الروضة الندية شرح الدرر البهية/كتاب الأشربة



كتاب الأشربة


كل مسكر حرام لما أخرجه مسلم وغيره من حديث ابن عمر أن النبي () قال : كل مسكر خمر وكل مسكر حرام فيشمل ذلك جميع أنواع الخمر من الشجرتين وغيرهما فيتناوله قوله تعالى : إنما الخمر والميسر الآية وفي لفظ لمسلم كل مسكر خمر وكل خمر حرام وفي الصحيحين من حديث عائشة قالت : سئل رسول الله () عن البتع وهو نبيذ العسل وكان أهل اليمن يشربونه فقال () : كل شراب أسكر فهو حرام وفيهما نحوه من حديث أبي موسى وفي الباب أحاديث . قال في الحجة البالغة : وقد استفاض عن النبي () وأصحابه أحاديث كثيرة من طرق لا تحصى وعبارات مختلفة فقال : الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة وكذلك اتفق جميع الملل والنحل على قبحه بالمرة . وليس الأمر كما يظنه من لا بصيرة له من أنه حسن بالنظر إلى الحكمة العملية لما فيه من تقوية الطبيعة ، فإن هذا الظن من باب اشتباه الحكمة الطبية بالحكمة العملية . والحق أنهما متغايرتان وقد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء : العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل . والخمر ما خامر العقل . وقال : لقد حرمت الخمر حين حرمت ، وما نجد خمر الأعناب إلا قليلاً ، وعامة خمرنا البسر والتمر وكسر وادنان الفضيخ حين نزلت وهو يقتضيه قوانين التشريع فإنه لا معنى لخصوصية العنب ، وإنما المؤثر في التحريم كونه مزيلاً للعقل يدعو قليله إلى كثيره فيجب به القول . ولا يجوز لأحد اليوم أن يذهب إلى تحليل ما اتخذ من غير العنب واستعمل أقل من حد الإسكار . نعم كان ناس من الصحابة والتابعين لم يبلغهم الحديث في أول الأمر فكانوا معذورين ولما استفاض الحديث وظهر الأمر كرابعة النهار صح حديث ليشربن ناس من أمتى الخمر يسمونها بغير إسمها لم يبق عذر أعاذنا الله تعالى والمسلمين من ذلك انتهى . وتمام هذا البحث في مسك الختام فليرجع إليه .

وما أسكر كثيره فقليله حرام لحديث عائشة عند أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان والدارقطني وأعله بالوقوف قالت : قال رسول الله () : كل مسكر حرام ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام ورجاله رجال الصحيح إلا عمرو بن سالم الأنصاري مولاهم المدني . قال المنذري : لم أر أحداً قال فيه كلاماً وقال الحاكم : هو معروف بكنيته يعني أبا عثمان . وأخرج أحمد وأبن ماجه والدارقطني وصححه من حديث ابن عمر عن النبي () قال : ما أسكر كثيره فقليله حرام وأخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وقال ابن حجر : رجاله ثقات من حديث جابر وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي وابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي الباب أحاديث . قال المسوى : وعليه الشافعي وأبو حنيفة ، إلا أن الشافعي يقول : كل ما خامر العقل فهو خمر قليله وكثيره حرام يجب منه الحد سواء كان من عنب أو تمر أو عسل أو غير ذلك وسواء كان نيئاً أو مطبوخاً . وفي مذهب أبي حنيفة النيء من ماء العنب إذا اشتد هو الخمر والمسكر من فضيخ التمر حرام يحد منه دون سائر المسكرات انتهى .

ويجوز الإنتباذ في جميع الآنية لما أخرجه مسلم وغيره من حديث بريدة قال : قال رسول الله () : كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الادم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكراً وفي لفظ المسلم أيضاً وغيره نهيتكم عن الظروف وأن ظرفاً لا يحل شيئاً ولا يحرمه وكل مسكر حرام وفي الباب أحاديث مصرحة بنسخ ما قد كان وقع منه () من النهي عن الإنتباذ في الدباء والنقير والمزفت والحنتم ونحوها كما هو مذكور في الأحاديث المروية في الصحيحين وغيرهما . وذهب قوم إلى بقاء الحظر فيها ، وبه قال مالك وأحمد .

