الجمل في النحو/جمل الواوات


وَهِي عشرَة وَاو سنخ وواو اسْتِئْنَاف وواو عطف وواو فِي معنى رب وواو قسم وواو النداء وواو إقحام وواو إِعْرَاب وواو ضمير وواو تتحول أَو وواو تتحول يَاء وواو فِي مَوضِع بل وواو معلولة تقع فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال

فَأَما وَاو السنخ

فَكل وَاو فِي اسْم أَو فعل يكون لَازِما فِي كل حَال فَهُوَ وَاو السنخ مثل الْوَاو فِي وهب وَوَرس وَأَشْبَاه ذَلِك

وَاو الِاسْتِئْنَاف

مَعْنَاهُ الِابْتِدَاء مثل قَوْلهم خرجت وَزيد جَالس وكل وَاو توردها فِي أول كلامك فَهِيَ وَاو اسْتِئْنَاف وَإِن شِئْت قلت ابْتِدَاء

وواو الْعَطف

وَإِن شِئْت قلت وَاو النسق وكل وَاو تعطف بهَا آخر الِاسْم على الأول آخر الْفِعْل على الأول أَو آخر الظّرْف على الأول فَهِيَ وَاو الْعَطف مثل قَوْلك كلمت زيدا ومحمدا وَرَأَيْت عمرا وبكرا نصبت زيدا بإيقاع الْفِعْل عَلَيْهِ ونصبت مُحَمَّدًا لِأَنَّك نسقته بِالْوَاو على زيد وَهُوَ مفعول بِهِ وَتقول لَقِيَنِي زيد وَمُحَمّد وكلمني خَالِد وَبكر رفعت زيدا بِفِعْلِهِ وَرفعت مُحَمَّدًا لِأَنَّك عطفته بِالْوَاو على زيد وَهُوَ فَاعل وَتقول مَرَرْت بِعَمْرو وَزيد خفضت عمرا بِالْبَاء الزَّائِدَة وخفضت زيدا لِأَنَّك عطفته بِالْوَاو على عَمْرو وَهُوَ خفض بِالْبَاء الزَّائِدَة وَكَذَلِكَ آخر الْفِعْل والظرف على الأول فقس على هَذَا

وَالْوَاو الَّتِي فِي معنى رب

قَوْلهم ... قَالَ الشَّاعِر (وعانيه كالمسك طَابَ نسيمها ... تلجلج مِنْهَا حِين يشْربهَا الْفضل) (كَأَن الْفَتى يَوْمًا وَقد ذهبت بِهِ ... مذاهبه يلفى وَلَيْسَ لَهُ أصل) مَعْنَاهُ وَرب عانية فأضمر رب واكتفي بِالْوَاو

وَالْوَاو فِي الْقسم

قَوْلهم وَالله وتالله وَهِي من حُرُوف الْخَفْض كَقَوْل الله جلّ اسْمه {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} {وَاللَّيْل إِذا يغشى} {والتين وَالزَّيْتُون} فَهَذِهِ وَاو الْقسم قَالَ الشَّاعِر (وَوَاللَّه مَا أَدْرِي وَإِنِّي لشاكر ... لِكَثْرَة مَا أوليتني كَيفَ أشكر)

وَأما وَاو النداء

قَوْلهم يَا زيدها وازيد وَمِنْهُم من يحذف حرف النداء ويكتفي فَيَقُول زيد قَالَ الله تَعَالَى {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} وَمِنْهُم من يثبت الْألف فَيَقُول أَزِيد قَالَ الشَّاعِر (أيا ظَبْيَة الوعساء بَين حلاحل ... وَبَين النقا آأنت أم أم سَالم)

وواو الإقحام

مثل قَول الله عز وَجل {إِن الَّذين كفرُوا ويصدون عَن سَبِيل الله} مَعْنَاهُ يصدون وَالْوَاو فِيهِ وَاو إقحام وَمثله {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان وضياء} مَعْنَاهُ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان ضِيَاء لَا مَوضِع الْوَاو هَهُنَا إِلَّا أَنَّهَا أدخلت حَشْوًا وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس (فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ وانتحى ... بِنَا بطن خبت ذِي قفاف عقنقل) مَعْنَاهُ لما اجزنا ساحة الْحَيّ انتحى فَأدْخل الْوَاو حَشْوًا وإقحاما وَمثله قَول الله عز وَجل {فَلَمَّا أسلما وتله للجبين وناديناه أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} مَعْنَاهُ ناديناه وَالْوَاو حَشْو على مَا ذكره سِيبَوَيْهٍ النَّحْوِيّ

