نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام/القسم الأول


القسم الاوّل
في المبــــــــاحث
المبحث الاوّل
في تحديد يوم موت ابراهيم بن النبي عليه الصلاة
والسلام بكسوف شمسي

روى البخاري الحديث الآتي — وإني أسرده مع شرحه الذي نقلته من كتاب الكسوف بإختصار — وهو « (حدثنا عبد الله بن محمد) المسندي (قال حدثنا هاشم بن القاسم) هو أبو النضر الليثي (قال حدثنا شيبان أبو معاوية) النحوي (عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة) رضي الله تعالى عنه (قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات) ابنه من مارية القبطية (ابراهيم) بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة كما عليه جمهور أهل السير في ربيع الأول أو في رمضان (فقال الناس كسفت الشمس لموت ابراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) انتهى فعلى ما قاله هذا الشارح يكون موت ابراهيم في ربيع الاول أو فى رمضان من السنة العاشرة الهجرة * وفي السيرة الحلبية في باب أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتي « وفى سنة ثمان من الهجرة في ذي الحجة ولدت له صلى الله عليه وسلم مارية القبطية رضي الله عنها ولده إبراهيم ومات سنة عشر من الهجرة واختلف في سنه فقيل سنة وعشرة أشهر وستة أيام وقيل ثمانية عشر شهرا ولما كسفت الشمس في ذلك اليوم قال قائل کسفت لموت ابراهیم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكسف لموت أحد ولا لحياته وفي لفظ أن الشمس والقمر آيتان من ايات الله يخوف الله بهما عباده فلا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته » انتهى

وعلى هذه الرواية تكون ولادة ابراهيم في شهر ذى الحجة وقد رجح هذا الرأي كثير من العلماء الراسخين والافاضل الباحثين ففي الجزء الثالث من تاريخ العرب للموسيو كوسان دو برسوال ما معرّبه

« وعاد محمد (صلى الله عليه وسلم) الى المدينة في أواخر ذي القعدة وبعد رجوعه بأيام قليلة أعني فى أوائل ذى الحجة (آخر مارث سنة ٦٣٠ مسيحية) رزق بغلام من سريته مارية القبطية » انتهى.

فقد اتضح مما تقدم أن كافة المؤرخين على أن ولادة ابراهيم كانت في ذى الحجة من السنة الثامنة للهجرة ولكنهم اختلفوا فى عمره فقيل سنة وعشرة أشهر وستة أيام١ وقيل ثمانية عشر شهرا فقط فأما القول الاخير قلا يلتفت اليه اذ ينبني عليه أن موت ابراهيم كان في جمادى الثانية ولا قائل به وأما الرأي الأوّل فاني أعتبره الاصح الذي يجب أن لا يعوّل على سواه لاننا اذا حسبنا سنة وعشرة أشهر وستة أيام مبتدئين بغرة ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة لوصلنا الى شهر شوّال من السنة العاشرة الهجرية وهذا أقرب لما نصّ عليه شارح الحديث السابق الذى يجعل موت ابراهيم في شهر رمضان فانه لا يفترق عنه الا بشهر واحد وعلى ذالك يكون موت ابراهيم اما في شهر رمضان واما في شهر شوّال فلاجل تعيين أيّ الشهرين وقعت فيه الوفاة يلزمنا أن نستعين باعتبارات وملحوظات فلكية

فمن المعلوم أن سير الاشهر العربية القمرية الاسلامية لم يتخلله قط نسيء أي زيادة شهر في آخر السنة منذ العام العاشر من الهجرة الى الآن وعلى ذلك لوفرضنا وقتا معينا على الحساب العربي ورجعنا بالحساب القهقرى نجد بقتضى الحسابات الفلكية أن الكسوف وقع حقيقة في المدينة المنورة في أواخر شوّال ولا يجوز وقوعه في شهر رمضان تحقق اذن أن موت ابراهيم كان في شوّال

وقد تتبعت حسابا دقيقا فاتضح لي منه أن الشمس كسفت في المدينة المنورة٢ في الساعة ٨ والدقيقة ٣٠ بعد نصف الليل من يوم ٢٧ يناير سنة ٦٣٢ م وبناء على ذلك يكون اليوم التاسع والعشرون من شوّال من السنة العاشرة للهجرة موافقا لليوم السابع والعشرين من يناير سنة ٦٣٢ فهذه مسئلة فلكية قد توصلنا إلى تحقيقها فاجعلها على بال منك

المبحث الثاني
في تعيين وقت الهجرة

روی صاحب السيرة الحلبية الحديث الآتي
وفي كلام الحافظ ناصر الدين عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة يوم عاشوراء٣ فاذا اليهود صيام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا قالوا هذا يوم أغرق الله تعالى فيه فرعون ونجى فيه موسى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى بموسى فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصومه هذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم والمدينة يحتمل أن المراد بها قباء ويحتمل أن المراد بها باطنها »