ولا يجوز انتباذ جنسين مختلطين لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما عن النبي () أنه نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعاً ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعاً وفيهما من حديث أبي قتادة نحوه ، ولمسلم نحوه من حديث أبي سعيد . وله أيضاً نحوه من حديث أبي هريرة . وفي الباب أحاديث . ووجه النهي عن انتباذ الخليطين أن الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط فيظن المنتبذ أنه لم يبلغ حد الإسكار وقد بلغه . قال النووي ومذهب الجمهور : أن النهي في ذلك للتنزيه لا للتحريم وإنما يحرم إذا صار مسكراً ولا تخفى علامته . وقال بعض المالكلية : هو للتحريم . وقد ورد ما يدل على منع انتباذ جنسين سواء كان مما ذكر في الأحاديث السابقة أم لا ، وهو ما أخرجه النسائي وأحمد من حديث أنس قال : نهى رسول الله () : أن يجمع بين شيئين فينبذا يبفي أهدهما على صاحبه ورجال إسناده ثقات قال في المسوى : إختلف أهل العلم فذهب جماعة إلى تحريمه وأن لم يكن الشراب المتخذ منه مسكراً لظاهر الحديث ، وبه قال مالك وأحمد . وقال الأكثرون هو حرام إذا كان مشتداً ومسكراً إذ المعنى فيه الإسكار وإنما خص ذكره لأنه كان من عادتهم إتخاذ النبيذ المسكر . بذلك وقال الليث إنما جاءت الكراهة أن ينبذا جميعاً لأن أحدهما يشد صاحبه .

ويحرم تخليل الخمر لحديث أنس عند أحمد وأبو داود والترمذي وصححه أن النبي () سئل عن الخمر يتخذ خلاً فقال لا وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي من حديثه أيضاً أن أبا طلحة سأل النبي () عن أيتام ورثوا خمراً فقال : أهرقها . قال : أفلا نجعلها ؟ خلاً قال لا وقد عزاه المنذري في مختصر السنن إلى مسلم وله حديث ثالث نحوه أخرجه الدارقطني . وأخرج أحمد من حديث أبي سعيد . نحوه قال ابن القيم : وفي الباب عن أبي الزبير وجابر وصح ذلك عن عمر بن الخطاب ولا نعلم له في الصحابة مخالفاً ، ولم يزل أهل المدينة ينكرون ذلك . قال الحاكم سمعت أبا الحسن علي بن عيسى الحبري يقول سمعت محمد بن إسحق يقول : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : قدمت المدينة أيام مالك فتقدمت إلى قاض فقلت : عندك خل خمر فقال : سبحان الله في حرم رسول الله () . قال : ثم قدمت بعد موت مالك فذكرت ذلك لهم فلم ينكر علي أحد . وأما ما روي عن علي من اصطناعه الخمر ، وعن عائشة أنه لا بأس به فهو خل الخمر إذا تخللت بنفسها لا بإتخادها . وفي الحجة البالغة : سئل عن الخمر يتخذ خلاً قال : لا . قيل إنما أصنعها للدواء . فقال : إنه ليس بدواء ولكنه داء .

أقول : لما كان الناس مولعين بالخمر وكانوا يتحيلون لها حيلاً لم تتم المصلحة إلا بالنهي عنها . على كل حال لئلا يبقى عذر لأحد ولا حيلة انتهى .

ويجوز شرب العصير والنبيذ قبل غليانه لحديث أبي هريرة عند أبو داود والنسائي وابن ماجة قال : علمت أن النبي () كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو ينش فقال : اضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر وأخرج أحمد عن ابن عمر في العصير قال : إشربه ما لم يأخذه شيطانه قيل : وفي كم يأخذه شيطانه قال : في ثلاث . وأخرج مسلم وغيره من حديث ابن عباس أنه كان ينقع للنبي () الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيسقي الخادم أو يهراق قال أبو داود ومعنى يسقي الخادم يبادر به الفساد .

ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام لحديث ابن عباس المذكور . وقد أخرج مسلم وغيره من حديث عائشة أنها كانت تنتبذ لرسول الله () غدوة فإذا كان من العشي فتعشى شرب على عشائه وإن فضل شئ صبته أو أفرغته ثم تنتبذ له بالليل فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه قالت : نغسل السقاء غدوة وعشية وهو لا ينافي حديث ابن عباس المتقدم أنه كان يشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة لأن الثلاث مشتملة على زيادة غير منافية والكل في الصحيح .

وآداب الشرب أن يكون ثلاثة أنفاس لحديث أنس في الصحيحين أن النبي () كان يتنفس في الإناء ثلاثاً وفي لفظ لمسلم أنه كان يتنفس في الشراب ثلاثاً ويقول : أنه أروى وامرأ والمراد أنه كان يتنفس بين كل شربتين في غير الإناء . وأما التنفس في الإناء فمنهي عنه لحديث أبي قتادة في الصحيحين وغيرهما أن النبي () قال : إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه من حديث ابن عباس أن النبي () نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي سعيد أن النبي () نهى عن النفخ في الشراب فقال : الرجل القذاة أراها في الشراب فقال : أرقها فقال إني لا أروى من نفس واحد قال : فأبن القدح إذاً عن فيك قلت : وعلى هذا أهل العلم . والنهي عن التنفس فيه من أجل ما يخاف أن يبرز شئ من ريقه أو مخاطه فيقع في الماء . وقد تكون النكهة من بعض من يشرب متغيرة فتتعلق الرائحة بالماء لرقته ولطفه ثم أنه من فعل الدواب إذا كرعت في الأواني كرعت ثم تنفست فيها ثم عادت فشربت فيكون الأحسن في الأدب إن يتنفس بعد إبانة الإناء عن فمه . والنفخ فيه يكون لأحد معنيين فإن كان من حرارة الشراب فليصبر حتى يبرد ، وإن كان من أجل قذي فليمطه بإصبع أو خلال ، وإن تعذر فليرقها كما جاء في الحديث .

