نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام/القسم الثاني


القسم الثاني
في التاريخ عند الجاهلية
وفي عمره صلى الله عليه وسلم
المبحث الاوّل
في التاريخ عند الجاهلية

بعد معرفة الثلاثة الأوقات التي عيناها في القسم الأوّل من هذا الكتاب لا يصعب علينا معرفة طريقة التوقيت التي كانت مستعملة عند عرب الحجاز عموما و أهل مكة خصوصا والاوقات المذكورة هي

أوّلا - ٢٧ يناير سنة ٦٣٢ مسيحية الموافق ٢٩ من شهر شوّال

ثانيا - ٢٠ سبتمبر سنة ٦٢٢ مسيحية الموافق يوم الاثنين ٨ ربيع الأوّل

ثالثا - ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ الموافق ٩ ربيع الاوّل عند عرب مكة المشرفة فاذا قابلنا بين الوقت الثالث والوقت الثاني ظهر لنا أن المكيين لا بد أنهم حسبوا عددا كاملا من السنين (الا يوما واحدا) مهما كان نوع الحساب المستعمل عندهم وقتئذ وأن المسافة الزمنية التي بين هذين الوقتين هي ۱۸۷۸۰ يوما

ومن المعلوم أن العرب كانوا ولا يزالون يحسبون أشهرهم بمقتضى سير القمر والشهر عندهم اما ٣٠ واما ٢٩ يوما والسنة عادة مركبة من اثنتي عشرة دورة قمرية وقد كانوا يضيفون الى سنتهم دورة ثالثة عشرة ليجعلوها شمسية كما قاله المؤرخون

واختلف في كيفية الزيادة فقال قوم انهم كلما مضى أربع وعشرون سنة ضموا اليها تسعة أشهر وقال آخرون بل كلما مضى تسع عشرة سنة أضافوا اليها سبعة شهور وجزم جماعة بانها شهر واحد في كل ثلاث سنوات وذهبت طائفة الى أنها شهر واحد في كل سنتين والذي يظهر من أقوال المفسرين واللغويين وأرباب السير أن الجاهلية كانوا يستعملون تاريخا قمريا محضا وبناء على ذلك لاشك أن احدى هذه الطرق الخمس التي أوضحناها كانت مستعملة عند عرب مكة وقت أن غادر النبي صلى الله عليه وسلم هذا البلد مهاجرا إلى المدينة المنوّرة

وقد بينا فيما تقدم أن عدد ۱۸۷۸۰ يوما هو عبارة عن عدد سنين كاملة (ينقصها يوم واحد فقط) على مقتضى حساب الجاهلية فاذا قسمنا العدد المذكور وهو ۱۸۷۸۰ على عدد١ متوسط أيام السنة باعتبار كل طريقة على حدتها تتعين لنا الطريقة التي كان يستعملها المكيون اذ ذاك وتلك هي الطريقة التي يكون خارج القسمة فيها عددا صحيحا وذاك لا ينطبق الا على الطريقة الاخيرة (وهي استعمال السنين القمرية المحضة) فهي التي تستوفي هذا الشرط بكل دقة وضبط لاننا اذا قسمنا ۱۸۷۸۰ على ٣٥٤ يوما و٣٦٧ جرأ من اليوم كان الناتج ٥٣ سنة الا يوما واحدا وعلى ذلك يصح لي أن أجزم بأن أهل مكة كانوا يستعملون التاريخ القمري في مدة الخمسين سنة التي قبل الهجرة

ولننظر الآن هل يتيسر لنا الحصول على عين هذه النتيجة بمقابلة الوقت الثالث مع الأوّل أي ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ الموافق ٩ ربيع الاول و٢٧ يناير سنة ٦٣٢ الموافق ٢٩ من شهر شوّال

