إحياء علوم الدين/كتاب أسرار الطهارة/القسم الثاني



القسم الثاني

طهارة الأحداث ومنها الوضوء والغسل

والتيمم ويتقدمها الاستنجاء


فلنورد كيفيتها على الترتيب مع آدابها وسننها مبتدئين بسبب الوضوء وآداب قضاء الحاجة إن شاء الله تعالى.

باب آداب قضاء الحاجة عدل

ينبغي أن يبعد عن أعين الناظرين في الصحراء وأن يستتر بشيء إن وجده وأن لا يكشف عورته قبل الانتهاء إلى موضع الجلوس وأن لا يستقبل الشمس والقمر وأن لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها إلى إذا كن في بناء، والعدول أيضاً عنها في البناء أحب وإن استتر في الصحراء براحلته جاز وكذلك بذيله، وأن يتقي الجلوي في متحدث الناس وأن لا يبول في الماء الراكد ولا تحت الشجرة المثمرة ولا في الجحر، وأن يتقي الموضع الصلب ومهاب الرياح في البول استنزاهاً من رشاشه وأن يتكىء في جلوسه على الرجل اليسرى وإن كان في بنيان يقدم الرجل اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج ولا يبول قائماً. قالت عائشة رضي الله عنها "من حدثكم أن النبي كان يبول قائماً فلا تصدقوه" وقال عمر رضي الله عنه "رآني رسول الله وأنا أبول قائماً فقال: يا عمر لا تبل قائماً" قال عمر: فما بلت قائماً بعد، وفيه رخصة إذ روى حذيفة رضي الله عنه "أنه عليه الصلاة والسلام بال قائماً فأتيته بوضوء فتوضأ ومسح على خفيه" ولا يبول في المغتسل قال "عامة الوسواس منه" وقال ابن المبارك: قد وسع في البول في المغتس إذا جرى الماء عليه ذكره الترمذي وقال عليه الصلاة والسلام "لا يبولن أحدكم في مستجمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه" وقال ابن المبارك: إن كان الماء جارياً فلا باس به ولا يستصحب شيئاً عليه اسم الله تعالى أو رسوله ، ولا يدخل بيت الماء حاسر الرأس. وأن يقول عند الدخول "بسم الله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم" وعند الخروج "الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني وأبقى علي ما ينفعني" ويكون ذلك خارجاً عن بيت الماء وأن يعد النبل قبل الجلوس وأن لا يستنجي بالماء في موضع الحاجة وأن يستبرىء من البول بالتنحنح والنثر - ثلاثاً - وإمرار اليد على أسفل القضيب ولا يكثر التفكير في الاستبراء فيتوسوس ويشق عليه الأمر وما يحس به من بلل فليقدر أنه بقية الماء. فإن كان يؤذيه ذلك فليرش عليه الماء حتى يقوى في نفسه ذلك ولا يتسلط عليه الشيطان بالوسواس. وفي الخبر أنه فعله أعني رش الماء وقد كان أخفهم استبراء أفقههم فتدل الوسوسة فيه على قلة الفقه. وفي حديث سلمان رضي الله عنه "علمان رسول الله كل شيء حتى الخراءة فأمرنا أن لا تستنجى بعظم ولا روث ونهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول" وقال رجل لبعض الصحابة من الأعراب وقد خاصمه: لا أحسبك تحسن الخراء قال: بلى وأبيك إني لأحسنها وإني بها لحاذق أبعد الأثر وأعد المدر وأستقبل الشيح وأستدبر الريح وأقعي إقعاء الظبي وأجفل إجفال النعام - الشيح نبت طيب الرائحة بالبادية، والإقعاء ههنا أن يستوفز على صدور قدميه، والإجفال أن يرفع عجزه. ومن الرخصة أن يبول الإنسان قريباً من صاحبه مستتراً عنه فعل ذلك رسول الله مع شدة حيائه ليبين للناس ذلك.