فلاجل أن نقف على الفائدة التي تضمنها هذا الحديث يلزم معرفة ما يعنون بعاشوراء الذي يوافق دخول النبي المدينة فاذا جرينا على عرف الاسلام من أن عاشوراء هي العاشر من شهر الله الحرام يكون الحديث مناقضا لما جاء من أن الهجرة كانت في شهر ربيع الاوّل على ما نطقت به الروايات الصحيحة فمن الضرورى اذن أن نعرف هل كانت كلمة عاشوراء تطلق في عصر النبوّة على وقت آخر من السنة غير العاشر من المحرم وماسنورده عليك من النصوص والادلة يعين لنا اليوم الحقيقي المعني من لفظ عاشوراء الذي أسدل على هذا الحديث حجب الابهام وأوقع الافهام في أوهام بل ان ذلك هو الذى حمل صاحب السيرة الحلبية على تعقيب روايته السابقة بقوله

وفي كونه صلى الله عليه وسلم وجدهم صائمين لذاك اليوم اشكال لان يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم أو هو اليوم التاسع منه كما يقول ابن عباس فكيف يكون في ربيع الأوّل وأجيب بأن السنة عند اليهود شمسية لا قمرية فيوم عاشوراء الذي كان عاشر المحرم واتفق فيه غرق فرعون لا يتقيد بكونه عاشر المحرم بل اتفق أنه في ذلك الزمن أي زمن قدومه صلى الله عليه وسلم كان وجود ذلك اليوم بدليل سؤاله صلى الله عليه وسلم اذ لو كان ذلك اليوم يوم عاشوراء ما سأل ومما يؤيد ذلك ما في المعجم الكبير للطبراني عن خارجة بن زيد عن أبيه قال ليس يوم عاشوراء الذي يقول الناس انما كان يوم تستر فيه الكعبة وتلعب فيه الحبشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور فى السنة وكان الناس يأتون فلانا اليهودي فيسألونه فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت فسالوه » فقد ظهر من هذا أن يوم عاشوراء الذي نحن بصدده هو يوم معين في السنة القمرية الشمسية عند اليهود وعرب مكة وبقي علينا أن نعرف فى أي شهر وفي أي يوم كان دخوله عليه الصلاة والسلام المدينة المنوّرة

قان البيروني في كتاب الآثار ما يأتي

« وقد قيل أن عاشوراء عبراني معرب يعني عاشور وهو العاشر من تشري اليهود الذي صومه صوم الكبور وانه اعتبر فى شهور العرب فجعل في اليوم العاشر من أول شهورهم كما هو اليوم العاشر من أوّل شهور اليهود » فمن جميع ما ذكر ينتج أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة فى ١٠ تشري وقد فرض في التوراة صوم هذا اليوم ولا يزال اليهود الى هذا العهد يحافظون على صيامه ويتقربون باکرامه

وعندي أن هذه النتيجة هي عين الحقيقة وأن ما ورد من أن ذلك اليوم كان يوم اثنين حق لا مرية فيه ولتعيين وقت تلك الحادثة في التقويم الميلادى لا يلزمنا سوى البحث عما يقابل اليوم العاشر من سنة اليهود٤ في أيام سنة ٦٢٢ مسيحية فانه لا مشاحة في أن الهجرة وقعت في خلال هذه السنة

والذي يتضح من الحساب٥ ان هذا اليوم كان موافقا لعشرين من سبتمبر وهذا هو اليوم الثامن من الشهر القمري باعتبار الانفصال وذلك لان اجتماع النيرين كان في يوم السبت ۱۱ سبتمبر بعد نصف الليل بساعة تقريبا على حساب باريس٦ ولم يتيسر للناس رؤية الهلال بالعين المجردة الا فى مساء الاحد من ١٢ الى ١۳ سبتمبر حتى صار حساب يوم الاثنين ١٣ سبتمبر أوّل الشهر الهلالي

وقد اختلف الرواة وأصحاب السير في يوم دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة أهو اليوم الثاني أم الثامن أم الثاني عشر من ربيع الأوّل كما أنهم اتفقوا على أن هذا اليوم كان يوم اثنين وعندي أن أرجح هذه الايام ما يدل الحساب على أنه كان يوم اثنين وحيث ان الحساب لا يؤدى البتة الى أن الثاني أو الثاني عشر من ربيع الأوّل المذكور كان يوم اثنين تعين بالضرورة ان الثامن هو يوم وقوع الحادثة وتكون الخلاصة أن الهجرة أو دخول النبي عليه الصلاة والسلام المدينة كان في يوم الاثنين ثامن ربيع الاوّل الموافق ٢٠ سبتمبر سنة ٦٢٢ للميلاد و۱۰ تشري سنة ٤٣٨٣ للخليفة وأرى من المفيد قبل تجاوز هذا الموضوع أن أتبع ما تقدم ببعض ملحوظات لها ارتباط بالحديث الأصلي وليتنبه القارئ إلى أن تكرر هذا الحديث جملة مرار عن مصادر مختلفة في صحيح البخاري ومسلم يمكن اعتباره برهانا على صحته غير أن في بعضه مخالفة لما جاء في التوراة وذلك في قوله « فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا قالوا هذا يوم أغرق الله تعالى فيه فرعون ونجى موسى » فانه يناقض ما جاء في كتاب اليهود من أن موسى عليه الصلاة والسلام عبر البحر الاحمر فى اليوم الحادي والعشرين من نيسان وهو اليوم السابع بعد فصح اليهود، وقد حققت لك في شرح الحديث أن هـذا اليوم كان العاشر من شهر تشري