فنقول حيث ان المسافة الزمنية التي بين هذين الوقتين هي عبارة عن ٢٢١٩٧ يوما وحيث ان بين ٩ ربيع الاول و٢٩ شوّال مسافة قدرها ٢٢٦ يوما يلزم من ذلك بالطبع أن ٢٢١٩٧ يوما يكوّن سنين كاملة و٢٢٦ يوما اذ لو قسمنا ٢٢١٩٧ يوما على ٣٥٤ يوما و٣٦٧ جزأ من اليوم (أي المدة المتوسطة للسنة القمرية المبهمة) لكان خارج القسمة ٦٢ سنة والباقي ٢٢٦ يوما وهذا دليل قاطع بأن السنة التي كانت تستعملها عرب مكة والمدينة في مدة الثنتين والستين سنة التي سبقت حجة الوداع قمرية محضة أفلا يكون اتحاد هاتين النتيجتين شاهدا عدلا ينطق صحة الثلاثة الاوقات وبصحة النتيجة نفسها فارى أن لا جواب سوى الايجاب فان ذلك مؤيد من جميع الوجوه حيث أثبتنا في الدليل الثاني خبرا رواه الطبراني فيما يتعلق بلفظة عاشوراء فلو أمعنا النظر في هذا الخبر لرأينا فيه حجة قوية تدل من أوّل الأمر على أن المكيين كانوا يستعملون الحساب القمري المحض قبل هجرته صلى الله عليه وسلم ولنستأنف ذكر الحديث المشار اليه ايضاحا للمقام وتنويرا للافهام قال

« عن خارجة بن زيد عن أبيه قال ليس يوم عاشوراء الذي يقوله الناس انما كان يوم تستر فيه الكعبة وتلعب فيه الحبشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور في السنة وكان الناس يأتون فلانا اليهودي فيسألونه فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت فسالوه »

فيوم عاشوراء الحقيقي الذي كان يعينه أحد اليهود هو من غير شك عاشوراء اليهود (يوم ۱۰ تشري) الذى يظهر أن جاهلية مكة اختارته واستعملته ومن البديهي أنه لاجل أن يدور العاشر من تشري (من سنة اليهود القمرية الشمسية) أي ينتقل بالتوالي من شهر إلى شهر في سنة أخرى يلزم أن تكون هذه السنة الاخرى قمرية محضة

هذا ولأجل أن أقنع الذين بقي عندهم بعض ربية في هذه المسئلة المهمة بعد أن أوردت ما أوردته من البراهين الساطعة والحجج الدامغة ساذكر جمله دلائل أخرى مؤسسة على حوادث فلكية لاغير قال في الكتاب العربي المحفوظ بنمرة ٢١٣ من تكملة الكتب العربية بكتبخانة باريس السلطانية ما يأتي

« وذكر صاحب جمع المدّة أن خسوف القمر وقع في السنة الرابعة في جمادى الآخرة ولم يشتهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع له الناس للصلاة »

فيتضح من ذلك بسهولة أن ذلك الخسوف لا يمكن أن يكون غير الذي وقع فى ٢٠ نوفمبر سنة ٦٢٥ مسيحية (١) وبناء عليه يكون ١٤ جمادى الثانية موافقا ٢٠ نوفمبر سنة ٦٢٥ وهذا وقت قد توصلنا الى تعيينه بمعونة الفلك

وكذلك نرى في الجزء الصادر في ابريل سنة ١٨٤٣ من جرنال آسيا ما ياتي تعريبه

(روى المؤرخ بروكوپوس أن القائد بليزيير الروماني جمع رؤساء الجيوش الرومانية في جمعية عمومية في سنة ٥٤١ مسيحية وذلك للمداولة في مشروع حرب عتيدة الوقوع وتعيين مكان القتال وعمل التصميم اللازم لذلك فقام الضابطان الحاكمان على حامية بلاد الشام (سورية) واعتذرا بعدم امكانها الاشتراك في الزحفة على مدينة نصيبين محتجين أن تغيبهما عن مراكزهما يجعل أرض الشام وفلسطين عرضة لغارات المنذر الثالث ملك العرب فبين لهما بليزيير أن خوفهما ليس في محله واستدل على قوله بقرب الانقلاب الصيفي حيث تلتزم العرب تخصيص شهرين كاملين لممارسة العبادات بانواعها مع التباعد عن جميع الاسلحة بالكلية »