كيفية الاستنجاء عدل

ثم يستنجي لمقعدته بثلاثة أحجار، فإن أنقى وإلا استعمل رابعاً، فإن أنقى وإلا استعمل خامساً لأن الإنقاء واجب والإيتار مستحب. قال عليه السلام "من استجمر فليوتر" ويأخذ الحجر بيساره ويضعه على مقدم المقعدة قبل موضع النجاسة ويمره بالمسح والإدارة إلى المؤخر، ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذك ويمره إلى المقدمة، ويأخذ الثالث فيديره حو المسربة إدارة فإن عسرت الإدارة ومسح من المقدمة إلى المؤخر أجزأه، ثم يأخذ حجراً كبيراً بيمينه والقضيب بيساره ويمسح الحجر بقضيبه ويحرك اليسار فيمسح ثلاثاً في ثلاثة مواضع أوفى ثلاثة أحجار أو في ثلاثة مواضع من جدار إلى أن لا يرى الرطوبة في محل المسح، فإن حصل ذلك بمرتين أتى بالثالثة، ووجب ذلك إن أراد الاقتصار على الحجر، وإن حصل بالرابعة استحب الخامسة للإيتار. ثم ينتقل من ذلك الموضع إلى موضع آخر ويستنجي بالماء بأن يفيضه باليمنى على محل النجو ويدلك باليسرى حتى لا يبقى أثر يدركه الكف بحس اللمس، ويدرك الاستقصاء فيه بالتعرض للباطن فإن ذلك منبع الوسواس، وليعلم أن كل ما لا يصل إليه الماء فهو باطن ولا يثبت حكم النجاسة للفضلات الباطنة ما لم تظهر، وكل ما هو ظاهر وثبت له حكم النجاسة فحد ظهوره أن يصل الماء إليه فيزيله ولا معنى للوسواس. ويقول عند الفراغ من الاستنجاء "اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش" ويدلك يده بحائط أو بالأرض إزالة للرائحة إن بقيت. والجمع بين الماء والحجر مستحب فقد روى "أنه لما نزل قوله تعالى "فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين" قال رسول الله لأهل قباء: ما هذه الطهارة التي أثنى الله بها عليكم، قالوا. كنا نجمع بين الماء والحجر".