وباليمين لما تقدم في آداب الأكل .

ومن قعود لأن الشرب قاعداً من الهيئات الفاضلة وأقرب لجموم النفس والري وأن تصرف الطبيعة الماء في محلة لحديث أبي سعيد عند مسلم وغيره أن النبي () نهى عن الشرب قائماً وأخرج مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله () لا يشربن أحدكم قائماً فمن نسي فليستقيء ولا يعارض هذا حديث ابن عباس في الصحيحين أن النبي () شرب من ماء زمزم قائماً ولا ما أخرج البخاري وغيره من حديث علي أنه شرب وهو قائم ثم قال : إن ناساً يكرهون الشرب قائماً وأن رسول الله () صنع مثل ما صنعت ولا ما أخرجه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه من حديث ابن عمر قال : كنا نأكل على عهد رسول الله () ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام لأنه يمكن الجمع بأن الكراهة ،، للتنزيه وإن كان قوله فمن نسي فليستقيء يشعر بعدم الجواز في حق من قصد مخالفة السنة على أن فعله () لا يعارض القول الخاص بالأمة ويخصص القول الشامل له وللأمة فيكون الفعل خاصاً به كما تقرر في الأصول . قلت : وعليه أكثر أهل العلم رأوا نهي النبي () عن الشرب قائماً نهي أدب وإرفاق ليكون تناوله على سكون وطمأنينة فيكون أبعد من أن يكون منه فساد في المعدة كالكباد وغيره .

وتقديم الأيمن فالأيمن لحديث أنس في الصحيحين وغيرهما أن النبي () أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال الأيمن فالأيمن وفيهما من حديث سهل بن سعد أن النبي () أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام : والله يارسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً فتله أي وضعه رسول الله () في يده قال في الحجة البالغة : أراد بذلك قطع المنازعة ، فإنه لو كانت السنة تقديم الأفضل ربما لم يكن الفضل مسلماً بينهم ، وربما يجدون في أنفسهم من تقديم غيرهم حاجة اهـ .

ويكون الساقي آخرهم شرباً لحديث أبي قتادة عند ابن ماجة وأبو داود والترمذي وصححه . وقال المنذري : رجال إسناده ثقات عن النبي () قال : ساقي القوم آخرهم شرباً وقد أخرجه أيضاً مسلم بلفظ قلت لا أشرب حتى يشرب رسول الله () فقال : إن الساقي آخرهم شرباً

ويسمي في أوله ويحمد في آخره لحديث ابن عباس عند الترمذي قال : قال رسول الله () : لا تشربوا نفساً واحداً كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا الله إذا أنتم شربتم وأحمدوا الله إذا إنتم رفعتم وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وأبن ماجه والنسائي والبخاري في التاريخ من حديث أبي سعيد قال : كان النبي () إذا أكل وشرب قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين

ويكره التنفس في السقاء والنفخ فيه وقد تقدمت أدلة ذلك في الشرب ثلاثة أنفاس

والشرب من فمه لأنه إذا ثنى فم القربة فشرب منه فإن الماء يتدفق وينصب في حقه دفعة وهو يورث الكباد ويضر بالمعدة ولا يتميز عنده في دفق الماء وإنصبابه القذاة ونحوها . ودليله حديث أبي سعيد في الصحيحين قال : نهى رسول الله () عن اختناث الأسقية أن يشرب من أفواهها وفي رواية لهما واختناثها أن يقلب رأسها ثم يشرب منه وفي البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله () نهى أن يشرب منه وفي البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله () نهى أن يشرب من في السقاء وزاد أحمد قال أيوب فأنبئت أن رجلاً شرب من في السقاء فخرجت حية وزاد في الحجة البالغة : فدخلت في جوفه وفي البخاري وغيره من حديث ابن عباس قال : نهى رسول الله () عن الشرب من في السقاء وهذا لا يعارضه مارواه ابن ماجة والترمذي وصححه من حديث كبشة قالت : دخل علي رسول الله () فشرب من في قربة معلقة قائماً فقمت إلى فيها فقطعته وأخرج أحمد وابن شاهين والترمذي في الشمائل والطبراني والطحاوي من حديث أم سليم ونحوه وأخرج أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن بسر نحوه أيضاً لأنه فعله () قد يكون لبيان الجواز ، فتحمل أحاديث النهي على الكراهة لا على التحريم . وقد يكون ما فعله () لعذر فتحمل أحاديث النهي على عدم العذر . وقد جزم ابن حزم بالتحريم وروي عن أحمد أن أحاديث النهي ناسخة .