ومن المعلوم أن العرب كانوا يعكفون على العبادة ويكفون مطلقا عن استعمال السلاح كالعادة في وقتين اثنين من السنة أوّلهما عبارة عن شهر واحد (وهو رجب الفرد) وثانيها مركب من شهرين أو ثلاثة (وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم) فغرضنا الآن أن نعرف الوقت الذي أشار اليه پروكوپيوس فمن نظر إلى مجرد ظاهر العبارة السابقة التي أوردنا ترجمتها ربما توهم أن الوقت الثاني هو المقصود وأن الشهرين اللذين تقام فيهما دعائم العبادة هما ذو القعدة وذو الحجة ولكن من سبر غور المسئلة وعرضها لمرآة التحقيق والفحص الدقيق تيقن أن ذلك أمر متعذر بعيد الوقوع لانه اذا كان شهرا ذي القعدة وذي الحجة وقعا حقيقة في زمن الانقلاب الصيفي ترتب على ذلك أحد أمور ثلاثة الأوّل أنهما انصرما قبل يوم ٢٠ يونيو سنة ٥٤١ الثاني أن أحدهما مضى قبله والثاني بعده الثالث أنهما مضيا بعده وهذا اليوم الذي هو ٢٠ يونيو سنة ٥٤١ هو وقت الانقلاب المذكور بحيث يكون الهلال الذي ظهر في ١٠ يونيو سنة ٥٤١ هو هلال ذي الحجة أو ذي القعدة أو شوّال وحيث كان من المعلوم أن طريقة عدّ السنين التي كانت مستعملة اذ ذاك عند العرب هي واحدة من خمس لانهم كما لا يخفى كانوا يضيفون ٩ شهور في كل ٢٤ سنة أو ٧ في كل ١٩ سنة أو شهرا واحدا في كل ثلاث سنين أو شهرا واحدا في كل سنتين أو الطريقة القمرية المحضة وأيضا معنا وقتان معينان من طبيعتهما وهما

أوّلا ٢٧ يناير سنة ٦٣٢ وهو وقت كسوف شمسي ويقابل غاية شوّال وبعبارة أخرى ٢٨ يناير سنة ٦٣٢ الذي ظهر فيه هلال ذي القعدة

ثانيا ٢٠ نوفمبر سنة ٦٢٥ الذي وقع فيه الخسوف الواقع في شهر جمادى الثانية وبعبارة أخرى ٦ نوفمبر سنة ٦٢٥ الذي لاح فيه هلال جمادى الآخرة

فلاجل أن يكون مارواه پروكوپيوس صحيحا ينبغي أننا اذا حسبنا بالقهقرى من ابتداء غرة ذي القعدة أي ٢٨ يناير سنة ٦٣٢ أو من ابتداء غرة جمادى الثانية أي ٦ نوفمبر سنة ٦٢٥ نتحصل في كلتا الحالتين مع استعمال احدى الطرق السابق بيانها على شهر واحد يكون ذا الحجة أو ذا القعدة أو شوّالا فبالحساب يتضح لنا أن هذا الشرط لا يتحقق قط في أي حال من الاحوال وذلك لاننا لو حسبنا مبتدئين بالوقتين المعينين عندنا وهما غرة ذي القعدة الموافقة ٢٨ يناير سنة ٦٣٢ وغرة جمادى الثانية التي هي ٦ نوفمبر سنة ٦٢٥ ورجعنا بالحساب القهقرى الى ١٠ يونيو سنة ٥٤١ الذي يقع في شهر عربي غير معين (معتبرين زيادة على ذلك أن هاتين المدتين الزمنيتين هما عبارة عن ٣٣١٠٤ يوما أو ١١٢١ دورة قمرية و۳۰۸۳۰ يوما أو ١٠٤٤ دورة قمرية (لتوصلنا باتباع الطريقة الأولى (ضم ٩ شهور في كل ٢٤ سنة) الى ناتج مقداره في الحالة الاولى ٩٠ سنة و٨ أو ٧ دورات قمرية وفى الحالة الثانية ٨٤ سنة و٥ أو ٤ دورات قمرية وذلك يوصلنا الى ربيع الأوّل أو ربيع الثاني في الحالة الأولى والى محرم أو صفر في الثانية ولو اتبعنا الطريقة الثانية (ضم ٧ شهور في كل ١٩ سنة) لكان الناتج ٩٠ سنة و٨ دورات قمرية في الحالة الأولى و٨٤ سنة و٥ شهور في الحالة الثانية وتكون النتيجة شهر ربيع الاوّل في الحالة الأولى ومحرم في الحالة الثانية

ولو أجرينا العمل على مقتضى الطريقة الثالثة (ضم شهر واحد في كل ثلاث سنين) لكان الناتج ٩٠ سنة و١١ شهرا في الحالة الأولى و٨٤ سنة و٨ شهور في الحالة الثانية بحيث نصل الى ذي الحجة في الحالة الاولى وشوّال في الحالة الثانية