فهل يؤخذ من عدم موافقة الحديث لما جا في التوراة عدم صحته، کلا ثم كلا، ولكن ابن عباس رضي الله عنه لم ينقل الا ما رآه وسمعه من بعض يهود لا شك في قلة معرفتهم، وغاية ما ينتج من ذلك انهم كانوا يجهلون سبب فرض الصيام في هذا اليوم أي العاشر من تشري، على أن هذه العبارة المخالفة لما ورد في التوراة ساقطة بالكلية فيما رواه البخاري في موضع آخر من طريق أبي موسى أحد مشاهير الصحابة الاعلام حيث قال:

« حدثنا أحمد أو محمد بن عبد الله الغداني قال حدثنا حماد بن أسامة قال حدثنا أبو عميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحن أحق بصومه فأمر بصومه »

هذا ولم يتيسر لبعض العلماء فهم حقيقة الحديث على الوجه الذي بينا فزلت أقدامهم وأتوا بما ينكره العقلاء، وخبطوا خبط عشواء في ليلة ليلاء، حيث جزموا بأن الهجرة كانت في العاشر من محرم وأن ذلك اليوم كان العاشر من تشري، وقد أثبت البيروني صاحب كتاب الآثار استحالة هذا التوافق الذي انبنى عليه الرأي المذكور وبين فساد ما زعموا ورشقهم بسهام التخطىء والتفنيد حتى كاد يطعن في صحة رواية ابن عباس رضی الله عنهما وهاك ما قاله في هذا الشان:

« وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم عنه فأخبروه أنه اليوم الذى أغرق الله فيه فرعون وآله ونجى موسى ومن معه فقال عليه الصلاة والسلام نحن أحق بموسى منهم فصام وأمر أصحابه بصومه، فلما فرض صوم شهر رمضان لم يأمرهم ولم ينههم » وهذه الرواية غير صحيحة لان الامتحان يشهد عليها، وذلك أن أوّل المحرم كان سنة الهجرة يوم الجمعة السادس عشر من تموز سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة للاسكندر، فاذا حسبنا أوّل سنة اليهود في تلك السنة كان يوم الأحد الثاني عشر من أيلول ويوافقه اليوم التاسع والعشرون من صفر ويكون صوم عاشوراء يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الأول وقد كانت هجرة النبي عليه الصلاة و السلام في النصف الاوّل من ربيع وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل عليّ فيه وهاجرت فيه، ثم اختلف في أيّ الاثانين كانت الهجرة فزعم بعضهم أنها في اليوم الثاني من ربيع الاوّل وزعم بعضهم أنها في اليوم الثامن منه وزعم آخرون أنها في اليوم الثاني عشر منه، والمتفق عليه الثامن ولا يجوز أن يكون الثاني ولا الثاني عشر لانهما ليسا يوم اثنين من أجل أن أوّل ربيع الأوّل في تلك السنة كان يوم الاثنين فيكون على ما ذكرنا قدوم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة قبل عاشوراء بيوم وليس بمتفق وقوعه فى المحرم الا قبل تلك السنة ببضع سنين أو بعدها بنيف وعشرين سنة فكيف يجوز أن يقال ان النبي عليه الصلاة والسلام صام عاشوراء لاتفاقه مع العاشر في تلك السنة (الا بعد أن نقل من أوّل شهور اليهود إلى أوّل شهور العرب نقلا لاتفاقه معه) وكذلك فى السنة الثانية من الهجرة كان العاشور يوم السبت من أيلول والتاسع من ربيع الاوّل فما ذكروه من اتفاقهما حينئذ محال على كل حال

وأما قولهم ان الله أغرق فرعون فيه فقد نطقت التوراة بخلافه وقد كان غرقه في اليوم الحادي والعشرين من نيسان وهو اليوم السابع من أيام الفطير وكان أوّل فصح اليهود بعد قدوم النبي المدينة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من أذار سنة ثلاث وثلاثين٧ وتسعمائة للاسكندر ووافقه اليوم السابع عشر من شهر رمضان واليوم الذي أغرق الله فيه فرعون كان اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان فاذن ليس لما رووه وجده البتة » انتهى كلام البيروني

ومنه يظهر لي انه وقع فيما طعن به على العلماء اذ مآل أقواله كما ستعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة في يوم عاشوراء اليهود وأن هذا اليوم هو يوم عاشوراء المسلمين وأن الله نجى موسى صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم

وذلك لانه قال « وهذه الرواية غير صحيحة لان الامتحان يشهد عليها » واستدل على ذلك بثلاثة وجوه، الأوّل عدم توافق العاشوراوين، الثاني أن عاشوراء اليهود كان يوم الثلاثاء وأما دخول النبي عليه الصلاة والسلام المدينة فقد كان يوم الاثنين الذي قبله، الثالث أن نجاة موسى عليه الصلاة والسلام من الغرق لم تكن في مثل هذا اليوم

وهذه الأوجه التي استدل بها على عدم صحة الحديث لا تثبت مدّعاه ولا تقوم برهانا على ما رآه وكيف تفيد الثبوت وهى أوهى من بيت العنكبوت وستتجلى لك حقيقة المسئلة فيما سنورده عليك من القول المبين فألق السمع وكن من المتبصرين

أما الوجه الأوّل وهو عدم توافق العاشوراوين فليس برهانا على عدم صحة الحديث فانه لم يشر إلى ذلك قط وجلّ ما يتضح من عدم التوافق المذكور خطأ الذين زعموا أن الحديث يفيد توافق العاشوراوين مع تأييدهم صحة الحديث هذا وان البيروني نفسه لم يورد ذلك الا ليثبت استحالة التوافق وان ظهر من سياق كلامه القدح في الحديث من غير حق ولا برهان

وأما الوجه الثاني فغير صحيح أيضا لاننا لو راجعنا حسابه لاتضح لنا منه تقوية الحساب لا تضعيفه وذلك أننا اذا دققنا الحساب يظهر لنا أن أوّل يوم من تشري سنة اليهود التي كان أوّلها في خلال السنة الاولى من الهجرة هو يوم السبت ۱۱ أيلول ( ١١ سبتمبر الموافق غاية صفر) وليس يوم الاحد ١٢ أيلول كما قاله البيروني فنتج من ذلك أن عاشوراء أو العاشر من تشري هو يوم الاثنين ٨ ربيع الأوّل لا يوم الثلاثاء ۹ منه كما زعمه

وأما الوجه الثالث فقد سبق لنا الكلام عليه في هذا المبحث وبينا انه لا يضر بصحة الحديث أبدا

فقد تبين لك مما سردناه أن لا وجه للبيروني فيما أبداه في هذه الأوجه الثلاثة فيؤل كلامه الى التحاده مع من ردّ عليهم وبالغ في تفنيد أقوالهم كما قدمنا

وفضلا عن ذلك يمكننا أن نثبت بطرق أخرى أن دخول النبي عليه الصلاة والسلام المدينة كان حقيقة في ٢٠ سبتمبر سنة ٦٢٢ الموافق العاشر من تشري الذي هو يوم عاشوراء عند اليهود

الطريق الاولى - قال المسعودي فى مروج الذهب « وبن تاريخ يزدجرد وتاريخ الهجرة من الايام ثلاثة آلاف وستمائة وأربعة وعشرون يوما »

ولقد أجمعوا على أن دخول النبي صلى الله عليه وسلم كان في اليوم السابع والستين بعد اليوم الأوّل من المحرم الذى هو أوّل شهور التاريخ الهجري وحينئذ يكون الفرق بين تاريخ الهجرة وتاريخ يزدجرد هو ثلاثة آلاف وستمائة وأربعة وعشرون يوما مطروحا منها سبعة وستون يوما أعنى ٣٦٢٤ - ٦٧ = ٣٥٥٧

و حيث كان أول تاریخ يزدجرد يوم الثلاثاء ١٦ يونيو سنة ٦٣٢ مسيحية (بعد موته صلى الله عليه وسلم بثمانية أيام أو تسعة) فيكفي لمعرفة اليوم اليولياني المقابل ليوم الهجرة أن نحسب ٣٥٥٧ يوما راجعين الى خلف من ابتداء ١٦ يونيو سنة ٦٣٢ مسيحية، فبعد انتهاء العملية نجد أنه هو يوم ٢٠ سبتمبر سنة ٦٢٢ عيسوية و هو يوم اثنين فثبت من ذلك أن دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنوّرة كان يوم الاثنين ٢٠ سبتمبر سنة ٦٢٢ من الميلاد و هذا اليوم يوافق ۱۰ تشري عند اليهود

الطريق الثانية - رأيت في آخر أحد الكتب العربية المحفوظ بنمرة ١١٣١ بقاعة تكملة الكتب العربية بكتبخانة باريس الأهلية العبارة الآتية

« ان بين أول يوم من السنة التي (فيها) حاذت الشمس أوّل دقيقة من الحمل (أو وقت حصول الاعتدال الربيعي) من سنة انتقال الممر الدال على الملة (وهو اقتران المشتري بزحل الذى سبق ولادته عليه السلام) و بين أوّل يوم من سنة الهجرة نا سنة فارسية (أعنى احدى وخسين سنة فارسية) وأربعة أشهر وثلاثة (صوابه ثمانية) أيام وست عشرة ساعة »

