غلاما فأعتقته الحمد لله الذي أنقذ فاطمة من النار. فالذي لا شك فيه، فهو أنه قد صح عن رسول الله ﷺ ما رويناه من طريق مسلم نا قتيبة بن سعد، حدثنا الليث، هو ابن سعد، عن ابن الهاد عن عمر بن علي بن الحسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال: من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من النار حتى فرجه بفرجه. فنحن على يقين من أن الله تعالى أنقذها من النار بعتقها للغلام
ومن ادعى أنه إنما أنقذها من النار ببيعها السلسلة فقد قفا ما لا علم له به، وقال ما لا دليل له عليه، ولا برهان عنده بصحته، وما ليس في الخبر منه نص، ولا دليل إلا بالظن الذي هو أكذب الحديث. وقد جاء في كراهة مس حلي الذهب أثر صحيح:
كما روينا من طريق أبي داود، حدثنا ابن نفيل هو عبد الله بن محمد بن نفيل، حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت قدمت على رسول الله ﷺ حلية من عند النجاشي أهداها له فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي قالت: فأخذه رسول الله ﷺ بعود معرضا أو ببعض أصابعه، ثم دعا أمامة بنت أبي العاص ابنة زينب فقال: تحلي بهذا يا بنية. فهذا رسول الله ﷺ قد كره مس خاتم الذهب فلعله كرهه لفاطمة أيضا، ومع ذلك حلاه أمامة بنت أبي العاص.
قال أبو محمد: والحاكم على كل ذلك هو ما رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، هو ابن سعيد القطان ويزيد، هو ابن زريع ومعتمر، هو ابن سليمان التيمي وبشر بن المفضل قالوا كلهم :، حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري " أن رسول الله ﷺ قال: إن الله أحل لأناث أمتي الحرير والذهب وحرمه على ذكورها. ورويناه أيضا: من طريق حماد بن سلمة، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأبي معاوية الضرير، وحماد بن مسعدة كلهم عن عبيد الله بن عمر بإسناده، إلا أنهم اقتصروا على ذكر الحرير فقط إلا حماد بن سلمة فإنه ذكر: الحرير والذهب. ورويناه أيضا: من طريق سعيد بن أبي عروبة، ومعمر، وكلاهما عن أيوب السختياني عن نافع بإسناده وذكر الحرير والذهب وهو أثر صحيح؛ لأن سعيد بن أبي هند ثقة مشهور روى عنه نافع وموسى بن ميسرة.
ومن طريق أبي داود، حدثنا أحمد بن حنبل نا يعقوب، هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: إن نافعا مولى ابن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر قال: إنه سمع رسول الله ﷺ نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس، أو الزعفران، من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من معصفر، أو حذاء، أو حلي، أو سراويل، أو قميص، أو خف فعم رسول الله ﷺ لها جميع الحلي، ولو كان الذهب حراما عليهن لبينه عليه الصلاة والسلام بلا شك، فإذ لم ينص على منعه، فهذا حلال لهن. وبالله تعالى التوفيق وبهذا تقول جماعة من السلف:
روينا من طريق حماد بن سلمة، وقتادة، قال قتادة عن علي بن عبد الله البارقي، وقال حماد عن عقبة بن وساج، كلاهما، عن ابن عمر أنهما سألاه عن الحرير والذهب فقال: يكرهان للرجال، ولا يكرهان للنساء.
ومن طريق شعبة عن سليمان بن أبي المغيرة البزار عن سعيد بن جبير قال: رأى حذيفة صبيانا عليهم قمص حرير فنزعه عن الغلمان، وأمر بنزعه عنهم، وتركه على الجواري.
وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، ومالك، وأبي سليمان وأصحابه.