كيفية الوضوء عدل

إذا فرغ من الاستنجاء اشتغل بالوضوء فلم ير رسول الله قط خارجاً من الغائط إلا توضأ ويبتدىء بالسواك فقد قال رسول الله "إن أفواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك" فينبغي أن ينوي عند السواك تطهير فمه لقراءة القرآن وذكر الله تعالى في الصلاة وقال "صلاة على أثر سؤالاً أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك" وقال "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" وقال "مالي أراكم تدخلون علي قلحاً استاكوا" أي صفر الأسنان وكان عليه الصلاة والسلام يستاك في الليلة مراراً" وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "لم يزل يأمرنا بالسواك حتى ظننا أنه سينزل عليه فيه شيء" وقال عليه السلام "عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم ومرضاة للرب" وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: السواك يزيد في الحفظ ويذهب البلغم وكان أصحاب النبي يروحون والسواك على آذانهم. وكيفيته: أن يستاك بخشب الأراك أو غيره من قضبان الأشجار مما يخشن ويزيل القلح ويستاك عرضاً وطولاً وإن اقتصر فعرضاً. ويستحب السواك عند كل صلاة وعند كل وضوء وإن لم يصل عقيبه وعند تغير النكهة بالنوم أو طول الأزم أو كل ما تكره رائحته، ثم عند الفراغ من السواك يجلس للوضوء مستقبل القبلة ويقول "بسم الله الرحمن الرحيم" قال "لا وضوء لمن لم يسم الله تعالى" أي لا وضوء كامل. ويقول عند ذلك "أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك من الشؤم والهلكة" ثم ينوي رفع الحدث أو استباحة الصلاة ويستديم النية إلى غسل الوجه فإن نسيها عند الوجه لم يجزه، ثم يأخذ غرفة لفيه بيمينه فيتمضمض بها ثلاثاً ويغرغر بأن يرد الماء إلى الغلصمة إلا أن يكون صائماً فيرفق ويقول "اللهم أعني على تلاوة كتابك وكثرة الذكر لك" ثم يأخذ غرفة لأنفه ويستنشق ثلاثاً ويصعد الماء بالنفس إلى خياشيمه ويستنثر ما فيها ويقول في الاستنشاق "اللهم أوجد لي رائحة الجنة وأنت عني راض" وفي الاستنثار "اللهم إني أعوذ بك من روائح النار ومن سوء الدار" لأن الاستنشاق إيصال الاستنثار إزالة، ثم يغرف غرفة لوجهه فيغسله من مبدإ سطح الجبهة إلى منتهى ما يقبل من الذقن في الطول، ومن الأذن إلى الأذن في العرض، ولا يدخل في حد الوجه النزعتان اللتان على طرفي الجبينين فهما من الرأس، ويوصل الماء إلى موضع التحذيف وهو ما يعتاد النساء تنحية الشعر عنه وهو القدر الذي يقع في جانب الوجه، مهما وضع طرف الخيط على رأس الأذن والطرف الثاني على زاوية الجبين، ويوصل الماء إلى منابت الشعور الأربعة: الحاجبان والشاربان والعذاران والأهداب: لأنها خفيفة في الغالب. والعذاران هما ما يوازيان الأذنين من مبدإ اللحية. ويجب إيصال الماء إلى منابت اللحية الخفيفة أعني ما يقبل من الوجه وأما الكثيفة فلا، وحكم العنفقة حكم اللحية في الكثافة والخفة، ثم يفعل ذلك ثلاثاً ويفيض الماء على ظاهر ما استرسل من اللحية ويدخل الأصابع في محاجر العينين وموضع الرمص ومجتمع الكحل وينقيهما. فقد روي أنه عليه السلام فعل ذلك ويأمل عند ذلك خروج الخطايا من عينيه وكذلك عند كل عضو ويقول عنده "اللهم بيض وجهي بنورك يوم تبيض وجوه أوليائك ولا تسود وجهي بظلماتك يوم تسود وجوه أعدائك" ويخلل اللحية الكثيفة عند غسل الوجه فإنه مستحب، ثم يغسل يديه إلى مرفقيه ثلاثاً ويحرك الخاتم ويطيل الغرة ويرفع الماء إلى أعلى العضد فإنهم يحشرون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، كذلك ورد الخبر. قال عليه السلام "من استطاع أن يطيل غرته فليفعل" وروي أن الحلية تبلغ مواضع الوضوء ويبدأ باليمنى ويقول "اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حساباً يسيراً" ويقول عند غسل الشمال "اللهم إني أعوذ بك أن تعطيني كتابي بشمالي أو من وراء ظهري" ثم يستوعب رأسه بالمسح بأن يبل يديه ويلصق رءوس أصابع يديه اليمنى باليسرى ويضعهما على مقدمة الرأس ويمدهما إلى القفا ثم يردهما إلى المقدمة، وهذه مسحة واحدة، يفعل ذلك ثلاثاً ويقول "اللهم غثني برحمتك وأنزل علي من بركاتك وأظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك" ثم يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما بماء جديد بأن يدخل مسبحتيه في صماخي أذنيه ويدير إبهاميه على

