كتاب الأم/كتاب الصلاة/إيجاب الجمعة


أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: قال الله تبارك وتعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} الآية وقال الله عز وجل: {وشاهد ومشهود}

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن نافع بن جبير وعطاء بن يسار عن النبي أنه " قال: (شاهد يوم الجمعة، ومشهود يوم عرفة) أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن النبي مثله أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال وحدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن النبي مثله

[قال الشافعي]: ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه كتاب الله تبارك وتعالى.

[قال الشافعي]: أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (نحن الآخرون ونحن السابقون بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد)

[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مثله إلا أنه قال: بائد أنهم.

[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثني محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي قال: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني الجمعة: فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع السبت والأحد)

[قال الشافعي]: والتنزيل، ثم السنة يدلان على إيجاب الجمعة وعلم أن يوم الجمعة اليوم الذي بين الخميس والسبت من العلم الذي يعلمه الجماعة عن الجماعة عن النبي وجماعة من بعده من المسلمين كما نقلوا الظهر أربعا والمغرب ثلاثا وكانت العرب تسميه قبل الإسلام " عروبة " قال الشاعر:

نفسي الفداء لأقوام همو خلطوا ** يوم العروبة أزوادا بأزواد.

[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن كعب القرظي. أنه سمع رجلا من بني وائل يقول قال: رسول الله (تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة، أو صبيا، أو مملوكا)

[قال الشافعي]: ومن كان مقيما ببلد تجب فيه الجمعة من بالغ حر لا عذر له وجبت عليه الجمعة.

[قال الشافعي]: والعذر المرض الذي لا يقدر معه على شهود الجمعة إلا بأن يزيد في مرضه، أو يبلغ به مشقة غير محتملة، أو يحبسه السلطان، أو من لا يقدر على الامتناع منه بالغلبة، أو يموت بعض من يقوم بأمره من قرابة، أو ذي آصرة من صهر، أو مودة، أو من يحتسب في ولاية أمره الأجر فإن كان هذا فله ترك الجمعة

[قال الشافعي]: وإن مرض له ولد، أو والد فرآه منزولا به وخاف فوت نفسه فلا بأس عليه أن يدع له الجمعة وكذلك إن لم يكن ذلك به وكان ضائعا لا قيم له غيره، أو له قيم غيره له شغل في وقت الجمعة عنه فلا بأس أن يدع له الجمعة.

[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن ابن أبي ذئب أن ابن عمر دعي وهو يستحم للجمعة لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو يموت فأتاه وترك الجمعة.

[قال الشافعي]: وإن أصابه غرق، أو حرق، أو سرق وكان يرجو في تخلفه عن الجمعة دفع ذلك، أو تدارك شيء فلت منه فلا بأس أن يدع له الجمعة وكذلك إن ضل له ولد، أو مال من رقيق، أو حيوان أو غيره فرجا في تخلفه تداركه كان ذلك له.

[قال الشافعي]: فإن كان خائفا إذا خرج إلى الجمعة أن يحبسه السلطان بغير حق كان له التخلف عن الجمعة فإن كان السلطان يحبسه بحق مسلم في دم، أو حد لم يسعه التخلف عن الجمعة ولا الهرب في غير الجمعة من صاحبه إلا أن يكون يرجو أن يدفع الحد بعفو، أو قصاص، أو بصلح فأرجو أن يسعه ذلك

[قال الشافعي]: وإن كان تغيبه عن غريم لعسرة وسعه التخلف عن الجمعة وإن كان موسرا بقضاء دينه لم يسعه التخلف عن الجمعة خوف الحبس

[قال الشافعي]: وإن كان يريد سفرا لم أحب له في الاختيار أن يسافر يوم الجمعة بعد الفجر ويجوز له أن يسافر قبل الفجر [قال الشافعي]: وإن كان مسافرا قد أجمع مقام أربع فمثل المقيم وإن لم يجمع مقام أربع فلا يحرج عندي بالتخلف عن الجمعة وله أن يسير ولا يحضر الجمعة.

[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن أبيه أن عمر أبصر رجلا عليه هيئة السفر وهو يقول لولا أن اليوم يوم الجمعة لخرجت فقال له عمر: فاخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر.

[قال الشافعي]: وليس على المسافر أن يمر ببلد جمعه إلا أن يجمع فيه مقام أربع فتلزمه الجمعة إن كانت في مقامه وإذا لزمته لم يكن له أن يسافر بعد الفجر يوم الجمعة حتى يجمع

[قال الشافعي]: وليس على غير البالغين ولا على النساء ولا على العبيد جمعة وأحب للعبيد إذا أذن لهم أن يجمعوا وللعجائز إذا أذن لهم وللغلمان ولا أعلم منهم أحدا يحرج بترك الجمعة بحال.

[قال الشافعي]: والمكاتب والمدبر والمأذون له في التجارة وسائر العبيد في هذا سواء

[قال الشافعي]: وإذا أعتق بعض العبد فكانت الجمعة في يومه الذي يترك فيه لنفسه لم أرخص له في ترك الجمعة وإن تركها لم أقل له إنه يحرج كما يحرج الحر لو تركها؛ لأنها لازمة للحر بكل حال إلا من عذر وهذا قد يأتي عليه أحوال لا تلزمه فيها للرق

[قال الشافعي]: ومن قلت لا جمعة عليه من الأحرار للعذر بالحبس، أو غيره ومن النساء وغير البالغين والمماليك فإذا شهد الجمعة صلاها ركعتين وإذا أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى وأجزأته عن الجمعة

[قال الشافعي]: وإنما قيل لا جمعة عليهم - والله تعالى أعلم - لا يحرجون بتركها كما يكون المرء فقيرا لا يجد مركبا وزادا فيتكلف المشي والتوصل بالعمل في الطريق والمسألة فيحج فيجزي عنه، أو يكون كبيرا لا يقدر على الركوب فيتحامل على أن يربط على دابة فيكون له حج ويكون الرجل مسافرا، أو مريضا معذورا بترك الصوم فيصوم فيجزي عنه ليس أن واحدا من هؤلاء لا يكتب له أجر ما عمل من. هذا فيكون من أهله وإن كان لا يحرج بتركه.

[قال الشافعي]: ولا أحب لواحد ممن له ترك الجمعة من الأحرار للعذر ولا من النساء وغير البالغين والعبيد أن يصلي الظهر حتى ينصرف الإمام، أو يتوخى انصرافه بأن يحتاط حتى يرى أنه قد انصرف؛ لأنه لعله يقدر على إتيان الجمعة فيكون إتيانها خيرا له ولا أكره إذا انصرف الإمام أن يصلوا جماعة حيث كانوا إذا كان ذلك غير رغبة عن الصلاة مع الإمام

[قال الشافعي]: وإن صلوا جماعة، أو فرادى بعد الزوال وقبل انصراف الإمام فلا إعادة عليهم؛ لأنهم معذورون بترك الجمعة

[قال الشافعي]: وإن صلوا جماعة، أو فرادى فأدركوا الجمعة مع الإمام صلوها وهي لهم نافلة.

[قال الشافعي]: فأما من عليه الجمعة ممن لا عذر له في التخلف عنها فليس له أن يصلي الجمعة إلا مع الإمام فإن صلاها بعد الزوال وقبل انصراف الإمام لم تجز عنه وعليه أن يعيدها إذا انصرف الإمام ظهرا أربعا من قبل أنه لم يكن أن يصليها وكان عليه إتيان الجمعة فلما فاتته صلاها قضاء وكان كمن ترك الصلاة حتى فاته وقتها ويصليها قضاء ويجمعها ولا أكره جمعها إلا أن يجمعها استخفافا بالجمعة، أو رغبة عن الصلاة خلف الأئمة

[قال الشافعي]: وآمر أهل السجن وأهل الصناعات عن العبيد بأن يجمعوا وإخفاؤهم الجمع أحب إلي من إعلانه خوفا أن يظن بهم أنهم جمعوا رغبة عن الصلاة مع الأئمة.