أقول ان الاعتدال الربيعي المشار اليه أعقبه قران المشترى بزحل وبالحساب يتضح لنا أنه وقع قبل ولادته صلى الله عليه وسلم قران في يوم ٢٩ أو ٣٠ مارث سنة ٥٧١ مسيحية كما سنبينه فيما بعد وقد ظهر لي من الحساب أن الاعتدال وقع فى ۱۹ مارث سنة ٥٧١ الساعة ۱٥ والدقيقة ۱۱ بعد تصف الليل على حسب الزمن الوسطي للمدينة المنوّرة فيكون حينئذ أول يوم من شهر المحرم سنة الهجرة هو بعد يوم ۱۹ مارث و۱٥ ساعة و۱۱ دقيقة من سنة ٥٧١ مسيحية باحدى وخمسين سنة فارسية وأربعة شهور وثمانية أيام وست عشرة ساعة، وحيث ان السنة الفارسية تساوى ٣٦٥ فاذا حولنا تلك المدة الزمنية الى أيام تحصل ١٨٧٤٣ يوما و١٦ ساعة أو ١٨٧٤٤ يوما بعد جبر الكسر، وحيث ان الهجرة حصلت بعد ابتداء المحرم بشهرين وثمانية أيام فيكون بين الهجرة وبين الاعتدال الربيعي المذكور ١٨٧٤٤ x ٦٧ يوما أي ۱۸۸۱۱ يوما وقد علمت أن الاعتدال الربيعي كان في ۱۹ مارث سنة ٥٧١ مسيحية وذلك يجعل الهجرة في يوم الاثنين ٢٠ سبتمبر سنة ٦٢٢ مسيحية الموافق ۱٠ تشري الذي هو يوم صوم الكبور عند اليهود

المبحث الثالث
*(في مولد النبي صلى الله عليه وسلم)*

لقد اضطرّني عدم وجود روایات قاطعة بتعيين يوم ولادته صلى الله عليه وسلم إلى أن أسرد في هذا المبحث جملة أدلة ونصوص لها ارتباط بهذا الخصوص

الدليل الأول جاء في الجزء الأوّل من السيرة الحلبية ما يأتي

« عن قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن يوم الاثنين فقال ذلك يوم ولدت فيه، وذكر ابن بكار و الحافظ بن عساكر أن ذلك كان حين طلوع الفجر ويدل له قول جدّه عبد المطلب ولد لي الليلة مع الصبح مولود، وعن سعيد بن المسيب ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ابهيرار النهار أي وسطه وكان ذلك اليوم لمضي ثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأوّل أي وكان في فصل الربيع وقد أشار لذلك بعضهم بقوله

يقول لنا لسان الحال منــــــــــــه * وقول الحق يعذب للسميع
فوجهي والزمان وشهر وضعي * ربيع في ربيع في ربيع

قال وحكى الإجماع عليه وعليه العمل الآن أي في الامصار خصوصا أهل مكة في زيارتهم موضع مولده صلى الله عليه وسلم، وقيل لعشر ليال مضت من ربيع وصحح أي صححه الحافظ الدمياطي وقيل ولد لسبع عشرة ليلة خلت منه وقيل لثمان مضت منه، قال ابن دحية وهو الذي لا يصح غيره وعليه أجمع أهل التاريخ »

فبناء على ذلك يكون مولده عليه الصلاة والسلام في فصل الربيع فى الثامن أو العاشر أو الثاني عشر من شهر ربيع الاوّل على ما قاله الثقات الذين يعتمد على صحة آرائهم ويركن إلى أقوالهم الدليل الثاني جاء في الكتاب السابق ذكره ما ياتي أيضا « قالت حلمية فقدمنا مكة على أمه صلى الله عليه وسلم أي بعد أن بلغ سنتين ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما نرى من بركته صلى الله عليه وسلم فكلمنا أمه وقلنا لها دعينا نرجع به هذه السنة الاخرى فاني أخشى عليه و باء مكة أى مرضها ووخمها فلم نزل بها حتی ردته صلى الله عليه وسلم معنا قالت حليمة فرجعنا به صلى الله عليه وسلم فوالله انه بعد مقدمنا به صلى الله عليه وسلم بأشهر (وعبارة ابن الاثير بعد مقدمنا بشهرين أو ثلاثة) مع أخيه (يعني من الرضاعة) لفي بهم لنا (ولعل هذا لا ينافيه قول المحب الطبري فلما شب وبلغ سنتين لانه ألغى الكسر) فبينما هو صلى الله عليه وسلم وأخوه في بهم لنا خلف بيوتنا (والبهم أولاد الضان) اذ أتى أخوه يشتدّ أي يعدو فقال لي ولابيه ذاك أخي القرشي صلى الله عليه وسلم قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه قالت فخرجت أنا وأبوه فوجدناه قائما منتقعا وجهه قالت حليمة فرجعنا به إلى خبائنا أي محل الاقامة وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر به ذلك قالت فحملناه فقدمنا به مكة على أمه »

وفي موضع آخر من السيرة قال ما يأتي : « وعن حليمة رضي الله تعالى عنها أنها كانت بعد رجوعها به صلى الله عليه وسلم من مكة لا تدعه أن يذهب مكانا بعيد عنها فغفلت عنه يوما فى الظهيرة فخرجت تطلبه فوجدته مع أخته من الرضاعة وهى الشيماء و كانت ترقصه بقولها

هذا أخ لي لم تلده أمي * وليس من نسل أبي وعمي
* فأنمه اللهم فيما تنمي *

فقالت في هذا الحرّ أي لا ينبغي أن يكون في هذا الحر » فيتضح من ذلك أن هذه الحادثة وقعت بعد عودتها به صلى الله عليه وسلم من مكة والرواية الأولى تدل على أن عمره صلى الله عليه وسلم كان في ذلك الوقت سنتين وأنه ردّ لامه بعد أن بلغ سنتين وبضعة شهور (شهرين أو ثلاثة في قول ابن الاثير) وهذا يدل على أن سنه لا ينقص عن سنتين ولا يزيد عن سنتين وثلاثة أشهر حينما أخرجته أخته من الرضاع في وقت الحر الشديد الذي خشيت منه الضرر عليه مرضعته حليمة رضي الله عنها فلا شك أن ذلك كان في فصل الصيف أو فى وقت قريب منه جدا ومن هذا ينتج أن ولادته صلى الله عليه وسلم كانت في فصل الربيع

وفي رأيي أن هذه التتيجة أقرب للصحة وأوفق لما جاء في الدليل الاوّل وما سيجيء في الدلائل التالية

الدليل الثالث قال الشيخ الامام شمس الدين محمد بن سالم المعروف بالخلال في كتاب الجفر الكبير ما يأتي

« وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام ولد شهر ربيع الأوّل في العشرين من نيسان عام الفيل في عهد كسرى أنوشروان فلما أتت عليه أربعون سنة ويوم بعثه الله وذلك في يوم الاثنين فلما أتت له ثلاث وخمسون سنة هاجر الى المدينة »

وحيث ان شهر نيسان المذكور فى هذه العبارة يوافق دائما شهر أبريل فقد ثبت أن ولادته عليه الصلاة و السلام كانت في فصل الربيع

الدليل الرابع قال المسعودي فى مروج الذهب ان ولادته عليه الصلاة و السلام كانت في سنة ٨٨٢ للاسكندر واليك نص عبارته

« والذي صح من مولده عليه الصلاة والسلام انه كان بعد قدوم أصحاب الفيل مكة بخمسين يوما وكان قدومهم مكة يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ثمانمائة واثنتين وثمانين من عهد ذي القرنين وكان قدوم أبرهة مكة لسبع عشرة خلت من المحرم ولست عشرة ومائتين من تاريخ العرب الذى أوّله حجة الغدر ولسنة أربعين من ملك كسرى أنوشروان وكان مولده عليه الصلاة والسلام لثمان خلون من ربيع الأوّل من هذه السنة بمكة »

فالوقت الذي عينه المسعودي لولادته عليه الصلاة والسلام واقع في خلال سنة ٥٧١م

الدليل الخامس قال موسیوکوسان دو پرسوال في صحيفة ٢٨٣ من الجزء الثاني من تاريخ العرب ما تعربيه

قال ابن الأثير أحد الرجال المترجمين في تاريخ الخميس ان كسرى حكم مدة سبع وأربعين سنة وثمانية أشهر (ومؤرخو الروم يذكرون أيضا هذه المدة غير أنهم يفترقون عن مؤرخي العرب في شهر واحد فقط) وذكر ابن الاثير ان كسرى عاش سبع سنين وثمانية أشهر بعد ولادته عليه الصلاة والسلام »

وحينئذ يكون كسرى حكم أربعين سنة كاملة لعهد ولادة النبي صلى الله عليه وسلم

وحيث ان هذا الملك جلس على عرش السلطنة في سنة ٥٣١ مسيحية فتكون ولادته عليه الصلاة والسلام في سنة ٥٧۱ مسيجية

الدليل السادس صرح جرجس بن أبي الياس بن أبي المكارم بن أبي الطيب المعروف بابن العميد فى كتابه المسمى مختصر التواريخ أن محمدا ( صلى الله عليه وسلم) بلغ الثامنة من عمره وقت أن مات كسرى أنوشروان

وحيث ان وفاة هذا الملك كانت في سنة ٥٧٩ مسيحية على ما ذكره صاحب (فن تحقيق التواريخ) حيث قال في صحيفة ٤٠٨ ما معرّبه

« وفي سنة ٥٧٩ مات كسرى بمدينة كتيسيفون فى حدود شهر مارث » فيكون عمره عليه الصلاة والسلام ثماني سنين في حدود شهر مارث من هذه السنة وعلى ذلك تكون ولادته فى حدود هذا الشهر من سنة ٥٧۱ مسيحية

الدليل السابع ذكر العلامة ايدلر في رسالة له في الكرونولوجيا الرياضية (أنه صلى الله عليه وسلم) ولد فى ٢٢ نيسان سنة ٨٨٢ من تاريخ الاســـكندر كما نص عليه ابن العميد٨ ولا يخفى أن شهر نيسان السرياني يقابل شهر ابريل الافرنجي وحينئذ يكون مولده صلى الله عليه وسلم في ٢٢ ابريل سنة ٥٧١ مسيحية

الدليل الثامن ذكر الموسيو سيلڤستر دوساسي بناء على ما قاله غانيير (في مقالات بجمعية الطرائف والآداب بالجزء ٤٨ صحيفة ٥٣٠) ما يأتي

« ولادة النبي صلى الله عليه وسلم الساعة السادسة من ليلة الاثنين لعشرين من نيسان سنة ٨٨٢ للاسكندر »

أقول ان هذا اليوم يوافق ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ مسيحية

ويظهر أن علماء الهيئة الشرقيين قد اتفقوا على جعل ولادته صلى الله عليه وسلم في شهر أبريل سنة ٥٧١ مسيحية وقالوا انها كانت بعد اقتران المريخ بزحل في برج العقرب

وقد حسبت موقع هذين الكوكبين مستعينا بزيج الموسيو بوڤارد فاتضح لي أن في أوّل ابريل سنة ٥٧١ كان المشتري في ۱٥ ْ٢ َ من برج العقرب٩ وأن زحل كان فى ١٥ ْ١٧ َمن البرج المذكور وقد كانت حركة هذين الكوكبين متقهقرة ولابد أن القران حصل في ٢٩ أو ۳٠ مارث سنة ٥٧١ وهذا القران يسمى عند علماء الهيئة من أهل المشرق قران ملة الاسلام أو قران الملة فقط واليك بعض شذرات من أقوال الفلكيين الشرقيين ليتحقق لك اتفاقهم على أن ولادته عليه الصلاة والسلام كانت في شهر ابريل ٥٧١ مسيحية

الدليل التاسع قال يحيى بن أبي شكر المغربي الاندلسي في أحد تآليفه ما یأتي

« أقول ان سنة ولادة النبي صلى الله عليه وسلم اتفقت عام الفيل وهي سنة ٨٨٢ للاسكندر وفيها كان قران بين زحل والمشتري في برج العقرب قبل الولادة بقليل »

بناء على ذلك يكون مولده عليه الصلاة والسلام بعد يوم ۳۰ مارث سنة ٥٧١ مسيحية كما سبق بيانه الدليل العاشر قال صاحب منتهى الادراك في تقاسيم الافلاك ما يدل على ما قدمناه ويوافق ما أوردناه وهذا نص عبارته

« ولد النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الاولى من القران الدالّ على ملة الاسلام »

وقد عرفنا مما تقدم أن هذا القران وقع في ٢٩ أو ۳۰ مارث سنة ٥٧١ مسيحية فتكون ولادته عليه الصلاة والسلام في هذه السنة

الدليل الحادي عشر ذكر صاحب كتاب الكامل في أسرار النجوم والشيخ أحمد بن عبد الجليل في آخر كتاب القرانات ما يوافق العبارات التي سردناها والاقوال التي استشهدنا بها حيث بين كل منهما أن مولده صلى الله عليه وسلم كان في سنة ٥٧١ مسيحية بعد التاسع والعشرين من شهر مارث بقليل وقد علمت انه اليوم الذي حصلت فيه الحادثة السماوية المذكورة آنفا

الدليل الثاني عشر وقبل أن أختم الكلام في هذا المقام يجمل بي أن أطلعك على أقوال المؤرخين ومذاهبهم في هذا الشان

قال المسعودي وصاحب مجمل التواريخ وغيرهما ان ولادته عليه الصلاة والسلام كانت في السنة الأربعين من حكم كسرى أنوشروان وذهب آخرون كحمزة الاصفهاني وغيره الى أنها حصلت في السنة الحادية والأربعين من حكم هذا الملك ويمكن الجميع بين الرأيين والتوفيق بين القولين بأن هؤلاء النقات لم يعينوا يوم ولادته من السنة فيصح أن يقال أن أصحاب الرأي الأوّل أرادوا آخر السنة الاربعين وأصحاب الرأي الثاني قصدوا أوّل السنة الحادية والاربعين من حكم ملك الفرس الاكبر

وبهذا يتضح لك اتفاق المذاهب اتفاقا ذاتيا وان اختلفت في شهر أو شهرين حيث انها قد أقرت على جعل سنة ٥٧١ مسيحية عام المولد النبوي الشريف

هذا وأزيدك علما أن أبا الفداء جعل ولادته عليه الصلاة و السلام في سنة ٨٨١ للاسكندر وفي سنة ١٣١٦ من تاريخ بختنصر و قال انها توافق الثانية والاربعين من حكم كسرى أنوشروان

