وصايا الملوك وصية أود بن مالك
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن أود بن مالك كان من حكماء العرب، وكان سيداً مطاعاً في قومه، وأنه عاش دهراً طويلاً، وعُمِّر حتى ضعف بصره، وقصر خطاه، وكلَّ سمعه، وأنه أقبل على بنيه يوصيهم، وهو يقول:
أودٌ بنيَّ أباكُمُ أودى بِهِ
صرفُ الزَّمانِ وريبُهُ فتأوَّدا
والدَّهرُ عشَّى ناظريهِ فلا يرى
بِهِما الضُّحى إلا ظَلاماً أَسودا
ما إِنْ يعي إلا إذا قُرِعتْ لهُ
وإذا تمثل للمحدّث أصيدا
أبنيَّ من أحصى الَّذي أحصيتُهُ
ممَّا طواهُ من سِنِيهِ وعَدَّدا
يُمسِي كما أَمسَى ويُصبِحُ مِثلما
أصبحتُ مُنحَنيَ الفِقارِ الندَّدا
أبنيَّ إن نقلَ الحِمَامُ أباكمُ
عنكُم وغُودِرَ في الضَّريحِ مُمدَّدا
كُونُوا لِضيفِكُمُ ربِيعاً صادِقاً
فالضَّيفُ يُخبرُ ما رآهُ إذا اغتدى
وإذا أتاكُمْ صارخٌ منَ قومكُمْ
يدعوكُمُ لِبلائِهِمْ مُستنجداً
فاسعَوا إليه مُمرعينَ لتُدرِكُوا
فيهمْ بسعيِكُمُ العُلى والسُّؤددا