كتاب الأم - كتاب الصلاة
باب أصل فرض الصلاة | أول ما فرضت الصلاة | عدد الصلوات الخمس | فيمن تجب عليه الصلاة | صلاة السكران والمغلوب على عقله | الغلبة على العقل في غير المعصية | صلاة المرتد | جماع مواقيت الصلاة | وقت الظهر | تعجيل الظهر وتأخيرها | وقت العصر | وقت المغرب | وقت العشاء | وقت الفجر | اختلاف الوقت | وقت الصلاة في السفر | الرجل يصلي وقد فاتته قبلها صلاة | باب صلاة العذر | باب صلاة المريض | باب جماع الأذان | باب وقت الأذان للصبح | باب عدد المؤذنين وأرزاقهم | باب حكاية الأذان | باب استقبال القبلة بالأذان | باب الكلام في الأذان | باب الرجل يؤذن ويقيم غيره | باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات | باب اجتزاء المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم له | باب رفع الصوت بالأذان | باب الكلام في الأذان | باب في القول مثل ما يقول المؤذن | باب جماع لبس المصلي | باب كيف لبس الثياب في الصلاة | باب الصلاة في القميص الواحد | باب ما يصلى عليه مما يلبس ويبسط | باب صلاة العراة | باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض | باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم | باب استقبال القبلة | كيف استقبال البيت | فيمن استبان الخطأ بعد الاجتهاد | باب الحالين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة | الحال الثانية التي يجوز فيها استقبال غير القبلة | باب الصلاة في الكعبة | باب النية في الصلاة | باب ما يدخل به في الصلاة من التكبير | باب من لا يحسن القراءة وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع | باب رفع اليدين في التكبير في الصلاة | باب افتتاح الصلاة | باب التعوذ بعد الافتتاح | باب القراءة بعد التعوذ | باب التأمين عند الفراغ من قراءة أم القرآن | باب القراءة بعد أم القرآن | باب كيف قراءة المصلي | باب التكبير للركوع وغيره | باب القول في الركوع | باب القول عند رفع الرأس من الركوع | باب كيف القيام من الركوع | باب كيف السجود | باب التجافي في السجود | باب الذكر في السجود | باب الجلوس إذا رفع من السجود بين السجدتين والجلوس من الآخرة للقيام والجلوس | باب القيام من الجلوس | باب التشهد والصلاة على النبي | باب القيام من اثنتين | باب قدر الجلوس في الركعتين الأوليين والأخريين والسلام في الصلاة | باب السلام في الصلاة | الكلام في الصلاة | الخلاف في الكلام في الصلاة | باب كلام الإمام وجلوسه بعد السلام | باب انصراف المصلي إماما، أو غير إمام عن يمينه وشماله | باب سجود السهو وليس في التراجم وفيه نصوص | باب سجود التلاوة والشكر | باب صلاة التطوع وليس في التراجم وفيه نصوص وكلام منثور | باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة | باب في الوتر | باب الساعات التي تكره فيها الصلاة | باب الخلاف في هذا الباب | صلاة الجماعة | فضل الجماعة والصلاة معهم | العذر في ترك الجماعة | الصلاة بغير أمر الوالي | إذا اجتمع القوم وفيهم الوالي | إمامة القوم لا سلطان فيهم | اجتماع القوم في منزلهم سواء | صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يؤمه | كراهية الإمامة | ما على الإمام | من أم قوما وهم له كارهون | ما على الإمام من التخفيف | باب صفة الأئمة وليس في التراجم | صلاة المسافر يؤم المقيمين | صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه | إمامة المرأة للرجال | إمامة المرأة وموقفها في الإمامة | إمامة الأعمى | إمامة العبد | إمامة الأعجمي | إمامة ولد الزنا | إمامة الصبي لم يبلغ | إمامة من لا يحسن يقرأ ويزيد في القرآن | إمامة الجنب | إمامة الكافر | إمامة من لا يعقل الصلاة | موقف الإمام | صلاة الإمام قاعدا | مقام الإمام ارتفعا والمأموم مرتفع ومقام الإمام بينه وبين الناس مقصورة وغيرها | اختلاف نية الإمام والمأموم | خروج الرجل من صلاة الإمام | الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر | الائتمام بإمامين معا | ائتمام الرجلين أحدهما بالآخر وشكهما | باب المسبوق | باب صلاة المسافر | جماع تفريع صلاة المسافر | السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف | تطوع المسافر | باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة | إيجاب الجمعة | العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة | من تجب عليه الجمعة بمسكنه | من يصلى خلفه الجمعة | الصلاة في مسجدين فأكثر | الأرض تكون بها المساجد | وقت الجمعة | وقت الأذان للجمعة | متى يحرم البيع | التبكير إلى الجمعة | المشي إلى الجمعة | الهيئة للجمعة | الصلاة نصف النهار يوم الجمعة | من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر ولم يركع | تخطي رقاب الناس يوم الجمعة | النعاس في المسجد يوم الجمعة | مقام الإمام في الخطبة | الخطبة قائما | أدب الخطبة | القراءة في الخطبة | كلام الإمام في الخطبة | كيف استحب أن تكون الخطبة | ما يكره من الكلام في الخطبة وغيرها | الإنصات للخطبة | من لم يسمع الخطبة | الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة | الاحتباء في المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر | القراءة في صلاة الجمعة | القنوت في الجمعة | من أدرك ركعة من الجمعة | الرجل يركع مع الإمام، ولا يسجد معه يوم الجمعة، وغيرها | الرجل يرعف يوم الجمعة | رعاف الإمام وحدثه | التشديد في ترك الجمعة | ما يؤمر به في ليلة الجمعة، ويومها | ما جاء في فضل الجمعة | السهو في صلاة الجمعة