ظاهر أذنيه ثم يضع الكف على الأذنين استظهاراً، ويكرره ثلاثاً ويقول "اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم اسمعني منادي الجنة مع الأبرار" ثم يمسح رقبته بماء جديد لقوله "مسح الرقبة أمان من الغل يوم القيامة" ويقول "اللهم فك رقبتي من النار وأعوذ بك من السلاسل والأغلال" ثم يغسل رجله اليمنى ثلاثاً ويخلل باليد اليسرى من أسفل أصابع الرجل اليمنى ويبدأ بالخنصر من الرجل اليمنى ويختم بالخنصر من الرجل اليسرى ويقول "اللهم ثبت قدمي على الصراط المستقيم يوم تزل الأقدام في النار" ويقول عند غسل اليسرى "أعوذ بك أن تزل قدمي عن الصراط يوم تزل فيه أقدام المنافقين" ويرفع الماء إلى أنصاف الساقين. فإذا فرغ رفع رأسه إلى السماء وقال "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي أستغفرك اللهم وأتوب إليك فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين واجعلني من عبادك الصالحين واجعلني عبداً صبوراً شكوراً واجعلني أذكرك كثيراً وأسبحك بكرة وأصيلاً" يقال: إن من قال هذا بعد الوضوء ختم على وضوئه بخاتم ورفع له تحت العرش فلم يزل يسبح الله تعالى ويقدسه ويكتب له ثواب ذلك إلى يوم القيامة. ويكره في الوضوء أمور: منها أن يزيد على الثلاث فمن زاد فقد ظلم، وأن يسرف في الماء "توضأ عليه السلام ثلاثاً وقال من زاد فقد ظلم وأساء" وقال "سيكون قوم من هذه الأمة يعتدون في الدعاء والطهور" ويقال: من وهن علم الرجل ولوعه بالماء في الطهور وقال إبراهيم بن أدهم: يقال إن أول ما يبتدىء الوسواس من قبل الطهور، وقال الحسن: إن شيطاناً يضحك بالناس في الوضوء يقال له الولهان. ويكره أن ينفض اليد فيرش الماء وأن يتكلم في أثناء الوضوء وأن يلطم وجهه بالماء لطماً. وكره قوم التنشيف وقالوا: الوضوء يوزن، قاله سعيد بن المسيب والزهري، لكن روى معاذ رضي الله عنه "أنه عليه السلام مسح وجهه بطرف ثوبه" وروت عائشة رضي الله عنها "أنه كانت له منشفة" ولكن طعن في هذه الرواية عن عائشة. ويكره أن يتوضأ من إناء صفر وأن يتوضأ بالماء المشمس وذلك من جهة الطب. وقد روي عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما كراهية إناء الصفر: وقال بعضهم: أخرجت لشعبة ماء في إناء صفر فأبى أن يتوضأ منه. ونقل كراهية ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما. ومهما فرغ من وضوئه وأقبل على الصلاة فينبغي أن يخطر بباله أنه طهر ظاهره وهو موضع نظر الخلق أن يستحي من مناجاة الله تعالى من غير تطهير قلبه وهو موضع نظر الرب سبحانه. وليحقق طهارة القلب بالتوبة. والخلو عن الأخلاق المذمومة والتخلق بالأخلاق الحميدة أولى. وأن من يقتصر على طهارة الظاهر كمن يدعو ملكاً إلى بيته فتركه مشحوناً بالقاذورات واشتغل بتحصيص ظاهر الباب البراني من الدار. وما أجدر مثل هذا الرجل بالتعرض للمقت والبوار! والله سبحانه وتعالى أعلم.

فضيلة الوضوء عدل

قال رسول الله "من توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين لم يحدث نفسه فيهما بشيء من الدنيا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وفي لفظ آخر "ولم يسه فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه" وقال أيضاً "ألا أنبئكم بما يكفر الله به الخطايا ويرفع به الدرجات? إسباغ الوضوء على المكاره ونقل الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلك الرباط - ثلاث مرات - " "وتوضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين وقال: من توضأ مرتين مرتين أتاه الله أجره مرتين، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ووضوء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام" وقال "من ذكر الله عند وضوئه طهر الله جسده كله ومن لم يذكر الله لم يطهر منه إلا ما أصاب الماء" وقال "من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات" وقال "الوضوء على الوضوء نور على نور" وهذا كله حث على تجديد الوضوء وقال عليه السلام "إذا توضأ العبد المسلم فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفاره فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من تحت أذنيه وإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له" ويروى "إن الطاهر كالصائم" قال عليه الصلاة والسلام "من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع طرفه إلى السماء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" وقال عمر رضي الله عنه: إن الوضوء الصالح يطرح عنك الشيطان. وقال مجاهد: من استطاع أن لا يبيت إلا طاهراً ذاكراً مستغفراً فليفعل فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه.

