كتاب الأم/جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا/الإقرار بغصب شيء بعدد وغير عدد
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا قال الرجل للرجل غصبتك شيئا لم يزد على ذلك فالقول في الشيء قوله فإن أنكر أن يكون غصبه شيئا ألزمه الحاكم أن يقر له بما يقع عليه اسم شيء، فإذا امتنع حبسه حتى يقر له بما يقع عليه اسم شيء، فإذا فعل فإن صدقه المدعي وإلا أحلفه ما غصبه إلا ما ذكر ثم أبرأه من غيره، ولو مات قبل أن يقر بشيء فالقول قول ورثته ويحلفون ما غصبه غيره ويوقف مال الميت عنهم حتى يقروا له بشيء ويحلفون ما علموا غيره، وإذا قال غصبتك شيئا ثم أقر بشيء بإلزام الحاكم أن يقر به أو بغير إلزامه فسواء، ولا يلزمه إلا ذلك الشيء، فإن كان الذي أقر به مما يحل أن يملك بحال جبر على دفعه إليه، فإن فات في يده جبر على أداء قيمته إليه إذا كانت له قيمة، والقول في قيمته قوله وإن كان مما لا يحل أن يملك أحلف ما غصبه غيره، ولم يجبر على دفعه إليه. وذلك مثل أن يقر أنه غصبه عبدا أو أمة أو دابة أو ثوبا أو فلسا أو حمارا فيجبر على دفعه إليه وكذلك لو أقر أنه غصبه كلبا جبرته على دفعه إليه؛ لأنه يحل ملك الكلب، فإن مات الكلب في يديه لم أجبره على دفع شيء إليه؛ لأنه لا ثمن له؛ وكذلك إن أقر أنه غصبه جلد ميتة غير مدبوغ جبرته على دفعه إليه، فإن فات لم أجبره على دفع قيمته إليه؛ لأنه لا ثمن له ما لم يدبغ فإن كان مدبوغا دفعه إليه أو قيمته إن فات؛ لأن ثمنه يحل إذا دبغ.
[قال الشافعي]: وإذا أقر أنه غصبه خمرا أو خنزيرا لم أجبره على دفعه إليه، وأهرقت عليه الخمر وذبحت الخنزير، وألغيته إذا كان أحدهما مسلما، ولا ثمن لهذين، ولا يحل أن يملكا بحال. وإذا أقر أنه غصبه حنطة ففاتت رد إليه مثلها فإن لم يكن لها مثل فقيمتها، وكذلك كل ما له مثل يرد مثله، فإن فات يرد قيمته.
[قال الشافعي]: وإذا قال الرجل الكثير المال غصبت فلانا لرجل كثير المال شيئا أو شيئا له بال فهو كالفقير يقر للفقير، وأي شيء أقر به يقع عليه اسم شيء فلس أو حبة حنطة أو غيره فالقول قوله مع يمينه. فإن قال: غصبته أشياء قيل أد إليه ثلاثة أشياء؛ لأنها أقل ظاهر الجماع في كلام الناس، وأي ثلاثة أشياء قال هي هي فهي هي مختلفة فإن قال هي ثلاثة أفلس أو هي فلس ودرهم وتمرة أو هي ثلاث تمرات أو هي ثلاثة دراهم أو ثلاثة أعبد أو عبد، وأمة وحمار؛ لأن كل واحد من هذا يقع عليه اسم شيء اختلفت أو اتفقت فسواء، ولو قال غصبتك، ولم يزد على ذلك أو غصبتك ما تعلم لم ألزمه بهذا شيئا؛ لأنه قد يغصبه نفسه فيدخله المسجد أو البيت لغير مكروه ويغصبه فيمنعه بيته فلا ألزمه حتى يقول غصبتك شيئا، ولو قال غصبتك شيئا فقال عنيت نفسك لم أقبل منه؛ لأنه إذا قال غصبتك شيئا، فإنما ظاهره غصبت منك شيئا، ولو قال غصبتك وغصبتك مرارا كثيرة لم ألزمه شيئا؛ لأنه قد يغصبه نفسه كما وصفت. قال: ولو سئل فقال: لم أغصبه شيئا، ولا نفسه لم ألزمه شيئا؛ لأنه لم يقر بأنه غصبه شيئا.