1924 - مسألة: والتحلي بالفضة، واللؤلؤ، والياقوت، والزمرد: حلال في كل شيء للرجال والنساء، ولا نخص شيئا إلا آنية الفضة فقط، فهي حرام على الرجال والنساء، على خبر البراء بن عازب وقد ذكرناه في " كتاب الصلاة " لأن الله عز وجل يقول: {خلق لكم ما في الأرض جميعا} . وقال تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم} . فلم يفصل عز وجل تحريم التحلي بالفضة في ذلك، فهي حلال . وقد خص قوم بالإباحة حلية السيف، والمنطقة، والخاتم، والمصحف وهذا تخصيص لا برهان على صحته فهو دعوى مجردة . وأما اللؤلؤ فقد قال الله عز وجل: {ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر} . قال علي: ولا يخرج من البحر إلا اللؤلؤ، فهو بنص القرآن حلال للرجال والنساء - وبالله تعالى التوفيق.
أحكام الصلح بين الزوجين
1925 - مسألة: وإذا شجر بين الرجل وامرأته: بعث الحاكم حكما من أهله، وحكما من أهلها عن حال الظالم منهما، وينهيا إلى الحاكم ما وقفا عليه من ذلك، ليأخذ الحق ممن هو قبله، ويأخذ على يدي الظالم، وليس لهما أن يفرقا بين الزوجين، لا بخلع، ولا بغيره.
برهان ذلك: قول الله عز وجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما}.
قال أبو محمد: الأهل القرابة: هم من الأب والأم والأهل أيضا: الموالي، كما روينا في حديث أبي طيبة أن رسول الله ﷺ أمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه.
وقال عز وجل: {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} فلا يخلو ضرورة الضمير الذي في " بينهما " من أن يكون راجعا إلى الزوجين وهكذا نقول أو يكون راجعا إلى الحكمين، فنص الآية: أنه إنما يوفق الله تعالى بينهما إن أرادا إصلاحا، والإصلاح هو قطع الشر بين الزوجين.
فإن قيل: قد قال الله عز وجل: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} يعني الطلاق، وقد قرئ " أن يصلحا ".
قلنا: نعم، وإنما رد عز وجل هذا الصلح إلى اختيار الزوجين، لا إلى غيرهما، وعليهما، ولا يعرف في اللغة، ولا في الشريعة: أصلحت بين الزوجين أي طلقتها عليه وقد اختلف السلف في هذا: فقالت طائفة: لهما أن يفرقا:
كما روينا أن عثمان بعث ابن عباس ومعاوية حكمين بين عقيل بن أبي طالب وامرأته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقيل لهما: إن رأيتما أن تفرقا فرقتما. وهذا خبر لا يصح، لأنه لم يأت إلا منقطعا. رويناه، عن ابن عباس أيضا: من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف وصح عن علي بن أبي طالب، أنه قال للحكمين بين الزوجين: عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما. وصح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والشعبي، وسعيد بن جبير؛ والحكم بن عتيبة، وعن ربيعة وشريح، وروي عن طاووس والنخعي.
وهو قول مالك، والأوزاعي، وأبي سليمان، وأصحابنا، إلا ابن المغلس. وقال آخرون: ليس للحكمين أن يفرقا، حدثنا أحمد بن عمر بن أنس العذري، حدثنا أبو ذر الهروي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، حدثنا إبراهيم بن خريم، حدثنا عبد بن حميد الكشي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا هشام، هو ابن حسان عن الحسن البصري قال: لهما يعني الحكمين أن يصلحا، وليس لهما أن يفرقا وبه إلى عبد بن حميد، حدثنا يونس عن شيبان، هو ابن فروخ عن قتادة في قول الله عز وجل: {وإن خفتم شقاق بينهما}. قال قتادة: إنما بعث الحكمان ليصلحا، فإن أعياهما ذلك شهدا على الظالم بظلمه، وليس بأيديهما الفرقة، ولا يملكان ذلك.
ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء: أن إنسانا قال له: أيفرق الحكمان قال عطاء: لا، إلا أن يجعل الزوجان ذلك بأيديهما.
وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأبي الحسن بن المغلس. وصح عن سعيد بن جبير: أن التفريق إلى الحاكم بما ينهيه إليه الحكمان
قال أبو محمد: ليس في الآية، ولا في شيء من السنن: أن للحكمين أن يفرقا، ولا أن ذلك للحاكم.
وقال عز وجل: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها}. فصح أنه لا يجوز أن يطلق أحد على أحد، ولا أن يفرق بين رجل وامرأته، إلا حيث جاء النص بوجوب فسخ النكاح فقط، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ.