الروضة الندية شرح الدرر البهية/كتاب الوديعة والعارية



كتاب الوديعة والعارية


أقول العارية من مكارم الأخلاق ومحاسن الطاعات وأفصل الصلات لأنها إباحة المالك لمنافع ملكه لمن له إليه حاجة ، ولا ريب أن هذا الفعل داخل تحت نصوص الكتاب والسنة ، فإن فيهما من الترغيب في ذلك ما لا يحيط به الحصر ، ومن جملة ذلك قوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى وقوله : ويمنعون الماعون .

والحاصل : أن العارية في لسان العرب والشرع هي : إباحة المنافع بلا عوض فما وجد فيه هذا المعنى كان من العارية ومالا فلا .

تجب على الوديع والمستعير تأدية الأمانة إلى من ائتمنه ولا يخون من خانه لقوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ولقوله ()  : أد الأمانة إلى من إئتمنك ولا تخن من خانك أخرجه أبو داود و الترمذي وحسنه والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وفي إسناده طلق ابن غنام عن شريك ، وقد استشهد له الحاكم بحديث أبي التياح عن أنس . وفي إسناده أيوب بن سويد وهو مختلف فيه وقد تفرد به كما قال الطبراني ، وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية من حديث أبي بن كعب وفي إسناده من لا يعرف . وأخرجه أيضاً الدارقطني عنه وأخرجه البيهقي والطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف وأخرجه الدارقطني والطبراني والبيهقي وأبو نعيم من حديث أنس وأخرجه أحمد بن حنبل و أبو داود والبيهقي عن رجل من الصحابة وفي إسناده مجهول غير الصحابي .

ولا ضمان عليه إذا تلفت العين المستعارة أو المستودعة .

بدون جنايته وخيانته لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي () قال : لا ضمان على مؤتمن أخرجه الدارقطني وفي إسناده ضعف . وقد وقع الإجماع على أن الوديع لا يضمن إلا لجناية منه على العين لما أخرجه الدارقطني في الحديث السابق من طريق أخرى بلفظ ليس على المستعير غير المغل ضمان والمغل هو الخائن والجاني خائن . وأما المستعير فقد ذهب إلى أنه لا يضمن إلا لجناية أو خيانة الحنفية والمالكية . وحكي في الفتح عن الجمهور : أن المستعير يضمنها إذا تلفت في يده إلا إذا كان التلف على الوجه المأذون فيه . وأخرج أحمد بن حنبل و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه والحاكم وصححه من حديث الحسن عن سمرة عن النبي () قال : على اليد ما أخذت حتى تؤديه وفي سماع الحسن عن سمرة مقال مشهور . وأخرج أحمد بن حنبل و أبو داود و النسائي والحاكم من حديث صفوان بن أمية أن النبي () إستعار منه يوم حنين أدراعاً فقال : أغصباً يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة . قال الماتن في حاشية الشفاء : وجميع هذه الأسباب داخلة تحت قوله () على اليد ما أخذت حتى تؤدي إن كان المراد على اليد ضمان ما أخذت ، ولكن الظاهر أن المراد على اليد حفظ ما أخذت حتى تؤديه ، وذلك إنما يكون في الباقي وليس فيه دليل على ضمان التالف .

ولا يجوز منع الماعون كالدلو والقدر لحديث ابن مسعود قال : كنا نعد الماعون على عهد رسول الله () عارية الدلو والقدر أخرجه أبو داود وحسنه المنذري . وروي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما فسرا قوله تعالى : ويمنعون الماعون أنه متاع البيت الذي يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والدلو والحبل والقدر وما أشبه ذلك . وعن عائشة الماعون الماء والنار والملح . وقيل الماعون الزكاة

وإطراق الفحل وحلب المواشي لمن يحتاج ذلك والحمل عليها في سبيل الله لما أخرجه مسلم وغيره من حديث جابر عن النبي () قال : ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها قلنا يار سول الله : وما حقها ؟ إطراق فحلها وأعارها دلوها ومنحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله والمراد بإطراق فحلها عاريته من يحتاج أن يطرق به على ماشيته . والمراد بمنحتها أن يعطي المحتاج لينتفع بجلبها ثم يردها . وأما الحمل عليها في سبيل الله فإذا طلب ذلك من لا ماشية له من صاحب المواشي اليت فها زيادة على حاجته

الروضة الندية شرح الدرر البهية
المقدمة | كتاب الطهارة | كتاب الصلاة | كتاب الجنائز | كتاب الزكاة | كتاب الخمس | كتاب الصيام | كتاب النكاح | كتاب الطلاق | كتاب البيع | كتاب الشفعة | كتاب الإجارة | كتاب الرهن | كتاب الوديعة والعارية | كتاب الغصب | كتاب العتق | كتاب الوقف | كتاب الهدايا | كتاب الهبات | كتاب الإيمان | كتاب النذر | كتاب الأطعمة | كتاب الأشربة | كتاب اللباس | كتاب الأضحية | كتاب الطب | كتاب الوكالة | كتاب الضمانة | كتاب الصلح | كتاب الحوالة | كتاب المفلس | كتاب اللقطة | كتاب القضاء | كتاب الخصومة | كتاب الحدود | كتاب القصاص | كتاب الديات | كتاب الوصية | كتاب المواريث | كتاب الجهاد والسير