كيفية الغسل عدل

وهو أن يضع الإناء عن يمينه ثم يسمي الله تعالى ويغسل يديه ثلاثاً، ثم يستنجي كما وصفت لك ويزيل ما على بدنه من نجاسة إن كانت، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كما وصفنا إلا غسل القدمين فإنه يؤخرهما فإن غسلهما ثم وضعهما على الأرض كان إضاعة للماء، ثم يصب الماء على رأسه ثلاثاً، ثم على شقه الأيمن ثلاثاً، ثم على شقه الأيسر ثلاثاً، ثم يدلك ما أقبل من بدنه ويخلل شعر الرأس واللحية ويوصل الماء إلى منابت ما كثف منه أو خف، وليس على المرأة نقض للضفائر إلا إذا علمت أن الماء لا يصل إلى خلال الشعر، ويتعهد معاطف البدن وليتق أن يمس ذكره في أثناء ذلك فإن فعل ذلك فليعد الوضوء، وإن توضأ قبل الغسل فلا يعيده بعد الغسل. فهذه سنن الوضوء والغسل ذكرنا منها ما لا بد لسالك طريق الآخرة من علمه وعمله، وما عداه من المسائل التي يحتاج إليها في عوارض الأحوال فليرجع فيها إلى كتب الفقه. والواجب من جملة ما ذكرناه في الغسل أمران. النية واستيعاب البدن بالغسل. وفروض الوضوء. النية وغسل الوجه وغسل اليدين إلى المرفقين ومسح ما ينطلق عليه الاسم من الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين والترتيب. وأما الموالاة فليست بواجبة. والغسل الواجب بأربعة: بخروج المني والتقاء الختانين والحيض والنفاس، وما عداه من الأغسال سنة كغسل العيدين والجمعة والأعياد والإحرام والوقوف بعرفة ومزدلفة ولدخول مكة وثلاثة أغسال أيام التشريق ولطواف الوداع - على قول - والكافر إذا أسلم غير جنب والمجنون إذا أفاق لومن غسل ميتاً، فكل ذلك مستحب

كيفية التيمم عدل

من تعذر عليه استعمال الماء - لفقده بعد الطلب أو بمانع له عن الوصول إليه من سبع أو حابس أو كان الماء الحاضر يحتاج إليه لعطشه أو لعطش رفيقه أو كان ملكاً لغيره ولم يبعه إلا بأكثر من ثم المثل أو كان به جراحة أو مرض وخاف من استعماله فساد العضو أو شدة الضنا - فينبغي أن يصبر حتى يدخل عليه وفت الفريضة، ثم يقصد صعيداً طيباً عليه تراب طاهر خالص لين بحيث يثور منه غبار، ويضرب عليه كفيه ضاماً بين أصابعه ويمسح بهما جميع وجهه مرة واحدة، وينوي عند ذلك استباحة الصلاة، ولا يكلف إيصال الغبار إلى ما تحت الشعور خفت أو كثفت، ويجتهد أن يستوعب بشرة وجهه بالغبار - ويحصل ذلك بالضربة الواحدة فإن عرض الوجه لا يزيد على عرض الكفين - ويكفي في الاستيعاب غالب الظن، ثم ينزع خاتمة ويضرب ضربة ثانية يفرج فيها بين أصابعه ثم يلصق ظهور يده اليمنى ببطون أصابع يده اليسرى - بحيث لا يجاوز أطراف الأنامل من إحدى الجهتين عرض المسبحة من الأخرى - ثم يمر يده اليسرى من حيث وضعها على ظاهر ساعده الأيمن إلى المرفق، ثم يقلب بطن كفه اليسرى على باطن ساعده الأيمن ويمرها إلى الكوع، ويمر بطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى، ثم يفعل باليسرى كذلك. ثم يمسح كفيه ويخلل بين أصابعه، وغرض هذا التكليف تحصيل الاستيعاب إلى المرفقين بضربة واحدة فإن عسر عليه ذلك فلا بأس بأن يستوعب بضربتين وزيادة. وإذا صلى به الفرض فله أن ينتقل كيف شاء، فإن جمع بين فريضتين فينبغي أن يعيد التيمم للثانية. وهكذا يفرد كل فريضة بتيمم والله أعلم.