ولو بنينا حسابنا على الطريقة الرابعة (ضم شهر واحد الى كل سنتين) لتحصل عندنا ٨٩ سنة و٩ شهور في الحالة الاولى و۸۳ سنة و٧ شهور في الحالة الثانية وينتهي بنا الحساب الى شهر صفر في الحالة الأولى والى شهر ذي القعدة في الحالة الثانية وأخيرا اذا اتخذنا الطريقة القمرية المحضة قاعدة لحسابنا نتج لنا ٩٣ سنة و٥ شهور في الحالة الاولى و٨٧ سنة كاملة في الحالة الثانية بحيث نصل في الحالتين الى جمادى الثانية وحينئذ فلم يتفق مطلقا أن ١٠ يونيو سنة ٥٤١ كان غرة لذي الحجة أو ذي القعدة أو شوّال وبعبارة أخرى لم يتفق وقوع ذي الحجة وذي القعدة في سنة ٥٤١ مسيحية في زمن الانقلاب الصيفي

ولنبحث الآن هل كان پركوپيوس وهم فذكر أحد الوقتين (ذا الحجة وذا القعدة) بدلا من الآخر (شهر رجب) او كان النساخون الذين نقلوا كتابه حرفوا الكلم عن مواضعه فكتبوا δύο μάλιστα μήνας (أي شهرين كاملين) بدلا من ἕνα μάλιστα µήνα (أي شهرا كاملا) وفي هذه الحالة يكون ظهور هلال رجب في سنة ٥٤١ اما قبل الانقلاب الصيفي مباشرة واما بعده مباشرة بحيت يكون ١٠ يونيو سنة ٥٤١ الذي هو وقت ظهور الهلال الجديد غرة رجب أو غرة جمادى الثانية ولاجل أن يكون ذلك وقع حقيقة يلزم أننا اذا ابتدأنا من الوقتين المعينين السالف ذكرهما و حسبنا صاعدين الى ١٠ يونيو سنة ٥٤١ نصل في كلتا الحالتين مع اتباع احدى طرق النسيء الخمس التي عرفناها الى شهر واحد يكون اما رجب واما جمادى الثانية فباجراء العمل يتحقق لنا استيفاء هذا الشرط بالتمام (وقد أوردنا عليك فيما سبق جدول هذا الحساب فلا حاجة لاعادته الآن) ومن ذلك يتاكد أن پركوپيوس أخطأ فذكر الوقت المركب من شهرين (ذي القعدة وذي الحجة) بدل الوقت المركب من شهر واحد (رجب) وهذا ان لم نقل ان التحريف صادر عن النساخين

ويتلخص مما تقدم أن الهلال الذي أعقب الانقلاب الصيفي مباشرة في سنة ٥٤١ هو غرة رجب الفرد وحيت ان حساب المدة التي بين هذا الوقت و بين الوقتين اللذين صار تعينهما بواسطة الكسوف والخسوف لا ينطبق الا على الطريقة القمرية المحضة دون خلافها وجب أن نجزم أن العرب مطلقا لم يستعملوا البتة سوى هذه الطريقة في مدة قرن تقريبا قبل أن ينسخ النسيء صاحب الشريعة الاسلامية المطهرة عليه أفضل الصلاة وأتم السلام

هذا ويمكن تحقيق وقوع شهر رجب مباشرة بعد الانقلاب الصيفي لسنة ٥٤١ بواسطة الوقتين اللذين عيناهما في الدليل الثاني والتالث

ونختم هذا الموضوع بأننا قد تحصلنا على خمسة أوقات عينا كل واحد منها بطريقة مستقلة عن الطريقة التي اتبعناها في تعيين الاوقات الاخر واذا مزجنا كل اثنين مع بعضهما نتحصل على عشر نتائج أو عشر مدد زمنية لا ينطبق مرورها الا على الطريقة القمرية المحضة فقط

ولاشك في أن تمام الاتحاد المطلق الذي شاهدناه بين جميع هذه النتائج هو حجة دامغة وآية بينة على خطا الذين زعموا أن الجاهلية کانوا يستعملون التاريخ القمري الشمسي بل ان مجرد المقابلة بين الكسوف والخسوف هي برهان رياضي على أن أمة العرب لم تستعمل غير التاريخ القمريّ المبهم وأختم المقال في هذا المقام بأن العرب لم يستعملوا سوى السنين القمرية المحضة قبل ظهور الاسلام و بعده والله أعلم