ولكن سنة ٨٨١ للاسكندر كان مبدؤها أول اكتوبر سنة ٥٦٩ مسيحية مع أن سنة ١٣١٦ لبختنصر تنتهي في ٢ أبريل سنة ٥٦٩ المذكورة فظهر أن توافق هاتين السنتين ضرب من المحال اذ لا يمكن بحال وعليه فلا عبرة بما قاله أبو الفداء في هذا الشان لاسيما وانه كثيرا ما تتناقض أقواله و يتضارب كلامه ألا ترى أن ما قاله هنا لا يوافق ما قاله في صحيفة ١٤ من سيرته التي طبعها الموسيو غانيير حيث قال ما مفاده انه صلى الله عليه وسلم بعث عند ما بلغ الاربعين من عمره أي فى سنة ٩٢٢ للاسكندر وبناء على قوله هذا تكون ولادة النبي صلى الله عليه وسلم في سنة ۸۸۲ من تاريخ الاسكندر أي فى سنة ٥٧١ مسيحية

هذا واني أعتمد صحة التوافق الذي ظهر من هذه الاقوال المختلفة والآراء المتعددة ولا يسعني الا الجزم بأن ولادته عليه الصلاة والسلام كانت في فصل الربيع من سنة ٥٧١ مسيحية وحيث ان بعض هذه الاقوال تصرح بأن شهر ابريل هو شهر المولد النبوي الشريف والبعض الآخر يدل عليه فاني أعتبره شهر الولادة

ويقي علينا الآن أن نبين فى أي يوم من شهر أبريل كانت الولادة فنقول ان الاجتماع الحقيقي للقمر حصل في شهر ابريل سنة ٥٧١ في يوم ۱۱ الساعة ۹ والدقيقة ٤١ بعد نصف الليل علي حساب الزمن الوسطي لمكة المشرفة١٠ ولم يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة الا في مساء هذا اليوم وحينئذ يلزم أن الشهر القمري العربي كان مبدؤه يوم الاحد ۱۲ ابريل وقد قال الثقات ان النبي صلى الله عليه وسلم ولد فى ٨ أو ١٠ أو ١٢ من شهر ربيع الأول كما تقدم في أول المبحث وقد اتفقوا جميعا على أن الولادة كانت في يوم اثنين وحيث انه لا يوجد بين الثامن والثاني عشر من هذا الشهر يوم اثنين سوى اليوم التاسع منه فلا يمكن قط أن نعتبر يوم الولادة خلاف هذا اليوم

ويتلخص من هذا أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين ۹ ربيع الأول الموافق ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ مسيحية فاحرص على هذا التحقيق ولا تكن أسير التقليد


  1. وقال المسعودي في مروج الذهب انه عاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام
  2. وكان أعظم نور الشمس فيها عشرة أصابع ونصف تقريبا ولكون خطوط الطول والعرض للمدينة المنورة غير معينة تعيينا خاصا بها قد اخترت لحسابي ْ٣٧ ٢٩َ للطول شرقي خط نصف النهار المار بباريس و ٢٤ْ ٥٥َ للعرض الشمالي كما يتبين من الخرط الجديدة
  3. عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم عند المسلمين ويظهر أن اليهود من العرب كانوا يسمونه أيضا بعاشوراء اليوم العاشر من شهر تشرى الذي هو أول شهور سنتهم المدنية وسابع شهور السنة الدينية عندهم
  4. و هي سنة ٤٣٨٣ من الخليقة كما هو حسابهم
  5. راجع رسالة المؤلف في تقويم اليهود في الجزء ٢٦ من مجموعة العلماء الأجانب بجمعية البلجيكة الملوكية
  6. وقبل نصف الليل بساعة ونصف تقريبا على حساب المدينة
  7. عدد ثلاث وثلاثين خطأ وصوابه أربع وثلاثين فتأمل
  8. وهاك عبارة ابن العميد بحروفها
    قال انه صلى الله عليه وسلم ولد ببطحاء مكة في الليلة المسفرة من صباح يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الاوّل يوافقه من شهور الروم الثاني والعشرون من نيسان سنة اثنتين وثمانين وثمنمائة اللاسكندر ذي القرنين
  9. وهاك نتايج حسابي بالضبط والتدقيق من أول ابريل سنة ٥٧١ مسيحية
    السيارات االطول
    الشمسي
    العرض
    الشمسي
    الطول
    الأرضي
    العرض
    الأرضي
    المشتري ۲۱۰ ْ ٥۷ َ۲۱ ً ۱ ْ ۹ َ٤ ًب ۲۱٥ ْ۲ َ۲٥ ً ۱ ْ۲۳ َ٥۰ ًب
    زحل ۲۱۳ ْ٤ َ٤ ً ۲ ْ۲۲ َ۳ ًب ۲۱٥ ْ۱٦ َ٤۷ ً ۲ ْ۳٦ َ٤۰ ًب
  10. وقد اعتبرت طول هذا البلد ٤٥ ً٥٤ َ۳٧ ْ شرقي خط نصف النهار المارّ بباريس وعرضها ١٧ ً۲٨ َ۲١ ْ من العروض الشمالية