وإذا وقعت النجاسة في شئ من المائعات لم يحل شربه وإن كان جامداً ألقيت وما حولها لحديث ميمونة عند البخاري وغيره أن النبي () سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال : ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم وأخرج أبو داود في لفظ لهما من هذا الحديث أنه () سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال : إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فلا تقربوه وصححه ابن حبان وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة قال : سئل رسول الله () عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال : إن كان جامداً فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي وإن كان مائعاً فلا تقربوه وقد أخرجه أيضاً النسائي . وحكم غير الفارة مما هو مثلها في النجاسة والإستقذار حكمها إذا وقع في سمن أو نحوه . قلت : وعليه أهل العلم . ومعناه عندهم إذا كان جامداً فإن كان مائعاً تنجس كله فلا يجوز أكله بالإتفاق وجوز أبو حنيفة بيعه ، ولم يجوزه الشافعي .

ويحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة لحديث حذيفة في الصحيحين وغيرهما قال سمعت رسول الله () يقول : لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ، ولا تشربوا في أنية الفضة ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة وفيهما أيضاً من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إن الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ولفظ مسلم أن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة وأخرج مسلم من حديث البراء بن عازب قال نهانا رسول الله () عن الشرب في الفضة فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة وأخرج أحمد وابن ماجة من حديث عائشة نحو حديث أم سلمة قلت : الجرجرة صوت وقوع الماء في الجوف ، وعليه أهل العلم ، وفي حكمها الذهب ، ورخص الشافعي في تضبيب الإناء بقليل من الفضة عند الحاجة لحديث أنس أن قدح النبي () انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة قال الشيخ محي الدين بن إبراهيم النحاس في تنبيه الغافلين : ومنها إستعمال أواني الذهب والفضة للرجال والنساء في الأكل والشرب والأدهان والإكتحال ونحو ذلك . كذا قال الشيخ شمس الدين ابن القيم وغيره . ولا فرق بين أن تكون الآنية كبيرة كالصحن والزبدية ونحوهما ، أو صغيرة كالمكحلة والميل والإبرة ونحوها . وكما يحرم إستعمال أواني الذهب والفضة يحرم اتخاذها لغير إستعمال على الرجال والنساء ويحرم على الصائغ عملها . ومن قدم إليه طعام في آنية ذهب أو فضة ولم يستطع الإنكار فطريقة أن يأخذ الطعام من الآنية ويضعه في وعاء آخر أو على الخبز أو في يده الشمال ثم يأكل منه لأن ذلك ليس بأكل فيها وكذلك إذا أردا الإكتحال من كحل في مكحلة فضة أفرغ منه في شئ ثم اكتحل منه والله تعالى أعلم 1هـ . أقول إستعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب فيها لم يرد ما يدل على المنع منه ولم يثبت إلا المنع من الأكل والشرب فيها فقط . ومن زعم تحريم غيرهما لم يقبل إلا بدليل . لأن الأصل الحل فلا ينقل عنه إلا بناقل . وأما التحلي بهما فلم يرد ما يمنع من ذلك إلا في الذهب . وأما الفضة فلم يرد شئ بل قال () عليكم بالفضة فالعبوا بها كيف شئتم هذا خلاصة ما ينبغي القول به في الإستعمال والتحلي . وللماتن رحمه الله تعالى أبحاث جليلة المقدار راجحة الأنظار في ذلك فلتراجع

الروضة الندية شرح الدرر البهية
المقدمة | كتاب الطهارة | كتاب الصلاة | كتاب الجنائز | كتاب الزكاة | كتاب الخمس | كتاب الصيام | كتاب النكاح | كتاب الطلاق | كتاب البيع | كتاب الشفعة | كتاب الإجارة | كتاب الرهن | كتاب الوديعة والعارية | كتاب الغصب | كتاب العتق | كتاب الوقف | كتاب الهدايا | كتاب الهبات | كتاب الإيمان | كتاب النذر | كتاب الأطعمة | كتاب الأشربة | كتاب اللباس | كتاب الأضحية | كتاب الطب | كتاب الوكالة | كتاب الضمانة | كتاب الصلح | كتاب الحوالة | كتاب المفلس | كتاب اللقطة | كتاب القضاء | كتاب الخصومة | كتاب الحدود | كتاب القصاص | كتاب الديات | كتاب الوصية | كتاب المواريث | كتاب الجهاد والسير