كتاب الأم/كتاب الحدود/باب السن التي إذا بلغها الغلام قطعت يده
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن: (ابن عمر قال عرضت على رسول الله ﷺ يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فردني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني) قال نافع فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال عمر هذا فرق بين الصغير والكبير وكتب لعماله أن يفرضوا لابن خمس عشرة في المقاتلة ولابن أربع عشرة في الذرية.
[قال الشافعي]: وبهذا قلنا: تقام الحدود على من استكمل خمس عشرة وإن لم يحتلم؛ لأنه فصل بين المقاتلة وبين الذرية وذلك أنه إنما يجب القتال على من تجب عليه الفرائض، ومن وجبت عليه الفرائض وجبت عليه الحدود ولم أعلم في هذا مخالفا وقد أجاز رسول الله ﷺ في القتال ابن خمس عشرة فقال قائل: لا تقام الحدود على الغلام إذا لم يحتلم حتى يستكمل تسع عشرة ولا على الجارية حتى تستكمل سبع عشرة فلا أدري ما أراد بهذه السنين ولا إلى أي شيء ذهب؟ أرأيت لو قال قائل: لا أقيم عليه الحد حتى يبلغ أربعين سنة؛ لأنها السن التي ذكرها الله تبارك وتعالى ما حجته عليه؟ أرأيت إذا فرق بين الجارية والغلام وهي إذا بلغت المحيض والغلام إذا بلغ الحلم فذلك الوقت وقت وجوب الحد عليهما ما الحجة فيما قال من الفرق بينهما؟ وخالفه أصحابه في هذا وقالوا قولنا فيه فقالوا: يقام الحد على من استكمل خمس عشرة سنة ذكرا كان أو أنثى واحتجوا بحديث ابن عمر فيه.