العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية/17
حلم الشيخ وعفوه عمن ظلمه
وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم
قال ففهمت مقصوده وأن عنده حنقا شديدا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير
فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي وسكنت ما عنده عليهم
قال فكان القاضي زيد الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي فيه ولما قدر علينا عفا عنا
ثم إن الشيخ بعد اجتماعه بالسلطان نزل إلى القاهرة وسكن بالقرب من مشهد الحسين وعاد إلى بث العلم ونشره والخلق يشتغلون عليه ويقرأون ويستفتونه ويجيبهم بالكلام والكتابة والأمراء والأكابر والناس يترددون إليه وفيهم من يعتذر إليه ويتنصل مما وقع
فقال قد جعلت الكل في حل مما جرى
وبعث الشيخ كتابا إلى أقاربه وأصحابه بدمشق يذكر ما هو فيه من النعم العظيمة والخير الكثير ويطلب فيه جملة من كتب العلم يرسل بها إليه وقال في هذا الكتاب