وواو الْإِعْرَاب

قَوْلهم فِي حَال الرّفْع أَخُوك وَأَبُوك وفوك وحموك والمؤمنون فَهَذِهِ الْوَاو وَاو الْإِعْرَاب

وواو الضَّمِير

قَوْلهم تخرجُونَ ويقومون فالواو فِي ذَلِك إِضْمَار جمع الْمُذكر فَمَا كَانَ فِي الْأَسْمَاء فَهُوَ وَاو الْإِعْرَاب وَمَا كَانَ فِي الْأَفْعَال فَهُوَ وَاو الضَّمِير

وَالْوَاو الَّتِي تتحول أَو

مثل قَول الله جلّ وَعز {أئنا لمبعوثون أَو آبَاؤُنَا الْأَولونَ} مَعْنَاهُ وآباؤنا الْأَولونَ وَمثله {وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا} مَعْنَاهُ لَا تُطِع مِنْهُم آثِما وَلَا كفورا وَمِنْه قَول جرير (نَالَ الْخلَافَة أَو كَانَت لَهُ قدرا ... كَمَا آتى ربه مُوسَى على قدر) أَي وَكَانَت وَأما قَوْله تَعَالَى {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال أَو قطعت بِهِ الأَرْض أَو كلم بِهِ الْمَوْتَى} وَمَا كَانَ من هَذَا النَّحْو ف أَو حرف من حُرُوف النسق وَلَيْسَ بِمَعْنى الْوَاو وَمعنى الْوَاو قَول النَّابِغَة أَيْضا (قَالَت فياليتما هَذَا الْحمام لنا ... إِلَى حمامتنا أونصفه فقد) أَي وَنصفه وَالْوَاو أَي وَنصفه وَالْوَاو

الْوَاو الَّتِي تتحول يَاء

مثل ميزَان وميقات وميعاد وَأَصله الْوَاو لِأَنَّهُ وزن وَوقت ووعد إِلَّا أَن كل وَاو إِذا انْكَسَرَ مَا قبلهَا انقلبت يَاء وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك إِذا جمعت قلت مَوَازِين ومواعيد ومواقيت فرددته إِلَى الْوَاو وَقَالَ الله جلّ اسْمه {مَا قطعْتُمْ من لينَة} وَإِنَّمَا هُوَ من لون قَالَ الشَّاعِر (كَأَن قتودي فَوْقهَا عش طَائِر ... على لينَة قرواء تهفو جنوبها) يُرِيد لونا من النّخل وَإِذا كَانَت الْوَاو فَاء الْفِعْل وانكسر مَا بعْدهَا وَانْفَتح مَا قبلهَا حذفتها لِأَن الْوَاو لَا تثبت مثل وجد يجد كَانَ الأَصْل فِيهِ يُوجد فَذَهَبت الْوَاو لانكسار مَا بعْدهَا وَلَو كَانَت مَفْتُوحَة لثبتت وَمثله وزن يزن ووعد يعد قَالَ الله عز وَجل {ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا} وَإِذا كَانَ الْفِعْل على فعل يفعل مِمَّا فاؤه وَاو فَفِيهِ ثَلَاث لُغَات لتميم لُغَة ولقيس لُغَة ولسائر الْعَرَب لُغَة وَلأَهل الْحجاز لُغَة قَالُوا فِي مثل ذَلِك وحد يوحد ووجع يوجع هَذِه لُغَة أهل الْحجاز قَالَ الله جلّ وَعز {قَالُوا لَا توجل} قَالَ الشَّاعِر (لعمرك مَا أَدْرِي وَإِنِّي لأوجل ... على أَيّنَا تَغْدُو الْمنية أول) وَتَمِيم تَقول ييجع بقلب الْوَاو يَاء قَالَ متمم بن نُوَيْرَة (قعيدك أَلا تسمعيه ملامة ... وَلَا تتكئي قرح الْفُؤَاد فييجعا) وَقَالَ آخر (بَانَتْ أُمَيْمَة بِالطَّلَاق ... ونجوت من غل الوثاق) (بَانَتْ فَلم ييجع لَهَا ... قلبِي وَلم تَدْمَع مآقي) وَتقول سَائِر الْعَرَب أيجل ثمَّ أوجل ترده إِلَى أَصله لانفتاح مَا قبله وَقيس تَقول ياجل وتاجل فَإِذا اعتل عين الْفِعْل فَمِنْهُ قَوْلهم قل كَانَ الأَصْل فِيهِ أَقُول فاعتلت الْوَاو وَهُوَ عين الْفِعْل فاستثقلوا تحريكها فردوها فِي الْخلقَة إِلَى قَول ثمَّ حذفوا الْوَاو لِاجْتِمَاع الساكنين فَإِذا ثنوا وجمعوا ردوا الْوَاو لِأَن اللَّام قد تحركت بالضمة أَو الفتحة