المبحث الثاني
في عمر النبي صلى الله عليه وسلم

أجمع الثقات من المؤرخين على أن الله سبحانه وتعالى استأثر بروح نبيه عليه الصلاة والسلام ونقله الى دار كرامته في يوم ١٢ ربيع الاوّل سنة ١١ من الهجرة وأقول ان هذا اليوم يوافق أوائل شهر يونيو سنة ٦٣٢ مسيحية وقد قالوا انه يوم اثنين ومن المعلوم أن الهلال أو الاجتماع الحقيقي للنيرين كان في يوم الاحد ٢٤ مايه في الساعة ۹ تقريبا بعد الظهر على حساب الزمن الوسطي للمدينة المنوّرة بحيث ان العين المجردة لم يتيسر لها رؤية الهلال الا في مساء يوم الثلاثاء وبناء على ذلك يكون يوم الاربعاء ٢٠ مايه هو غرة ربيع الاوّل وحيث ان الثاني عشر من هذا الشهر يوافق يوم الاحد ٧ يونيو فلا بد أنه صلى الله عليه وسلم لاقى ربه اما في يوم الاحد ١٢ ربيع الاوّل الموافق ٧ يونيو واما في يوم الاثنين ١٣ ربيع الاوّل الموافق ٨ يونيو سنة ٦٣٢ مسيحية وحيث قد عرفنا من المبحث الثالث من القسم الاوّل أن مولده الشريف كان في ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ مسيحية وعرفنا أيضا من المبحث الأول من القسم الثاني أن المدة التي بين ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ وبين ٧ يونيو سنة ٦٣٢ هي ٢٢٣٢٩ يوما يكون عمره الشريف ٦١ سنة شمسية و٨٤ يوما أو ٦٣ سنة قمرية مبهمة وثلاثة أيام

هذا ويتضح مما ذكره البخاري ومسلم في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش ٦٠ او ٦٣ أو ٦٥ سنة وقد اتفق جمهور المؤرخين من السلف على أن عمره عليه الصلاة والسلام ٦٣ سنة كما أقرّ عليه علماء الخلف وقد قال المسعودي بعد أن سرد جميع الروايات المتعلقة بهذا الموضوع ما نصه

« والذى وجدنا عليه آل محمد صلى الله عليه وسلم انه ابن ثلاث وستين سنة » فهلا يكون الاتفاق الذى تراه بين الروايات المعتبرة وبين النتيجة التي استنبطناها برهانا على صحة قولنا ان العرب كانوا يستعملون الحساب القمري المحض ولا بأس بذكر بعض كلمات على البعثة النبوية المحمدية قبل أن نختم هذا الموضوع

اتفق البخاري ومسلم وأكثر المؤرخين على أنه صلى الله عليه وسلم بعث بعد أن بلغ أربعين سنة وقد اتضح من حسابي أنه ولد في ٢٠ ابريل سنة ٥٧١ مسيحية فاذا حسبنا أربعين سنة قمرية أو ١٤١٧٤ يوما مبتدئين باليوم المذكور انتهينا إلى أوّل شهر فبراير سنة ٦١٠ وهلا تنطق بصحة هذا الحساب الآية الاولى من سورة المدثر التي أعلمته ببعثته وهو قوله تعالى « يا أيها المدثر قم فانذر » لعمري انها تدل بلفظها الرائق ومعناها الفائق ومبناها الشائق على أنه أوحي اليه صلى الله عليه وسلم في وقت اشتداد البرد القارس٢ ومن هذا ينتج لنا أيضا برهان صريح يؤكد أن العرب كانت تستعمل التاريخ القمري المحض دون غيره


  1. بمقتضى الطريقة الاولى (أعني بضهم ۹ شهور في كل ٢٤ سنة) يكون متوسط السنة ٣٦٥ يوما و٤٤۱ جزأ من اليوم وبمقتضى الطريقة الثانية (أعني ضم ٧ شهور في كل ۱۹ سنة) تكون ٣٦٥ يوما و٢٤٦ جزأ من اليوم وبمقتضى الطريقة الثالثة (أعني ضم شهر واحد في كل ٣ سنوات) يكون متوسط السنة ٣٦٤ يوما و٢١١ جزأ من اليوم ويمقتضى الطريقة الرابعة (أعني ضم شهر واحد كل سنتين) يكون متوسط المدة ٣٦٩ يوما و١٣٢ جزأ من اليوم وبمقتضى الطريقة القمرية المحضة تكون السنة ٣٥٤ يوما و٣٦٧ جزأ من اليوم
  2. قال بعض المفسرين انه صلى الله عليه وسلم كان تدثر بردائه عقيب علمه بخبر سوء أشاعه كفار قريش . و قال اخرون انه نام متدثرا بردائه ..... وقال محيى الدين بن العربي « ان التدثر انما يكون من البرودة التي تحصل عقيب الوحي ... »