وَالْوَاو الَّتِي فِي مَوضِع بل

قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {وأرسلناه إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} مَعْنَاهُ بل يزِيدُونَ وَمثله (ثمَّ قست قُلُوبكُمْ من بعد ذَلِك فَهِيَ كالحجارة أَو أَشد قسوة) مَعْنَاهُ بل أَشد قسوة فَلهَذَا ارْتَفع أَشد وَلَيْسَ بنسق على الْحِجَارَة وَقد تضع الْعَرَب أم فِي مَوضِع بل كَقَوْل الأخطل (كذبتك عَيْنك أم رَأَيْت بواسط ... غلس الظلام من الربَاب خيالا) مَعْنَاهُ بل رَأَيْت بواسط وَمِنْه قَول الله تبَارك وَتَعَالَى (أم أَنا خير من هَذَا الَّذِي هُوَ مهين) أَي بل أَنا خير مِنْهُ

وَالْوَاو المعلولة

تقع فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فَإِذا وجدت الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وفيهَا وَاو أَو يَاء فَلم تثبت إِذا رددت الِاسْم وَالْفِعْل إِلَى فعلت فَذَلِك الِاسْم وَالْفِعْل معتل مثل أَقُول وَأَعُوذ وَتقول وتكيل هَذِه أَفعَال معتلة وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك إِذا رَددتهَا إِلَى فعلت لم تثبت الْوَاو وَالْيَاء لِلْعِلَّةِ الَّتِي أَخْبَرتك أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت فعلت من يَقُول قلت قلت فينقص عَن الأَصْل لِأَن فعلت فِي الْفِعْل الصَّحِيح أَرْبَعَة أحرف وَقلت ثَلَاثَة أحرف وَالْفِعْل الصَّحِيح الَّذِي لَا يذهب عِنْد فعلت مِنْهُ شَيْء وَلَا تنْتَقل حركته إِلَى حَرَكَة وَلَا سُكُون بَعْضهَا إِلَى مَوضِع بعض مِثْلَمَا يتَحَوَّل فِي قَوْلك يَقُول فالياء متحركة وَالْقَاف متحركة وَالْوَاو سَاكِنة وَيَقُول يفعل فقد انْتقل سُكُون الْوَاو إِلَى الْفَاء وتحركت الْعين وَهِي فِي مَوضِع الْوَاو من يَقُول وَلَو كَانَ الْفِعْل صَحِيحا لم يتَغَيَّر كَقَوْلِك يضْرب ويشتم وَيخرج وَيدخل فَهَذَا فعل مُضْمر لِأَنَّك إِذا قلت ضربت وشتمت فَفعلت لم يتَغَيَّر مِنْهُ شَيْء وَهُوَ قَائِم مضى تَفْسِير الواوات وَهَذَا

الجمل في النحو للخليل بن أحمد الفراهيدي
المقدمةوجوه النصبوجوه الرفعتفسير وجوه الخفضتفسير إعراب جمل الجزمجمل الألفاتجمل اللاماتتفسير جمل الهاءاتجمل التاءاتجمل الواواتتفسير جمل اللام ألفاتاختلاف ما في معانيهتفسير الفاءاتتفسير النوناتتفسير الباءاتتفسير الياءاتفصل في رويدفصل في الفرق بين أم وأو